عندما تختلط دماء الضحايا بأسفلت الطريق.. عليك ان تفتش عن السائق أولا. فهو الذي يقود السيارة الي الهلاك وليس العكس . خاصة ان كل الأرقام والاحصاءات تؤكد ان70% من حوادث الطرق يقف وراءها العنصر البشري ورغم مسئولية السائق, فإن الخبراء لهم رأي أيضا فيما يتعلق بالطرق, فكلما كانت مصممة بالمواصفات العالمية انخفض معدل وقوع الحوادث والدليل الحي علي ذلك كما يؤكد الدكتور اسامة عقيل استاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس هو طريق القطامية السخنة حيث أن هناك حارات جانبية خارج الطريق مخصصة لعبور الشاحنات والناقلات المتجهة الي موانئ السخنة والسويس وسفاجا والغردقة والادبية بالاضافة الي نقل مواد البناء من المحاجر الموجودة علي جانبي هذا الطريق. وقال: إذا أرادت الحكومة اتخاذ اجراءات عملية للحد من كوارث الطرق عليها أن تتحرك علي محورين, الأول خاص بشبكة الطرق الرئيسية, فلابد من اقامة محاور جانبية مخصصة للشاحنات لفصل حركتها عن السيارات الخاصة والميكروباص والاتوبيسات. أما المحور الثاني وهو الأهم فهو متعلق بالسائق وقد اقترح عقيل في هذا الشأن الاهتمام بالرعاية الاجتماعية والطبية بشكل أساسي من خلال اقامة صندوق خاص بهم يتم تمويله من عائدات غرامات الحمولات الزائدة ورسوم المرور علي الطرق السريعة حتي يمكن توفير الاحتياجات العلاجية والمساعدات المادية لهذه الفئة التي تعاني من عدم الاهتمام بالرغم من خطورة المهنة التي تؤديها. واتصالا بما قاله الدكتور عقيل علينا ان نسأل انفسنا سؤالا جوهريا حتي نصل الي حلول واقعية لكوارث ومصائب حوادث الطرق في مصر. السؤال.. هل المركبة هي التي تؤدي الي وقوع الحادث.. أم رعونة واستهتار السائق وعدم التزامه بالقواعد السليمة للمرور والسير علي الطرق؟!. الاجابة الطبيعية علي هذا السؤال هو السائق لأنه هو الذي يتحكم في المركبة, وكلما كان هناك انضباط والتزام من الجميع سوف تنخفض معدلات الحوادث. إذن علينا جميعا ان نضع أيدينا علي جوهر المشكلة وهو السائق, فيجب اعادة النظر في إجراءات استخراج رخص القيادة, بالاضافة الي كل ما يتعلق بالتدريب والتأهيل الاجباري للسائق والبدء فورا في اقامة سلسلة من المدارس علي مستوي القاهرة والمحافظات لتخريج قادة المركبات والاتوبيسات. وهناك بالمناسبة مبادرات جيدة للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ومنها شعبة النقل الدولي في هذا الشأن يمكن للحكومة والمسئولين التعاون معهم للدفع في هذا الاتجاه خاصة ان هناك تصورات جاهزة للمناهج وأساليب التدريس والتدريب الذي يضمن تخريج قائدي سيارات علي مستوي عال من الكفاءة. اضف الي ذلك ان هناك تطورا خطيرا في مجال صناعة الشاحنات والأتوبيسات ويتمثل في تزويد المركبات الحديثة بمنظومة متطورة من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات واستخدام الأجهزة الالكترونية خاصة فيما يتعلق بالسيارة ذاتها أو الوسائل المساعدة في القيادة علي الطرق ومنها نظام الG.B.S. الذي يقدم للسائق بانوراما كاملة عن الطريق ويحدد له نقاط الأمان وغيرها من المناطق الخطيرة. كل هذه التكنولوجيا بطبيعة الحال سوف تحتاج الي سائقين مؤهلين علي استخدامها خاصة مع التوسع في نقل المنتجات والصادرات بشاحنات مصرية الي دول الاتحاد الأوروبي وتحديدا في حوض المتوسط وهو ما يعني ان معرفة التكنولوجيا والتعامل معها لا تكفي, بل لابد أن يكون السائق مؤهلا أيضا للتعامل مع اللغات الأجنبية وعلي الأقل اللغة الانجليزية, وإلا لن يكون للسائق المصري موطئ قدم في هذه المنظومة.