منذ اعلنت روسيا عن عزمها بيع صفقة صواريخ متطورة لسوريا عام 2007حاولت اسرائيل والولاياتالمتحدة بشتي الطرق منع اتمام هذه الصفقة سواء بالتهديد أو الدبلوماسية.. ولكن جاء اعلان إتمام بيع صفقة الصواريخ »ياخونت« أو »الياقوت« بمثابة صفعة علي وجه الادارة الاسرائيلية والامريكية خاصة وان هذا الاعلان جاء بعد شهر واحد من توقيع وزير الجيش الإسرائيلي إيهود باراك ونظيره الروسي أناتولي سارديوكوف اتفاقية تعاون عسكري في موسكو.. هللت الصحف الاسرائيلية في ذلك الوقت لباراك وتحدث المسئولون الإسرائيليون عن مرحلة جديدة في العلاقات بين روسيا واسرائيل وكأن روسيا اصبحت حليف من حلفاء اسرائيل، بل وذهبت الصحف الإسرائيلية إلي الحديث عن اعظم انتصار سجله باراك عندما نجح في الحد من صفقات الأسلحة الروسية إلي سوريا وإيران. ويبدو ان روسيا ارادت بإتمامها هذه الصفقة الرد علي كل الاوهام الاسرائيلية السابقة وتصحيح الخلل الإسرائيلي في فهم السياسة الروسية إزاء منطقة الشرق الأوسط, فهي منطقة حيوية شكلت طوال العقود الماضية ساحة للمصالح الروسية الإستراتيجية. وربما كان نفس الخلل في فهم السياسة الروسية هو وراء تهديد كبار المسؤولين الإسرائيليين روسيا بتسليح جورجيا باعتبارها عدو موسكو الأول في منطقة القوقاز. لذلك لم يتبق لدي اسرائيل غير ورقة واحدة اخيرة تكمل بها اللعبة مع روسيا وهي التلويح بإلغاء الصفقة العسكرية التي وقعت بين الجانبين، والتي كانت تتضمن بيع تل أبيب 12 طائرة من دون طيار لموسكو. والشيء المثير للسخرية في هذه القضية ان اسرائيل الدولة التي لم توقع علي معاهدة الانتشار النووي في المنطقة والتي تمتلك ترسانة عسكرية نووية وتمدها الولاياتالمتحدة بأحدث الاسلحة وهي قادرة علي تدمير المنطقة بأكملها، لازالت الي الان تستخدم حجتها البالية بأنها تسعي للسلام في المنطقة وحماية نفسها من تسلح جيرانها العرب، فقد قالت إسرائيل أن تنفيذ صفقة الصواريخ الروسية تشكل تهديداً قوياً لأمن إسرائيل باعتبار أن هذه الصواريخ قد تصل إلي المقاومة اللبنانية وهي قادرة علي تحقيق الإصابة لمسافة 300 كم بما يعني أن البحرية الإسرائيلية ستصبح في مرمي هذه الصواريخ. لذلك يري المراقبون أن سعي إسرائيل تجاه موسكو يتجاوز مسألة الصفقات العسكرية إلي تحقيق أهداف سياسية مثل محاولة الالتفاف علي الدور الروسي إزاء قضايا المنطقة، وهو دور اتسم بتأييد القضايا العربية.. وايضاً إيجاد علاقة قوية مع دولة كبري عضو في مجلس الأمن مثل روسيا، نظراً لما ستكون عليه مثل هذه العلاقة كمدخل لانتهاج سياسة محددة تجاه قضايا الشرق الأوسط ولاسيما الصراع العربي الإسرائيلي والملف النووي الإيراني.