استكمالا لما تناولته الاسبوع الماضي بعنوان " الرعب التركي من عزل مرسي ! " ، أود أن أؤكد ان سفير تركيا بالقاهرة الذي تم استدعاؤه مرتين لوزارة الخارجية المصرية للاعتراض علي التصريحات السلبية للمسئولين الأتراك تجاه ثورة 30 يونيو الشعبية واصرارهم علي انها انقلاب عسكري ، بما يفتقد للكياسة والأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية، وبما يعد تدخلا سافرا في الشأن المصري الداخلي . جميع تصريحات سفير تركيا الصحفية لم تستنكر مواقف وتصريحات القيادات التركية تجاه الوضع الجديد في مصر ، أو تنفي ما يقومون به من تحريض سافر ضد مصر وجيشها وقيادتها الانتقالية الجديدة ، أو ينفي ما تم ضبطه من اسلحة وملابس عسكرية مهربة من تركيا لجماعات في مصر ، تصريحات السفير التركي تحاشت كل ذلك وعرجت بنا علي ما هو هامشي بشأن نفي ما قيل عن وقف التأشيرات ، أو تعليق الاتفاقيات بين البلدين من الجانب التركي ، وربما تغاضي عن عمد عما نشرته صحيفة "الصباح " التركية الثلاثاء الماضي عن قطع العلاقات مع مصرالذي نفاه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. الكاتب عبد القادر سلفي وثيق الصلة بحزب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، يكشف عن غير قصد في صحيفة " يني شفق " سر الهيستيريا التي اصابت القيادة التركية بعد عزل مرسي بقوله " لو أطيح بنظام الأسد لما تجرأ الآخرون علي الانقلاب علي مرسي" ، العبارة تترجم الشعور التركي بالفشل الذريع في مؤامرة اسقاط نظام الأسد ، والفشل في القضاء علي الجيش النظامي السوري برغم الدعم الكامل والتام من تركيا والولاياتالمتحدة وغيرهما من الدول الاوروبية للاخوان في سوريا وما يسمي بالجيش الحر المكون من مرتزقة ومليشيات تدعي للجهاد في سبيل الله ، تماسك النظام والجيش السوري حتي الآن ، سقوط الاخوان في مصر بعزل مرسي ، الثورة الشعبية في تركيا التي يجابهها اردوغان بالقوة المفرطة الغاشمة في ظل صمت الدول المتشدقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان ، بداية التمرد ضد الاخوان في تونس ، والاخوان في ليبيا ، كلها معادلات جديدة علي الأرض تشكل ضربات متوالية ضد مخطط الولاياتالمتحدة لشرق اوسط جديد ، واعادة ترتيب ميزان القوي الاقليمية الذي كانت تركيا قاب قوسين أو ادني منه في ظل مؤامرة تحطيم الدولة السورية ، وانتهاء مقدرات الجيش العراقي ، وإضعاف مصر في ظل نظام اخواني قائم علي عقد الصفقات التي تفرط في مقدرات الوطن مقابل ان يحكم ، لكن الملايين التي نزلت للميادين في 30 يونيو واستجاب لها الجيش لحمايتها حطمت الحلم التركي ، وأسبطلت مفعول مؤامرة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ! الهيستيريا التي أصابت القادة الاتراك تترجم الصدمات الكهربائية التي لم يتحملها أو يستوعبها رئيس الحكومة أردوغان ، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو، ووزير الدفاع عصمت يلماز الذين تناوبوا الهجوم علي الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي وصفته صحيفة "يني شفق" ب"بينوشيه مصر"، في إشارة إلي زعيم الانقلاب التشيلي الشهير بينوشيه ، ومن ضمن حلقات التطاول يقول أردوغان في افطار رمضاني إن "الديمقراطية والإرادة الشعبية تُقتلان في مصر، واليوم تقتل الأمة "، موجها سهامه إلي وسائل الإعلام الغربية التي فضحت عنف الشرطة التركية المفرط مع المتظاهرين في أحداث "تقسيم" علي الهواء ! هل يصمت اردوغان وكافة القادة الأتراك بعد ان سمع من كاترين آشتون ممثلة الاتحاد الأوروبي بحضور اعضاء التنظيم الدولي للإخوان أن عودة محمد مرسي للحكم مرة اخري أمر مستحيل ، لم يكن اردوغان في حاجة لأن تؤكد له آشتون انها تيقنت أن ما حدث في مصر هو ثورة شعبية ضد مرسي واخوانه ومكتب ارشاده ، الأمر الذي جعلها تصرح بأن مرسي ظهر أمامها فاقدا للمنطق في الحوار والاتصال بالواقع ، اردوغان وكافة قادة تركيا يعرفون ان ما جري في مصر ثورة شعبية حماها الجيش ، احبطت احلامهم الاقليمية ، ، واربكت كل ما وضعوه من سيناريوهات مستقبلية ، ويتحسبون الأن من تكرارها لديهم !