يري كثيرون ممن يجيدون قراءة المشهد السياسي، أنه مازالت هناك مفاجأة أو أكثر لم يعلن عنها بعد، وأن الدلائل تشير إلي سيناريوهات لوغاريتمية معدة بإحكام للفترة المقبلة في مصر، يصعب معها التنبؤ بطبيعة الخطوات التالية للمرحلة الانتقالية، ويطمس ملامحها حالة من الغموض والالتباس بإعمال تغيرات متتالية لمعطيات العملية السياسية، منذ انطلاق ثورة 25 يناير 2011 وهو ما تواجهه الثورة من اصرار القائمين علي الثورة المضادة بإفساد أي خطوات لتحقيق أهداف الثورة، وسبيلهم في ذلك العمل علي طرح المفاجآت الممنهجة لخلق مناخ ضبابي يعتم علي الشعب رؤيته الواضحة لاختيار الرئيس الأفضل لقيادة مصر في المرحلة الراهنة والمستقبلية في تاريخها، وكذلك إثارة الأزمات حول الانتهاء من إعداد الدستور. ورغم احتشاد جموع المواطنين في مليونية تقرير المصير، مطالبين بتفعيل قانون العزل السياسي علي فلول النظام السابق، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري، وإعداد دستور بتوافق وطني، مؤكدين علي لم الشمل خلف أهداف الثورة.. إلا أنه مازال الشعب المصري يصيبه الضجر والحيرة من الأيادي العابثة بمقدراته، والتي مازالت متحكمة في إشعال نار الخلافات حتي لا تحقق مطالب الثورة. وحتي نتكشف ملامح الصورة الحقيقية يلزم علينا عدم تجاهل ما تسعي إليه أمريكا وإسرائيل من حماية لمكتسباتها في مصر، والتي تعاظمت في عهد الرئيس المخلوع لثلاثين عاما مضت.. وهو الذي جعل الصهيوأمريكية تدعم الثورة المضادة بصياغة أدواتها التنظيمية لإحتواء الثورة وتحييد الجماهير المعروفة ب الأغلبية الصامتة.وتصر علي عزلها عن الثورة والثوار، حيث لو تواصل نزولها بهذا الزخم من الملايين لميادين مصر، لكان كفيلا بضرب المصالح الأمريكية والصهيونية في مقتل، وليس خلع النظام البائد فقط.. وهو ما جعل أمريكا تركب المشهد السياسي، وتفعل أدواتها لفرض سيطرتها علي توجيه المسار في كل الاتجاهات، مع جميع القوي السياسية وغيرها من القوي علي أرض الواقع، حيث تأكد بحرصها الشديد علي امتصاص الطاقة الثورية، وسحب الظهير الشعبي من الثورة والثوار الحقيقيين، وهو ما تحقق لها بعد مضي عام وثلاثة شهور علي ثورتنا. والمتابع للمشهد السياسي المصري الآن، يتأكد له أن الثورة في أمس الحاجة لإنقاذها من براثن المؤامرات التي تحاك بها داخليا وخارجيا، وتحتاج إلي تكاتف كل الشعب لصد المفاجآت التي تنتظرها، والقضاء علي الفتنة التي صورت بعض القوي في موقف المتصارعين علي الغنائم، ولننتبه للمخطط الصهيو أمريكي لتوزيع الأدوار علي من تراه فاعلا لتحقيق أهدافها، ليكون الخاسر الوحيد في الاستجابة لذلك هو الشعب المصري وثورته المجيدة. ولقد آن الأوان لنتيقظ لما يدار من صناعة لأزمات متوالية تهدف إلي تشتيت متواصل يغيب معه اليقين، وهو شأن مستهدف لتشكيك الشعب في كافة القوي الوطنية، ليكون التوجيه الصهيوأمريكي لمن يريدونه رئيسا، أو بمعني أدق موظفا في الإدارة الأمريكية، خادما لإسرائيل وحاميا لمصالحها.. هذا ما يتطلب منا جميعا الإلتفاف علي قلب رجل واحد لاختيار من هو مصري وطني قادر علي حماية مقدرات الوطن، ومؤمن بثورة الشعب في 25 يناير، ويملك برنامجا قادرا علي تحقيق أهداف الثورة من عيش وحرية وكرامة وديمقراطية وعدالة اجتماعية، ولنكن جميعا بجاهزية فطنة لامتصاص ما يحاك لنا من مفاجآت وأزمات ولنتجاوزها، حتي يتحقق لنا جميعا الخير.. وتحيا مصر.