لفترات طويلة ظل ملف المصانع المتعثرة بعيدًا عن الاهتمام المطلوب، ورغم عدم وجود حصر دقيق بأعداد تلك المصانع، إلا أن التقارير الخاصة باتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين على مستوى الجمهورية تشير إلى أنها تزيد عن ال 10 آلاف مصنع ما بين مصانع كبيرة أو متوسطة أو حتى صغيرة. كثير من هذه المنشآت الصناعية يضم جميع المعدات والماكينات وخطوط الإنتاج اللازمة للعمل، لكن نتيجة مشاكل مع بنوك أو الجمارك أو الضرائب أو غيرها تعثرت عن العمل، وقامت بتسريح عمالها. ◄ اهتمام رئاسي اليوم تبدأ الدولة «صفحة جديدة» مع هذه المصانع، إذ إن هناك اهتماما رئاسيا بعودة تلك المصانع إلى العمل، ومؤخرًا وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بدراسة المشكلات والتحديات التى تواجه المصانع المتعثرة وإيجاد حلول غير تقليدية لتقديم العون والمساعدة لتشغيلها حفاظاً على ما تم ضخه بها من استثمارات وحماية لحقوق العمال. كما وجه الرئيس باستكمال الجهد المكثف الذى تقوم به الحكومة، والمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية، لتعزيز عملية توطين الصناعات الواعدة فى مصر، ونقل التكنولوجيا، بمشاركة القطاع الخاص وتعزيز دوره، وبما يحسن القدرة التنافسية للصناعة المصرية بالسوقين المحلية والخارجية. وأكد الرئيس أن ملف الصناعة يحتل أولوية متقدمة لدى الدولة، وأن التغيرات الدولية والإقليمية، بقدر ما تمثل تحديات كبيرة؛ توفر كذلك فرصاً لبناء قاعدة صناعية راسخة فى مصر. ◄ غلق المنشآت وفى اللقاء الأخير بهيئة التنمية الصناعية، أكد الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بأن تكون اللجنة المُشكلة بوزارة الصناعة برئاسة الهيئة العامة للتنمية الصناعية هى الجهة الوحيدة المنوط بها التفتيش على المصانع ولا يسمح بالتفتيش لأى جهة بصورة منفردة أو من خلال أشخاص أو من خلال مفتشين من الجهات المعنية، وكذلك عدم غلق أى منشأة صناعية إلا بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بعد العرض على رئيس مجلس الوزراء. وأشار إلى أن الوزارة مستعدة لتوفير كافة سبل الدعم للمصانع المتعثرة والوقوف إلى جانب المستثمرين الصناعيين الجادين الملتزمين بالاشتراطات التى تقرها الهيئة وكذا التنسيق مع مختلف أجهزة الدولة للتيسير على المستثمرين وتقديم التيسيرات لهم لمساعدتهم على الإنتاج، مؤكداً ضرورة تقدم المستثمر للحصول على قطعة أرض لإقامة المصنع من خلال خريطة الاستثمار الصناعي، وأكد أن الوزارة ستطبق عقوبات رادعة لوقف ظاهرة تسقيع الأراضي بما يعطى أفضلية للمستثمر الجاد ويحقق مستهدفات الدولة المتمثلة فى زيادة معدلات التنمية الصناعية وتوظيف العمالة، كما ستوفر الوزارة خلال الفترة المقبلة قطع أراضى جديدة من خلال الأراضي غير المستغلة التى حصلت عليها وزارة الصناعة من شركات قطاع الأعمال وشون الغلال غير المستغلة بوزارة الزراعة والجهات المعنية الأخرى. كما أكد الوزير أن أى مستثمر تقدم فى الطرح السابق للأراضى الصناعية وتم قبول دراسة الجدوى الخاصة به من الناحية الفنية والاقتصادية وتم استبعادة طبقا لمعايير المفاضلة، ويرغب فى التقدم للطرح الجديد ستسمح له الهيئة بالتقدم دون تكرار الدورة المستندية التى خضع لها فى الطرح السابق حال تطابقها بذات المساحة السابق تقديم الدراسات بها وكذا النشاط الصناعى لهذه الدراسات، وأوضح الوزير أنه جارى حالياً العمل على تقنين أوضاع المصانع غير الرسمية لإدماجها فى منظومة الاقتصاد الرسمى سيتم معاينتها من خلال لجنة التفتيش بالهيئة للوقوف من على سبل تقنينها ومعدلات تأثيرها على البيئة. ◄ اقرأ أيضًا | «الوزراء» يناقش مواد اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المصري السعودي ◄ روح جديدة فى البداية أكد هانى صقر، الأمين العام لجمعية الصناع المصريين، أن هناك روح جديدة يعيشها القطاع الصناعي، حيث أصبح هناك قوة حقيقية فى اتخاذ القرار، فعودة المصانع المتعثرة أصبح أحد أهم الملفات على أجندة الحكومة خلال الوقت الحالي، وأضاف أن هناك إيمانا تاما بأن ليس مع كل خطأ إجرائى أو نقص فى الأوراق يتم غلق المصنع، بل يجب دعمه فى العمل والإنتاج. وأضاف أن هناك إحساسا من مختلف المؤسسات والجهات العاملة فى القطاع الصناعى بضرورة عودة المصانع المتعثرة إلى العمل من جديد، فالصناعة هى عصب التنمية الحقيقي، وهى أساس تقدم الدول، والصناعة أهم خطوات زيادة معدلات التصدير وبالتالى توفير العملة الأجنبية للدولة، وأشار إلى أنه من المتوقع أن يتمكن الفريق كامل الوزير من إنهاء بيروقراطية الموظفين التى عانى منها أهل الصناعة والاستثمار لسنوات طويلة. وأوضح أنه تم خلال الفترة الماضية أيضًا إطلاق مبادرة «شغل مصنعك» التى ستتولى أيضًا بحث أسباب تعثر كثير من المنشآت الصناعية، مع تقديم الحلول اللازمة لعودتها إلى العمل من جديد، وبالتالى فإن العمل يتواصل خلال الوقت الحالى فى القطاع الصناعى لبث الأمل من جديد فى الصناع والمستثمرين من أجل العمل والإنتاج وضخ مزيد من الاستثمارات وجذب آخرى جديدة. ◄ خطوات جادة بينما أوضح محمد سعد عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن الشيء المبشر فى الوقت الحالى هو أن هناك خطوات جادة وإيجابية لحل مشكلات الصناعة والاستثمار، حيث إن اللقاءات المباشرة التى تتم الآن بين وزير الصناعة والمستثمرين فرصة صريحة لإنهاء المشكلات فى أسرع وقت ممكن، فالوزير يستمع للمشكلة ويوجه بحلها على الفور وهم ما يتم فى وقت قصير للغاية. وأشار إلى أنه لم يعد هناك مجال للجان العديدة التى كانت تعرقل الأمور، وتزيد من مشكلات القطاع الصناعي، فالوقت هو العنصر الأهم لأى مستثمر، والدولة تعتزم الآن دعم القطاع الصناعى بكل قوة وهو ما يؤدى بدوره أيضًا إلى تغيير رؤية المستثمر الأجنبى عن الأوضاع الاستثمارية فى مصر، وأضاف أن شكل العمل بهيئة التنمية الصناعية يتغير الآن، والوزير يتحدث عن حلول لمختلف المشكلات، واقترح تفعيل العمل بمبدأ حق الانتفاع فى ملف الأراضى الصناعية حتى يوجه المستثمر كل رأس ماله إلى المواد الخام والماكينات ورواتب العمال، مايعنى ضخ استثمارات أكبر فى الإنتاج الفعلي. وأضاف أن كثيرا من المصانع المتعثرة ستعود إلى العمل الفترة المقبلة، وسيتم عقد اجتماعات مع البنوك لحل مشاكل تلك المصانع بما يسمح بسرعة إنهاء المشاكل والعودة للعمل وتوفير المزيد من فرص العمل. ◄ مفهوم متغير من جانبه أكد د. وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، أن مفهوم المصانع المتغيرة مفهوم متغير، إذ كانت بداية إطلاقه على المصانع التى أُغلقت بسبب الاضطرابات السياسية عقب ثورة 2011، لكن المفهوم الحقيقى هو أن تلك المصانع تعثرت لعدة أسباب سياسية أو مالية ثم نجحت الحكومة فى إعادتها للعمل من جديد، لكن أيضًا يجب العلم أن هناك مصانع متعثرة لا يرغب أصحابها فى إعادتها للعمل لأسباب خاصة بهم. وأشار إلى أن هناك تحديات تدفع المصانع إلى التعثر، لكن الجديد أن الحكومة تنظر إلى الأمر على أنه حالة متواصلة وبالتالى تحتاج إلى دعم مستمر لإنقاذها، وأضاف أن وزير الصناعة والنقل يركز على متابعة عمل المصانع والتواصل المباشر مع الكيانات الصناعية وحثها على الاستمرار فى العمل وألا تتوقف عن الإنتاج مهما كانت الأسباب، وأكد أن اللقاءات المباشرة مع المستثمرين تخلق حالة من الثقة بين تلك الكيانات والدولة، حيث يتم معرفة الأسباب الحقيقية للتعثر والعمل على حلها بشكل فوري، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة تطوير الأطر المؤسسية التى تتعامل مع المستثمرين بما يمنع وجود مزيد من المصانع المتعثرة مرة أخرى.