أساس العبادات كلها ومنها الصيام هو تقوى الله.. والتقوى معناها ببساطة الخوف من الله سبحانه وتعالى والعمل بما أمرنا به والابتعاد عما نهانا عنه.. يقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وإذا أخطأ الإنسان فى حق الله وفى حق نفسه وتاب عن الخطأ وجد الله توابا رحيما.. حيث يقول المولى عز وجل فى سورة آل عمران " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين* الذين ينفقون أموالهم فى السرآء والضرآء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين* والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون* أولئك جزآؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين" وهناك رواية فى التاريخ الإسلامى للتقوى والتوبة معا وتقول الرواية إن ثعلبة بن عبد الرحمن رضي الله عنه كان يخدم النبي في جميع شئونه... وذات يوم بعثه رسول الله في حاجة له... فمر بباب رجل من الأنصار... فرأى امرأة تغتسل وأطال النظر إليها. ثم انتبه فأخذته الرهبة... وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله بما صنع... فلم يعد إلى النبي ودخل جبالا بين مكةوالمدينة، ومكث فيها نحو أربعين يوماً... فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم... وقال له: يا محمد، إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك إن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوذ بي. فقال النبي لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسي: انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن، فليس المقصود غيره. فخرج الاثنان من المدينة... فقابلا راعيا من رعاة المدينة اسمه زفافة... فقال له عمر: هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة؟ فأجاب زفافة لعلك تريد ذلك الهارب من جهنم؟ فقال له عمر: ومن أدراك أنه هارب من جهنم؟ قال لأنه كان إذا جاء جوف الليل... خرج علينا من بين هذه الجبال... واضعا يده فوق رأسه وهو ينادي: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح... وجسدي في الأجساد.. ولم تجددني لفصل القضاء.؟ فقال عمر: إياه نريد... فأرشدهما إليه... فلما رآه عمر أسرع إليه واحتضنه... فسأله ثعلبة: يا عمر هل علم رسول الله بذنبي؟ قال عمر: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس... فأرسلني أنا وسلمان في طلبك. قال: يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو في الصلاة... ووقف عمر وسلمان فى الصف في الصلاة بعد أن وضعا ثعلبة وهو شبه مغمى عليه فى آخر المسجد... فلما سلم النبي...قال: يا عمر يا سلمان، ماذا فعل ثعلبة؟ قالا: هو ذا يا رسول الله... فقام الرسول فحركه حتى انتبه... فقال له عليه الصلاة والسلام: ما غيبك عني يا ثعلبة؟ قال: ذنبي يا رسول الله... قال: أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا؟ قال: بلى يا رسول الله... قال الرسول عليه الصلاة والسلام: قل: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " قال ثعلبة ولكن ذنبي عظيم قال رسول الله: بل كلام الله أعظم ثم أمره بالانصراف إلى منزله... فمر على ثعلبة ثمانية أيام... ثم جاء سلمان إلي رسول الله ... فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به قد هلك؟ فقال رسول الله: فقوموا بنا إليه... ودخل عليه الرسول... فوضع رأس ثعلبة في حجره... لكن ثعلبة أبعد رأسه من على حجر النبي... فقال له: لمَ أبعدت رأسك عن حجري؟ فقال: لأنه جزء منى وأنا كلى ذنوب... قال رسول الله: ما تشتكي؟ قال: أشعر مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي... قال الرسول الكريم: ما تشتهي؟ قال:مغفرة ربي فنزل جبريل فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام... ويقول لك: لو أن عبدي هذا لقيني بما يملأ الأرض خطايا لقيته بما يملؤها مغفرة فأعلمه النبي بذلك، فصاح صيحة مات على أثرها. فأمر النبي بغسله وكفنه... فلما صلى عليه الرسول .. لاحظ الصحابة أنه يمشي على أطراف أصابعه، فلما انتهى الدفن قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله رأيناك تمشي على أطراف أصابعك. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي على الأرض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه خلاصة القصة أن الإنسان خطّاء... وخير الخطاءين التوابون... فالواجب علينا أن نعود أنفسنا دائماً على التوبة النصوح ونردد الدعاء المأثور... "اللهم أنت ربي... وأنا عبدك... خلقتنى... وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت... أعوذ بك من شر ما صنعت... أبوءُ لك بنعمتك علىّ... وأبوءُ بذنبى... فاغفر لي... فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" "ربنا آتنا في الدنيا حسنة... وفي الآخرة حسنة... وقنا عذاب النار"