في ظل حالة الزخم السياسي التي تشهدها مصر الآن وانشغال رجال الأمن بتأمين جولتي الاستفتاء علي الدستور استغل الباعة الجائلون تلك الأجواء في الاستيلاء علي مزيد من المساحات والزحف لاستغلال كل شبر علي الأرصفة وفي نهر الشارع حتي احتلوا الشوارع والميادين برمتها وأبرزها ميادين رمسيس والعتبة و الإسعاف وشارع26 يوليو فضلا عن محطات مترو الأنفاق.. حيث تسببوا في شلل مروري شبه تام فضلا عن إزعاج المواطنين.. الوضع بات غير محتمل في ظل آمال المواطنين المعلقة علي الأسواق البديلة التي وعد بها المسئولون لتنظيم وجود الباعة بما لا يضر بمصالح الآخرين. في البداية يقول أحمد متولي مدرس إن الوضع أصبح لا يطاق فأنا لا أستطيع المرور بسيارتي أثناء ذهابي إلي العمل في كل صباح, فحين أنزل من كوبري15 مايو أشعر وكأنني أخطأت الطريق ودخلت سوقا لبيع الملابس فأنا أنزل من منزلي بالهرم وحتي كوبري15 مايو في نصف ساعة ثم استغرق نصف ساعة أخري في المسافة من الكوبري حتي شارع الجلاء, وهذا بخلاف انني أصبحت أتشاجر مع الباعة بصفة يومية أثناء مروري لرفضهم تحريك البضاعة للسماح لي بالمرور بسيارتي الضخمة. وأشار أحمد عبد العزيز منفذ مشروعات الكترونية إن طبيعة عمله تتطلب التنقل في منطقة وسط البلد طوال اليوم إلا أن وجود الباعة الجائلين في كل مكان يعطله كثيرا عن انجاز مشاويره اليومية لما يسببونه من أزمات مرورية وعرقلة حركة المشاة في الشارع. وفي نفس السياق أكدت منال ممدوح ربة منزل تعاطفها الشديد مع هذه الفئة المطحونة من الشعب المصري التي تسعي للحصول علي لقمة العيش عن طريق الحلال ويعدون أفضل ممن يرتكبون الجرائم من أجل الحصول علي الأموال. وأوضح محمد طارق موظف في البريد أنه لا يمكن إلقاء اللوم علي هؤلاء الذين يصارعون من أجل البقاء فالدولة هي المسئول الأول التي لابد أن تتيح لهم فرصة العيش الكريم وإن لم تتمكن من ذلك فلتوفر لهم أسواقا مخصصة بعيدا عن الأحياء والميادين الحيوية. وأشار عبد الله سيد طالب جامعي أن ما يحدث هو سوء إدارة من قبل الدولة وهذا أمر طبيعي عقب الثورات بسبب مسلسل الأزمات التي نتعرض لها الآن, مشيرا إلي أنه متفائل بتحسن الأوضاع فيما بعد. فيما قال أحمد سيد جمال موظف بإحدي الشركات إن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم علي مستوي جميع المحافظات, مشيرا إلي أن الباعة الجائلين يستغلون حالة التخبط التي تشهدها البلاد حيث التظاهرات والمليونيات, كما أن أجهزة الشرطة غير مؤهلة لإجبار هؤلاء الباعة بالالتزام بمناطق محددة, نظرا لانشغالها بتأمين التظاهرات والتصدي لأعمال الشغب والبلطجة التي انتشرت في الآونة الأخيرة. ويقول محمد ابراهيم موظف بإحدي الشركات انه يري ان ما يفعله الباعة الجائلون ما هو إلا مصدر رزق لهم ولأبنائهم حتي لا يتجه احدهم إلي مصدر رزق غير مشروع. من جانبها قالت سلوي حسن ربة منزل انها تنزل إلي ميدان العتبة بشكل مستمر لشراء بعض مستلزمات المنزل والملابس لأبنائها حيث انها لا تقدر علي شراء هذه المستلزمات من المحلات التجارية لارتفاع اسعارها عن هؤلاء الباعة. واتفقت معهاماجدة هاشم ربة منزل انها تعتمد بشكل اساسي علي شراء مستلزماتها منهم لانخفاض اسعار المشتريات بشكل يتماشي مع دخل أسرتها. وأشار أحمد عباس مهندس بأحد المصانع إلي أن الباعة اضطروا إلي مثل هذه التصرفات من افتراش الرصيف والتعدي علي حق المارة في الشارع وإشغال الطريق نتيجة لغياب الأمن بالاضافة إلي عدم توافر مصدر رزق ثابت لهم. وقالت منال سالم مدرسة بإحدي المدارس الابتدائية ان ما يفعله الباعة استغلال لغياب الأمن بالاضافة إلي تشجيع بعض المواطنين لهم عن طريق الابتعاد عن الشراء من المحلات التجارية والاتجاه للشراء من هؤلاء الباعة, وان مظهر الباعة المنتشرين الان في كل ميادين مصر مظهر غير مشرف وغير لائق ومشوه للمظهر الحضاري الذي يجب أن تظهر به مصر وأكد عادل عيسي موظف انه أحيانا كان يشتري من هؤلاء الباعة بعض المستلزمات ولكن مع انتشارهم في جميع الميادين ومع زيادة استغلال الباعة للأحداث السياسية الجارية ورفعهم للأسعار إلي ما يقترب من أسعار المحلات التجارية أصبحت هذه ظاهرة تثير القلق وتدعو إلي التوقف لإيجاد حلول جذرية للقضاء عليها. وقال اللواء سيف الإسلام نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية انه من الطبيعي نتيجة لانشغال الأمن ووجود المظاهرات والوقفات الاحتجاجية بشكل مستمر أن يستغل الباعة هذه الفرصة للتوغل في الميادين العامة, وأضاف انه توجد بعض الحملات من قبل الأمن في بعض المناطق المختلفة مثل منطقة الزمالك. وأضاف ان المحافظة بدأت بالفعل في ايجاد بدائل لهؤلاء الباعة من خلال البدء في انشاء الأسواق المستديمة بجانب تنظيم الحملات المستمرة من قبل الأمن علي مناطق مختلفة لمعاقبة المخالفين والقضاء علي هذه الظاهرة. وأشار العربي الحسيني رئيس حي بولاق إلي بدء الحملات المكثفة بالفعل اعتبارا من الاسبوع المقبل وبعد الانتهاء من إعلان نتيجة الاستفتاء علي الدستور, والتي تستهدف رفع إشغالات الطرق ومصادرة البضائع الخاصة بالباعة الجائلين المخالفين, مؤكدا ضرورة استمرار تلك الحملات بشكل مستمر وبشكل عشوائي علي مدار اليوم لضمان عدم عودة الباعة مرة أخري إلي أماكنهم وذلك بناء علي أمر من محافظ القاهرة. وفي السياق ذاته أضاف اسماعيل عز الدين مدير إدارة شرطة المرافق أن هذه الحملات ستتم بالتنسيق مع جميع الجهات الأمنية في مديرية أمن القاهرة لتشمل كل أنحاء القاهرة والميادين الحيوية بها لضبط جميع المخالفات وكل ما يخل بالأمن العام, فضلا عن رفع اشغالات الباعة الجائلين. وأكد عدم مصادرة البضائع من المرة الأولي, حيث بموجب قانون الباعة الجائلين الجديد وهو قانون رقم105 والذي سيتم تفعيله خلال أيام يقوم البائع الذي يتم ضبطه متلبسا بدفع غرامة تبدأ من1000 جنيه أو الحبس3 شهور بدون مصادرة البضائع أما في حالة العودة مرة أخري فتغلظ العقوبة إلي دفع غرامة تقدر ب5000 جنيه أو الحبس6 شهور مع مصادرة البضائع, مشيرا إلي أن هذا القانون لقي رفضا من قبل الباعة لمنع تنفيذه. وقال حافظ السعيد رئيس هيئة النظافة والتجميل بمحافظة القاهرة : الباعة الجائلون قدرنا الذي لا مفر منه, مشيرا إلي أنهم ينظفون الشوارع في الصباح ثم تمتليء بالمخالفات والقمامة مما يتسبب في مظهر غير حضاري لأهم ميادين مصر. رابط دائم :