كتبت : عبير الضمراني تتسبب المقطورات في ثلث حوادث السيارات سنويا, وتزهق معها آلاف الأرواح, وتكلف الدولة عشرات المليارات, هذه النسب ليست بالهينة, بل مرتفعة لدرجة تستلزم الوقفة لمراجعة العوامل المتسببة في كل هذا حتي يمكن اتخاذ القرارت الحاسمة التي تجنب بلادنا هذه الكارثة, خاصة أن بعض خبراء الطرق والمرور يرون أن التريللات لن تكون الحل الذي ينهي المشكلة لكنه يقلل من فداحتها والحل الأمثل هو الطريق الخاص للشاحنات والذي اتبعته معظم دول العالم سواء العربية أو الأجنبية. في البداية يقول د. أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس, لقد وصل عدد حوادث السيارات سنويا إلي حوالي40 ألف حادثة ينتج عنها80 ألف قتيل, نصف هذه الحوادث أحد طرفيها سيارة نقل, ويبلغ عدد المقطورات سواء في التريللات أو النقل نحو60 ألف سيارة ضمن750 ألف سيارة بما يمثل نحو8% فقط من أعداد الشاحنات ولكنها تتسبب في13% من حوادث النقل, وبحسبة بسيطة يتضح أن الشاحنات تقتل12500 شخص سنويا تقريبا. ولكن السؤال الحقيقي: لو تم تحويل المقطورات إلي تريللات هل ستحل المشكلة؟ الاجابة لا, فمن الممكن أن تنخفض نسبة الحوادث قليلا لكنها ستظل مرتفعة, فإن سيارات النقل تتسبب في كثير من الحوادث سواء كانت بمقطورات أو بغير مقطورات, ولكن تزيد معدلات الحوادث إذا كانت الشاحنة ليست وحدة واحدة, وهذا ينطبق علي نوعية السيارة التي تجر مقطورة أو ما يسمي السمي تريللا فالأخيرة تتسبب في الحوادث أيضا لأنها عبارة عن جزءين مربوطين ببعضهما البعض وسهل انفصالهما, والسمي تريللا تأخذ لوحات معدنية مقطورة, ولمن لا يعرف فإن المقطورة عبارة عن سيارة نقل بصندوق تجر وراءها شاسيه مقطورة بواسطة رابط عريش, أما التريللا فهي عبارة عن رأس جرار مربوط فيها ولكن برأس تجر شاسيه بالرأس من خلال صينية مفصلية, وما يحدث أن هذه الصينية المفصلية يتم ربطها بمسمار واحد, وفي حالة حدوث أي حركة في منحدر أو منحني شديد تنفصل المقطورة تماماعن السيارة, ونفس الأمر بالنسبة للمقطورة في السيارة النقل, فمن الممكن مع أي اصطدام أو حادث أن ينفك العريش وتنفصل المقطورة تماما عن السيارة وتجري وتتدافع بلا أدني تحكم لتأخذ معها كل ما يعترض طريقها وتحطمه. الحل المناسب ويشير د. أسامة عقيل إلي أن الحل المناسب تمت تجربته علي أرض الواقع في طريق القطامية العين السخنة, حيث كانت تقع عليه أعلي معدلات حوادث سيارات في شبكة الطرق المصرية وعلي أعلي نسبة شاحنات, ولكن بعد أن تم عمل طريق مخصص للشاحنات علي جانبه أصبح أقل طريق تحدث عليه حوادث شاحنات, مما أثبت أن الحوادث ليس سببها العنصر البشري وحده, إنما لابد من اصلاح منظومة النقل أولا, وذلك بنقل الشاحنات علي طرق منفصلة, وكل ما نحتاجه ثلاثة طرق فقط, وهي طريق بين القاهرة والإسكندرية, وطريق يربط القاهرة بميناء دمياط وبورسعيد, والطريق الثالث يربط القاهرة بالصعيد لنقل بضائع مصر كلها. تكلفة إنشاء هذه الطرق تترواح بين6 إلي7 مليارات جنيه ويمكن الانتهاء منها في أقل من عامين, وهذه التكلفة ليست كبيرة بالقياس بما تتكلفه الدولة بسبب حوادث النقل التي تصل إلي10 مليارات جنيه في السنة الواحدة, فضلا عن أن تكلفة الإنشاء تدفعها الدولة مرة واحدة في حين أن الخسائر تتكبدها كل سنة, غير أن هناك خسائر في الأرواح فادحة, حيث يموت8 آلاف شخص في السنة. كما تخسر شركات التأمين الابتدائي نحو مليار جنيه وذلك طبقا لتقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في سبتمبر.2008 معظم دول العالم نفذت فكرة الطريق الخاص للشاحنات, وذلك عندما يزيد معدل الشاحنات عن نسبة محددة وهي ما بين5 إلي8% ونحن في مصر تعدينا هذه النسبة بكثير, حيث وصلت الشاحنات إلي25% في بعض الطرق, هذه النسب لو وجدت في أي بلد من بلاد العالم مهما بلغت درجة تقدمها فلابد أن يرتفع معدل الحوادث. كما لابد من أن يؤخذالعنصر البشري في الاعتبار, حيث يجب الاهتمام بسائقي الشاحنات بإنشاء مراكز تدريب مجانية للتوعية المرورية والثقافية والاجتماعية بحيث لا يحصل السائق علي رخصة القيادة إلا بعد حصوله علي هذا التدريب, بل ان تكون هناك دورات اضافية مع كل تجديد للرخصة, ورفع رواتبهم ومنحهم تأمينات خاصة بهم حتي لا يضطروا للقيادة لأكثر من12 ساعة متواصلة للحصول علي أكبر قدر من المكسب, مما يجعلهم يقودون السيارة وهم في حالة منهكة تتسبب في كثير من الحوادث, خاصة أن ليس لهم استراحات ويمكن الانفاق علي هذه الأمور من الرسوم التي يتم تحصيلها من هذه الشاحنات علي أن يتم الحصول عليها من المنبع بحيث يكون هناك مكتب تحصيل في كل ميناء حتي تعود كلها للدولة التي تستقطع جزءا منها للانفاق علي مراكز التدريب. حوادث الطرق ويؤكد المستشار القانوني سامي مختار رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم, أن31% من حوادث الطرق تتسبب فيها المقطورات والنقل الثقيل, وهذا طبقا لتقرير مركز دعم واتخاذ القرار عام2008, وأن العوامل التي تتسبب في هذه الحوادث هي العامل البشري والطرق والسيارات والعوامل الجوية, وللأسف فإن ثلث عدد سائقي المقطورات يتعاطي المخدرات, وأن من أسباب هذه الحوادث إجهاد السائق لأنه يعمل لساعات طويلة بلا راحة وليس هناك سائق بديل, فكثيرا ما يترك القيادة ل التباع ليواصل الرحلة وهو ليس لديه خبرة في قيادة السيارات بوجه عام وليس معه رخصة درجة أولي وبالتالي يتسبب في وقوع الحوادث, وقد تبين أن أكثر حوادث الطرق تكون في نهاية الرحلة, وثبت علميا أن الإنسان لا يستطيع أن يقود سيارته لأكثر من أربع ساعات متوالية ثم عليه أن يستريح لأن الاجهاد والملل الشديد يؤدي إلي السرعة, ولكن ما يحدث أن سائقي المقطورات يقودونها, بالاضافة إلي قيادة النقل تستلزم الحصول علي رخصة درجة أولي وهي ليست متاحة للجميع وكثير من سائقي المقطورات لا يحملون هذه الرخصة, بل الأكثر من ذلك تم ضبط بعض السائقين يقودون المقطورات بأرجل صناعية. مصر هي الدولة الوحيدة التي تستخدم المقطورات والتي يجب أن ينتهي التعامل معها لخطورتها, لأن أي عطل بها يصعب علي السائق التحكم فيها أو السيطرة عليها, فتتحول المقطورة إلي سيارة تندفع علي الطريق بدون سائق. علاوة علي أن بعض المقطورات تسير ليلا بلاضاءة أمامية أو خلفية, رغم أن طولها قد يصل إلي13 مترا, مما يؤدي إلي أن السيارات التي تأتي من خلفها لا يراها سائقها فتدخل السيارة أسفل المقطورة مصطدمة بها كما تصطدم بها أي سيارة تخرج من طريق جانبي, فكثير من الحوادث يكون سببها عدم إضاءة الأنوار لإهمال السائق, كما أنه يتم تحميل المقطورات بحمولات تزيد علي الحمولات المقررة, مما يؤدي إلي وقوع كثير من الحوادث, فضلا عن هلاك الطرق لأن الطرق مصممة علي أحمال معينة, فالأحمال الزائدة تدمرها وتتسبب في ضياع المال العام, وأغلب حوادث المقطورات يكون بها حالات وفاة لأن المقطورة حين تندفع علي الطريق تنقلب فوق السيارات الملاكي فتدمرها بالكامل. الأمريتطلب سرعة حل هذه المشكلة وإبعاد المقطورات عن السيارات الملاكي وتشديد الرقابة علي السائقين, واستبدال المقطورات بسيارات توفر الأمن والسلامة للمواطنين علي الطريق