سيدتي.. اكتب إليك وكلي أمل ان أجد لديك الراحة والدواء.. أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري، تخرجت في احدي كليات القمة وأعمل بوظيفة مرموقة.. وهذه هي قصتي.. طالما حلمت أن أتزوج ممن أحب، وبعد تجارب غير موفقة قررت أن أحب من أتزوج، وحتي أحبه كان يجب عليّ في البداية أن أحسن الاختيار، واعتقدت انني أحسنت الاختيار عندما وافقت علي خطبتي من طبيب شاب مثقف ومن أصل طيب، لكنه كان ضعيف الشخصية إلي أقصي حد لذلك فشلت خطبتنا. كنت في غاية السعادة، وبعد الخطبة بدأ يتحكم في وفي كل تصرفاتي، وينهرني بشدة -وأحيانا يهينني- لأتفه الأسباب، وعندما وصلت الأمور إلي الاهانة أنهيت الخطبة لكي أحافظ علي كرامتي رغم انني كنت أحبه. قررت بعدها ان أضع كل تركيزي وطاقتي في عملي، وألا أضيع عمري في البحث عن فارس الأحلام الذي لا يأتي، وأن أتزوج ممن يحترمني ويقدرني قبل ان يحبني، ولا يهمني تعليمه ووظيفته وواجهته الاجتماعية قدر ما تهمني أخلاقه والطريقة التي سيعاملني بها. وبالفعل -سيدتي- قابلت في عملي شابا بهذه المواصفات.. في قمة الأخلاق لكنه -للأسف- أقل مني في المستوي التعليمي والثقافي والاجتماعي، لم أهتم بكل ذلك ورغم اعتراضات الأهل أصريت عليه، وتمت الخطبة. أعترف أنه يحترمني ويقدرني ويعاملني كأنني ملكة، وأنا أحترمه وأشعر بالراحة معه، لكنني لا أحبه -أو بمعني أصح لم أحبه- ولا أشعر بالاشتياق إليه. أخشي ان أتزوجه ويظل حلم الحب يراودني.. أخشي الفشل وأخشي الندم إذا تزوجته، وفي نفس الوقت أخشي الوحدة والألم إذا تركته. أرجوك أجيبيني -سيدتي- وأريحني، فأنا في حيرة تكاد تقتلني. المعذبة »ه« الكاتبة: أقدر مشاعرك الحائرة، وخوفك من المجهول، والهاجس الذي يسيطر عليك وسببه شبح العنوسة وما رد الوحدة والشئ الذي يضاعف من مخاوفك هو التجارب الثلاث التي خضتيها في مشوار البحث عن الحب الذي يتوجه الزواج. فالتجربة الأولي صادفتك فيها خيبة الأمل عندما اكتشفت أن خطيبك ضعيف الشخصية، ومع هذا الاكتشاف الحزين انتهت القصة، وانفضت الخطبة! ثم دخلت في تجربة ثانية، وانجذبت إلي المهندس المطلق، وكان علي عكس الخطيب الأول، ملئ بالثقة بالنفس، قوي الشخصية، فأحببته لأنه كان يمثل نموذج الرجل الذي يجذب انتباهك، ويشدك. لكن.. ولسوء الحظ تكتشفين مع الاقتراب انه رجل مسيطر، اناني، ينظر إلي المرأة نظرة دونية، أهانك، وسبك، وأنتما لا تزالان في فترة الخطوبة، ولم يكن هناك أمامك طريق إلا الرحيل من قلبه ومن حياته. بعد التجربتين القاسيتين، والجراح التي نكأت ونزفت بسببها. وضعت كل تركيزك في العمل والانجاز عسي ان تغرقي نفسك في بحور النجاح العملي، وتنجزي في المهنة التي اخترتيها واحببتيها عسي ان تعطيك ما لم يعطه الحب والحلم بالزواج. وما ان فعلت ذلك، ومضيت في طريق العمل والنجاح، حتي صادفت شابا في قمة الأخلاق علي حد قولك، لكنه أقل منك في المستوي التعليمي والثقافي والاجتماعي. ورغم اعتراضات الأهل اصررت علي قبول عرضه بالزواج لذلك أري ألا تتعجلي الزواج. واجهي نفسك جيدا، واذهبي إلي أعمق أعماقك واسأليها إذا كانت تريد هذا الرجل شريكا لرحلة العمر. وإذا كنت تشعرين معه بمشاعر المرأة تجاه الرجل الذي سيكون زوجها وأهمها الشوق إلي لقائه، والسعادة في جواره. لا تتعجلي.. اعط نفسك فرصة.. وسوف تصلين إلي القرار الذي تريدينه فعلا. ولا تجعلي من شبح العنوسة أو الوحدة دافعا لك لكي تختاري العذاب والتعاسة وعدم الرضا. تمهلي.. خذي وقتك في التفكير الهادئ. ولا تخافي.. اكسري حاجز الخوف داخلك..!