إنذار المعارك الدموية التي دارت بين الجيش السوداني وعناصر مسلحة في ولاية جنوب كردفان علي الحدود بين شمال السودان وجنوبه قبل أيام تعد جرس إنذار قويا للخرطوم بأنه إذا لم تستجب لمطالب أبناء جبال النوبة من سكان الولاية وأبناء ولاية النيل الأزرق المجاورة والمسلحين الذين حاربوا مع الجيش الشعبي في الجنوب قبل أن تسرحهم حكومته استعدادا للانفصال رسميا يوم9 يوليو المقبل فإنهم سيعودون لحمل السلاح ويطالبون بحق تقرير المصير والانفصال عن الشمال. فأبناء جبال النوبة والنيل الأزرق يشعرون بالظلم والتهميش ويقولون ان اتفاقية سلام الجنوب خيبت آمالهم وتركت مصيرهم مجهولا وأنهم قد يجدون أنفسهم بعد انفصال الجنوب ضائعين بين دولتين وحكومتين متنافرتين.فالمشورة الشعبية التي نصت عليها الاتفاقية ليختاروا شكل النظام الإداري الدائم للولايتين ليست أكثر من وصفة مجانية لحرب جديدة لأنها غامضة ولا تحدد جهة للاحتكام إليها عند الخلاف. فإذا لم يحصلوا علي نصيبهم العادل من السلطة والثروة والتنمية ويتمتعوا بحرية العقيدة والتعبير عن الرأي فسوف يسعون بالقوة للانفصال, حيث يخشون أن تفرض عليهم حكومة الخرطوم أحكام الشريعة الإسلامية. لهذه الأسباب وغيرها لم يضيع سكان جبال النوبة والنيل الأزرق وقتا وأخذوا يكدسون السلاح ويجهزون العناصر المسلحة من الذين قاتلوا مع جيش الجنوب خلال الحرب الأهلية انتظارا لما ستسفر عنه المشورة الشعبية. وتقدر حكومة الخرطوم عددهم بنحو40 ألفا خيرتهم بين تسليم أسلحتهم أو إعادة الانتشار في الجنوب وإلا أجبرتهم علي ذلك بالقوة. لقد فشلت الحرب والقمع في الحفاظ علي وحدة السودان..وليس أمام الخرطوم لتمنع اندلاع حرب جديدة سوي أن تسارع باستيعاب من يصلح من أولئك المسلحين في الجيش وإعادة تأهيل الآخرين ودمجهم في المجتمع المدني وتلبية مطالب أبناء الولايتين دون إبطاء أو تحايل ماعدا تقرير المصير وتهدئة مخاوفهم بشأن حرية العقيدة واختيار قياداتهم والشروع في مشروعات تنموية تحسن مستوي المعيشة,خاصة في التعليم والصحة ومياه الشرب والكهرباء, وتوفير فرص عمل لهم وتمثيلهم بالعدل في الحكومة والبرلمان المركزيين. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى