المؤكد أن المجتمع المدني لن يستطيع القيام بدوره في مصر إلا إذا كان القائمون عليه يعملون وأعينهم علي خدمة الناس والمشاركة في التنمية وليست علي الحكومة والرئاسة ونيل قليل من الرضا الرسمي الذي يجرده من قدسية مهمته وبالتالي فليس أمام الجهات الرسمية إلا تيسير الطريق أمام الدور الأهلي دون ولاية وعلي الداعين إلي تمكين ذلك القطاع الحيوي أن يبتعدوا عن' التوجيه' و' الإرشاد' لأن ذلك ذ حتما ذ سيقوده إلي الغرق في مستنقع السياسة. أقول ذلك مدركا الدور الحيوي الذي لعبته منظمات المجتمع المدني' الشريفة' وليست' اللاهثة' وراء دور سياسي يقتصر علي خدمة أولي الأمر في الثورة المصرية ضد الفساد خاصة وأن تلك المنظمات قامت بدورها بحرية وكرامة وعلانية عندما كان اللاهثون علي السياسة والسلطة يفضلون العمل السري ويتباركون برضا أمن الدولة ويعقدون الصفقات الخفية علي مقاعد البرلمان. ولو أراد الداعون إلي تحرير العمل الأهلي الجدية والمصداقية فلا بديل عن الابتعاد عن القيود التي تخنق الجمعيات وأن يتم وعلي الفور الإفراج عن إجراءات بعضها قانونية وبعضها خدمية وثالثها وقف ماكينة التشكيك والتخوين وأن يصب كل ذلك في صرخة مجتمعية ورسمية ترفع القيود الإدارية التي تعوق عمل منظمات المجتمع المدني ليس من باب الشعارات والأكاذيب والضحك علي الذقون وأنما لفتح الأبواب أمام تلك المنظمات للمشاركة بحرية وكرامة وشرف في تنمية الوطن. وإذا كان لدينا أكثر من43 ألف جمعية أهلية يعمل منها بفاعلية حوالي ألف فليس الحل في أن يكون عددها100 ألف وإنما أن تجد تلك الجمعيات كل المساعدة الإدارية التي تجعلها شريكا فاعلا في تنمية المجتمع, وإن كنت أشكك في حدوث ذلك خاصة بعد أن فشل النظام الحاكم في احتواء القوي السياسية والمعارضة وإفساح المجال أمام شراكتها في بناء الوطن فكيف سيدعم القطاع الأهلي ؟ وللأسف تكون الإجابة أن كل التيسير والدعم سيصب في صالح الجمعيات التي يقوم علي إدارتها ومهامها أناس من الأهل والعشيرة وليذهب الباقون إلي الجحيم لأن الحجج جاهزة والاتهامات معلبة بأن الجمعيات التي لن تهتم بالأرز الانتخابي والسكر البرلماني واللحوم التصويتية تحت مظلة الإخوان والمؤلفة قلوبهم من الموالين سوف تقع تحت مقصلة التمويل الأجنبي والاستقواء بالخارج والتجسس. وهذا ما تابعته أمس في مؤتمر' معا نتكامل' للجمعيات والمنظمات والتي كشفت قواعد اختيارها للمشاركة في المؤتمر والمعرض الهتافات التي غطت علي المشاكل الحقيقية لها والتي اقتصرت علي' بنحبك يا ريس بنحبك يا مرسي' الذي بدوره ترجم الموقف الرسمي من المجتمع المدني بحكمة بالغة حينما خاطبهم قائلا:' أنا عارف كويس قوي مين بيقول إيه وإيه إزاي علشان إيه' فعلا مصر الإخوان ستساعد المجتمع المدني!! [email protected] رابط دائم :