بعدما شهدت العلاقات بين الصين والولاياتالمتحدة عاما من النجاحات والاخفاقات في2011 هل يتجه البلدان العملاقان إلي التصادم أم التعاون في عام2012 وسط المخاوف الاقتصادية العالمية وانتخابات الرئاسة الأمريكية؟. الاجابة عن هذا السؤال ليست واضحة. ويعزا هذا جزئيا إلي الرسائل المتناقضة الصادرة عن واشنطن في العام المنقضي. حيث كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد صرح في بداية عام2011 بأن واشنطن تعتزم تنفيذ تعاون قوي مع الصين, ولكنه في وقت لاحق عقد اجتماعا مع الدالاي لاما ووافق علي صفقة أسلحة لتايوان وتدخل في قضية بحر الصين الجنوبي. وعندما حلت الصين محل اليابان لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة, أثار هذا التحول في ميزان القوي حفيظة القوي الكبري الوحيدة في العالم التي ابتليت بالاضطرابات الاقتصادية والبطالة. ولا شك في أن العلاقات الصينية- الأمريكية تتجه نحو الخضوع لجولة جديدة من اختبار التحمل في عام2012 لاسيما وان هذا العام يمثل أهمية سياسية خاصة إذ تستعد الولاياتالمتحدة لإجراء انتخابات الرئاسة كما تطل قضايا سياسية شائكة أخري برأسها. وذكرت وكالة أنباء( شينخوا) انه في عام الانتخابات, كما جرت العادة,ربما يعيد المرشحون المحتملون للرئاسة في الولاياتالمتحدة لعبة توجيه ضربات للصين لكسب شعبية. وبالفعل لجأ المرشح الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة ميت رومني, علي سبيل المثال لا الحصر, لانتقاد الصين قائلا انها تمثل تهديدا في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية. وتمثل التجارة قضية ساخنة أخري إذ غالبا ما يتم الربط بينها وبين سعر صرف العملة. وافترض بعض الساسة الأمريكيين أن الصين تتعمد التلاعب بقيمة عملتها لكسب ميزة لصادراتها, وقالوا إن سعر صرف العملة السبب الرئيسي للخلل التجاري بين البلدين. لكن هذه الخدعة الوحيدة لن تنجح في كل مرة, وبخاصة بعدما تشابكت مصالح البلدين بشكل متزايد. وكان حجم التجارة الثنائية بين البلدين قد ازداد في الأشهر ال10 الأولي من عام2011 بنسبة17 في المائة علي أساس سنوي مسجلا363 مليار دولار أمريكي. ان الامريكيين الهادئين يدركون بكل تأكيد اهمية التجارة الصينية- الامريكية. ومن المأمول ان يقتصر الحديث حول الحرب التجارية علي الحملات الانتخابية فقط. وهناك قضية اخري ربما تضيف ايضا اجواء من عدم اليقين علي العلاقات بين البلدين في عام2012 ألا وهي العودة القوية للولايات المتحدة الي اسيا. فقد اثارت التحركات الامريكية الاخيرة في المنطقة شكوكا بأن هدف واشنطن هو موازنة النفوذ الصيني المتنامي في اسيا. وقد اظهرت الحقائق في السنوات الاخيرة ان العلاقات المعقدة بين البلدين الكبيرين كانت دائما تتميز بمزيج من التوافق والخلاف, والتنافس والتعاون. والهدف هو الحفاظ علي التعاون كتيار رئيسي في العلاقات الثنائية. وبفضل الحوار واليات الاتصال القائمة تجنب الجانبان بنجاح الدخول في حالات تتسم بالخلاف الشديد. وقد عقد قادة البلدين اجتماعات متكررة عمقت الثقة السياسية في العام الماضي. كما عززت الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي والتي تضمنت مسؤلين امنيين لأول مرة, عززت التفاهم المتبادل بين البلدين في المجالين الاقتصادي والعسكري. ومن ثم فإن علاقات صينية- امريكية مستقرة وصحية لن تخدم مصالح القوتين الكبيرتين وشعبيهما فحسب, وانما تساعد العالم ايضا علي التغلب علي مشاكله الاقتصادية الراهنة. وسبق ان قال اوباما ان بلاده ترحب بصين قوية وناجحة ومزدهرة ومستقرة, وتأمل الصين ايضا من الولاياتالمتحدة ان تتغلب علي ازمة ديونها في اقرب وقت ممكن, لأن ذلك من شأنه ان يوفر فرصا اقتصادية هائلة للبلدين. وعلي الرغم من الخلافات والشكوك الكثيرة, فإن الكثيرين لديهم كل الاسباب للاعتقاد بان الصين والولاياتالمتحدة ستبذلان اقصي ما في وسعهما في العام الجديد للحفاظ علي علاقة مستقرة وتجنب الصراعات التي من شأنها ان تلحق ضررا حقيقيا.