أخيراً ينتبهون إلي ما حذرت منه مصر مراراً وتكراراً. لكنهم وللأسف الشديد- لايفعلون ذلك إلا بعد أن وقعت الواقعة، ووصل الإرهاب الداعشي إلي قلب أوروبا وأصبح يهدد العالم كله. الآن.. يعترفون بأن ليبياعلي وشك التحول لعاصمة جديدة لهذا الارهاب بعد أن بدأت قوافل من الارهابيين في الهروب من سوريا إلي ليبيا بعد التدخل الروسي الذي وجه ضربات حقيقية ولم يكتف بالتمثيل والإدعاء كما فعلت أمريكا وتحالفها لأكثر من عام إزدادت فيه قوة دعش مرات ومرات!! منذ البداية.. طالبت مصربأن تكون الحرب علي الارهاب حرباً شاملة لكل الجماعات الارهابية، وفي كل المواقع التي تتمركز فيها، وليس في العراق فقط، كما أرادت أمريكا لتنفذ مخططاتها!! ومنذ البداية.. قلنا إن مسئولية الوضع في ليبيا تقع علي حلف «الناتو» وحلفائه الذين قاموا بتدمير الدولة هناك، ثم تركها للفوضي وعصابات الإرهاب الإخواني الداعشي.. رافضين أي جهد للوقوف ضد هذا الخطر، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، متصورين أنهم بذلك يحصرون الخطر في الدول المحيطة بليبيا وخاصة مصر التي مازال البعض- حتي الآن- يريد حصارها واستنزاف قواها. الآن تدرك قوي الغرب أن الارهاب- بعد أحداث باريس- قد أصبح خطراً داخلياً سيدوم طويلاً علي ودولها، وليس مجرد زائر عابر يرتكب جريمة ثم يمضي!! ويقول رئيس وزراء فرنسا بالأمس أن ليبيا ستكون مركز الارهاب في السنوات القادمة، وأن الحرب علي هذا الوباء لن تنتهي بضرب داعش في سوريا أو العراق. ومع ذلك فلم نسمع صوتاً رسمياً في أوروبا أو خارجها يطالب بالإسراع في استئصال الدواعش في ليبيا قبل أن يستفحل أمرهم. علماً بأن ذلك -إذا تم- سيكون عونا للجهود التي تبذل لتشكيل حكومة موحدة، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش الليبي الذي يفرض عليه الآن حصار وتمنع عنه الأسلحة. وتقول أحداث مالي إن الخطر ليس من «داعش» وحدها بل من كل جماعات الارهاب التي وجدت في ليبيا ووسط افريقيا مساحة لها. وأول من يهدده هذا الخطر هو الدول العربية المحيطة بليبيا والقريبة منها، وفي المقدمة مصر وتونس والجزائر. وللأسف الشديد ورغم تعدد الاجتماعات، فمازالت وجهات النظر مختلفة حول مواجهة الخطر. ورغم استيلاء الدواعش علي مدينة «سرت» الاستراتيجية، فمازال الجيش الليبي محروما من السلاح الذي يتدفق علي عصابات الارهاب.. ومازالت محاولات بعض القوي العربية والاقليمية والعالمية لاستخدام جماعات الارهاب لتحقيق أهدافها قائمة.. وكأن أحدا لم يأخذ العبرة بما حدث في العراقوسوريا واليمن.. أو كأنه يتعمد تكرار المأساة!! نقف مع كل جهد لانقاذ ليبيا واستعادة وحدتها وإعاة بناء دولتها. وفي نفس الوقت نقف بكل حزم ضد أي تهديد لأمن مصر واستقرارها يقترب من حدودنا الغربية أو يتخذ من أرض ليبيا الشقيقة مركزاً لعملياته الإرهابية ضدنا. ولعل عصابات الدواعش والاخوان تفهم ذلك جيداً.