وجد تامر نفسه وحيدا يلاطم أمواج الحياة العاتية بعد أن هجر أهله ليسلك دروب الإجرام وهو يرفع شعار الغاية تبرر الوسيلة, فقد كانت غايته هي اكتناز الأموال الحرام ووسيلته هي الابتزاز وترويج المخدرات, ولم يكن لتامر محطة إجرامية ثابتة بل كان يتنقل مابين المراكز والقري حتي سقط أخيرا في قبضة رجال الشرطة بمحيط أحد مراكز محافظة أسوان. وجد تامر من أسرته تدليلا ما بعده تدليل يأمر فيستجاب له, وهو ما حذر من عواقبه بعض الأصدقاء والأقارب خشية علي الطفل المدلل من الفساد الذي سيتلف أخلاقه, ولكن ضرب الأب بكل كلمات النصح عرض الحائط قائلا ولدي وأنا حر فيه. وفيما مرت سنوات الدلع وجاء وقت الالتحاق بالمدرسة اصطحب الأب طفله وهو سعيد بتقديم أوراقه إلي إحدي المدارس القريبة من بيت العيلة وفي مشوار العودة أسدي له ولأول مرة نصيحة تفيده قائلا له لقد انتهي زمن الدلع يا ولدي وعليك بأن تحقق لي ما أتمناه. لم يستوعب الولد الصغير نصيحة أبيه لتدور الدنيا وتضع أوزارها علي الأب بعد أن ضاقت به سبل العيش ولم يعد قادرا علي تلبية مطالبه التي تعود عليها فلجأ تامر إلي أقرانه الذين ضاقوا به ذرعا من تصرفاته التي لم تكن تناسب عمره الصغير. وفجأة تلقي الأب إنذارا من المدرسة بالفصل بعد تكرار غيابه عن الحضور, ولأول مرة يخرج عن شعوره مستعيدا نصائح أقاربه القديمة ليلقن تامر علقة ساخنة لم يكن الأخير يتوقعها. ومرت أيام قليلة انتظم بعدها الولد في دراسته, ولكن سرعان ماعاد إلي سيرته الأولي, حتي صدر فرمان من أبيه بخروجه من التعليم ليلتحق بعدها بورشة حرفية فربما يتعلم صنعة تقومه وتعيده من جديد. وبمرور السنوات ومع حرفته الجديدة, التقي تامر ببعض زملائه المنحرفين الذين تعلم علي أياديهم التدخين وانتهي كالعادة بالإدمان فكان كل ما يقبضه كل يوم من أجر ينفقه علي البانجو وملذاته, بينما الأب اليائس لا يعلم شيئا عن ابنه فتركه يسقط وسط هذه الشلة الفاسدة دون تدخل إيجابي ينقذه من براثنها وبإدمانه وإهماله في عمله لم يجد صاحب الورشة التي يعمل بها تامر سوي طرده. خرج الشاب وكأنه كان يتحين هذه الفرصة ليتجه إلي عالم الإجرام الذي بدأه بترويج المخدرات وتطور إلي جرائم أخري وقع بسببها في قبضة رجال الأمن وسرعان ما خرج منها بألاعيب المحامين وثغرات القوانين. وأمام اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية ومدير أمن أسوان, استعرض اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية خطة إدارته للإيقاع بالمجرمين وأرباب السوابق والمسجلين الخطيرين حيث وجه مدير الأمن بسرعة ضبطهم وتطهير المجتمع الأسواني من تلك البؤر التي تقلق الشارع وتعيد له الانضباط المطلوب. وضع رجال المباحث قائمة بأسماء المطلوبين بشكل عاجل وكان تامر واحدا منهم خاصة بعد أن دلت التحريات والمعلومات علي عزمه بترويج كمية من البانجو في أيام العيد, كما أكدت المعلومات أن المطلوب قد سبق ضبطه واتهامه في7 قضايا متنوعة آخرها قضية مخدرات بمحيط مركزي كوم أمبو ونصر النوبة وفيما كان الهدف يستعد لتحقيق مآربه, كان رجال المباحث قد انتهوا من تقنين الإجراءات ورصد تحركاته, حيث تم القبض عليه وهو غير مصدق أنه سقط وبحوزته16 لفافة بانجو وسلاح أبيض, بينما الأب الحزين يبكي بدلا من الدموع دما وقلبه منفطر حزنا علي ولده, بعد أن دفع ثمن فاتورة التدليل وعدم الاستماع لنصائح أهل الخير.