ليست «شنوان» مجرد نقطة على خريطة مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية.. بل هي حكاية مختلفة تروى في كل موسم حصاد.. قرية صغيرة، لكنها صنعت لنفسها اسمًا كبيرًا حين ارتبطت بثمرة واحدة «القلقاس»، الذي خرج من طينها ليعبر حدود مصر، حاملاً معه رزقًا وكرامة لأهلها، حتى صاروا يتعاملون بالدولار وهم في قلب الريف المصري. اقرأ أيضًا| a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4533413/1/%D8%A3%D9%83%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D8%AA%D9%8A--%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%B7%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B3-%D8%A8%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA" title=""أكلات جدتي"| طريقتين لطهي «القلقاس» بمهارات زمان""أكلات جدتي"| طريقتين لطهي «القلقاس» بمهارات زمان ومع أول خيوط الصباح، تتحول شوارع شنوان إلى ما يشبه مهرجانًا صغيرًا. ترى الفلاحين يتزاحمون حول الشاحنات الكبيرة، والعرق يتصبب من جباههم لكن البهجة تسبق التعب. تتراص ثمار القلقاس في صناديق خشبية قوية، تُحمَّل بعناية فوق العربات، وكأن كل ثمرة منها قطعة من الحلم. صوت المحركات يعلو، والأطفال يلوّحون للشاحنات وهي تتحرك ببطء محمّلة بخير الأرض.. يصف الأهالي هذه اللحظة بأنها "موكب الرزق"، فهنا لا تخرج مجرد شحنة محصول، بل تخرج جوازات سفر جديدة لاسم القرية، تحمل معها عرق رجالها وصبر نسائها، متجهة إلى الموانئ ومنها إلى أسواق العالم، وفي عيون الفلاحين وهم يتابعون الشاحنات على الطريق، تلمع دمعة فخر: لقد خرج من أرضهم ما جعل اسم شنوان يُكتب في دفاتر التصدير العالمي. على لسان أهلها "القلقاس ده بقى حياتنا"، يقول الحاج عبد الفتاح وهو يتفقد حقله الممتد أمامه: "إحنا كبرنا والقلقاس بيكبر معانا.. زمان كنا نزرعه للبيت والسوق القريب، دلوقتي بقينا نصدر ونشوف تعبنا بالدولار، ده ستر ربنا." اقرأ أيضًا| في عيد الغطاس.. طريقة عمل القلقاس البانية تضحك الحاجة فاطمة وهي تحمل بعض الثمار بيديها: "القلقاس جهّز بيتي وعلّم عيالي.. رزق واسع ما كناش نحلم بيه." ويضيف أحمد، أحد شباب القرية: "كنت بفكر أهاجر وأسافر زي شباب كتير، بس لما شفت الخير اللي بييجي من أرضنا، حسّيت إن شنوان هي جنتي. هنا الدولار بييجي من عرقنا وإحنا واقفين وسط الطين." من أرض بسيطة إلى أسواق العالم: نجاح شنوان لم يكن ضربة حظ، بل ثمرة تعب أجيال. التربة الخصبة والمياه النقية، مع خبرة الفلاحين، صنعت قلقاسًا بسمعة لا تُخطئها الأسواق الخارجية. ومن الخليج إلى أوروبا، يعرف التجار أن ثمرة القلقاس من شنوان تحمل جودة تستحق أن تُدفع فيها العملة الصعبة. اقرأ أيضًا| نصائح غذائية| فوائد القلقاس لفقدان الوزن والآن لم تعد شنوان كما كانت؛ بيوت اتسعت، شباب تزوجوا، مدارس امتلأت بأبناء يعيشون حياة أكرم من ذي قبل. الفلاح الذي كان ينتظر الموسم ليكفي بيته بالكاد، صار شريكًا في حركة تصدير تحكي قصة نجاح ريف مصري لم يستسلم لضيق الحال. شنوان اليوم ليست مجرد قرية تزرع القلقاس، بل قرية صنعت نموذجًا: كيف يمكن لمحصول بسيط أن يتحول إلى "ثروة خضراء" تُدخل العملة الصعبة، وترسم الابتسامة على وجوه أهلها.