تأتي سيطرة تنظيم داعش علي كامل مدينة سرت الليبية, وتمدده علي أكثر من300 كيلومتر علي الساحل, بامتداداته نحو الجنوب, حيث أكبر حقول النفط, لتدق جرس إنذار قوي من خطر يهدد بوابتنا الغربية, خاصة مع النمو الكبير والسريع في أعداد مسلحي التنظيم, والذي يعزوه المراقبون إلي العديد من العوامل, منها إجبار التنظيم أعدادا كبيرة من المواطنين المدنيين علي الانضمام, حيث أشارت منظمات حقوقية إلي إجبار معظم سكان سرت علي كتابة استتابة في المساجد, وتكليف الخطباء والأئمة بجمع توقيعات السكان علي الاستتابة, خاصة من المنضمين إلي الجماعات الصوفية الكافرة في نظرهم, وإعلان البيعة لداعش, وإلا فإن عقوبات مروعة تنتظرهم, وهناك تقارير عن عمليات إعدام لمن لا يرضخ لحكم الدواعش. كما يتدفق مقاتلون علي ليبيا من عدة دول افريقية منها مالي ونيجيريا, حيث جماعة بوكو حرام القريبة من الدواعش في أفكارها, أما الرافد الأهم فهم الليبيون والتونسيون العائدون من سورياوالعراق, وبعض الجنسيات الأوروبية والآسيوية التي تخشي التوقيف إذا ما عادت إلي بلادها, التي وضعت قوائم سوداء بانتظارهم في المطارات. هكذا نجد أن الأوضاع في ليبيا مرشحة للمزيد من التفاقم, بعد أن تحولت المناطق الواسعة في وسط ليبيا إلي دولة خلافة جديدة, يعزز هذا الرأي أن مدينة الرقة السورية العاصمة الحالية لتنظيم داعش تشهد عمليات نزوح واسعة من قيادات داعش, باتجاه الموصل في العراق, والمرجح ألا يمضي وقت طويل حتي يبدأ الزحف عليها أيضا, بعد أن توافقت كل الأطراف المختلفة علي إنهاء دولة داعش في سورياوالعراق, وهو ما يجعل مدينة سرت عاصمة جديدة لداعش. لا يبدو أن هناك إرادة لدي أوروبا والولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات كفيلة بالحد من التمدد الداعشي في ليبيا, فجهود المصالحة السياسية لا تراوح مكانها, وتنتقل من عثرة إلي أخري, وسبق رفض مشروعي قرارين من مصر إلي مجلس الأمن, الأول يمنح مصر حق التدخل العسكري في ليبيا, والثاني يسمح بتسليح الجيش الليبي, كما لم تجد الدعوة المصرية لتدخل حلف الناتو أي استجابة, وهو من نقل الحالة العراقية إلي ليبيا, ما يعني أن التمدد الداعشي في ليبيا يحظي بقبول غير معلن من جانب أوروبا وأمريكا والدول التابعة لهم. الوقت في صالح تنظيم داعش الذي يحصن معاقله, ويستقبل المزيد من المسلحين, وتمنحه السيطرة علي أهم حقول النفط ومراكز تصديره مزايا جديدة, وما لم يتم التحرك السريع, فقد نجده قد سيطر علي بنغازي, التي لديه موالون فيها, ليصل إلي الحدود المصرية, وتصبح عمليات التسلل سهلة من حدود صحراوية تزيد عن ألف كيلو متر. إن لمصر الحق في التدخل لضرب داعش في ليبيا, فهو يتصدر قائمة الإرهاب, وسبق أن تعرض المصريون في ليبيا والواحات إلي أعمال قتل وحشية علي أيادي الإرهابيين, وهناك الكثير من دول أوروبا وغيرها تشن هجمات علي داعش في سورياوالعراق, لمجرد احتمال تعرضها للخطر, وأمام مصر, والتفاهم والتنسيق مع الجزائر, التي تتعرض لمخاطر مماثلة, وتجمعهما مصالح مشتركة, والتعاون مع روسيا في مواجهة إرهاب داعش, في تحالف أكثر فعالية وجدية. أما التهوين من خطر داعش علي مصر, أو الترويج لنظرية وجود كمين في ليبيا, والسعي لاستدراج مصر إلي هناك, فيبدو أنهم لن ينتبهوا, أو لا يريدون أن ننتبه, إلا بعد أن ندفع ثمنا باهظا بسبب التأخر في مواجهة الخطر.