بقلم: حسين عبد الواحد [email protected] أخيراً توصلت جهود الدول المتقدمة الي حل عملي وعبقري لمشكلة تراكم القمامة والنفايات التي تعاني منها العديد من بلدان العالم خاصة النامية او الفقيرة. أهم ما في هذا الحل انه يحول القمامة، بكل ما تشكله من اخطار وأمراض وقذارة، الي مصدر متجدد للطاقة الحرارية والكهربائية يوفر الملايين ويتيح التخلص من القمامة المنزلية والنفايات الصناعية بشكل حضاري دون اي اضرار جانبية. التجربة بدأت في منطقة هورشولم الراقية شمالي العاصمة الدنماركية كوبنهاجن حيث تم تشييد محطة يتم فيها حرق الاف الأطنان من القمامة المنزلية والفضلات الصناعية علي مدار 24 ساعة يومياً ولمدة 7 ايام في الإسبوع. الجديد ان هذه العملية تتم باستخدام تكنولوجيا مبتكرة تمنع اي تلوث للهواء او البيئة نتيجة احراق هذه الكميات الهائلة من القمامة. والأكثر من ذلك ان الحرارة الناتجة عن هذه العملية تستخدم في تدفئة المنازل بالإضافة الي هدفها الأساسي وهو توليد الكهرباء. ويكمن سر منع التلوث في مرشحات او فلاتر متطورة تجعل الدخان الناتج عن حرق القمامة اقل من دخان حفلات الشواء التي يقيمها أثرياء منطقة هورشولم. وقد تم انشاء 29 محطة من هذا النوع في مختلف انحاء الدنمارك تخدم 98 مدينة وبلدة مما ادي الي خفض كبير في نفقات الطاقة وتقليل الإعتماد علي البترول والغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. ويجري الآن انشاء 10 محطات اخري. ويؤكد سكان ضاحية هورشولم الدنماركية انهم يحصلون الآن علي 80٪ من الحرارة اللازمة لتدفئة منازلهم و20 ٪ من الكهرباء التي يحتاجونها من هذه المحطة.وقد انتقلت تكنولوجيا تحويل القمامة الي طاقة بسرعة لبقية انحاء القارة الأوروبية حيث وصل عددها الي 400 محطة في دول مثل المانيا وهولندا بعد ان اكد الخبراء ان التخلص من القمامة والنفايات بهذه الطريقة افضل بكثير من إعادة التدوير او استخدام مواد القمامة في انتاج اشياء جديدة او نقلها لمناطق غير مأهولة او دفنها تحت الأرض حيث تتحول الي بؤر للجراثيم والتلوث. والمشكلة الوحيدة التي تواجه هذه المحطات تكمن في شكوي سكان المناطق القريبة منها من ازدحام حركة المرور بسبب السيارات التي تنقل القمامة للمحطة علي مدار اليوم. ومن اهم ملامح هذه التكنولوجيا الجديدة انها تعتمد علي مواد القمامة والفضلات التي لايمكن تدويرها واعادة استخدامها وهي المصدر الرئيسي للتلوث والتي يتم احراقها. وبالإضافة الي ذلك فإن محطات حرق القمامة تحقق عائدات اضافية من خلال بيع بعض الغازات والسوائل والمواد الكيميائية الناتجة عن عملية الإحراق . ولا تتجاوز إنبعاثات المواد الضارة من هذه المحطات نسبة 20٪ من مستويات التلوث التي تسمح بها الوكالات الأوروبية لحماية البيئة. المهم في الموضوع ان المسئول عن ادارة هذه المحطات في الدنمارك هو الإدارات المحلية التي تتحمل ايضا مسئولية جمع القمامة وادارة مصانع اعادة تدوير المخلفات المنزلية والصناعية حيث تقضي القوانين بعدم احراق المخلفات التي يمكن تدويرها واعادة استخدامها. والسؤال المهم هو .. الي متي سنظل نبحث عن حل لمشكلات مثل القمامة واحراق قش الأرز وتلوث البيئة بينما الحلول موجودة بالفعل؟ وهل يمكن ان تستفيد مصر من هذه التجربة الدنماركية؟!