تعتبر الثقافة أحد أهم وسائل القوة الناعمة التي تعول عليها الأوطان في بناء شخصية سوية محصنة من أية أفكار متطرفة.. وكانت قصور الثقافة تلعب دوراً كبيراً في تنفيذ هذه المهمة قبل سنوات بعيدة. ولكن حاليا وصلت دور وبيوت الثقافة بالمحافظات لحالة يرثي لها من الإهمال ويوجد أغلبها في أماكن لاتليق بها عبارة عن شقق ضيقة بالايجار وبعضها مهجور ويحتاج إلي ترميم الفكر والآخر أسير الروتين الذي لم ترتق ذاكرته لنسيان هذه الأماكن التي تعتبر منارات تنوير يظل الوطن في أمس الحاجة إليها باعتبارها أهم حوائط الصد التي تقف أمام أفكار هدم الأوطان. إهمال قصور الثقافة وأية نافذة تنويرية يعني بلا جدال ترك مساحة فكر خصبة للتطرف الذي يخرج لمصر أجيالا جديدة من إرهابيين لا يؤمنون إلا بالهدم والخراب .. أخبار اليوم تحذر من هذه الكارثة بعد تفقدها لبعض قصور وبيوت الثقافة لعدد من المحافظات في هذا الملف. الدقهلية.. المسارح للإهمال والقصور مهجورة! الدقهلية أحد منارات الثقافة في مصر.. أثري أبناؤها الحركة الثقافية والفنية والفكرية في مصر والعالم العربي علي مر العصور.. وكانت إسهاماتهم ولا تزال تمثل علامات مضيئة في سماء الإبداع. الحركة الثقافية بالمحافظة تأثرت في الأعوام الأخيرة كغيرها من المحافظات وذلك نتيجة طغيان وسائل التواصل الاجتماعي ونقص الإمكانيات بالمواقع الثقافية والإهمال الذي طال عددا من تلك المواقع نتيجة عدم صيانتها فأصبحت غير قادرة علي أداء رسالتها الثقافية. عاطف عميرة مدير عام الثقافة بالمحافظة يشير إلي وجود 42 قصرا وبيت ثقافة ومكتبة عامة تابعة لنا بينها 7 قصور ثقافة في مقدمتهم قصر ثقافة المنصورة وقصر ثقافة الطفل وقصر ثقافة نعمان عاشور. ويشير إلي أعمال الصيانة الجارية بقصر ثقافة المنصورة منذ أكثر من عام لتحقيق شروط الحماية المدنية حتي لا يتكرر حادث بني سويف الشهير وهناك ملاحقات يومية للشركة المنفذة حتي يعود النشاط للقصر الذي يعد واحدا من أهم قصور الثقافة المصرية. ويستعرض مشكلة بيت ثقافة المنزلة الذي صدر له قرار ترميم أولا من مجلس المدينة وفجأة صدر له قرار إزالة بصورة غير مفهومة ونسعي لمعرفة أسباب هذا القرار حتي لا يتوقف النشاط بتلك المدينة الحيوية من هنا قمنا بالطعن عليه. كما أن هناك عددا من بيوت الثقافة بأماكن مؤجرة عبارة عن شقق تحتاج لترميم سواء بطلخا أو شربين والسنبلاوين وغيرها. كما أن مسرح المنصورة القومي الذي تم تدميره في الحادث الارهابي الذي استهدف مديرية الأمن المواجهة له يجري تجديده حاليا. وأشار لمشكلة ضعف الموازنات التي تحول أحيانا دون الوصول بالأنشطة للعزب والنجوع والقري النائية حيث لا توجد وسيلة مواصلات تيسر أداء مهمة القوافل الثقافية. وأكد علي أهمية الثقافة في تلك المرحلة باعتبارها أهم وسائل مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف فنشر الفكر المعتدل أصبح ضرورة حتمية..والمحافظة زاخرة بأبنائها المبدعين في كافة مجالات الإبداع » أدباء وشعراء وفنانين تشكيليين وغيرهم...» المهندس سعد سالم أحد أبناء مدينة السنبلاوين المركز الذي أنجب كوكب الشرق أم كلثوم وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد ورائد الرواية العربية محمد حسين هيكل وفاروق الباز وغيرهم الكثير يشير إلي أن سينما ومسرح أم كلثوم كانا أحد أهم معالم المدينة وبهدمهم منذ سنوات تم إغلاق أهم رئة ثقافية بهذا المركز المكدس بالسكان . وتحولت سينما أم كلثوم إلي قاعة تابعة لمجلس المدينة كان يجتمع بها » المجلس المحلي» وحاليا قاعة اجتماعات وفقط. كما اختفت دور السينما والمسارح حيث تم هدم بعضها وتحول الجزء الآخر إلي قاعات أفراح وأختفي دور الدولة تماما في السيطرة علي ما يتم عرضه من أفلام وظهرت قاعات سينما خاصة تنشط في الأعياد والمناسبات فقط. وكما يقول محمود خفاجي نقيب الفنانين التشكيليين بأن المحافظة كانت تتميز بانتشار دور العرض السينمائي في كافة مدنها الكبري وتم اغلاقها جميعا ففي المنصورة كانت توجد 3 سينمات هي »عدن وأوبرا والنصر » والسنبلاوين كان بها » سينما أم كلثوم والأميرة » ودكرنس بها سينما أبو الحسن، بالإضافة إلي سينمات في مدن المنزلة، وميت غمر، وشربين، وبلقاس، جمصة، بالإضافة إلي المسارح الكبري والتي أقيمت عليها كبري العروض المسرحية في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي مثل » مسرح المنصورة القومي» الذي كانت تقام عليه الأنشطة الثقافية حتي عام 2005 حيث أغلق المسرح وتوقفت جميع أنشطته التي كانت تمارس عليه وأصبح المسرح في حالة يرثي لها حتي جاء الإرهاب واستهدف مبني مديرية أمن الدقهلية في 24 ديسمبر من عام 2013، والتي أضرت المسرح لأنه مجاور لمبني مديرية الأمن وتساقط أجزاء منه في الهجوم الإرهابي وما تزال عمليات الترميم جارية له. ويقول سعيد مرسي »طبيب» إنه وزملاؤه في مرحلتي الثانوي والجامعة كانوا حريصين علي الانتقال من شربين للمنصورة لمتابعة العروض المسرحية علي مسرح المنصورة القومي في السبعينات من القرن الماضي وكانت جميعها مسرحيات متميزة لا زالت عالقة بأذهاننا أما اليوم فلا يوجد مكان لائق نطمئن لوجود أبنائنا به وكان المسرح بجانب السينما في تلك الفترة قادرين علي تغيير وجدان المواطنين وتوجيههم إيجابيا. المنصورة : حازم نصر قصور الثقافة بالغربية مقرات بالإيجار .. وتعديات بالجملة تواجه قصور الثقافة في محافظة الغربية العديد من المشاكل التي تعوق عملها ،ويشتكي العديد من المواطنين غياب دور تلك القصور ،حتي أن عناوينها وأماكنها غير معلومة.كما يشتكي العاملون بها من ضعف الامكانيات والميزانية المنخفضة وعدم وجود مقرات دائمة كما يطالبون بتحسين اوضاعهم المالية ومكافآتهم للقيام بدورهم علي الوجه الأكمل. قال أحد الموطنين في محافظة الغربية إن قصر ثقافة المحلة تعرض للتعديات التي اقامها احد المواطنين وتم منعها ومازال قصر الثقافة يقدم خدماته .اما باقي قصور الثقافة غالبا ما تكون عبارة عن شقق في مناطق سكنية شعبية ولا تتسع حتي للعاملين فيها. وطالب الحكومة ووزارة الثقافة بضرورة الاهتمام بتلك القصور الثقافية. كما يقول جابر سركيس مدير عام ثقافة الغربية والمسئول عن قصور الثقافة بالمحافظة ان هناك العديد من المشاكل منها عدم وجود مقرات ثابتة حيث ان هناك قصور ثقافة عبارة عن شقق بالايجار وهذا مايحدث في قصري ثقافة بسيون وزفتي.. كما أن هناك قصورا ثقافية تعاني من التعديات مثل مسرح طنطا الذي تم الانتهاء من تطويره بتكلفة تجاوزت 50 مليون جنيه وكان من المفترض ان يتم افتتاحه في عام 2016 إلا ان ذلك لم يحدث بسبب التعديات الموجودة امامه من الاكشاك والأبراج وهو ما يجعل الحماية المدنية ترفض افتتاحه في ظل تلك التعديات. الغربية : فوزي دهب / أحمدأبورية سوهاج .. قصور بلا مقاعد ومسرح لا يصلح لتقديم عروض رغم وجود 4 قصور و8 بيوت للثقافة في محافظة سوهاج إلا ان الاهمال وعجز الامكانات يمنع تنفيذ الخطط الموضوعة لتنوير المجتمع ثقافيا وفكريا. ويقول وائل المنشاوي مدير قصر ثقافة المنشأة : تم افتتاح القصر عام 2013 بدون اثاث أو كراسي للأنشطة وللعاملين والمترددين عليه حتي الآن فقد سبق ان ارسلت الهيئة 150 مقعدا عند الافتتاح واكتشف رئيس الهيئة وقتها ان سعر الكرسي 600 جنيه بينما سعره الحقيقي لا يتجاوز ال 100 جنيه فأعاد المقاعد الي القاهرة دون تحقيق ومجازاة احد فتوقفت الأنشطة بسبب عدم وجود مقاعد ،ولدينا مسرح غير مغطي شديد الحرارة صيفا وشديد البرودة شتاء اما مقاعده فقد تم تركيبها بشكل سييء بحيث ان الصف الاول يحجب الرؤية عن باقي الصفوف ،ورغم كل ذلك فقد حصل القصر علي مراكز اولي علي مستوي الجمهورية في العرض المسرحي »ضل راجل» 2016 ومراكز اولي علي مستوي وسط الصعيد في الاخراج والتمثيل والديكور. ويؤكد وائل المنشاوي ان مردود الانشطة الثقافة علي المجتمع غير مؤثرة لأننا ننحت في الصخر بسبب عجز الامكانات وضالة الميزانيات مما تسبب في عدم افتتاح قاعة الفنان حمدي احمد رغم جاهزية القاعة باسمه لعدم وجود مقاعد ولدينا عجز في الموظفين ونصف العدد سيخرجون علي المعاش هذا العام وعددهم 15 موظفا ولا يوجد بالقصر عامل واحد. سوهاج : خالد حسن