في ظل الصراع الشرس القائم بين الباعة الجائلين وأصحاب المحال بميدان السيدة زينب لجأ الأخيرون الي اسلوب جديد لمحاربة الباعة باخراج بضائعهم خارج المحال إلا أنها سرادقات لتحتل الأرصفة. وبالرغم من أن هذه الحيلة نجحت في عرض بضائع المحال لكنها تتسبب في مشاجرات يومية بين الباعة وأصحاب المحال دون مراعاة لحقوق المشاة أو سير السيارات ويكون الضحية هو الميدان الذي كاد يختنق وهو مايسبب أزمة مرورية كل يوم وأصبح يمثل عذابا يوميا لكل من يفكر في زيارة الميدان. بين صداع الباعة الجائلين وخسارة أصحاب المحال تتفجر الأزمات كل يوم وتكون الضحية الميادين الرئيسية وذلك بعد أن امتلك الباعة الجائلون زمام الأمور وفرضوا سياسة الأمر الواقع نتيجة غياب تام للأجهزة المحلية فأصبح وجود الباعة بالميادين واقعا يجب التعايش معه ولكن أصحاب المحال أصبحوا يعانون الأمرين نتيجة خسارتهم بعد الثورة خسائر فادحة خاصة إن المواطنين عزفوا تماما عن الشراء من المحال ولجأوا الي الباعة لانخفاض الأسعار كما أن الفصال متاح. وهكذا أصبح أصحاب المحال يتزاحمون مع الباعة لعرض بضائعهم علي الرصيف والزبائن لا يجدون مكانا لمجرد العبور أو التسوق. أصحاب المحال كشفوا عن أنهم لجأوا الي هذه الحيلة بعد انتشار الباعة بشكل مثير للقلق فيقول محمد الجن صاحب محل لبيع الأحذية والشنط أنه لجأ الي عرض بضاعته خارج المحل بعد سطو الباعة فأقام سرداقا ممتدا بطول الرصيف بأكمله وهو ماأدي الي حدوث العديد من المشاجرات في الفترة الماضية ووصلت لاصابة العديد من الأشخاص نتيجة التصارع علي الرصيف الذي أصبح أهم وأغلي من المحال التي يدفع أصحاب المحال ايجارات شهرية لها وكهرباء وضرائب وغيرها. ويضيف أن جميع أصحاب المحال لجأوا لهذه الفكرة بعد صراع طويل مع الباعة وفشلهم في عرض بضائعهم حيث سطا الباعة علي الأرصفة ومداخل المحال وأصبح هذا الحل الوحيد وبهذا أصبح صاحب المحل مثله مثل البائع الجائل. ومع اقتراب العام الدراسي تشتد المنافسة بين أصحاب المحال والباعة الجائلين فيقول شكري علي موظف وأب لطفلين انه جاء للميدان لشراء احتياجاته ومستلزمات المدارس حيث أن هناك محال يحرص علي شراء بعض الاحتياجات منها وباقي مستلزماته يشتريها من الباعة الجائلين نظرا لانخفاض الأسعار موضحا ان هناك مستلزمات يجب التأكد من جودتها. أما ياسين محمود محاسب وأب لثلاثة أطفال فيري أن المحال بالمنطقة قبل الثورة كانت تأخذ طابع المحلات بالأماكن الراقية من حيث طريقة العرض والأسعار ولكن بعد الثورة ومع انتشار الباعة بالميدان بدأت المحال تلجأ الي عرض بضاعتها مثل الباعة الجائلين خارج المحال. ويضيف إنه اعتاد أن يشتري أغلب السلع التي يحتاجها في حياته اليومية من الباعة الجائلين فالأسعار أقل بكثير من المحلات والفصال متاح مضيفا ان انخفاض سعر السلعة بنسبة قد تصل الي أكثر من النصف عن المحلات يدفع المشتري الي أن يتغاضي عن معيار الجودة. ولكن الباعة الجائلين مصرون علي المضي في عملهم رغما عن محاولات ومطاردات أصحاب المحال لهم بحجة أنه لا بديل أمامهم للحصول علي الرزق والانفاق علي أسرهم لان أعداد العاطلين في سوق العمل أكبر بكثير من الفرص المتاحة مطالبين في الوقت نفسه بتقنين أوضاعهم ومنحهم تراخيص وتحديد أماكن خاصة لهم حتي يؤدوا عملهم في النور ولا يتعرضون بالمطاردة الأجهزة المعنية بسبب اشغالهم للطرقات وافتراشهم لأرصفة المشاة. ويضيف أن حالة البطالة التي انتشرت في المجتمع هي التي دفعته للعمل بهذا المجال خاصة أنه لا يمكنه دفع إيجار محل بالاضافة الي الضرائب وتكاليف الانارة وغيرها من المصاريف وفي المقابل فإن العربة التي يتجول بها يبيع من خلالها بعض الأدوات البسيطة مثل إبر الخياطة وأدوات الكهرباء وأدوات تنظيف الأحذية وغيرها كما يمكنه التنقل بها من مكان الي آخر بحثا عن الرزق موضحا أن ما لجأ إليه أصحاب المحال ببناء السرداقات أمر طبيعي ولكنه لن ينجح في جذب الزبائن لأن الزبون يشتري من الباعة لرخص ثمن البضائع وليس طريقة العرض. وقال إن هامش الربح قد يكون بسيطا ولكنه لا يدفع ضرائب ولا فاتورة كهرباء وقد يصل هامش الربح اليومي الي30 جنيها تزيد في المناسبات والأعياد وفي الوقت الحالي مع اقتراب العام الدراسي يزداد إقبال المواطنين علي الشراء موضحا أن باعة الأرصفة يراعون ظروف المواطنين بتقديم سلع رخيصة تتلاءم مع وضعهم المادي بعكس أصحاب المحال. وفي النهاية فقرار إنشاء سويقات يحتاج الي الجدية والتنفيذ العملي حتي يجد الباعة الجائلون لأنفسهم مكانا بعد أن اغتصبوا الميادين بالقوة بعد الغياب الأمني وهو ما أدي الي اختناق الميادين حيث منعت السيارات من التحرك بحرية والمشاة لا يجدون لأنفسهم مكانا وسط هذا الزحام الشديد وسيارات الباعة وسرادقات المحال وجعل الميادين مصدر طرد بدلا من أن تكون مصدرا للجذب لذلك لابد من طرد الباعة وتخصيص أماكن لهم بالأطراف. فلاشك أن الميادين تحتاج الي حملات مشددة كما حدث بالعتبة والجيزة لاعادة الوجه الحضاري ومراقبتها بشكل مستمر حتي لا يعود الباعة مرة أخري.