انه ببساطة الصراع من أجل البقاء ..منذ عقود طويلة تعد حروب المياة أحد المظاهر الرئيسية الموجودة في العالم فالشعوب والدول تحارب اما من اجل الحفاظ على ثرواتها من المياة او للحصول على المياة من الدول التي تمتلك انهارا ومصادر مياة اخرى. وكما كانت حروب المياة منتشرة على الارض منذ بدء الخليقة في الماضي يتنبأ علماء الجيولوجيا بأنها ستظهر بشكل اكبر في المستقبل بعد نحو عشرين عاما الى حد الوصول للمجاعة في العديد من الدول. خاصة وان القانون الدولي بصيغته الحالية اثبت عجزه وفشله في منع حدوث حروب المياة بين الدول. ولأن نقص المياة قضية حياة او موت فان الدول لا تنتظر الحلول السياسية والدبلوماسية التي غالبا لا تفضي إلى شئ بل أصبحت الدول على قناعة أنها لن تحصل على ما تريد إلا من خلال القوة العسكرية إذا تطلب الأمر. لذا فأغلب الدول المتصارعة على الماء تظل العلاقات بينها غير مستقرة لفترة طويلة. وسلاح المياة كان يستخدم على مدار التاريخ لأهداف محددة اما للسيطرة على مصادرها أو كأداة ضغط في المواجهات العسكرية او لتحقيق مكاسب سياسية او تستخدمها الجماعات الارهابية كأحد أدواتها لإخضاع الدول أو أن تكون مصادر المياة هدف عسكري في حد ذاتها أو أن تستخدم لأغراض تطوير وتنمية. ويوجد في العالم 148 دولة تتشارك في احواض الأنهار للحصول على المياة فمثلا نهر الدانوب تتشارك فيه 19 دولة ونهر النيل تتشارك فيه 11 دولة. وقد تعطي الأرقام تصورا أكثر وضوحا لحجم المشكلة التي ستواجهنا في السنوات القادمة حيث أشارت آخر تقارير الأممالمتحدة أنه يوجد في العالم 780 مليون شخص ليس لديهم فرصة للحصول على ماء آمن للشرب. وأن المياة اصبحت احد المشاكل المستدامة وفي الوقت الذي سيزيد فيه عدد سكان العالم من 7 بليون إلى 8 بليون بحلول عام 2025 ستزداد مشكلة نقص المياة في الدول النامية بنسبة 50% مقابل 18 % في الدول المتقدمة. 15% من دول العالم. وان نقص المياة ستؤثر على ثلثي سكان العالم بحلول عام 2050.وأكدت نفس التوقعات مؤسسة ووتر هاوس للاستشارات الدولية التي اشارت ان حروب المياة ستشتعل في السنوات القادمة وان اكثر المناطق التي ستواجه هذه المشكلة هي منطقة الشرق الاوسط.وفي تقرير اخر قدمته هيئة المناخ و الجيوغرافية الأمريكية جاء فيه ان منطقة الشرق الاوسط ستعاني من الجفاف ما بين عام 2030 حتى عام .2039 وتوقع أن تتعرض اجزاء كبيرة من الامريكتين وافريقيا وبعض اجزاء آسيا واستراليا لنفس المشكلة. مما يعني المزيد من الصراعات بين الدول حول المياة وارتفاع اسعار الغذاء وزيادة وجود المجاعات في الدول النامية بصورة كبيرة. طوال السنوات الماضية كانت أغلب الصراعات في منطقة الشرق الاوسط تمثل صراعات طائفية و نزاعات على البترول ولكن في السنوات القادمة ستتغير شكل الحروب لتصبح جميعها نزاعات على مياة الأنهار ومنها الصراع في منطقة الشام التي يوجد بها نهر الاردن التي تتشارك فيه خمس دول هي لبنان وسوريا واسرائيل والاردن وفلسطين.وتستغل اسرائيل اكبر كمية من مياه النهر تليها الاردن بينما اقل نسبة من نصيب الضفة الغربية. ويعد نصيب الفرد في مياة نهر الاردن الاصغر على مستوى العالم. وهناك نزاع آخر على مياة نهري دجلة والفرات وهي المنطقة التي تتشارك فيها عدة دول فيها نزاعات اثنية وطائفية ومنها العراق التي تعتمد على النهرين بشكل كلي في الحصول على ما تحتاجه من مياة وسوريا التي تحصل على 85% من احتياجاتها المائية من النهرين وتركيا التي يوجد بها منابع نهر دجلة والتي تسعى لزيادة حجم استفادتها منه وقد تسبب انشائها لعدة سدود على النهر في نقص نسبة المياة المتجهه لسوريا. بينما تتنافس ايران والعراق على شط العرب ملتقى دجلة والفرات. ومصر السودان اثيوبيا على مياه النيل. أما إسرائيل التي تبحث عن الهيمنة والسيطرة فلم تغفل اهمية سلاح المياة في حربها الدائمة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط. ففي بحث نشره أرنون سوفير الأستاذ بكلية الدفاع الاسرائيلية حول مستقبل الصراع في الشرق الأوسط وذكر المشكلة الاكبر التي ستواجه الدول العربية ليست حالة عدم الاستقرار التي اعقبت ثورات الربيع العربي والصراعات التي خلفتها ولكن المشكلتين الاكثر خطورة هما زيادة عدد السكان ونقص الموارد المائية. خلال الستين عام الماضية تضاعف عدد السكان في الشرق الاوسط وهو ما لم يحدث في اي منطقة اخرى في العالم. وأضاف بأن مصر تواجه عواقب وخيمة من جراء التغيرات المناخية لدرج ان ارتفاع منسوب البحر نصف متر سيتسبب في تآكل الدلتا واجبار 3 مليون شخص على الرحيل من الاسكندرية وحدها. بينما ستقل اهمية قناة السويس وان الاهم ان مصر ستواجه نقصا في المياة وان ذلك سيتسبب في دخولها في حروب مع اثيوبيا وجنوب السودان. واكمل تحليله ان مصر لن تكون مهتمة باسرائيل كعدو في الشرق لأنها ستتجه نحو الجنوب في السنوات القادمة .بل انه قدم مثالا على ان هذا الطرح بأن مصر حولت مطار مدني بالقرب من ابو سمبل إلى مطار عسكري وانها اصبحت تشكل خطرا وتهديدا عسكريا لدول الجنوب وليس للدولة الصهيونية.وان سيناء سيصبح وضعها ردئ ولكنها لن تكون الاسوأ حيث سيعجز البدو عن تربية الماشية وسيعتمدون على تهريب البضائع والناس لآسيا واوروبا كما كانوا يفعلون في العصور القديمة. وأكد في النهاية أن الدولتين الوحيدتين في المنطقة اللتان لن يكون فيهما مشكلة في الماء هما اسرائيل وتركيا حتى ان اسرائيل ستبيع المياة للضفة الغربية والاردن وسوريا .