مجدى حجازى كان ثعلبة بن عبدالرحمن رضي الله عنه، يخدم النبي صلي الله عليه وسلم في جميع شؤونه، وذات يوم بعثه رسول الله في حاجة له.. فمر بباب رجل من الأنصار، فرأي امرأة تغتسل، وأطال النظر إليها، فأخذته الرهبة، وخاف أن ينزل الوحي علي رسول الله بما صنع، فلم يعد الي النبي، ودخل جبالا بين مكةوالمدينة، ومكث فيها قرابة أربعين يوماً.. فنزل جبريل علي النبي، وقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوذ بي.. فقال النبي لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسي: انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن، فليس المقصود غيره.. فخرج الاثنان من أنقاب المدينة، فلقيا راعيا من رعاة المدينة يقال له زفافة، فقال له عمر: هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة؟، فقال لعلك تريد الهارب من جهنم؟، فقال عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم؟.. قال لأنه كان إذا جاء جوف الليل، خرج علينا من بين هذه الجبال، واضعا يده علي أم رأسه وهو ينادي: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح، وجسدي في الأجساد، ولم تجددني لفصل القضاء؟.. فقال عمر: إياه نريد، فانطلق بهما، فلما رآه عمر غدا إليه واحتضنه.. فقال: يا عمر هل علم رسول الله بذنبي؟.. قال: لاعلم لي إلا أنه ذكرك بالأمس، فأرسلني أنا وسلمان في طلبك.. قال: يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو في الصلاة.. فابتدر عمر وسلمان الصف في الصلاة، فلما سلم النبي صلي الله عليه وسلم، قال: يا عمر يا سلمان، ماذا فعل ثعلبة؟.. قال هو ذا يا رسول الله.. فقام الرسول فحركه وانتبه، فقال له: ما غيبك عني يا ثعلبة؟.. قال ذنبي يا رسول الله.. قال أفلا أدلك علي آية تمحو الذنوب والخطايا؟.. قال بلي يا رسول الله.. قال: قل: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".. قال ذنبي أعظم.. قال رسول الله: بل كلام الله أعظم.. ثم أمره بالانصراف إلي منزله.. فمر من ثعلبة ثمانية أيام.. ثم أن سلمان أتي رسول الله.. فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به قد هلك؟.. فقال رسول الله: فقوموا بنا اليه.. ودخل عليه الرسول.. فوضع رأس ثعلبة في حجره.. لكن سرعان ما أزال ثعلبة رأسه من علي حجر النبي.. فقال له لم أزلت رأسك عن حجري؟.. فقال لأنه ملآن بالذنوب.. قال رسول الله ما تشتكي؟ قال: مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي.. قال الرسول الكريم: ما تشتهي؟.. قال: مغفرة ربي.. فنزل جبريل فقال: "يا محمد إن ربك يقرئك السلام، ويقول لك: لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطايا لقيته بقرابها مغفرة".. فأعلمه النبي بذلك، فصاح صيحة بعدها مات علي أثرها.. فأمر النبي بغسله وكفنه.. فلما صلي عليه الرسول.. جعل يمشي علي أطراف أنامله، فلما انتهي الدفن قيل لرسول الله: يا رسول الله رأيناك تمشي علي أطراف أناملك.. قال الرسول: والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي علي الأرض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه. لنتدبر معاني تلك القصة، ولنعي جيدا أنه ما أحوجنا الآن في تلك الأيام التي تعيشها مصر إلي توبة نصوح، ولنعلم أن عظمة الإسلام تكمن في حفاظه علي الحريات، وروعة رسوله الكريم نشهدها في أسلوب تدبره لأحوال رعيته، وأن حساب العبد يؤول لخالقه.. وهو ما يستوجب القول لمن لا يتقون الله في مصر وشعبها، ممن يشيعون فزاعة من نتائج المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب، وما تحقق من فوز لمرشحي التيار الإسلامي، أن حقيقة الفكر الإسلامي تنطوي علي الخير المطلق لخلق الله جميعا علي حد سواء، وإن غدا لناظره قريب، ونستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.