ارتميت عليه أقبله, ضممته إلي صدري بشوق الليالي التي غبت عنه فيها, غمرت رأسه ويديه بقبلاتي, غسلت قدمته بدموعي, جففتهما وأرحتهما في حضني.. عزتي وكبريائي لا أحسهما إلا في جلستي هذه, أنت روحي لاناته.. نزفت جروحه في.. تناثرت الذكريات حينما تمددت بجواره, اعتذرت عن تقصيري, نظر إلي بحنوه المعتاد, مد ذراعيه ببطء سنية الخصبة.. لفهما حول عنقي.. ضمني إليه طويلا.. هدأ من روعي.. أنساني إحساسي بالدونية, ضجت الغرفة بصوت انتفاض باب البيت.. دلفت.. خيالها يسبقها إلينا, وقفت فاغرة فاها مطاطيا.. فغر في, ارتعدت, وتعطلت حواسي, تصلبت أطرافي, لم أفكر إلا فيه. طوال عمري أدعي أنني أكره الزواحف.. لكنني في الحقيقة لم أخف من شئ في حياتي خوفي من الثعابين والحيات, حتي الكوابيس التي تهاجمني.. تضربني بصورتيهما. قفزت معترضا طريقها لأمنعها من الوصول إلي من.. عاش يظلنا بظله في الحر إذا اشتد, يدفئنا بروحه من البرد إذا قسي, إلي من صارع الدنيا من أجل أن نحيا. لاطف هذا.. عنف هذا.. ابتسم لهذا.. غضب من هذا.. ثار في وجه هذا.. من أجل بقائنا. لتأخذ روحي قبل أن تصل إليه, ضربتني برأسها.. فألقت بي يمينا, استمرت في الزحف إليه, عدت إليها.. ألقت بي يسارا, عدت إليها.. قذفت بي خلفها.. عدت إليها.. محاولا الوصول لفهما علها تفرغ سمها في, قبلت يدي, تخدرت حواسي.. سقطت.. لم يبق مني إلا الرأس يراقب. قفزت علي صدره, روحي وصلت إلي الحلقوم, تقطعت الحروف الهامسة في فمي.. أ ب ي.. أقولها بصوتي المخنوق.. أهز رأسي.. الكابوس الذي يهاجمني أبدا أعيشه الآن بأبشع صوره.. أهز رأسي كي أفيق, لايهتز.. ولا أفيق.. والكابوس لاينتهw. فردت نفسها علي جسده طولا.. ووضعت صدرها علي صدره, أشتد غضبها, انطلق فحيحها.. ملأدنيانا, تطعن برأسها في كل الاتجاهات.. معركة حامية بينها وبين مالانراه, تصارع بقوة تكر وتفر أمام رأسه, تفتح فمها, تظهر أسنانها المتعطشة للفريسة, لسانها يتحرك بسرعة.. كأنها تزغرد.. نشوة وانتصارا. هدأت.. أغلقت فمها.. ضمت جسدها جميعا علي صدره, اقتربت برأسها من رأسه, وضعت فمها علي جبهته, قبلت رأسه في حنان زائد, استدارت. في طريق عودتها.. نطقت بصعوبة.. لماذا؟ قالت: لاتشغل بالك بالأنات والجروح, كلها لها دواء.. ومهما عظمت.. تنتهي بفناء الجسد.. سنة الله في بني الانسان, لكن حذار من عضة الروح.. ليس لها دواء.. وتبقي في الخلود بآلامها. عادت لصمتها.. استمرت في سيرها.. سير المنتصر, توقفت علي باب الغرفة, استدارت في قوة وثبات.. استدارة الجندي العائد بالنصر لقائده, وقفت علي طرف ذيلها, أصبح الجسد الناعم.. الزاحف خطا مستقيما في مواجهته, أحنت رأسها في قوة وخضوع, عادت إلي طبيعتها, اتخذت طريقا, انتبهت وجدته مستيقظا.. تزين شفتيه ابتسامته الصافية, مد يده ببطء المرحلة التي عاشها بين النكسة والانتصار. طوقني بذراعيه.. ضمني إليه هامسا.. عصا موسي ترعي جنود سيناء.