محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    حقيقة ظهور سيدة تعقر الأطفال في كفر الشيخ    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    رجل الدولة ورجل السياسة    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    كشف المجتمع    حين يصل المثقف إلى السلطة    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    درجة الحرارة تصل 43.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم بالسودان ببداية تعاملات الخميس 21 اغسطس 2025    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالاسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    ابلغوا عن المخالفين.. محافظ الدقهلية: تعريفة التاكسي 9 جنيهات وغرامة عدم تشغيل العداد 1000 جنيه    «لجنة الأمومة الآمنة بالمنوفية» تناقش أسباب وفيات الأمهات| صور    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    حماس: عملية «عربات جدعون 2» إمعان في حرب الإبادة.. واحتلال غزة لن يكون نزهة    زعيم كوريا الشمالية يدعو لتوسيع الترسانة النووية لبلاده    الصحة في غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 269 بينهم 112 طفلًا    شراكة جديدة بين «المتحدة» و«تيك توك» لتعزيز الحضور الإعلامى وتوسيع الانتشار    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    غزة: ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية إلى 94 خلال يوم واحد    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    احتجاجات في مايكروسوفت بسبب إسرائيل والشركة تتعهد بإجراء مراجعة- فيديو    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    عودة شيكو بانزا| قائمة الزمالك لمواجهة مودرن سبورت    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    وفاة أكثر قاض محبوب في العالم وولاية رود آيلاند الأمريكية تنكس الأعلام (فيديو وصور)    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الغربة» أوصلته للعالمية.. ناصر المزداوى.. الرائع الذى خرج ولم يعد!
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 11 - 2014


أحمد السماحى
أحدثت وفاة عبدالحليم حافظ فى 30 مارس عام 1977 صدمة كبيرة لدى الشباب المصري، خصوصا أن كثيرا منهم كانوا يعتبرونه مطربهم المفضل، والذى صنع نقلة نوعية مؤثرة في فن الغناء المصري، إذ نقل الأداء من حالة الطرب الصعب، والألحان الثقيلة، والآهات والليالي الطويلة، إلى حالة جديدة غير مألوفة على الأذن الموسيقية العربية، وقد نجح في أدائه نجاحا باهرا فاستقطب الشباب، لهذا كانت صدمة وفاته شديدة عليهم، فابتعد كثير منهم خصوصا شباب الجامعات عن الاستماع إلى الغناء المصري، بعد انتشار الأغنية الطويلة التى كان يتنافس عليها محرم فؤاد، وهاني شاكر، ووردة، وفايزة أحمد، ونجاة، وشادية، وشهرزاد، وعليا، واتجه هؤلاء الشباب إلى الغناء الغربي واللبناني.
وبدأت تظهر بوادر فرق موسيقية وغنائية مكونة من بعض الهواة المتمردين مثل عزت أبوعوف ومودي وحسين الإمام، وعمر خيرت، وهاني شنودة يقدمون فنهم لرواد الفنادق، في هذه الفترة تسلل بقوة إلى آذان الشباب المصري صوت ودود وبسيط، حسن التدريب لمطرب ليبي جديد اسمه « ناصر المزداوي» يغني بصحبة جيتاره.
مسافر وحامل في إيدي شنطة سفر.
مسافر وحامل فى قلبي حكاية عمر.
الغربة طريقي، ورفيقي
وأغلى أصحابي ضي القمر".
كانت الأغنية شجية ومعبرة عن حال كثير من الشباب فى هذا الوقت لهذا تسللت بسرعة إلى قلوبهم خصوصا أن كثير منهم كان يحلم بالهجرة، وكانت الأغنية إحدى أغنيات ألبومه الغنائي الأول أو تجربته الموسيقية والغنائية الأولى "فى الغربة"، التى جعلت إسمه كالنار في الهشيم.
وبدأت أغنيات الألبوم " مشينا، شنطة سفر، سافر لبعيد، زي الليلة، عيون عربيات، ولا من يسأل عني، يا أمي بعد سلامي، مرات"، تتردد بقوة بين الشباب، خصوصا أن الموسيقى المستخدمة في هذه الأغنيات كانت متطورة جدا تقوم على المزج الواعي بين الموسيقى الشرقية والغربية، كانت الموسيقى جديدة وغريبة على أذن الشباب المصري الذى تعود لقرون طويلة على الاستماع إلى الموسيقى والألحان التقليدية، ونظرا لحداثة فكرة الكاسيت آنذاك، كان الشباب ينسخون الألبوم الجديد للمطرب ويتناقلونه فيما بينهم، واستطاعت أغنيات الألبوم أن تصل للعالمية وتحقق نجاحا فنيا وتجاريا كبيرا جعل المزداوي يحصل على الأسطوانة البلاتينية عن أغنيات هذا الألبوم، وكان ثاني عربي بعد المطرب المغربي الكبير عبدالهادي بلخياط الذى حصل عام 1973 على الأسطوانة البلاتينية عن ألبومه " القمر الأحمر"، لكن كان الفرق بين بلخياط والمزداوي أن الأخير حصل على الأسطوانة وهو فى سن السابعة والعشرين، وبهذا يكون أصغر مطرب عربي حتى الآن يحصل على هذه الأسطوانة التى حصل عليها أيضا الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب عام 1978، وأخيرا عمرو دياب.
البداية مع النسور
ولد المزداوي عام 1950 فى طربلس لعائلة ثرية تنتمي إلى بلدة "مزدة" فى الغرب الليبي وهى مصدر نسبه واسم شهرته "المزداوي"، وقد حرص والده على الاهتمام به وتعليمه أكثر من لغة، وفى مراحل طفولته الأولى لفت نظر العائلة عشقه للغناء، حيث كان يصمت عن الكلام عند استماعه إلى أي أغنية تنطلق من الراديو، وعندما بدأ مرحلة الصبا إلتحق بمعهد "جمال الدين الميلادي" للموسيقي العربية فى طربلس، وتدرب على غناء الأشكال الغنائية العربية مثل الموشح، والدور، والمالوف، وتدرب على يد الشيخ قنيص، ورجب كريمه، وسالم تنكو، ومهدي بلوزة، وغيرهم من أساتذة الموسيقى في ليبيا، وبدأ ينهل من نبع الموروث الشعبي الليبي، وعشق عبدالحليم حافظ "موضة العصر"، لكن هذا العشق لم يمنعه من الاستماع إلى كل مطربين الخمسينيات والستينيات فى معظم العالم نظرا لإجادته خمس لغات أجنبية هي الإنجليزية، والفرنسية والإيطالية، واليوغوسلافية، من هؤلاء المطربين " محمد فوزي، محمد قنديل، فريد الأطرش، ومن ليبيا " محمد حسن، سلام قدري، خالد سعيد، محمد رشيد، محمود كريم، عادل عبدالمجيد، مصطفى حمزه، كما تأثر بكل من " الفيس بريسلي، فرانك سيناترا، توم جونز، ستيفن واندر، وخوليو، وجاني موراندي، وفرقة " البيتلز".
وقد ساعده هذا الشغف بالموسيقى والغناء فى العالم على تكوين فرقته الموسيقية "النسور"، وكان عمره لا يزيد على السابعة عشرة من العمر، وقد اختار من أبناء مدينته أفضل العازفين الذين يقاربونه في العمر، فكان هناك من يعزف على الجيتار، والدرامز، والساكسفون، والطبلة، والأورج، والعود من الآلات الشرقية، وقد نجح فى أن يحقق شعبية كبيرة لدى الشباب الليبي، وطاف بفرقته هذه كل مدن وأرجاء ليبيا مثل بنغازي، وطرابلس، وطبرق، وغيرها من المدن الليبية، كان ما يفعله هذا الشاب "المعجون" بالموسيقى والغناء جديدا على الليبيين .
فقد كانت الأغنية الليبية في هذا الوقت الستينيات تستمد إبداعها من أغنيات تراثية محفوظة ومعروفة بالنسبة للمستمع، وبرز العديد من الملحنين الذين تطلعوا إلى الرقي بمستوى الأغنية إلى نظيراتها في الأقطار الأخرى، خصوصا أن معظمهم درسوا الموسيقى العربية في المعاهد الموسيقية الموجودة في هذه الأقطار مثل مصر ولبنان، وتوصلوا إلى ضرورة التلحين وفق قاعدة علمية صحيحة، وبما يكفل للأغنية المحلية، أن تنهض وتنتشر عربيا، مع الاحتفاظ على هوية الكلمة والعمل الجاد على إعداد ألحان تأتي وفق المقامات العربية، والتعامل مع الشعراء الذين كان لهم الهاجس نفسه، وانتقاء الأصوات التي تجيد الغناء العربي على أحسن وجه، ونظرا لجهودهم المخلصة، لكسر الجمود الذي كان يكتنف الأغنية آنذاك بأطره التقليدية، بلغت الأغنية ذروة نجاحها في فترة قصيرة، وقياسية جداً، بالمقارنة مع العديد من التجارب المماثلة لها في أقطار أخرى، فقد أصبح لها كيان خاص على أيدي مجموعة من الملحنين منهم "على ماهر، ومحمد مرشان، وإبراهيم فهمي، وعطية محمد، وعبدالحميد شادي، وهاشم الهوني"، ومن الشعراء " أحمد الحريري، وعبدالسلام زقلام، ومسعود القبلاوي، وفرج المذبل، فقدموا بأصوات كل من " محمد السليني وعادل عبدالمجيد وخالد سعيد، ومحمود كريم، درراً وروائع كثيرة، مثل "يا بيت العيلة"، و"زي الذهب"، و"يا سلام ع النسمة"،و"بلد الطيوب" وغيرها، وبلغ نجاح هذه التجربة منتهاه، بعد ظهور الفنانين "أحمد فكرون" و"ناصر المزداوي"، فقفزت الأغنية الليبية قفزة كبيرة، إذ إنهما أوصلاها إلى العالمية.
الثورة الثقافية وحرق الآلات الموسيقية
مع بداية السبعينيات وتحديدا مع اندلاع "الثورة الثقافية" في ليبيا عام 1973، كان مجموعة من شباب المطربين الليبيين يعيشون حالة من التمرد على قوالب الغناء المتعارف عليها، كانوا يريدون أن يكون هناك خطاب جديد يستطيع أن يعبر عن تلك الفترة، ويحتوي كل طاقاتها التى فجرتها هذه الأحداث بدافع أن الفنان والغناء تحديدا ليس بمعزل عن ما يحدث، وبالفعل حاول اثنان من المطربين الليبيين المساهمة في تحويل الخطاب عن طريق التأصيل لأفكار وأطر مختلفة، وتقديم الأغنية القصيرة المتطورة التى أطلق عليها عندنا فى مصر بعد ذلك فى بداية التسعينيات الأغنية الشبابية، كان يقود هذا التيار من الغناء الليبي المتطور، المطربان أحمد فكرون وناصر المزداوي، كانا هذان الشابان بدعة منذ ظهورهما في بداية السبعينيات، وانضم إليهما بعد ذلك خالد العايب، ونجيب الهوش، والحسناوي، مما حرك النقد باتجاههم وتم تجاهلهم، والتعتيم على ما يقدمونه، برغم أنهم كانوا رائعين حينها، ويبشرون بمستقبل غنائي رائع، كان عيبهم فقط أنهم ليبيون وفي بلد لا يسمح حاكمه لأي نجم أن يشع إلا نجمه، ثم هولاء الشباب يستعملون الآلآت الغربية فتحول الفن إلي تهمة، فهولاء " حسب وثيقة اتهام النظام " يخدمون مصالح الغزو الثقافي، وتم حرق الألأت الموسيقية التى يعزف عليها ناصر المزداوي في محرقة عظيمة بميدان الشهداء، تماما كما فعل بأمهات الكتب، وألقى الرئيس معمر القذافي خطابا على إثره أودع مئات من خريجي الجامعات والكتاب والمفكرين والإعلاميين والمثقفين السجن لمجرد مناهضتهم لأطروحاته.
أحدثت "الثورة الفكرية"صدمة لكثير من الشباب وعلى إثرها هاجر من هاجر، واعتزل منهم من اعتزل، وخبا نجم بعضهم، واختار ناصر المزداوي الغربة، وما أقسى الغربة، وما أطول لياليها على قلب الإنسان، خصوصا إذا كانت مفروضة عليه ولا خيار لديه، سوى الاستسلام والسير في دروبها الوعرة المملوءة بالأشواك والغوص فى بحور الدمع الحزين لفراقه الأرض والأهل، هكذا عاش الفنان ناصر المزداوي سنوات طويلة مرت عليه وكأنها قرون عديدة، ينتقل من بلد إلى آخر، حامل آلام الشوق والحنين، ينتظر اللحظة التى يعود فيها إلى حضن الدفء والأمان، وكان لابد أن تنعكس هذه الغربة على أغنياته وموسيقاه فقدم ألبومه الثاني "رحلة عمري" ويغني فيه بصوت ملئ بالشجن والحزن قائلا:
"ماشى ومعاي حزني وآهاتي.
سايب ورايا كل ذكرياتي
عمري، وصبايا وسنين حياتي
عندي رفيقان شنطة سفر، وجيتار
دوما مسافرين، من مينا إلى مطار
أو منتظرين فى محطة قطار"
ورددت معه الجماهير من المحيط إلى الخليج أغنيته الحزينة
"طول عمري متغرب من دون العباد
وحياتي مضيعها من بلاد إلى بلاد.
والشوق مدوبني من كتر البعاد.
وحبايبي بيوحشوني بالذات في الأعياد"
وحقق "رحلة عمري" الذى تضمن أغنيات "يا عين، مرسالك، عيونها، سمارة، أول موعد، ليل الصيف، شكرا يا غربة، مو كلمة" نجاحا كبيرا ثبت أقدامه في عالم النجومية، خصوصا أنه وكما فعل في ألبومه الأول كتب ولحن ووزع كل أغنياته باستثناء أغنية "سمارة" التى كتبها حسن الصيد، بعد هذا الألبوم قدم ألبوم بعنوان "الليلة" تضمن ثمانية أغنيات هي "يا طير يا مسافر، بلادي، نحلم، يا خويا الإنسان، دوري بينا يا دنيا، جيتني وجيتنى السعادة، يا اللي نسيني"، وجاء ألبومه "وحداني" عام 2000 يحمل تجارب موسيقية وغنائية رائعة أهمها" ضي القمره، هدوء مش عادي، زي النسيم، أحلى كلام، شاورتلي بإيديها، مين زيك، إدللي"، وفي ألبوم " راجع" يغني أغنية لمصر التى يعشق السهر على نيلها فقال:
"يا مصر يا أم الدنيا
أنا راجع أشرب ميه من مية نيلك
وأتمشى فيكي شوية يا مصر بالليل"
تجارب موسيقية أخرى وعمرو
وتوالت ألبومات المزداوي فقدم تجربة مختلفة بعيدا عن الغناء والتلحين من خلال ألبوم " أنغام ليبية حول العالم" حيث قدم من خلال العزف على الجيتار المصحوب بالتوزيع الأوركسترالي في خلفية موسيقية مميزة ميلوديهات الموروث الشعبي العربي الليبي، كما لحن ووزع أغاني وموسيقى المسلسل التليفزيوني "جسر الحنان" الذى قامت المطربة الأردنية منى حداد بغناء أغنياته، ولم يقتصر عمله على الغناء لنفسه فقط فقد غني ألحانه عدد من المطربين العرب أمثال عمرو دياب، الذى غني له "حبيبي يا نور العين" التى حصل من خلالها على أكثر من جائزة عربية وعالمية، كما لحن له من سنتين أغنيته الجميلة " كمل كلامك" التى حملت اسم الألبوم، وقريبا سيجتمعان في أغنية جديدة بعنوان " بدر البدور"، كما لحن لليبي عبدو جبارأغنية بعنوان "يا ناكر جميلي"، وغيرهم من المطربين العرب.
ثورة على القذافي
على إثر اندلاع المصادامات المسلحة بين فدائيي الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بقيادة الشهيد البطل أحمد إبراهيم أحواس وبين قوات النظام خلال يومي 6، 8 مايو 1984 والتى أطلق عليها "عملية باب العزيزية"، قامت أجهزة النظام الأمنية ولجانه الثورية باعتقال المئات من أبناء الشعب الليبي في مختلف المدن ومن شتى الأوساط المدنية والعسكرية ممن شكت في تعاونهم مع فدائيي الجبهة، وعرضتهم بمن فيهم من بعض الأطفال والنساء، لأبشع أنواع التعذيب والقهر والإذلال النفسى والبدني، وشهد شهر يونيو 1984 الذي صادف ذلك العام شهر رمضان المبارك عام 1404 هجرية، محاكمة ثمانية من هؤلاء المعتقلين أمام محاكمات ثورية ميدانية صورية لم تستغرق سوى ساعات قليلة أصدرت بحقهم أحكاما جائرة بالإعدام نفذت بالساحات العامة، وعلى مرأى من المواطنين خلال ساعات من صدورها كما نقل التليفزيون مشاهد المحاكمة، وتنفيذ عمليات الإعدام الإجرامية وهدم البيوت، فثار المزداوي الذى كان يعيش في هذه الفترة مطاردا وقدم بكل حماسة أغنية ثورية تدعو إلى الثورة ضد القذافي بعنوان "ثوروا" يقول في مطلعها:
"ثوروا يا أهل بلدنا الحزينة
يا أهل البوادي يا أهل المدينة
فى جنوبنا وفى شرقينا، وفي غربينا
يا كل بطل منا ولينا يا جنودنا
ثوروا يا طيارين يا بحارين
فى كل موقع في كل مينا
يا أدباءنا يا كل فنانينا
يا شعراءنا يا كل مطربينا
ثوروا ... ثوروا"
وشجعت تجربة ناصر المزداوي خاصة بعد النجاح الكبير الذى حققته كثيراً من الفرق الغنائية والملحنين والمطربين المصريين والعرب على تقليد التجربة الجديدة، والبعض لم يقتصر بالتقليد، فقام باقتباس التجربة كاملة، وبدأ ينسج على منوالها لكن بطريقة تجارية، وحضر حميد الشاعري لمصر في بداية الثمانينيات وعمل بكل وضوح علي إثر وخطى نجاحات المزداوي مستعينا بكل ما أمكن حمله من أصيل الأغنية الليبية وحولها إلي مشروع تجاري بحت وكان ذكيا في اختيار القاهرة لانطلاقته، وفي هذه الفترة ظهرت شائعة قوية تقول إن المطرب والملحن الليبي "ناصر المزداوي" مات في الغربة، وصدق حميد الشاعري الشائعة ، ونظرا لحب الشاعري الشديد لهذا الفنان فقد كون على الفور فرقة اختار لها اسم "المزداوية"، تقديرا لفن المزداوي، ولم يكن اختيارا عبثيا لأن ناصر المزداوي حينها كان رائدا للأغنية الحديثة وله اسمه عند كل الفنانين العاملين في حقل الموسيقى، ومن هنا استمر حميد في العمل ليؤكد نفسه كرائد للأغنية الشبابية العربية في حين أن الحقيقة تقول إن معظم إبداعه مزيف ومقتبس من المزداوي ومن التراث الليبي.
المعارض السياسي
لعب المزداوي دورا فعالا في المعارضة الليبية فى الخارج وبالتحديد في " التنظيم الوطني الليبي"، وقدم ألبوما غنائيا وطنيا من خلال التنظيم منتقدا الطاغية معمر القذافي، وكان الألبوم يعرض في المؤتمرات المعارضة في الخارج، وشارك في تسليح ثوار 17 فبراير 2011 ، وشارك أيضا فى إيواء بعض الثوار إبان الثورة المباركة، وبعد ثورة 17 فبراير أنجز عددا من الأعمال الوطنية منها "أصلك ليبي" مع المطربة أسماء سليم، وأغنية "تعالى انضم لجيش بلادك".
المزداوي يستعد هذه الأيام لتسجيل ألبوم عاطفي جديد في ولاية بوسطن الأمريكية يتضمن أكثر من 12 أغنية، من كلماته وألحانه وتوزيعه، وسيكون الألبوم جاهزا للتسويق في الأسواق العالمية قبل نهاية العام الحالي، أو مع بداية 2015.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.