لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القاريء معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعا عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. كانت معركة المنصورة التى حدثت فى 4 من شهر ذى القعدة عام 647ه/ الموافق 8 فبراير عام 1250م، إحدى البطولات التى شاركت فيها مصر بجيشها العظيم، المحفوظ بإذن الله. اقرأ أيضًا| معارك فى ذاكرة التاريخ| معركة الزلاقة «امتداد القادة العظام» يقول د. صلاح عبد المولى الشورى أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر: تعود أحداث هذه المعركة إلى الحملة الصليبية السابعة بقيادة «لويس» التاسع ملك فرنسا الذى تحرك بقواته تجاه الشواطئ المصرية حتى وصل إلى ميناء دمياط، وكانت الأحوال وقتها فى المعسكر الإسلامى شديدة الاضطراب بسبب اشتداد مرض السلطان «نجم الدين أيوب»، مما جعل الحامية المدافعة عن دمياط تتخلى عنها وكذلك سكانها مما أدى لاستيلاء الصليبيين عليها بكل سهولة ودون أدنى قتال. استقبل السلطان «نجم الدين أيوب» نبأ سقوط دمياط بمزيج من الحسرة والألم الذى زاد من مرضه ولكنه تحامل على نفسه لخطورة الموقف وقام بنقل معسكره إلى مدينة المنصورة القريبة من دمياط، ومن هنا بدأ ما يشبه حرب العصابات التى قام بها المتطوعون من المصريين والشاميين والمغاربة، ومع ارتفاع وتيرة حرب العصابات ضد المعسكر الصليبى بدمياط، قرر الملك «لويس» التاسع ورغم معارضة كثير من قواده تنفيذ خطة الزحف صوب القاهرة والتى ولابد أن تبدأ باحتلال المنصورة. وفى هذه الأوضاع الخطيرة توفى السلطان «نجم الدين» فى 15 شعبان 647ه فكتمت زوجته «شجرة الدر» الخبر حتى لا يفت ذلك فى عضد الجنود، وفى المقابل استعد الصليبيون لاقتحام المنصورة وذلك بعدة فرق عسكرية، أما المعسكر الإسلامى بالمنصورة فكان تحت قيادة الأمير «ركن الدين بيبرس» والذى وضع خطة ذكية لقتال الصليبيين فى رحاب مدينة المنصورة. اقرأ أيضًا| تحفة تراثية ترتدى ثوب البهاء| مواطنون: تطوير المسجد هدية الرئيس لعشاق «السيدة نفيسة» وذلك عن طريق وضع عدة كمائن داخل المدينة وطلب من الأهالى البقاء فى منازلهم دون أدنى حركة انتظارًا لإعطاء إشارة الهجوم، وفى يوم المعركة دخلت الفرق الصليبية مدينة المنصورة فوجدوها صامتة وشوارعها خالية فظنوا أن حاميتها وأهلها قد فروا منها مثلما حدث بدمياط، فانطلقوا يمرحون ويزهون فى طرقاتها وهم يبحثون عن الغنائم والأسلاب، وفجأة انقض عليهم الجيش الإسلامى وأهل المنصورة والمتطوعون، فأصيب الصليبيون بالذعر والاضطراب الشديد وتبعثرت قواتهم، ولم يكن النصر فى هذه المعركة الحاسمة بداية النهاية للحملة الصليبية السابعة فحسب، بل كان بداية النهاية للحملات الصليبية الأساسية التى تعرض لها عالمنا الإسلامي.