لم أكن أتخيل أن تصل جماعة الإخوان إلي تلك الحالة المتردية من إدمان السلطة خلال أقل من عام علي وصولهم إلي مقاعدها, ومعاناتهم الطويلة من اضطهاد النظام السابق فمن يتأمل تصريحات مسئولي الجماعة وقادتها وتابعيها في مجلس الشوري والهيئات والوزارات يستطيع أن يرصد علامات ذلك الإدمان في ارتعاشات وتخوفات من الشارع, وعزلة وانعزال عن الواقع وميول بعدوانية تجاه تزييف الوعي, والابتعاد عن الحقيقة, وتخوف من مرحلة ما بعد السلطة استقرارا أو ابتعادا عن وهجهها. لذلك لم يكن غريبا أن تفكر الجماعة ومعها الرئاسة في استعدادات ذ علي طريقتيهما ذ للتعامل مع إفرازات الشارع السياسي الرافض لتعاملهم مع السلطة تمكينا وانتشارا ومرواغة سواء بالتلاعب بورقة الخروج الكبير في30 يونيه تزامنا مع المليونية التي دعت لها حركة' تمرد', أو الرد من خلال تابعيها علي هذا التمرد بورقة' تجرد', أو محاولة الاستفادة من ملفات الجنود المختطفين بالمؤتمرات والتمثيل والبطولات الوهمية, أو سد النهضة الأثيوبية بالشفافية المزعومة وجلسات البخور علي الهواء مباشرة, أو الاقتراب من الشارع بأوراق احتكار الكوبونات والاستحواذ علي فرص التشغيل والتراخيص والإصلاحات, أو حتي السطو علي فرص العلاج علي نفقة الدولة, أو المواجهة بطريقة العناد السياسي و' مص الصدمات' ومحاصرة الغير بقوانين جديدة للجمعيات والضرائب والسلطة القضائية وغيرها. ومن يتابع ما تقوم به الجماعة من موقع السلطة يجد أنه انعكاس شبه طبيعي لحالة الإدمان خاصة أنها ادعت الاستقرار فهاج الشارع علي محاولات زواجها العرفي بهيئات ومؤسسات وقوانين ودستور نسفتها المحكمة الدستورية بالبطلان في نفس واحد, وزعمت المشاركة فشكل الانصهار غير الطبيعي للقوي السياسية من يشاركونهم في مجموعة من المؤلفة قلبوبهم من أهل السمع والطاعة, وقالت إنها تدير البلاد بروح جماعية فكشفتهم رقصات الفريق الرئاسي والوزاري التي بينت للجميع أن غالبية الوزراء وفريق الرئيس كانوا ممن رقصوا علي سلالم نجاح كبيرهم الذي سكن الاتحادية. وبعد الحوائط المحيطة بقلعة المقطم, والبوابات الفولاذية أمام الاتحادية, والمواكب الأمنية في الشارع وفي المساجد والاحتفالات وأمام غرف نوم قيادات الجماعة ومسئوليها ووزرائها ومحافظيها والكاميرات في الشوارع لم يعد للجماعة أن تسأل عن مكانها في الشارع طواعية فهي في إدمانها للسلطة ستحاول اقتناصه باليد واللسان والتزوير بعد استبعاد القلب فهو من أضعف الإيمان. ولا أجد في الاحتياطيات الأمنية الإخوانية وسيطرة الهاجس الأمني عليهم إلا اعترافا صريحا منهم بدافع أعراض الإدمان بأنهم افتقدوا منطق السلطة وأبوتها وفرعونيتها واستقرارها وحكمة فردها وقوة جماعيتها بشعور يؤكد اغتصابهم لشئ هام من الناس لذلك يخافون ويرتعدون ويمثلون فتأتي أدوارهم في مظاهر كاذبة أمام الكاميرا وخلفها بما يشير إلي اقتراب زوال الإدمان سواء بيد المدمن ذاته أو القدر أو بأيدي تمرد الجماهير الغاضبة! [email protected] رابط دائم :