على شواطئها الممتدة كحلم، وبين الشاليهات والفنادق وكازينوهات السهر المميزة، عاشت بورسعيد أيامًا كانت فيها الحياة بسيطة وجميلة. في عام 1960 أضاءت «آخر ساعة» صفحاتها بتحقيق عن مصايف المدينة الباسلة، حيث الرمال الناعمة تلامس أقدام الزائرين، والأمواج تغرد بأناشيد الاسترخاء، والشاليهات الخشبية تظلل أحلام الأسر الباحثة عن متعة كبيرة بأقل الأسعار. اليوم نعيد نشر التحقيق الذي حمل اسم الكاتب الصحفي الكبير مصطفى شردي، لنستعيد معًا تلك الأيام التي كانت فيها بورسعيد جنة للراغبين فى الهروب من صخب المدن.. بورسعيد التى عرفها أجدادنا.. وفيما يلى تفاصيل التحقيق بتصرف محدود: بورسعيد تفتح لك ذراعيها فى الصيف الجديد، فقد تحولت المدينة القابعة عند مدخل قناة السويس إلى مصيف عالمى ينتظرك وأسرتك، وتستطيع أن تسافر إلى بورسعيد بالطائرة أو القطار أو بالسيارة! الطائرة ستكلفك ثلاثة جنيهات عن التذكرة ذهابًا وإيابًا، وتذكرة الذهاب أو الإياب فقط ثمنها 160 قرشًا، وهناك ثلاث رحلات بالطائرة كل أسبوع بين القاهرة وبورسعيد.. رحلة يوم السبت ورحلتان يومى الثلاثاء والخميس وسيارة شركة الطيران تقلك إلى المطار الساعة 12 ظهرًا، والمسافة بين القاهرة وبورسعيد تقطعها الطائرة فى 40 دقيقة فقط، ترى بعدها الشاطئ الأبيض الجميل وعليه الفيلات كأنها علب كبريت مرصوصة بإتقان! إذا أردت أن تسافر بالقطار إلى بورسعيد فستقطع 4 ساعات كاملة تمتد أحيانًا إلى 5 ساعات، وأنا لا أنصحك أن تسافر بالقطار، لأنه يتأخر كثيرًا ويحملك أطنانًا من الأتربة فى الطريق. وإذا أردت أن تسافر إلى بورسعيد بسيارتك الخاصة فستقطع المسافة فى أقل من ثلاث ساعات ونصف، وإذا سافرت عن طريق سكة المعاهدة تستطيع أن توفر 30 كيلومترًا من الطريق إذا دخلت فى الطريق الذى قبل الإسماعيلية ب10 كيلومترات، لكن هذا الطريق صعب جدًا ولا أنصحك بالمرور فيه لأنه ملىء بالمطبات، هذا إلى جانب أنه سيحرمك من مشاهدة الإسماعيليةالمدينة الجميلة، ومن الإسماعيلية تستطيع أن تستمر فى رحلتك إلى بورسعيد عن طريق القناة، وهو الطريق الممتد من السويس إلى بورسعيد بمحاذاة قناة السويس، ويعد من أجمل الطرق رغم أنه ضيق والقيادة فيه خطرة بالنسبة للسائق غير الماهر. ◄ اقرأ أيضًا | شواطئ بورسعيد كامل العدد يوم ترفيهى لذوى الهمم برأس البر ◄ أين تذهب في بورسعيد؟ طبعًا أول مشكلة ستفكر فيها عند وصولك إلى بورسعيد هى الإقامة.. بورسعيد فيها حوالى 350 فيلا خرسانية عامة على الشاطئ بعضها مستقل والآخر فى مجموعات على مجموعة مكونة من ثمانى فيلات. وإيجار الفيلا: الصف الأول فى شهر يوليو 45 جنيهًا وفى أغسطس 50 جنيهًا، وفى الصف الثانى يقل الإيجار خمسة جنيهات وفى الثالث يقل خمسة جنيهات أخرى.. هذه الكبائن كلها تحجز كل عام قبل الصيف بشهور، لأنها فاخرة جدًا ومؤثثة أثاثًا ممتازًا ومزودة بالنور وكلٌ منها لها مدخلان، وفيها ثلاجة ولها شرفتان إذا سكنت فيها فأنت لا تحتاج إلا للأغطية فقط. وعلى شاطئ بورسعيد يوجد حوالى 400 شاليه خشبى وهو عبارة عن شرفة صغيرة من الخشب ويلحق بها غرفة صغيرة تستطيع أن تنام فيها بعد الظهر فقط، النوم فى الشاليهات ليلًا ممنوع، تستطيع أن تسهر حتى الفجر لكن النوم ممنوع، والجلسة فى شرفة الشاليه شىء جميل جدًا. وإيجار الشاليه فى موسم الصيف كله 15 جنيهًا ومعظم المستأجرين من أهالى بورسعيد، لأنه محرم عليهم استئجار الفيلات الخرسانية، ووجهة نظر البلدية فى هذا أن الضيوف أولًا وبعد ذلك أهل المدينة. وفي بورسعيد 35 فندقًا، وفيها عدد كبير من الشقق التى يعدها أصحابها للإيجار، وهذه موضة جديدة دخلت بورسعيد نقلًا عن الإسكندرية، وزمان كانت الأسر فى بورسعيد تأنف من تأجير شقق مؤثثة، حتى لو كانت خالية للمصطافين وبعض هذه الشقق إيجارها مرتفع جدًا. إن جميع فنادق وبنسيونات بورسعيد قريبة من البحر، لن تسير أكثر من 10 دقائق من فندقك لتصل إلى الشاطئ.. أغلى فندق فى بورسعيد اسمه «كازينو بالاس».. وهو أقدم فندق، وكان فيما مضى يعد من أفخم فنادق مصر بأسرها، وموقعه ممتاز، تستطيع أن ترى منه الميناء وحجر ديليسبس والشاطئ كله، وإيجار الغرفة للشخص الواحد مع الحمّام والإفطار 120 قرشًا، إذا كانت معك زوجتك فستدفع 220 قرشًا. وهناك فندق «الغزل» وهو أنيق ونظيف جدًا، ويعد الفندق الثانى بعد «كازينو بالاس»، برغم أن أسعاره أقل بكثير، وستدفع فيه 50 قرشًا للغرفة الخاصة، والغرفة لشخصين بحمّام تدفع فيها 110 قروش، وفندق الغزل فى شارع 23 يوليو، وهو نفس الشارع الذى فيه «كازينو بالاس». وبجانب فندق «الغزل» فندق آخر صاحبه يونانى اسمه «هاوس أوف دى بالم» ومعناها بيت النخيل، وأسعاره تشبه أسعار كازينو بالاس، ومستوى الخدمة فيه ممتاز جدًا، وإن كان مستوى الغرف مثل فندق «الغزل». ◄ أين تأكل؟ بورسعيد فيها أزمة فى المطاعم، لا يوجد فيها عدد من المطاعم يكفى زوار المدينة فى موسم الصيف، ومعظم المطاعم الموجودة درجة ثانية وثالثة. وأفخم مطاعم بورسعيد هى مطعم فندق «كازينو بالاس» ومطعم «جيانولا» ومطعم فندق «الغزل»، ومطعم فندق «هاوس أوف ذى بالم» ووجبة الغداء فى هذه المطاعم متوسط سعرها بين 35 و40 قرشًا، والعشاء بين 40 و45 قرشًا، والأطعمة الخاصة لها سعر خاص طبعًا. وجبة السمك الممتازة مثلا ثمنها 35 قرشًا، والبيفتيك والروستو والحمام والفراخ والإسكالوب والكبدة والكلاوى سعر الطبق منها حوالى 30 قرشًا، والفيليه 35 قرشًا وطبق السلطة الممتاز تدفع فيه 5 قروش فقط، أما الحلوى فسعرها فى المتوسط 5 قروش. ملك الكباب فى بورسعيد اسمه «عبده كفتة» بدأ حياته بعربة صغيرة يدور بها على المقاهى، وانتهى الآن فى محل كبير، آخر أخباره أنه نزح إلى مدينة السويس بعد أن غضب على بورسعيد وأهل بورسعيد، فقرر أن يحرمهم من الكباب الذى يصنعه. محل الشاورما الوحيد فى بورسعيد اسمه «مطعم الاقتصاد» بشارع صفية زغلول، وهو يقدم وجبة الغداء ب20 قرشًا وهى مكونة من أربعة أصناف: المكرونة أو الأرز واللحم، أو السمك والخضر والفواكه والسلطة.. والعشاء ب22 قرشًا فقط. على شاطئ بورسعيد ثلاثة كازينوهات هى الجزيرة والكابانون وفونتانا، وأرقاها كازينو الجزيرة، والعشاء فى «الجزيرة» يكلفك 40 قرشًا وقطعة الكاساتا تدفع فيها ثمانية قروش، و»الكابانون» يقدم لك سندويتشات الكباب، وفى كازينو «فونتانا» تستمع إلى فرقة الفن الشعبى البورسعيدى، وفى هذه الكازينوهات وحدات لخلع الملابس، ادفع ثلاثة قروش فقط إيجار وحدة خلع الملابس إذا كان معك مايوه، وستدفع ستة قروش إذا قدم لك الكازينو المايوه. أما إيجار الشمسية على شاطئ بورسعيد فهو 15 قرشًا، ومعها 5 كراسى، وكل كرسى يزيد بعد ذلك إيجاره فى اليوم قرشان.. وإذا كان معك شمسيتك الخاصة فستحصل منك البلدية قرشين فقط. ◄ فرق مسرحية الليل فى بورسعيد مشكلة، والبلدية تحاول أن تحل المشكلة فى الصيف حتى لا يتضايق المصطافون، وفى كل سنة تتعاقد البلدية مع 8 فرق مسرحية كبيرة لتشغل مسرحها الفخم المقام على الشاطئ، والفرق المسرحية تبدأ موسمها فى أول يوليو وتختتمه عند منتصف سبتمبر. وأسعار مسرح البلدية معقولة، وهى تتراوح بين 20 و50 قرشًا، ودور السينما فى بورسعيد عددها 11، أفخمها فى الحى الأفرنجى وأسعارها معتدلة، وسينمات الدرجة الثانية أسعارها تتراوح بين 5 و7 قروش للصالة و5 و11 قرشًا للبلكون. وفى سويسرا الآن شاب من بورسعيد اسمه «مصطفى الغزل»، درس إدارة الفنادق فى چنيف، ويدرس الآن فى النوادى الليلية دراسة عملية دقيقة، سيعود بعدها إلى بورسعيد ليقيم فيها أول ناد ليلى من نوعه. وليس مصطفى الغزل وحده الذى يفكر فى حل مشكلة الليل فى بورسعيد، إن جميع أهالى المدينة يريدون جذب السائحين إلى بلدهم، ويعرفون أن السائحين الأجانب والمحليين يهربون من بورسعيد لأنهم لا يعرفون أين يسهرون بالليل، وهم جميعًا الآن يفكرون فى حل سريع لهذه المشكلة قبل قدوم موسم الصيف، وعلى كل حال، بورسعيد الآن جميلة وأنيقة وهادئة، وأنا أنصحك إذا كنت تفكر فى التصييف، أن تعد فلوسك وتنطلق إلى هناك. («آخر ساعة» 4 مايو 1960)