لم تكن الطعون الانتخابية جديدة في هذه الدورة البرلمانية لمجلس الشعب بل هي قديمة وبدأت تتنامي في آخر4 دورات وزادت بشكل ملحوظ في دورة2000 ثم وصلت لنحو700 طعن عام2005 وفي انتخابات هذا العام كان الوضع فجا وخطيرا مما أدي إلي وصول الطعون إلي ضعف الرقم السابق وقد اختلفت أسباب الطعون في المرات السابقة عن هذه الدورة2010 حيث تنوعت الأسباب في الدورات الثلاث التي تسبقها مثل موقف المرشح من الخدمة العسكرية أو القراءة والكتابة أو ازدواج الجنسية أو فئته سواء عامل أو فئات وبعضها بسبب التلاعب في البطاقات والتصويت, كما كانت بعض الطعون بسبب عضوية المرشح بنفس الدائرة لكن الغالب علي هذه المرة الأخيرة هو التلاعب في الصناديق وتقفيل اللجان والتزوير والبلطجة مما أدي إلي تناقض غريب واختفاء المعارضين تماما والمستقلين الحقيقيين وليس الذين يتبعون الحزب الوطني, بينما يتقدمون تحت مسمي مستقل جميع هذه العوامل كان لها دور في تفجير ثورة الشباب في البداية والتي أصبحت ثورة عارمة.. وللأسف الشديد كانت تصدر أحكام القضاء في الدورات السابقة ببطلان الانتخابات لكن سيد قراره أي مجلس الشعب الذي خول له الدستور أن يكون هو صاحب القرار الأخير ولهذا ضرب بجميع أحكام البطلان عرض الحائط وأصبح حكم القضاء رأيا مهملا إلا القليل منها أي التي تروق للنظام الحاكم.. ومع استمرار المهزلة الإنتخابية وتضارب وتخبط مواد الدستور التفصيل وصلنا إلي الشكل والوضع الذي وصلنا له في الدورة الأخيرة وما حدث بها من مهازل من أجل غرض معين وهو تفويت الفرصة علي أي شخص يريد أن يترشح لرئاسة الجمهورية أمام الشخص الذي تم تفصيل الدستور من أجله, لكن لا يعلم الجميع ما كان يخبئه الزمن.. فالسلطة الحاكمة. لم تكن تعي أن الطوفان الجماهيري قادم وإنهم سيعجزون أمام إرادة الشعب الذي تمثله الجماهير العريضة.. لذلك تبحث اللجنة المشكلة لتعديل الدستور تغيير عدد من المواد منها المادة39 لترد للقضاء الحق في تنفيذ حكمة دون قيد. وباستعراض الوضع في الدورات البرلمانية السابقة وكما جاء في تحقيقات الأهرام سابقا نجد أن آخر4 دورات هي التي اكتملت مدتها رغم ما كان يحدث بالانتخابات والتي كان أفضلها دورة5002 والتي خضعت للإشراف القضائي والتي احتل فيها المعارضون نحو27% من المقاعد مما أزعج الطبقة الحاكمة وأدي إلي تغيير الدستور حتي يتم زحزحة الإشراف القضائي من المسرح وتركها للموالين للحزب الوطني بمصالحهم وعصاباتهم التي كانت تحكم الزمام علي المقار الانتخابية يفعلون بها ما يشاءون فهم يملكون أموالا ضخمة تحرك بعض الجماهير بل وصل الأمر لشراء بعض المسئولين في الحزب.. والسؤال: متي تحترم كلمة القضاء في الطعون الإنتخابية؟ ومتي تؤخذ الأحكام مأخذ الجد مادامت حيثيات الحكم تؤكد البطلان؟!, ولماذا سيتم الاستجابة بعد هذه الثورة لأحكام القضاء؟!.. وهذا يدل علي الخلل في الدولة ونظامها بالطبع. مهندس الانتخابات يقول وحيد الاقصري رئيس حزب مصر العربي: أري أن الطعون الانتخابية ظهرت بوضوح منذ دورتين إلا أنها زادت إلي درجة لاحد لها في الانتخابات الأخيرة وقد ظن مهندس الانتخابات السيد أحمد عز أنه يهدي للنظام خدمة جليلة بتقليص مقاعد المعارضة بالمجلس, ظنا منه أن سيطرة الحزب الوطني بالمجلس ستكون لها آثار كبيرة في اختيار الرئيس القادم والمنتظر وهو ابن الرئيس فكانت التزويرات فجة إلي درجة إستاء منها كل المصريين. وبذلك فانه وجه ضربة قاصمة للنظام وكان بالفعل هو السلاح الأخير الذي أغمد في جسد هذا النظام.. وكل ذلك له اسباب.. وهي تكمن في أن الحزب الوطني منذ نشأته أكثر من30 سنة عام1987 وهو يمسك بصندوق الانتخاب بين يديه من خلال قانون ممارسة الحقوق السياسية الذي لا يستمع الي المعارضة. وطلباتها المتكررة في تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية والذي ينظم العملية الانتخابية من البداية للنهاية.. منذ القيد في جداول الانتخاب وحتي اعلان النتيجة, فضلا عن عدم وجود اشراف قضائي كامل علي ادارة الانتخابات, وتبعية الإدارة العامة للانتخابات لوزارة الداخلية, وفي2005 أيضا تداخلت مع القضاء. وفي عام2005 كان هناك للحزب12 مرشحا لم ينجح أحد ولا هذا العام كان مرشحا16 واحدا, وكان هناك7 طعون في2005, وهذه المرة يوجد3 طعون بسبب التزويرات والتقفيل واللعب في الصناديق, فمن كان يشرف علي الصناديق الفرعية موظفو الدولة, وهم تحت ضرس الحزب الوطني ولا يوجد قاض في اللجنة الفرعية, إلي جانب الاعتماد علي البلطجة وكان للأمن دور دائم في منع دخول المؤيدين لبعض المرشحين المعارضين إلي جانب أن قانون الطوارئ أعطاهم الضوء الأخضر للقيام بأي تصرف دون الاعتراض عليه. وكان مرشحو الحزب الوطني يستغلون مصادر الدولة لأغراض الحملة الانتخابية وهذا الوضع لم يكن خفيا علي أحد. وبدأت أسباب الطعون تختلف في الدورة الأخيرة عن الدورات السابقة لها امتدت إلي تقفيل الصناديق بأصوات مزورة وأستخدام الرشاوي الانتخابية والبلطجة ومنع المرشحين من دخول بعض اللجان بواسطة الأمن والبلطجية, وعدم وجود تكافؤ فرص في الدعاية الانتخابية فالبعض كان يصرف الملايين وبشكل سافر. وموضوع العمال والفلاحين والفئات وهي صفات المرشحين كانت عوامل خاصة في الدورات السابقة لرفع القضايا, وتسويد البطاقات ووجود وفيات في الجداول ومسافرين قاموا بالتصويت, وهناك أكثر من واحد قاموا بالتصويت في اللجان.. لكن الدورة الأخيرة كان أكثرها تزوير وتقفيل وتسويد البطاقات. العزبة ويري الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقرطية أن المشكلة هي أن النظام آخر عامين أصيب بالفجور وبدأ المسئولون عن الحزب يتصرفون كأن الوطن أصبح عزبة, وبدا ذلك اكثر فجاجة في الانتخابات الأخيرة التي تم تزويرها بالكامل بشكل غير مسبوق في الدورات السابقة, وكان أحمد عز أحد أسباب هذه الثورة. وأضاف: طبعا الدستور في مصروالقوانين المنظمة للعمليات الانتخابية جري تشويهها والتلاعب بها بحيث وصلنا إلي وضع غير مسبوق من التزوير والشرعية وفي اعتقادي ان هذا التزوير الشامل كان أحد الأسباب المباشرة التي قادت لتفجر الثورة في مصر. فما تشهده مصر ثورة شاملة وحقيقية ولا أتصور أن الملايين التي خرجت لشوارع مصر ولن تستقر الأوضاع إلا بإنجاز أهداف هذه الثورة. وقال: الثورة قامت ومستمرة وستهدأ بكل من يقاومها, فكل مجلس الشعب سوف ينتهي ولا يجب التحايل علي الموضوع بالطعون. وتنص المادة93 من الدستور المصري علي اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة العضوية, ولا يزيد دور محكمة النقض وهي أعلي سلطة قضائية علي التحقيق في صحة الطعون المقدمة إلي المجلس, وتعرض نتحة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة علي المجلس للفصل في صحة الطعن خلال06 يوما ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.. فكم تكشف هذه المادة العراقيل الدستورية والازدواجية في الرأي.. وتجعل المجلس الذي أصبح مشكوكا فيه هو سيد قراره.. كيف؟ فيري دستوريون أن هذه المادة غير دستورية تحصنت بالدستور لأنها أهدرت حق المرشح وهو مواطن لجأ للقضاء الذي بحث ودرس وتفحص في الأمر وقضي وفقا لحيثيات قانونية بأن هذا المقعد من حق مواطن ما وأنه سلب منه ظلما وعدوانا وعندما أحال القضاء حكمه لمجلس الشعب تجاهله هذه الأحكام. وقد لجأت القوي السياسية منذ سنوات وألحت في المطالبة بتعديل هذه المادة والغائها, بحيث يصبح حكم القضاء واجب التنفيذ. موسوعة جينيز للطعون! وبعد أن استعرضنا ما قاله د. الغزالي فاننا ننبه إلي أن هناك مشكلة أخري يجب الالتفات إليها وهي عدم تنفيذ المجلس لأحكام القضاء الإداري قبل اعلان النتائج منذ فتح باب الترشيح حتي ليلة التصويت, فكثيرا ما يقضي القضاء بتغيير صفة مرشح أو استبعاد مرشح أو ادراج مرشح مستبعد لأسباب قانونية, وللأسف الشديد الجهات التنفيذية تغض الطرف غالبا عن أحكام القضاء ولا تنفذ أحكام القضاء الإداري في هذه الجزئية إلا لمن تحب وترغب, لحين الدخول في عملية التصويت علي الوضع الخطأ حتي اعلان النتيجة ليصبح البت في العضوية من اختصاص المجلس, سيد قرارهوليس القضاء الذي تعتمد عليه أغلبية دول العالم في مثل هذه المواقف.. ولكن للأسف يجب أن تدخل الطعون الانتخابية الأخيرة موسوعة جينيز حيث انها تحقق أعلي نسبة طعون بسبب التزوير والتلاعب في الانتخابات بشكل لا مثيل له في العالم.