بين زحمة أحد شوارع قرية نوى التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وضجيج الأصوات، والأمور تسير على طبيعتها، كان هناك شاب يسير برفقة خطيبته وهما يحاولان شق طريقهما بين المارة بطمائنينة، دون أن يدركا أن خطواتهما الهادئة ستقودهما إلى لحظة غير متوقعة تغير ملامح يومهما تمامًا؛ وبينما كان الشاب ممسكا بيد خطيبته، فجأة وعلى غير انتظار أو توقع تعالت من خلفهما كلمات غير لائقة،أطلقها الشاب «الجاني» محاولًا التحرش اللفظي بخطيبة «المجني عليه»،التفت الشاب غاضبًا يحاول الدفاع عن كرامته وكرامة خطيبته طالبًا منه أن يتأدب في سيره دون تصعيد الموقف لكن سرعان ما تحولت الكلمات إلى مشادة كلامية وتطورت أمام أعين المارة عندما أمسك الجاني بالمجني عليه وفي لحظة وسط دهشة الجميع أخرج آلة حادة من بين ملابسه «ساطور» وانهال بالضربات المميتة على رأس وذراعين وكافة انحاء جسد»المجني عليه» مما أصابه بكسر في قاع الجمجمة وقطع في شريان اليد اليسري وإصابات بالغة الخطورة في الذراعين والصدر والظهر، ما الذنب الذي اقترفه المجني عليه سوى أنه دافع عن خطيبته من متحرش حتى تحدث به كل هذه الإصابات؟ وما الغل الذي يحمله في قلبه ليشرع في قتله؟ تفاصيل مثيرة ترويها السطور التالية. بدأت حكاية «محمد سنجر» المجني عليه صاحب ال24 عاما،منذ نعومة اظافره حيث عرف الشقاء، واعتاد أن يساعد أسرته البسيطة المكونة من أب وأم وأربعة أشقاء، كان السند والمعيل والأب الثاني لهم بعدما حصل على مؤهله الدراسي، يعمل ليل نهار ليوفر قوت يوم أسرته، خاصة بعد مرض والده، يعيش مع أسرته الصغيرة داخل منزل بسيط بقرية نوى مركز شبين القناطر محافظة القليوبية، كان جديرا بأن يحمل رسالة رب أسرة، واصل مشوار والده المريض الملازم لفراش المرض، يأخذ بأيدي والدته المسكينة وأشقائه الأربعة الصغار، حتى يصل بهم الى بر الأمان وعليه، قرر العمل في أحد معارض الموبيليات بمنطقة تسمى طنان بمركز شبين القناطر، سعيًا وراء لقمة العيش وتوفير حياة كريمة له ولأسرته البسيطة، يعرفه أهالي القرية بالطيبة وحسن الخلق، ومثل أي شاب في سنه يحلم بيوم فرحه الذي رآه قريبًا وأخذ يخطط لكل لحظة سعيدة سيعيشها ويتمناها يوم زفافه. قصة حب محمد قبل عدة أعوام وبحكم الجيرة تعرف على إحدى الفتيات بالقرية المقيم بها اعجب بها ونشأت بينهما قصة حب، صارحها بحبه لها بعد أن تأكد أنها تبادله نفس الشعور، حكى لها عن ظروفه المادية وفي رقبته عائلة وأنه مسئول عنهم، وأنه سيعمل ليل نهارلووافقت أن تشاركه حياته القادمة، وبعد شهور من التعارف تقدم لخطبتها ووافقت أسرتها وبدأ يعد نفسه ويجهز شقته المتواضعة في منزل العائلة، لم يكن محمد يعلم أن الأيام تخبئ له فصلا قاسيًا من الألم قبل أن يقتحم عليه صاحب ورشة نجارة شخص يدعى «محسن. م» 29 سنة حياته وينغص عليه يومه بمأساة لم تكن على البال والخاطر، ولكن هل جاءت الجريمة بلا مقدمات تسبقها؟! خلاف وتعدي قبل شهر من الواقعة الأخيرة، تعدى الجاني على ابن شقيق المجني عليه وهو طفل لا يتجاوز عمره 13 عامًا، الطفل أحمد يعمل مساعدًا على حافلة نقل بسيطة، يسعى لتوفير قوت يومه بعرق جبينه ولما لا وهي أسرة تقدس العمل، وأثناء عبور صاحب الحافلة الشارع تردد في الأجواء صوت الآذان فركن صاحب الحافلة الحافلة على جانب الطريق وهبط منها متجهًا إلى المسجد ليؤدي الصلاة جماعة تاركا الطفل داخل الحافلة، في الوقت الذي اقترب منه الجاني وبلا سابق إنذار شتم الطفل طالبا منه أن ينقل الحافلة الى مكان آخر، فرد عليه الطفل أنه لايستطيع أن يقود الحافلة فقام بسبه مرة ثانية، فهرع الطفل إلى أهله باكيًا يروي لهم ما حدث وهو يرتجف خوفا، لم يتردد الاهل لحظة فذهبوا بصحبة الضحية وشقيقه الأكبر ووالده لمعاتبة الجاني ومعرفة سبب تعديه على الطفل بالألفاظ، لكن الجاني صاحب ورشة النجارة وقف ممسكًا بمنشار في يده اندفع نحوهم وضرب به والد الطفل فأصابه بجرح قطعي في اليد وطالت الضربة الضحية فأصابته بجرح في الكتف، تعالت الصرخات في ارجاء المكان، حاول البعض السيطرة على الجاني الذي ظل يصرخ بمنشاره الذي يحمله في يده في وجوه الأهالي حتى فر الجميع، لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بعد الحادث توجه والد الطفل وشقيق الطفل إلى قسم الشرطة وحررا محضر ضد الجاني مؤكدين تفاصيل ما حدث، لكن سرعان ما بدأ أهل المتهم يتحركون في محاولة لاحتواء الموقف فذهبوا الى منزل الضحية معبرين عن أسفهم لما جرى من ابنهم مؤكدين لهم أن ما حدث لن يتكرر مرة أخرى طالبين من شقيق الطفل وأسرته التنازل عن المحضر متعهدين بأن لن يتعرض لهم ابنهم مرة أخرى، واحترامًا لتعهدات أسرة الجاني صاحب ورشة النجارة وتقديم الاعتذار لهم، تنازل أهل الضحية عن المحضر بآخر صلح، لكن انتهى الأمر عند هذا الحد؟! يوم الواقعة في صباح هذا اليوم الذي يشعر معه محمد بالبهجة والسعادة، دعا «حماته» وخطيبته ليتناولوا الغداء معا في منزل عائلته البسيطة، علت ضحكات محمد وأصوات الاحاديث المبهجة أركان المنزل وفي نهاية اليوم وقبل أن يغادرتا بيته رافقهما إلى منزلهما في المنطقة المجاورة لكن اثناء سيرهم كان الجاني يترصد من بعيد ويضمر له الشر منذ الواقعة الاولى وما أن لمحهم بدأ يلقي بكلمات مستفزة نحو الضحية وخطيبته قاصدًا التحرش بهم حاولت حماته إقناعه بعدم الرد عليه، تمالك محمد نفسه محاولا تجاهل الإهانة مفضلا أن يكمل طريقه في صمت حتى تصل خطيبته وأمها في أمان الى منزلهما وأثناء عودته من حيث أتى حاول الجاني استفزازه مرة أخرى واقفا له في منتصف الطريق فترك المجني عليه دراجته وتوجه نحو المتهم يسأله لماذا يفعل هذا بعدما اعتذرت أسرته عن اعتدائه في الواقعة السابقة واحتراما لهم تنازل محمد وأسرته عن محضر الاعتداء، لكن وفي لحظة غادرة انقض الجاني على المجني عليه بالضربات في رأسة وذراعيه وظهره وصدره»بساطور» أخفاه بين ملابسه، صوت الصراخ الذي علا في المكان دفع بخطيبته وأمها الى التوجه إلى مصدره ومع كل ضربة كان يسددها الجاني في جسد المجني عليه كان صراخ خطيبته وأمها يرتفع وقلبهما يرتجفان رعبًا حتى ترك المتهم المجني عليه وأمسك برقبة خطيبته ووضع الساطور على رقبتها، حاولت والدتها التحايل على الموقف بحذر حتى لا تصاب ابنتها هي الأخرى بمكروه، فتركها الجاني محاولا الفرار وعندما حاول بعض المارة الإمساك به هددهم بأداة الجريمة التي ظل يلوح بها في وجوه الجميع. بلاغ تلقى مساعد وزير الداخلية مدير أمن القليوبية إخطارًا من مدير الإدارة العامة للمباحث يفيد بوقوع مشاجرة ومصابين بقرية نوى مركز شبين القناطر، فور البلاغ وصلت قوات الأمن إلى موقع الحادث؛ لتجد المجني عليه غارقا في دمائه،على الفور نقل الى المستشفى لتلقي العلاج وإسعافه، وكشفت التحريات أن هناك خلافات قديمة تجددت على اثرها المشاجرة، فتعدى احدهما على الآخر باستخدام «ساطور» مما اسفر عن إصابة المجني عليه، وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق واستمعت لأقوال الشهود وطلبت من المباحث سرعة القبض على المتهم وكشف ملابسات الحادث. الشهود توصلنا مع والدة المجني عليه قالت بصوت يملؤه الحزن والانكسار: ابني كان هو السند لنا الذي تحمل مسئولية الاسرة كان يساعدني في مصاريف البيت وبعد الحادثه تغير كل شيء، دلوقتي اصبحنا نحتاج 1500 جنيه علاج اسبوعي للإصابات الغائرة بجسد ابني، مش مصدقة أن محمد اللي فرحه بعد أيام اصبح طريح الفراش لا يقوى على الحركة، والآن لا نملك إلا أن ننتظر القبض على المتهم وتقديمه للمحاكمة لينال جزاءه. وقال عم المجني عليه محمد إبراهيم «46» سنه عامل:»المتهم اعتدى على ابن اخويا بالساطور محدثا به جروح عميقة في الرأس واليدين والوجه، وذلك بعدما حاول المجني عليه الدفاع عن خطيبته، محمد نجا من الموت بأعجوبة، بفضل ربنا ثم وصول رجال المباحث إلى موقع الحادث في دقائق معدودة ومعهم وصلت سيارة الإسعاف ونقل محمد الى مستشفى القناطر في البداية ولكن لخطورة حالته تم تحويلنا الى مستشفى قصر العيني وهناك أجرى له الأطباء عملية جراحية دقيقة ووضع في العناية المركزة حتى استقرت حالته، لكن ما يدفعنا للتساؤل هو: ما الذي جناه المتهم سيئ السلوك هذا من جريمته»؟! اقرأ أيضا: الداخلية تستجيب ل «بوست» فتاة تعرضت للتحرش وتضبط المتهمين