شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير البنك الدولي: الدول النامية ستتحمل تكلفة تدمير المناخ
نشر في مصر الجديدة يوم 22 - 06 - 2010

استعاد مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع دوره في ترجمة التقرير الرئيسي الذي يصدره البنك الدولي عن التنمية في العالم كل عام.
ويقدم المركز هنا ملخصا لهذا التقرير الذي يصدره خلال أيام بعد أن قام بترجمته بالاتفاق مع البنك الدولي.
وينصب تقرير هذا العام على موضوع تغير المناخ الذي يشغل الاهتمام في العالم كله.
ولعل أكثر ما يثير القلق في هذا المجال هو الارتفاع الذي يحدث في درجة حرارة الأرض، ويؤدى إلى انتشار تكهنات بشأن ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب.
* تقرير يدق جرس الإنذار
ولذلك يبدو تقرير البنك الدولي كما لو أنه ناقوس إنذار يحيط كلا منا بما يحدث حوله وينبهه إلى الأخطار وكيفية مواجهتها.
ويقع التقرير فى 8 فصول تتكامل كلها لتوضيح أبعاد "التغير المناخى"، ومواجهة آثاره.
لقد ازداد متوسط درجة حرارة الأرض ، حسبما يذهب التقرير ، بحوالي درجة مئوية منذ بداية الثورة الصناعية ، ونجم ذلك بصورة رئيسية عن حرق مختلف أنواع الوقود ، وبدرجة أقل عن الزراعة وتغير استخدامات الأراضي . والشاهد أن التركزات العالية من ثاني أكسيد الكربون ، وهو أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري ، في الغلاف الجوي أخذة في الازدياد ، والأسوأ من ذلك أن معدل ازديادها آخذ في التسارع علي نحو مخيف.
وقد تسأل عن الآليات التي يستند إليها قياس حرارة الكوكب . هناك مجموعة من التقديرات يصفها التقرير بالبديلة ، كتحليل مقاطع حلقات نمو ساق الشجرة ، أو عينات الجليد الجوفية التي تحدد تباينات درجات الحرارة في الأمد الطويل ، ومع عمليات الرصد والمشاهدة الحديثة للأحوال الجوية أصبح من الممكن وضع تقديرات أكثر دقة لدرجة حرارة كوكب الأرض . ولماذا نذهب بعيداً ، إن آثار هذا الاحتباس ماثلة هنا في الواقع يشعر بها الناس ويلمسونها .. حبات عرق غليظة ورطوبة عالية ، إننا بالكاد نتنفس . وإلي ذلك انتشار ذوبان الثلوج وارتفاع مستويات مياه البحار . ثم إن الأيام والليالي الباردة أصبحت أقل .
وعلي الصعيد العالمي ، يستشهد تقرير " التنمية وتغير المناخ " بازدياد سقوط الأمطار ، علي الرغم من ازدياد فترات الجفاف وانحباس الأمطار الذي تشهده استراليا وآسيا الوسطي وحوض البحر المتوسط ومنطقة الساحل الأفريقية وغرب الولايات المتحدة والعديد من المناطق الأخري ، فضلاً عن غزارة الأمطار وشيوع الفيضانات ، كما ازدادت الأضرار الناجمة عن العواصف والأعاصير المدارية . وقد ازدادت أيضاً شدة تلك العواصف والأعاصير .
وينبه تقرير البنك الدولي ، إلى أن معظم أثار هذا التغير ستقع علي عاتق الدول النامية ، حيث تشير التقديرات إلى أنها ستتحمل حوالي 75 – 80 % من تكاليف الأضرار الناجمة عن تغير المناخ ، فازدياد درجة حرارة الكوكب ولو بدرجتين مئويتين عن درجة الحرارة التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية ، وهو الحد الأدني الذي من المرجح أن يشهده العالم ، يمكن أن يسفر عن تخفيض دائم لإجمالي الناتج المحلي بواقع 5 % بالنسبة لأفريقيا وجنوب آسيا . ويفتقر معظم البلدان النامية إلى الموارد المائية والقدرات الفنية الكافية من أجل إدارة مخاطر المناخ المتزايدة . فضلا عن اعتماد هذه البلدان علي موارد طبيعية ذات حساسية للمناخ ، ويقع معظمها في مناطق مدارية واستوائية خاضعة لتقلبات المناخ الشديدة.
بين التاريخ القديم والمستقبل القريب
في عام 2200 قبل الميلاد أدى تغير اتجاه الرياح الغربية في منطقة البحر المتوسط، وضعف هبوب الرياح الموسمية الهندية لنحو ثلاثمائة عام- إلى نقص في الأمطار، وانخفاض في درجات الحرارة؛ ضرب الزراعة من بحر إيجة إلى نهر السند. وقد صرع هذا التغير في المناخ المملكة القديمة لبناة الأهرام في مصر، وإمبراطورية سارجون العظمى في بلاد ما بين النهرين. فبعد عقود قليلة من انخفاض الأمطار هُجِرت المدن الواقعة على اللسان الشمالي المنبسط لنهر الفرات. ومع هجر المدينة غطتها طبقة كثيفة من التراب الذي ذرته الرياح. ولم يتمكن الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين الذي يعتمد على الري الكثيف من التصدي للأحوال المناخية الجديدة؛ حيث جفت قنوات الري، ولم تصل للإمبراطورية شحنات الحبوب من الشمال الذي يعتمد على الري بالأمطار، كما فاقم من المشكلة تدفق سكان الشمال إلى الجنوب عندما شحت الأمطار، الأمر الذي أدى إلى سقوط الإمبراطورية. هكذا مهد تقرير البنك الدولي عن التنمية وتغير المناخ بهذه القصة التاريخية، مبينا العلاقة القديمة والوثيقة بين النشاط البشري والبيئة المحيطة به.
وقد برزت تلك العلاقة إلى السطح حديثا بعد ما لاحظه العالم من مستجدات طرأت على البيئة بسبب الأنشطة البشرية ومتطلبات التنمية التي صارت شاغلا رئيسيا لكل بلدان العالم. فعلى مدار العقود القليلة الماضية سارت التنمية العالمية بخطى حثيثة لتحقيق أهداف الشعوب في الحصول على الخدمات الأساسية في البلدان النامية، ولزيادة الرفاهية في البلدان المتقدمة. ونتيجة لذلك، تقلص عدد فقراء العالم النامي إلى النصف في العقود الثلاثة الماضية، كما قلّت نسبة سوء التغذية للأطفال بشكل كبير عما كانت عليه في الماضي، وهو ما أدى إلى تقلّص نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة بشكل كبير أيضا، كما ارتفعت قدرة الأفراد فى الحصول على الخدمات الأساسية من المياه الصالحة للشرب، والطاقة الكهربائية، والصرف الصحي، وخدمات الاتصالات... فمع ازدياد دخل الفرد تزداد القدرة على تحسين ظروف المعيشة وزيادة الرفاهية.
تنمية تدمر البيئة
ومع ذلك، فلا تزال هناك حاجة ملحّة إلى المزيد من مشاريع التنمية لتحسين أوضاع الفقراء في العالم النامي؛ فهناك مليار جائع في العالم، وعدد مماثل لا تصل إليه المياه الصالحة للشرب، بينما يفتقر إلى خدمات الصرف الصحي ثلاثة أمثال هذا العدد.
لكن تلك الاحتياجات تأتي بتكلفة بيئية عالية في الوضع الحالي. وتتمثل تلك التكلفة في التغير المناخي الذي يشهده العالم، والذي بدأت صورته بالظهور في صورة احترار عالمي له آثار جانبية خطيرة؛ ولعل من أبرز تلك الآثار موجات الجفاف الشديد في مناطق والفيضانات العارمة في مناطق أخرى، وكذلك موجات الحر الشديدة والأعاصير. وستؤدي زيادة حدة هذه الأحداث المناخية كمّا وكيفا إلى ضغط كبير على النظم البيئية في كوكب الأرض؛ ومن أبرزها النظم النباتية والحيوانية، حيث ستتعرض العديد من السلالات النباتية والحيوانية إلى الانقراض. وكذلك ارتفاع درجة حرارة الأرض الذى ستكون أبرز آثاره ذوبان جليد القطبين وتمدد مياه البحار والمحيطات، مما يرفع من مستوى تلك المياه وستغرق أجزاء كبيرة من دلتاوات الأنهار والأراضي الساحلية المنخفضة. كانت تلك أبرز التوقعات التي اتضحت للعلماء، وإن كانت هناك أمور أخرى تتسم بكثرة الاحتمالات والعجز عن التنبؤ بما سيحدث مستقبلا.
خياران أمام العالم
إذن فالعالم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما استمرار التنمية بمعدلاتها الحالية وبنفس الطرق، ما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الأرض بواقع خمس درجات عنها قبل الثورة الصناعية مع نهاية القرن الحالي، وهو ما سيجعل من كوكب الأرض كوكبا مغايرا تماما لما هو عليه الآن، وإما تعديل مسار تلك التنمية بحيث تكون معنية بالحفاظ على البيئة، وهو الأمر الذي يناقشه تقرير التنمية في العالم. حيث تناول الأبعاد المختلفة للمشكلة، وقدم الخطوط العريضة لحل مشكلة التغير المناخي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن للتنمية الاستمرار بنفس معدلاتها دون إلحاق مزيد من الضرر بالمناخ؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في كيفية تعامل الإنسان مع البيئة المحيطة في عدد من مناحي الحياة، ومنها على سبيل المثال تلك الممارسات القائمة الآن في إنتاج واستهلاك الطاقة. فيمكن لتغيير تلك الممارسات أن يسهم في تخفيض استهلاك الطاقة في قطاعات الصناعة وتوليد الكهرباء بنسبة عشرين إلى ثلاثين في المائة، مما يقلل من عمليات حرق الوقود الحفري وبالتالي تخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ومثال آخر في الإطار نفسه وهو أنه بتعديل معدلات استهلاك الوقود في السيارات في الولايات المتحدة وحدها يمكن أن يوفر الوقود اللازم لإنتاج الطاقة التي يحتاجها نحو مليار وستمائة مليون نسمة، وهو ما يتيح الفرصة للفقراء في الحصول على أساسيات الحياة دون إلحاق ضرر برفاهية الأغنياء. ومن جهة أخرى فإذا نظرنا إلى نصيب الفرد من الانبعاثات في عدد من البلدان الغنية نجد أنه يتفاوت بشكل واضح؛ فنصيب الفرد من الانبعاثات في أستراليا مثلا يبلغ نحو أربعة أمثاله في سويسرا، ما يبين لنا أن نسبة أساسية من الانبعاثات ترتبط بشكل أساسي بأنماط الإنتاج والاستهلاك وسلوكيات الأفراد ومدى اهتمامهم بالقضايا البيئية. إذن، فهناك الكثير لنقوم به من خلال تغيير أساليب التعامل مع نظم الطبيعة لتفادي الإضرار بها في القطاعات الأخرى كالزراعة، وإدارة الغابات، والتشييد، والنقل، وشبكات الطرق، وذلك عن طريق تحسين البنية الأساسية لتلك القطاعات، وجعلها متوافقة مع المعايير البيئية، وغير ذلك من الإجراءات التى أشار إليها التقرير.
نماذج مضيئة
وقد أورد التقرير أمثلة لمدن استطاعت تخفيض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى بنسب هائلة دون إضرار بالنمو؛ من خلال الاستخدام الأمثل للطاقة، والتوسع في استخدام موارد الطاقة المتجددة؛ فقد خفضت مدينة ريزهاو الصينية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى النصف من خلال ترشيد استهلاك الطاقة، واستخدام مصادر للطاقة المتجددة في أعمال تسخين المياه وإنارة الشوارع والمتنزهات، ما حقق وفرا في استهلاك الطاقة بمقدار الثلث. ومن ثم تتبين لنا أهمية عمليات البحث والتطوير ونشر التكنولوجيات الجديدة في قطاعات الطاقة النظيفة، وهي قطاعات تعاني من نقص التمويل اللازم؛ فالتقرير يشير إلى أن الأموال التي يتم إنفاقها الآن ومنذ عقود على عمليات البحث والتطوير في قطاعات الطاقة النظيفة على مستوى العالم أقل بكثير من الحجم المطلوب، وبمقارنتها بما يتم إنفاقه على دعم المنتجات البترولية فهي تساوي واحدا إلى خمسة عشر.
ويمضي التقرير في بيان أن ما سينفقه العالم من أجل درء مخاطر التغير المناخي لا يعتبر عبئا على الاقتصاد العالمي بقدر ما سيمثل تمويلا مردود التكلفة، وذلك من ناحيتين:
الأولى- أن ترك الأمور على ما هي عليه سيؤدي إلى خسائر فادحة؛ مادية وبيئية وبشرية؛ فالأعاصير المدمرة والفيضانات الكاسحة على سبيل المثال لها كُلفة اقتصادية وبشرية باهظة؛ فقد تسبب الإعصار إيفان في أضرار بلغت قيمتها نحو مائتين في المائة من إجمالي الناتج المحلي في جرينادا، كما أن موجة الحر التي اكتسحت أوروبا عام 2003 تسببت في وفاة نحو سبعين ألف نسمة من سكانها. وترك الحرارة تزداد له عواقب وخيمة ومتراكبة، وسيتبين لنا حجم تلك الخسائر إذا أخذنا منطقة بيئية معرضة لأخطار التغير المناخي، فالعلماء يقدرون أنه سيترتب على ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الكاريبي ذوبان الجليد في جبال الإنديز، وهو ما سيغير توقيت توفر المياه لعدد من البلدان، وسيؤثر ذلك بدوره على الدورات الزراعية في تلك المنطقة، كما سيتضرر إنتاج الطاقة الكهرومائية والتي تمثل نحو نصف الطاقة المنتجة لبلدان هذه المنطقة، كما أن ارتفاع درجة حرارة مياه الكاريبي سيؤدي إلى ابيضاض الشعاب المرجانية أو حتى موتها، في حين أنها تمثل مواقع تفريخ نحو خمسة وستين في المائة من أنواع الأسماك المختلفة.
الثانية- أن الإنفاق على الاستثمارات الخضراء يمثل تنمية في حد ذاته؛ فقد استطاعت كوريا توفير ما يقرب من مليون فرصة عمل من خلال الإنفاق على المشاريع البيئية، وفى ذلك تحقيق لواحد من أهم أهداف التنمية.
وهكذا يمضي التقرير على مدار ثمانية فصول في بيان أبعاد مشكلة التغير المناخي وتأثيرها على التنمية في مختلف أشكالها، وكذلك عمليات التنمية الحالية، وما تتسبب فيه من أضرار بيئية، ثم كيفية المواءمة بين عمليتي التنمية والحفاظ على البيئة، لنصل في النهاية إلى تنمية صديقة للمناخ.
الفصل الأول
يتناول هذا الفصل قِدَم وقوة العلاقة بين التنمية وتغير المناخ، وتأثر كل منهما بالآخر، وأن التغير المناخي يمثل تهديدا مباشرا لأهداف التنمية، وكيف أن الطريقة التي تسير عليها التنمية البشرية ستكون عاملا أساسيا في الحفاظ على البيئة أو تدميرها.
لقد اتخذت التنمية عبر القرنين الماضيين مسارا مرتفع انبعاثات الكربون؛ خاصة في البلدان مرتفعة الدخل حاليا، وذلك عن طريق الاعتماد الكبير على موارد الطاقة الحفرية (أساسا الفحم والبترول) في عمليات الصناعة وتوليد الطاقة، وهو ما ضخ مقادير هائلة من غازات الكربون ومكافئاتها في الغلاف الجوي، أسفرت عن حدوث ما يشبه الصوبة الزجاجية فوق سطح الأرض، نجم عنها ارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض، بما لذلك من آثار خطيرة. وعلى الرغم من أن الدول المتقدمة قد أسهمت بالجزء الأكبر من مشكلة الاحترار العالمى فالآثار المترتبة على ذلك الاحترار سيقع أغلبها على البلدان النامية التي لم تسهم سوى بجزء ضئيل في المشكلة. لكن تلك الدول تسعى حاليا للحاق بركب الدول المتقدمة، وذلك لتحسين مستويات معيشة شعوبها، لذا فمن الضروري أن تتخذ هذه البلدان مسارا مختلفا منخفض انبعاثات الكربون في بنيتها الأساسية وأساليب حياتها لتلافي تكرار أخطاء الماضي.
ويبين التقرير أنه في ظل توقعات بوصول سكان العالم إلى حوالي تسعة مليارات نسمة بحلول منتصف القرن الحالي مع استمرار نمو السكان بنفس المعدل الحالي، فذلك يعني ضغوطا أكبر على المنظومات البيئية، وزيادة في الطلب على الأراضي والمياه والموارد الطبيعية. ونظرا لأن معظم تلك الزيادة ستتم في المدن فهناك حاجة ملحة إلى إدارة التوسع العمراني بشكل جيد وإلا سيزداد تدهور الموارد، وسيرتفع مستوى نصيب الفرد من استهلاك الطاقة، وستزيد معاناة البشر أنفسهم.
ولعل من بين أكثر الأنظمة البيئية تعرضا لأخطار التغير المناخي النظام الزراعي؛ فقد أثبتت الأبحاث أن نقص الأمطار أو تذبذبها يؤدي بصورة واضحة إلى نقص الإنتاجية. كما أن احترار جو الأرض سيؤدي إلى انقراض زراعات معينة أو انخفاض إنتاجيتها؛ إما لأن البيئة لم تعد مناسبة لنموها، وإما لتحفيز الحرارة الزائدة للآفات التي تتعرض لها.
الفصل الثانى
يأتي هذا الفصل ليركز على الإجراءات التي من شأنها مساعدة الناس على التعامل مع المناخ المتغير في الوقت الحاضر، ومع التغيرات المناخية التي ستحدث على مدى العقود القليلة المقبلة، وما سينجم عنها من ضغوط مادية واقتصادية واجتماعية، ولا سيما في بلدان العالم النامي. وستحتاج هذه الإجراءات إلى قرارات قوية ومبتكرة، وخطط طويلة الأجل، واهتمام بالقضايا البيئية على كافة المستويات- بدءا من السياسات العالمية وانتهاء بتصرفات الأسرة الواحدة- ودراسة لعدد كبير من السيناريوهات المناخية، وما يمكن أن يئول إليه المناخ في المستقبل في ظل ارتفاع درجة حرارة العالم. فالتقرير يبين أن درجة الحرارة ارتفعت بالفعل حوالي درجة مئوية عن مستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية، وأننا بصدد زيادة مماثلة بحلول منتصف القرن الحالي، الأمر الذي قد يخلق عالما مختلفا عن العالم الذي نعيش في اليوم، وسيتوقف مدى هذا الاختلاف على مستوى التخفيف من آثار هذا الاحترار.
ويوضح هذا الفصل عددا من السياسات التي ينبغي اتباعها إزاء التغيرات المناخية الحالية والمتوقعة. ومن أبرز هذه السياسات كيفية التصدي لمشكلة عدم القدرة على التنبؤ بمناخ المستقبل؛ نظرا للافتقار إلى الدقة بالمقاييس الحالية. ويمكن معالجة هذه المشكلة من خلال الاستعداد لعدد كبير من احتمالات التغير المناخي، ووضع تشريعات قابلة للتكيف تدعم العمل المحلي وتتجاوب مع المعلومات الجديدة، ومن شأن ذلك الإتيان بأكبر منفعة لخطط التنمية في صورها المختلفة.
ومن بين هذه الإجراءات، إدارة المنظومات الطبيعية بصورة جيدة، بحيث تكون قادرة على الحد من تعرض البشر للمعاناة. ويضرب التقرير مثلا لذلك بالإدارة الجيدة لغابات المانجروف الساحلية والتي يتم التعدي عليها حاليا لأغراض السياحة والترفيه، في حين أن إدارتها بشكل جيد يمكن أن توفر حماية للتجمعات البشرية من العواصف البحرية، وكذلك إبقاء هذه التجمعات بعيدة عن البحر بدرجة كافية في ظل توقعات بارتفاع منسوب مياه البحار.

الفصل الثالث
يتناول هذا الفصل مسألة الأمن الغذائي العالمي، وكيف يمكن للعالم الوفاء بالاحتياجات الغذائية المتزايدة؛ مع توقع زيادة سكان العالم إلى نحو تسعة مليارات نسمة، فضلا عما سيسببه التغير المناخي من آثار سلبية على الإنتاج العالمي من الغذاء. ويناقش هذا الفصل ما يمكن عمله لزيادة إنتاجية الزراعة ومصايد الأسماك وتعظيم الاستفادة منهما -وهما أكبر مصدرين للغذاء- مع حماية النظم البيئية وضمان استدامتها. وكذلك يلقي الضوء على ضرورة التعاون الدولي في هذا المجال، وأهمية تبادل المعلومات المناخية على المستويين العالمي والمحلي. وكذلك مساعدة المجتمعات على الموازنة بين الحاجة إلى زيادة الإنتاج وبين الحاجة إلى حماية أفضل للموارد الطبيعية.
ويبين التقرير أنه في ضوء الزيادة المتوقعة في أعداد السكان فلا بد للعالم من زيادة الإنتاجية من الزراعة لمواجهة الطلب المتنامي على الغذاء، حتى مع ازدياد صعوبة هذه المسألة نتيجة تغير المناخ. كما أنه لا يمكن تحقيق هذه الزيادة على حساب الموارد الطبيعية كالتربة أو المياه أو التنوع البيولوجي كما حدث في الماضي. ويطرح الحل من خلال تعديل بعض الإجراءات الحالية في الزراعة بتحديد أنواع المحاصيل القادرة على تحمل الصدمات المناخية، أيضا تعزيز التنوع المحصولي؛ نظرا لأن المناخ الذي يضر بمحصول قد يكون مفيدا لمحصول آخر، مما يقلل من الخسائر الناجمة عن التقلبات المناخية، وكذلك تحسين البنية الأساسية للنقل؛ بحيث يمكن للمحاصيل أن تصل إلى أسواقها بأقل مقدار ممكن من الفاقد.
ويلقي التقرير الضوء على ضرورة تعظيم الناتج من المياه، وحمايتها على نحو أفضل، وضرورة التغلب على ما ستواجهه مصادر المياه من مخاطر إضافية نتيجة التغير المناخي؛ فارتفاع درجة الحرارة سيؤدى إلى تسريع الدورة الهيدرولوجية بزيادة البخر من المسطحات المائية ومن التربة، مما يؤدي إلى شيوع حالات الجفاف، وتباين سقوط الأمطار من ناحيتي التوقيت والكمية، وهو ما سيؤثر بشدة على الإنتاج الزراعي بشكل خاص؛ حيث تستهلك الزراعة النصيب الأوفر من المياه العذبة المتاحة على كوكبنا؛ ففى حين تصل احتياجات الفرد من مياه الشرب ما بين لترين إلى أربعة لترات فهو يستهلك يوميا أطعمة يتطلب إنتاجها ما بين ألفين إلى خمسة آلاف لتر.
ويطرح التقرير حلولا متنوعة لمعادلة إنتاج المزيد من المياه من غير إضرار بالموارد المائية، فيبين أنه من خلال إدارة جيدة للمحاصيل يمكن أن تزيد الإنتاجية من المياه باستخدام تقنيات هندسة المحاصيل؛ فيمكن مثلا تقليل كمية المياه المستخدمة فى الرى عن طريق استحداث محاصيل مقاومة للبرد يمكن زراعتها في الشتاء.كما أن استحداث محاصيل مقاومة للحرارة والجفاف يقلل من هدر المياه عندما تموت المحاصيل قبل أن تنتج غلاتها. أيضا فزراعة المحاصيل في صوبات زراعية تقلل الفاقد من المياه عن طريق البخر؛ حتى وإن أدى ذلك إلى زيادة في تكاليف الإنتاج. ويمكن لتكنولوجيا الاتصال الحديثة أن تلعب دورا حيويا في هذا المجال؛ فبإمكان أنظمة آلية بسيطة تستخدم وصفات معيارية للري يتم تطويعها لتناسب الأحوال المحلية والجوية للزراعة في كل بلد - أن تبعث برسائل نصية للهواتف المحمولة تخبر المزارعين بمقدار الساعات التي يتعين عليهم الري خلالها في ذلك اليوم، ومن خلال توفير هذه المعلومات يمكن تفادي الإفراط في الري، وبالتالي الحصول على إنتاجية أكبر بمياه أقل، ومن مميزات هذه التكنولوجيا أيضا تلافي الأضرار التي قد تنتج عن الإسراف في الري.
الفصل الرابع
يتطرق هذا الفصل إلى أحد أهم عوامل التغير المناخي وهو الطاقة وما يتسبب عنها من انبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحراري. فمع وجود توقعات تشير إلى تضاعف الاقتصاد العالمي إلى أربعة أمثاله بحلول منتصف القرن الحالي، ستزيد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة إلى الضعف إذا استمرت في نفس المسار الحالي، وقد يتسبب ذلك فى رفع درجة حرارة الأرض بمقدار خمس درجات عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الأمر الذي قد تكون له عواقب وخيمة.
ويشير التقرير إلى أن حل مشكلة الطاقة يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وفي كل البلدان النامي والمتقدم منها على حد سواء، وتحولا أساسيا في نظام إنتاج واستهلاك الطاقة. فلكي يصل العالم إلى احترار لا يزيد على درجتين مئويتين- كما يوصي التقرير- ينبغي خفض الانبعاثات العالمية بمقدار ثمانين في المائة بحلول منتصف القرن الحالي. وسيتطلب هذا اعتمادا أكبر على مصادر الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، والتي تبشر بانتشار واسع؛ نظرا لانخفاض تكلفة الألواح الشمسية، فضلا عن ارتفاع كفاءتها، وزيادة الطلب عليها. وإمكانات الطاقة الشمسية هائلة جدا؛ فهي تعد أكبر مصادر الطاقة على وجه الأرض؛ فيقدّر أن استغلال أقل من واحد في المائة من الطاقة الشمسية الساقطة على الصحراء الكبري يكفي للوفاء بكل احتياجات أوروبا من الكهرباء.
الفصل الخامس
يتطرق الفصل الخامس إلى ضرورة التنسيق الدولي إزاء تلك المشكلة العالمية، وتعديل البرامج التنموية بحيث لا تعود بالضرر على البيئة. ويلقي التقرير الضوء على ما شهده العالم من خطوات جادة في سبيل التعاون لحل هذه المشكلة. فمع إبرام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ، وبروتوكول كيوتو وضع الأخير حدودا دولية ملزمة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من البلدان المتقدمة، وخلق سوقا للكربون؛ بحيث تستطيع بلدان العالم تبادل حق إطلاق انبعاثات الكربون، وبالتالي تحديد مقادير الغازات المنبعثة إلى الغلاف الجوي التي تضر بالتوازن البيئي، كما شجع البلدان على إعداد إستراتيجيات وطنية لمواجهة تغير المناخ.
ولكن ما تحقق حتى الآن لم يصل إلى الأهداف المطلوبة لهذه الاتفاقات، فقد فشل النظام العالمي في الحد من الانبعاثات الضارة أو تثبيتها على الأقل؛ حيث زادت تلك الانبعاثات بنسبة كبيرة وصلت إلى خمسة وعشرين في المائة منذ بدء التفاوض على بروتوكول كيوتو.
وأمام هذا الوضع فالتقرير يبين أنه إذا ما أردنا التصدي لمشكلة تغير المناخ فلا بد من دمج التنمية مع المناخ بحيث لا تتعارض الأولى مع الثانية، والقيام بحل أواصر الصحبة القديمة بين التنمية وإطلاق الكربون من خلال عدد من الآليات ركزت عليها خطة العمل في مؤتمر بالي بإندونيسيا عام 2007، وهي:
أولا- التخفيف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ثانيا- التكيف مع ما سيطرأ من تغيرات بيئية، واقتصادية، واجتماعية، وديموجرافية... نتيجة للتغير المناخي.
ثالثا- التكنولوجيا الصديقة للبيئة من خلال نشر البلدان المتقدمة للتكنولوجيات المتقدمة للطاقة النظيفة، وتكنولوجيات احتجاز وتخزين غازات الكربون في البلدان النامية.
وأخيرا- التمويل، وذلك بدعم وتشجيع القيام بالمشروعات المناخية في كل من البلدان المتقدمة والنامية، وأن تُمدَّ الأولى الأخرى بالتمويل اللازم لأنشطة التكيف والتخفيف.
الفصل السادس
يتناول الفصل السادس من التقرير كيفية توفير التمويل اللازم لأنشطة تخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتكيف مع تغير المناخ، كما يجري تقييما للفجوة بين الاحتياجات المقدرة مستقبلا لتمويل التخفيف والتكيف ومقارنتها بما هو موجود حتى عام 2012. ويبحث أوجه عدم الكفاءة في الأدوات القائمة للتمويل المناخي، ومصادر التمويل المحتملة، وتعظيم الاستفادة من تلك الموجودة حاليا.
فهو يبين أولا أن توفير تمويل للأنشطة المناخية يوفر الوسائل المطلوبة للتوفيق بين الإنصاف والكفاءة في الإجراءات الخاصة بتخفيض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ؛ حيث يتعين على البلدان التي تسببت بأكبر قدر من الضرر في سبيل تحقيق رفاهيتها وبناء اقتصاداتها أن تتولى زمام القيادة في التصدي لتغير المناخ، مع الاعتراف بالحق المشروع للدول النامية في تعزيز نموها الاقتصادي.
ويمضي الفصل في بيان مقدار التمويل المطلوب للتخفيف والتكيف، عين ومائة وخمسة وسبعين مليار دولار خلال العقدين القادمين، في حين تتراوح تكلفة استثمارات التكيف السنوية فيما بين عامي 2010 و 2050 ما بين ثلاثين إلى مائة مليار دولار سنويا. ومع هذا فلا يزال التمويل اللازم أقل بكثير من الاحتياجات المستقبلية، كما أن هناك العديد من أوجه القصور في تدبير وإنفاق التمويل الحالي.
الفصل السابع
ويلقي الفصل السابع الضوء على أهمية التكنولوجيا والابتكار في تحقيق الأهداف المتعلقة بالحفاظ على المناخ، وتعزيز التنمية الاقتصادية. فالابتكار التكنولوجي يعد أمرا جوهريا لإدارة مشكلة التغير المناخي بتكلفة معقولة، وتقوية القدرة على الابتكار يمكن أن تصبح عاملا محفزا قويا للتنمية؛ فبفضل الابتكارات الحديثة في توليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح ينتج العالم الآن ما يربو على مائة وعشرين جيجا وات من الكهرباء باستخدام طاقة الرياح، وهو ما منع إطلاق مائة وثمانية وخمسين مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا كان سيتم إطلاقها في حال توليد هذه الكهرباء بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى ذلك فمحطات توليد هذه الطاقة وفرت نحو أربعمائة ألف فرصة عمل. ويعزى جانب كبير من هذا النمو إلى الحوافز الحكومية والبحوث الممولة من القطاعين العام والخاص، الأمر الذي أدى إلى خفض تكلفة تكنولوجيا طاقة الرياح ورفع كفاءتها. ويبين التقرير أنه في سبيل قصر الاحترار العالمي على درجتين مئويتين فلا بد من إجراء تخفيض كبير في الانبعاثات مقداره خمسين إلى ثمانين بالمائة بحلول منتصف القرن الحالي. وسيكون للتكنولوجيا الجديدة في مجال توليد الطاقة نصيب كبير في تحقيق هذا الهدف.
وهناك أربعة نماذج رئيسية لتكنولوجيا الطاقة في المستقبل، وهي: كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل الفاقد منها، واحتجاز الكربون وتخزينه، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة؛ وتشمل: الرياح، والشمس، والطاقة النووية، والكتلة الحيوية (مخلفات المحاصيل والحيوانات، والأخشاب، وأعشاب الغابات).
الفصل الثامن
وأخيرا يعرض الفصل الثامن دور التوعية والإعلام بالمخاطر المترتبة على التغير المناخي، ويوضح كيف تؤثر عدم الاستجابة للمؤشرات المناخية في عرقلة المشاريع التنموية الصديقة للبيئة في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، وأنه لا بد من وضع خطط تستطيع أن تدفع الأفراد والحكومات إلى الاهتمام بالأهداف البيئية وتحويل المعلومات عن التغير المناخي إلى معمولات يتم الأخذ بها والعمل بمقتضاها إزاء تلك المشكلة العالمية.
يتناول التقرير بالتحليل بعضا من أسباب هذا الانفصال بين الفهم والعمل بمقتضاه، فيبين أن إظهار ضخامة المشكلة والعواقب الكارثية المترتبة عليها قد يؤدي إلى آثار عكسية؛ لأن الأفراد سيميلون إلى اعتبار المناخ خارج سيطرة الإنسان، وأنه لا حيلة في منع تدهوره، كما أن التركيز على المدى الزمني الطويل لهذه التغيرات يشجع الناس على الاعتقاد بأن هذا الأمر لن يحدث فترة حياته، ومن ثم تضعف لديه الحوافز على التحرك تجاه تلك المشكلة.
ويلقي التقرير الضوء على الفوائد الكبيرة المترتبة على تغير سلوك الأفراد. ويعطي مثالا بالأسر الأمريكية، حيث تنتج وحدها ثلاثة وثلاثين في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة، وهي نسبة تزيد على نسبة الغازات الصادرة عن عمليات الصناعة، وإذا ما تبنت تلك الأسر أساليب تحقيق الكفاءة في استهلاك الطاقة سيمكنها تحقيق وفر كبير يصل إلى ثلاثين في المائة من الانبعاثات، وهذا التخفيض يساوي عشرة في المائة من إجمالي الاستهلاك الأمريكي. وكما سبق في هذا العرض من بيان ما يمكن تحقيقه عن طريق تحويل معايير استهلاك الوقود في السيارات الأمريكية ليتوافق مع مثيلاتها الأوروبية من توفير الكهرباء لنحو واحد وستة من عشرة مليارات شخص.
وتقرير التنمية وتغير المناخ الذي أصدره البنك الدولي باللغة الإنجليزية وتولى إخراج الطبعة العربية منه مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع يقع في أربعمائة وثماني عشرة صفحة من القطع الكبير. وقد جاءت ترجمة التقرير بلغة عربية أقرب ما تكون إلى السهولة، بما يجعله في مستوى القارئ العام، مع مراعاة الطابع العلمي والمتخصص للتقرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.