عيش.. حرية.. ديموقراطية.. عدالة اجتماعية.. تلك هي أهداف ثورة 25 يناير، والتي مازالت مستمرة، ومازال الشعب يبحث عن تحقيق أهدافها علي أرض الواقع، رغم مضي أكثر من عام علي إنطلاقها، وتقديم التضحيات بأنبل الشهداء من خيرة شبابنا.. والآن، ونحن علي طريق البناء لمؤسسات مصرنا الجديدة، نستعد اليوم لفتح باب الترشح لانتخابات رئيس مصر، الذي سوف يقود المسيرة في المرحلة القادمة.. ولكن كيف تكون الحرية والديموقراطية التي ننشدها، وضمير الأمة مكبل بالقيود؟!. إن الصحافة وصحفييها مازالا يعانيان من موروثات رغم قيام الثورة تضيع معها كرامة الصحفيين، بتغييب قيمة الكفاءة المهنية، بعيدا عن الشفافية والموضوعية، في أزمة حقيقية لحرية الرأي والتعبير، وترد واضح لأحوال الصحفيين المادية والإدارية، بما لا يتناسب مع خصوصية وضعهم الأدبي والمهني والمجتمعي، وهو ما يظهر جليا لدي صحفيي المؤسسات القومية، مقارنة بما آلت إليه الأجور في سوق العمل عامة، والصحفي خاصة، إضافة لأوضاع أكثر ترديا تحكمها، حيث تغيب العدالة الإجتماعية عن الصحفيين في تلك المؤسسات، فنجد فيها فجوات في الأجور غير مبررة، لا يحكمها منطق مهني، ولكنها موروث النظام البائد الذي أراد إفساد الصحافة، فعمل علي تقسيم الصحفيين إلي أبناء البطة البيضاء، ممن يحصلون علي دخول تتجاوز عشرة أضعاف بل تزيد أضعافا في بعض الأحيان وهؤلاء عدد قليل لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ليكونوا من أصحاب الملايين!.. وأبناء البطة السوداء - وهم الغالبية - ممن يلهثون وراء حافز عاثر، أو مكافأة تخطئهم كثيرا، لتظل معاناتهم، في زمن ما أحوجنا لتحرير رقاب الصحفيين من سطوة إذلال، حتي نحفظ لهم كرامتهم، وحقهم وحق أبنائهم في حياة كريمة، تمكنهم من ممارسة عملهم الصحفي بشفافية مطلقة، لننقيها من أية مبررات لتجاوزات قد يفرضها أي ضعف في نفوس البعض ممن تقسو عليهم الظروف المادية، في مواجهة أعباء الحياة، وهو ما يلزم تصحيح تلك الأوضاع برفع الأجور وإعادة هيكلتها، لتكون علي رأس أولويات تصحيح المسار الذي يعاني إعوجاجا طال أمده. وبإعلان مجلس نقابة الصحفيين أول أمس عقب اجتماعه الطاريء، عن قراره باستمراره في حالة انعقاد دائم، حتي انجاز الرؤية الشاملة لإصلاح وتطوير المؤسسات الصحفية القومية، يطلق نوبة صحيان لصحفيي مصر، من أجل إعلاء حرية الرأي، وتأصيل قيمة الكفاءة المهنية، في إطار من الشفافية والموضوعية.. انطلاقا من كون نقابة الصحفيين بيت كل الصحفيين، ومن واجبها، أن تساعد وتقود حواراً موضوعياً بين مكونات الجماعة الصحفية، لإبداع صيغة جديدة تنهي الوضع الحالي الموروث للمؤسسات القومية، لتعود كمنابر إعلامية عامة يملكها الشعب، لتدعم تنوير المجتمع بالحقائق والآراء، والخلاص من الإنهيار المهني والمالي والإداري لأغلب المؤسسات، مع الحفاظ علي حقوق الصحفيين العاملين فيها.. وهو ما يحتم تحركا عاجلا بفتح ملف المؤسسات الصحفية القومية، وإحداث إصلاح حقيقي لأحوالها، وتحريرها من الأوضاع التشريعية والتنظيمية القائمة، والتي أفقدتها استقلالها، وحرمتها من النهوض وأداء دورها. حقا.. لقد أصاب مجلس نقابة الصحفيين، وإننا لمشاركون لإعلاء العقل، والتأكيد علي إعلاء كرامة الصحافة والصحفيين، والتضحية من أجل حرية الرأي، وحفظ حق الشعب في أن تكون الصحف القومية لسان حاله دون غيره، وهو حقه الأصيل .. ولتكن المشاركة الإيجابية منا جميعا، لنضع الصحافة والصحفيين في الإطار السليم للدستور، ولم لا تكون سلطة رابعة ؟ .. وتحيا مصر.