كتبت الأسبوع الماضي، عما يدور بشأن المؤسسات الصحفية القومية، من حراك نقاشي، وعن دور مجلس نقابة الصحفيين، ودعوته لحوار شراكة بين جموع الصحفيين ممثلين في الأعضاء المنتخبين للجمعيات العمومية ومجالس الإدارة، ومجلس نقابتهم، كخطوة بادئة لفتح ملف المؤسسات الصحفية القومية، علي طريق البحث عن حلول فورية لتدارك أزماتها التي صارت تتهددها، بما أصاب الكثير منها من فساد غيب معه قيمة الكفاءة المهنية، حتي صارت بعيدة عن الشفافية والموضوعية، في أزمة حقيقية زادت من ترد واضح لأحوال الصحفيين المادية والإدارية. وأشرت إلي حتمية تضييق الفجوات المتباعدة بين دخول الصحفيين تأصيلا لمبدأ العدالة الإجتماعية - والذي بتحقيقه يمكن إعلاء القيمة المهنية التي ننشدها - وعرضت إلي إمكانية تحقيق ذلك كخطوة أولي علي طريق رفع أجور الصحفيين، وهو ما يمكن تطبيقه بإعادة هيكلة الأجور، ووضع لوائح منظمة للأجور، وهو ما يتطلب من مجلس النقابة تفعيل دورها والإسراع إلي الاستعانة بخبراء اقتصاديين لوضع خارطة طريق أمثل، يصدر بعدها قانون منظم لذلك، يتضمن نصا صريحا لالتزام النقابة بتفعيله ومتابعة تنفيذه مع المؤسسات الصحفية.. إضافة إلي طرح رؤي جديدة لصياغة عادلة لتوزيع الموارد المالية للمؤسسات الصحفية علي العاملين بها، كل بقدر أهمية الدور الذي يؤديه، مع الحفاظ علي الحقوق دون غبن لحق، ووضع الضوابط التي تحفظ للصحفيين حقهم المادي في العائد الذي تحققه مؤسساتهم بحكم كونهم العمود الفقري لوجود تلك المؤسسات الصحفية، ولما لهم من دور فاعل في التأثير علي تحديد موقع ومكانة مؤسساتهم في السباق التنافسي علي أرض الواقع الصحفي. وهذا التأكيد الذي أطرحه اليوم علي أهمية إعلاء مبدأ العدالة الاجتماعية في المؤسسات الصحفية القومية، يعد - من وجهة نظري - الشأن الأكثر أهمية لتحرير رقاب الصحفيين من سطوة الحاجة للمال الذي يحفظ لهم حياة كريمة، وأري فيه حلا لمشاكل كثيرة، فحينها يتضاءل السباق علي السعي لاعتلاء المراكز القيادية لتلك المؤسسات، ليقتصر وقتها السعي لتلك المواقع علي من يمتلك القدرة والمؤهلات المهنية التي تمكنه من إحداث نهضة مهنية واقتصادية للمؤسسة أو الصحيفة التي يترأسها، وأعتقد أن هذا المبدأ لا بد أن يكون علي رأس المعايير، التي يسعي مجلس نقابة الصحفيين لطرحها لمقومات اختيار القيادات الصحفية الجديدة، بالإضافة إلي إعلاء قيمة الأداء المهني لما يمكن طرحه من أسماء لتولي تلك المهام، بحيث لا يشتمل تاريخه الصحفي ما يشينه من نفاق مهني سعي إليه مع النظام السابق، حصد من خلاله مكافأة بالوصول إلي ما يريد من مآرب. واليوم.. الشعب يريد من صحافة الثورة إعلاء كرامة الصحافة والصحفيين، في إطار من الشفافية والموضوعية، مع وضع معايير وصياغة واضحة لدور الصحافة القومية لتعود للشعب - صاحب الحق الأصيل فيها - وكفاها طنطنة للحكام.. فالشعب اليوم وغدا هو السيد - ولن يكن غيره إن شاء الله - وذلك إذا أردنا صلاحا لمصر.