*7% فقط من حجم الإنفاق المحلي في مصر * معظم الدول التي انضمت لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد أخفقت في التنفيذ * جوبتر ينتقد تركيز الحكومة المصرية علي الحدين الأدني والاقصي للأجور ------------------------ اتخذت قضية الحوكمة أهمية بالغة في الآونة الأخيرة في بلدان الوطن العربي بصفة عامة وبلدان الربيع العربي بصفة خاصة وذلك لما تثيره من قضايا متعلقة بمكافحة الفساد والمساءلة والمشاركة في صنع القرارات ورفع مستوي الكفاءات وبناء القدرات. في هذا السياق نظم مركز شركاء التنمية بالتعاون مع مكتب البنك الدولي بالقاهرة ندوة بعنوان أولويات الاصلاح وإعادة الهيكلة في البلاد العربية أثناء المراحل الانتقالية, ناقشت العديد من الاجراءات التي اتخذتها عدد من الدول منها المغرب والجزائروتونس واليمن وليبيا للاصلاح المؤسسي ومكافحة الفساد وأسباب ضعف الإجراءات التي اتخذتها مصر فيما يتعلق بمكافحة الفساد. وفي هذا السياق, أوضح جوبتر هادنهوف- مدير وحدة الحوكمة والقطاع العام بالبنك الدولي بالشرق الاوسط وشمال افريقيا ان البنك الدولي لا يتبني تعريفا محددا للحوكمة ولا يفرض معني معينا علي أي دولة وإنما هناك عدد من الأبعاد المختلفة التي تعتبر الإطار العام للتعريف. ولا تقتصر الحوكمة علي مكافحة الفساد فقط وانما تمتد لتشمل الشفافية والمساءلة والمشاركة في صنع واتخاذ القرارات ورفع مستوي الكفاءات وبناء القدرات. واشار الي انه فيما يخص إقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا فإن البنك الدولي يقسم الحوكمة الي ما قبل الربيع العربي وبعده, فمثلا معظم المؤشرات التي تتعلق بالمنطقة تشير الي معدلات نمو مرتفع يصاحبه انخفاض في جميع المؤشرات الأخري وذلك قبل الربيع العربي وبمقارنة تلك المؤشرات بدول امريكا الجنوبية نجد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أضعف كثيرا من دول امريكا الجنوبية في جميع المؤشرات بالرغم من التغيرات الضخمة التي حدثت. وأوضح ان البدان التي تمر بمراحل التحول الديمقراطي في المنطقة لاتزال تعاني من مشكلات الفساد بصورة كبيرة ويرجع ذلك الي ضعف المؤسسات, كما ان الجهود المبذولة لمكافحة الفساد عادة لا تأتي بردود سريعة وإنما تأخذ وقتا. وأشار الي ان التغيرات التي حدثت في المنطقة مؤخرا أثارت العديد من المناقشات فيما يتعلق بالحوكمة السياسة والاقتصادية وقضايا العدالة الاجتماعية وان مصر قامت ببعض الاصلاحات فيما يتعلق بالشافية في الموازنة وقانون تضارب المصالح واصلاح التشريعات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني ولكنه مازال ضئيلا. كما ان تونس واليمن أحرزتا تقدما ملحوظا فيما يتعلق بقضايا مساءلة الدولة وكلاهما ركز علي قضية ادارة الموازنة, حيث قامتا باصلاحات تشريعية كبيرة في هذا علي الرغم من انه لم تطبق هذه الاصلاحات بشكل كبير. كما ان معظم بلدان هذه المنطقة تحاول إدخال الشعوب في تخطيط السياسات. اوصي جوبتر بالبدء بالاصلاح المؤسسي للقطاع العام ورفع مستوي كفاءة العاملين في الحكومة فالبرغم من ان منظمات القطاع العام في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا مؤسسات ضخمة فإن أداءها اقل بكثير من منظمات القطاع العام في البلدان الأخري, وأنه لمواجهة هذه النقطة يجب تحديد دور كل من الحكومة والقطاع العام والقطاع الخاص فيما يتعلق بالخدمات التي يقدمها كل منهم كالتعليم والصحة, فالبلدان التي خرجت من صراعات كليبيا والعراق ركزت علي تحسين وتنسيق الادارة بين المؤسسات وبعضها وتنسيق انشطة الدولة ولكن مشكلتها الرئيسية هي ضعف الحكومات بها. كما ان الشركات القابضة التي تمتلكها الدولة والمؤسسات التي تعتمد علي التمويل الحكومي كالجهات بحاجة الي اصلاحات كبيرة نظرا الي انها لا تتم ادارتها بشكل يسمح بالشفافية وليس هناك معيار لانفاق هذه الاموال ومن افضل الأمثلة في الاصلاحات التي تمت المغرب, حيث قامت بإجراء افضل القوانين الخاصة بالحوكمة وطبقتها في جميع مؤسسات الدولة وبهذا سيطرت علي25% من اقتصاد المغرب. وأما فيما يتعلق بدعم الحكم المحلي اشار جوبتر الي ان الاموال التي تنفق علي المستوي المحلي مازالت متدنية في المنطقة فمصر مثلا تنفق7% من الميزانية فقط علي المستوي المحلي, لذلك يجب التفكير في تطبيق اللامركزية المالية وهذا ما قامت به الجزائر لمدة سنتين تمت خلالهما دراسة وإعداد التوصيات وإدخالها في القوانين والتشريعات الجزائرية. وأشار إلي أهمية تعزيز القانون فالفساد مازال منتشرا وهناك فجوة بين القوانين الموجودة وتطبيقها وهي ظاهرة تستدعي الانتباه فمعظم دول المنطقة لديها قوانين جيدة فيما يتعلق بمكافحة الفساد ولكن لا يتم تطبيقها بشكل جيد كما أن معظم الدول التي انضمت لاتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد أخفقت في تطبيقها. أشار د. هاني الحفناوي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلي أن إجراءات تطبيق الحوكمة ومكافحة الفساد معروفة وجميع الدول تقوم بإجراء إصلاحات مؤسسية وإجراءات تتعلق بتطبيق الحوكمة باستثناء مصر فإن الاجراءات بها ضئيلة جدا وليس لها اي تأثير. أوضح د. مصطفي كامل السيد المدير التنفيذي لمركز شركاء التنمية أن دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تحقق نموا اقتصاديا معقولا الا ان مؤشرات الحكم الرشيد ضعيفة جدا مقارنة بالدول الاخري كما أن الاصلاحات التي أدخلت فيما يتعلق بالحوكمة أثرها محدود ويمكن تفهم أن هذه الاجراءات لا تؤدي إلي تغييرات سريعة ولكن يجب دراسة ما إذا كانت التأثيرات الضعيفة ترجع لعامل الوقت ام أن هناك اسبابا هيكلية أخري. أوضح د. توبي مانديلا مدير تنفيذي بالبنك الدولي أن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تعاني من مشكلة حرية تداول المعلومات فمعظم المعلومات قابلة للوصول إليها في جميع البلدان كما أنه من حق الفرد العادي الحصول علي أي معلومات ولكن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تتبني قواعد معاكسة بحيث يكون الاصل في المعلومات السرية. كما أن حرية المعلومات لا تقتصر علي طلب المعلومات فقط وإنما الافصاح عنها وإخراجها من الاجهزة العامة والحصول عليها مجانا واستخدامها في جميع الأشياء. وأشار إلي انه في عام1990 كان هناك14 بلدا فقط التي تبنت قواعد حرية تداول المعلومات اما الان فأصبحت100 دولة, وأعرب عن أمله في انضمام مصر إليها. معلقا علي ضعف الاجراءات التي تتخذها مصر فيما يتعلق بتطبيق الحوكمة أشار جوبتر هادنهوف إلي أنه ليس هناك قاعدة موحدة لتطبيقها في الدول بالبنك الدولي فكل دولة مسئولة عن إجراء الاصلاحات بها, فبالبنك الدولي لا يعطي نصائح بحزم مفصلة وإنما هي مجرد نصائح مأخوذة من تجارب الدول المختلفة التي قامت بهذه الاصلاحات فالمراحل الانتقالية هي التي ترتب أولوية الاجراءات المتبعة وليس من المعقول ان تركز الحكومة المصرية علي الحد الادني والاقصي للاجور كنقطة بداية في الاصلاح لأن تأثيرهما علي الاقتصاد غير مجد. كما أن البلاد التي مرت بمراحل انتقالية في أمريكا الجنوبية وجنوب شرق اسيا عانت كثيرا ولكن هناك دروسا هامة من هذه التجارب أهمها ضرورة التعاون الوثيق بين الحكومة المركزية والاطراف الاخري في المجتمع, فمثلا تشير تجربة سوهارتو في إندونيسيا إلي ان التنسيق القوي كان له اثر بالغ في التنمية. وأوضح أنه هناك دائما مدخلا للاصلاح يجب التركيز عليه.