تواجه الأمة العربية حاليا أخطر مراحل الاستيطان والتهويد علي أرض القدس, وحتي لا ننسي فقد مضي62 عاما علي احتلال القدسالغربية, و44 عاما علي احتلال القدسالشرقية, 30 عاما علي صدور قرار ضم القدسالشرقيةوالغربية وجعلهما عاصمة موحدة لإسرائيل. وأخطر من هذا كله أن مخطط تهويد المدينة المقدسة يجري حاليا بمعدل أسرع وأكثف وأشمل من أي وقت مضي لتحويل القدس إلي مدينة تتسع لمليون يهودي مع قدوم عام2020 وتطويقها بمدن يهودية أخري. وحتي لا نفقد احساسنا بمرور الوقت العصيب فإن مشروع المؤتمر الصهيوني الأول في عام1897 بشأن احتلال فلسطين العربية قد وضع اطارا زمنيا محددا(50 عاما) للمخطط الصهيوني يجري خلاله احتلال فلسطين, وتحقق المخطط في موعده بالتمام, حيث جرت الجولة العربية الإسرائيلية الأولي عام.1947 ونحن كأمة عربية إذن في مرحلة تاريخية حاسمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للقدس منذ دخول قوات الاحتلال المدينة المقدسة في السابع من يونيو عام1967, حيث بادر ليفي أشكول رئيس وزراء إسرائيل آنذاك أولي خطوات مخطط تهويد القدسالشرقية, وبدأ أشكول سياسة تغيير معالم الأرض المقدسية ببناء أحياء سكنية للسكان اليهود واقامة مبان للخدمات الرسمية والطبية والثقافية والاجتماعية للقدس كعاصمة يهودية موحدة بالاضافة إلي المباني الحكومية والخاصة التي جري الاستيلاء عليها كالمستشفي العربي بالقدس الذي تحول إلي مركز عام للشرطة الإسرائيلية وأيضا ترميم الجامعة العبرية ومستشفي هداسا علي جبل المكبر. وهكذا بدأ أشكول فيما بين1969,1967 أولي مراحل مخطط تهويد القدس, وعندما رحل في فبراير1969 تولت جولدامائير رئاسة الحكومة الإسرائيلية واستهلت فترة حكمها بأبشع جريمة عرفتها القدس ذلك بمحاولة احراق المسجد الأقصي في21 أغسطس1969 ولم يكن اختيار هذا اليوم اختيارا عشوائيا فالتوقيت نفسه كان يدل دلالة واضحة علي أن هناك مخططا عاجلا وآخر آجلا لطمس كل المقدسات العربية والإسلامية. لقد وقعت جريمة محاولة إحراق المسجد الأقصي في اليوم التالي لإنجاز بعض الحفريات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية تحت أرض المسجد الأقصي بحثا وراء مزاعم الآثار المندثرة منذ ألفي سنة لهيكل سليمان, ومحاولة احراق المسجد الأقصي كانت اجراء متمما لعمليات الحفر. وفضلا عن هذا فقد مهدت إسرائيل لهذا الحريق بعدد من الاجراءات الأخري منها مصادرة وهدم ونسف العقارات الوقفية الملاصقة للمسجد الأقصي من الغرب والجنوب واحتلال باب المغاربة( أحد أبواب الحرم الشريف الملاصق للمسجد الأقصي من الغرب) واجراء حفريات عميقة خلف الحرم.. إلخ. وأكثر من هذا فقد استأنفت جولدامائير سياسة مصادرة الأراضي التي ابتدعها ليفي أشكول في القدس. {{{ وخلفا لجولدامائير جاء اسحق رابين ليتولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية فيما بين1977,1974 وواصل السياسة الاستيطانية التي نفذتها قبله الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة, وشهدت الأراضي المحتلة بما فيها القدس هجمة استيطانية زادت في حجمها عن السنوات السابقة لتولي رابين رئاسة الحكومة. وأكد هذا في مذكراته عندما صرح في منتصف1976 بأن حركة الاستيطان منذ حرب1967 وبالتحديد في عهد حكومته(1974 1977) قد ازدادت حجما وأهمية. وبشأن القدس أيضا فقد واصل رابين سياسة ضم المدينتين الغربيةوالشرقية خطوة بعد خطوة بمصادرة مزيد من الأحياء العربية والاستيلاء علي الأراضي المحيطة بالمسجد الأقصي للبدء فيما يسمي بمشروع بناء القدس الكبري لتبتلع المدينة أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية وإكراه سكانها العرب الفلسطينيين علي النزوح وبناء أحزمة يهودية لتطويق المدينة المقدسة بسور كثيف من قلاع المستوطنات والمستوطنين اليهود لعزلها عن بقية الأراضي الفلسطينية وتغيير التوازن السكاني لتحقيق أغلبية يهودية فيها.. هكذا اتضح منذ وقت مبكر نوايا رابين في فترة ولايته الأولي(1974 1977) أبعاد مشروعه عن القدس اليهودية كعاصمة موحدة لإسرائيل, ولكن لم يستطع استكمال مشروعه الصهيوني إثر سقوط حزبه في انتخابات مايو1977 {{{ وبعد رابين جاء مناحم بيجن رئيسا للوزراء وكان موقفه بشأن القدس دافعا قويا للكنيست الإسرائيلي حيث أقر وبشكل استثنائي عاجل في30 يوليو1980 قانونا شاملا جديدا لتهويد القدس وجعلها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل وهكذا جاء هذا القانون كما خطط له كل من رابين ثم بيجن ثم شامير منذ منتصف السبعينيات وكان أكثر رؤساء وزراء إسرائيل اطلاقا للمزاعم حول القدس. وبرحيل رابين في نوفمبر1995, جاء بعده نيتانياهو الذي كشف بوضوح مخطط التهويد الشامل للمدينة المقدسة منذ رئاسته الأولي للحكومة الإسرائيلية(1996 1999) والثانية منذ عام2009 وحتي الآن, حيث سجل نيتانياهو السبق الأول في وضع مخطط الاستيطان والتهويد علي أرض المدينة المقدسة وكان من أخطر مشروعات الاستيطان والتهويد مشروع توسيع الحي اليهودي بالمدينة ويبدأ بفتح باب جديد في سور المدينة للمرة الأولي منذ أكثر من قرن(112 عاما), ويدخل في هذا المخطط كذلك هدم وإزالة كل الآثار الإسلامية وإحداث تغيير جغرافي غير مسبوق من خلال ازالة التلة التاريخية قرب باب المغاربة( أحد بوابات المسجد الأقصي) وبناء جسر من ساحة البراق حتي باب المغاربة. وبمثل تلك المشروعات تستكمل إسرائيل التهويد الكامل للمدينة المقدسة متجاهلة كل النداءات والمواثيق الدولية وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف ولاهاي وفتوي محكمة العدل الدولية.