تمثل المعارك العسكرية المحتدمة ابتداء من سوريا الى اليمن وليبيا ,مرورا بالعراق, و الانباء المتواترة حول نزيف ضحايا الغارات والعمليات العسكرية واخوانهم الذين يقبعون فى اعماق البحار والمحيطات من ضحايا سماسرة الهجرة غير الشرعية, او هؤلاء الذين احتجزوا خلف اسوار معسكرات اللاجئين فى دول العالم, ثم عمليات التطهير العرقى فى مينمار والنزوح المكثف الى بنجالاديش –نزوح الفقر الى الفقر- ,لتشكل مزيدا من تراكم الملفات الاقتصادية الساخنة التى تفرض نفسها على الساحة الدولية.كم من مليارت مطلوبة لاعادة بناء مدن الاشباح وكم من المليارات مطلوبة لاعادة استيعاب النازحين داخل اوطانهم او اللاجئين الى الخارج واعادة عجلة التنمية وخلق فرص عمل—وكم من عالم واستنزاف للعقول البشرية فى البلاد التى وقعت فريسة لهذه المعارك العسكرية ؟؟ ويكفى ان نشي الى ان 26 فى المائة من اجمالى اللاجئين فى العالم (22,5 مليون )من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا,وان 55 فى المائة من من اللاجئين فى العالم من سوريا وافغانستان وجنوب السودان ,واذاضفنا الى ذلك 5,5 مليون لاجئ فلسطينى-----ستكون الريادة العربية فى عدد اللاجئين وسط تخوم الثروة وبذخ الانفاق!! . واذا انتقلنا الى ساحة الجيبوليتكيا( الجغرافية السياسية) سوف نجد ان التوترات السياسية والمشاكسات والتهديدات العسكرية—وصلت الى درجة الغليان فى شبه الجزيرة الكورية واطلقت صفارات الانذار فى الصينواليابان وسط تهديدات امريكية ومحاولات تهدئة روسية والمانية,ومرة اخرى وليست اخيرة ,تفرض الملفات الاقتصادية نفسها بالنظر الى التبعات والاعباء التى تترتب على انفجار الاوضاع من دمار وتدمير لعجلة التنمية الاقتصادية, وبالتالى التاثير فى النظام الاقتصادى العالمى وقد ترجم ذلك فى قفزات اسعار الذهب وانخفاض قيمة الدولار.ثم حساسية البورصات وخوف رؤوس الاموال بالنظر الى العقوبات الاقتصادية التى تتوالى بالنسبة لكوريا الشمالية منذ الحرب الكورية فى الخمسينات وهدوؤها نسبيا فى ظل تقارب الكورتين,ثم عودتها بقوة فى بداية العقد الثانى من الالفية الثالثة(2010) نتيجة طموحاتها النووية. وتاتى روسيا فى قائمة الدول التى فرضت عليها عقوبات منذ عام 2013 واستمرت حتى الان ,نتيجة التوترات الجغرافية السياسية التى اندلعت مع اوكرانيا ودفعت واشنطون وبروكسل وكذلك المنظمة الدولية الى اقرارها. وذات الوضع ينطبق على العقوبات الامريكية التى فرضت على فنزويلا-احدى دول الفناء الخلفى لها-لتنضم بذلك الى كوبا التى خضعت لعقود لعقوبات وحصار امريكى اقتصادى وتكنولوجى,انفرج فى نهاية حكم اوباما ثم تعكرت العلاقات فى ظل الرئيس دونالد ترامب. وبالانتقال الى اوروبا—نجد ان كافة التطورات التى شهدتها مثال الانتخابات العامة فى بريطانيا ونظيرتها فى فرنسا,كانت مرتبطة بملف خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى-بريكسيت-والدفاع عن هذا الاتحاد من ناحية اخرى.وهو ذات الوضع بالنسبة للانتخابات الالمانية التى ستجرى فى غضون ايام,فقد كان للموقف الذى اتخذته المستشارة الالمانية-انجيلا ميركل-دفاعا عن الاتحاد والعملة الموحدة ازاء سياسة التسيب المالى فى اليونان ومحاولة بريطانيا هدم البنيان,اثره فى ارتفاع شعبيتها وكانت الملفات الاقتصادية طوق النجاة لها وسط حملة انتقادات لاذعة لسياستها فى مجال استيعاب المهاجرين. وبالنسبة لازمة قطر-فعلى الرغم من الطبيعة السياسية المحضة لهذه الازمة,الا ان ارتباط سلوك الدوحة بتشجيع وتمويل الارهاب,جعل للملف الاقتصادى حرارته المشتعلة بالنظر الى الخسائر التى منيت بها الدول التى تعرضت وتتعرض للارهاب ,كما ان قطر تعانى اقتصاديا من تبعات سياستها غير الرشيدة فى هذا المجال,وبما يمثل ورقة ضغط عليها فى ذات الحال. وجاءت غضبة الطبيعة فى امريكا لتضيف عبئا اقتصاديا ,ممثلا فى المليارات التى يقتضيها اعادة بناء ما خلفته من دمار(300 مليار خسائر و150 مليار دولار لاعادة البناء وعلى الرغم من بعد هذه الغضبة عن السياسة الاانها تفتح ملف اقتصادى بالغ السخونة يمس الامن القومى الامريكى والمسارعة الى تقديم مساعدات فيدرالية ,بينما يتراكم عجز الموازنة الامريكية وينخفض انتاج النفط الخام. انه الاقتصاد ---الذى دفع بالصين الى منافسة الولاياتالمتحدة—وعزز من موقف اوروبا— وحافظ على وضع اليابان -ولاعزاء لمن يتخلف عن الركب.