وزارة التموين توقع مذكرة تفاهم لإنشاء 5 صوامع جديدة لتخزين القمح بسعة 150 ألف طن    ترجيح إسرائيلي بالإدراج على قائمة الدول التي تقتل الأطفال    ديلي ميل تختار محمد صلاح أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي موسم 2023-24    الزمالك يجدد عقود 6 لاعبات من فريق الطائرة    ختام ورشة الإبداع في بيئة العمل والتحول الرقمي بالإسماعيلية (صور)    بمشاركة الأهلي.. فيفا يكشف نظام بطولة إنتركونتيننتال 2025    انطلاق حملة صكوك الأضاحي 2024 بالتقسيط في مطروح    عيد الأضحى 2024: فرحة التهاني وروعة البهجة في أجمل العبارات    هل يجوز الجمع بين صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان؟    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    «المصري اليوم» تنفرد بنشر تفاصيل جناية جديدة ارتكبها عصام صاصا خلال مغادرته مصر    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    بعد قليل.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مشروع رقمنة ذكريات الفنانين بالذكاء الاصطناعي    تعرف علي الحكاية الكاملة لفيلم ولاد رزق    رسميًا.. طرح شيري تيجو 4 برو بشعار "صنع في مصر" (أسعار ومواصفات)    "هيئة الدواء" توقع مذكرة تفاهم مع "مركز مراقبة الدولة للأدوية" بكوبا لتبادل الخبرات    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    بسبب نادي نيس.. مانشستر يونايتد قد يشارك في دوري المؤتمر الأوروبي    برلمان جورجيا يمرر قانون التمويل الخارجى للمنظمات غير الحكومية المثير للجدل رغم الاحتجاجات    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    من أفضل 10 فرق.. جامعة الجلالة تصل لتصفيات «الابتكار وريادة الأعمال» إفريقيا (تفاصيل)    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق المحيطة    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    طريقة عمل شاورما الفراخ بأقل التكاليف    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    عمرو الفقي يهنئ «أون تايم سبورت» بفوز «ملعب أون» بجائزة أفضل برنامج رياضي عربي    "الإنجازات تلاحقني".. تعليق مثير من رونالدو بعد خطف لقب الهداف التاريخي لروشن    وزيرة الهجرة تلتقي أحد رموز الجالية المصرية في سويسرا للاستماع لأفكاره    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    «حياة كريمة» تطلق مبادرة «تقدر في 10 أيام» لدعم طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ    معهد صحة الحيوان يعلن تجديد اعتماد مركز تدريبه دوليا    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ الحياة البرلمانية في مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 12 - 2010

علي مدي مائة وأربعة وثلاثين عاما من الزمن تعاقبت علي مصر سبعة نظم نيابية هي‏:‏ مجلس شوري النواب‏9781‏ 6681,‏ مجلس النواب المصري‏1881‏ 2881,‏ مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية‏3881‏ 3191,‏ الجمعية التشريعية‏3191‏ 3291,‏ مجلسا الشيوخ والنواب‏4291‏ 2591‏ مجلس الأمة‏7591‏ 1791,‏ وأخيرا مجلس الشعب بدءا من عام‏1971,‏ وأضيف له مجلس الشوري من عام‏.1980‏ وقد تفاوت نطاق سلطات هذه المجالس التشريعية والرقابية من حقبة لأخري‏,‏ ليعكس في النهاية تاريخ نضال الشعب المصري وسعيه الدءوب من أجل إقامة مجتمع الديمقراطية والحرية‏.‏
وقد تشكلت من خلال هذه النظم النيابية علي مدي تاريخها الطويل أربعون هيئة نيابية‏,‏ تراوح عدد أعضائها بين‏76‏ عضوا و‏454‏ عضوا في الهيئة النيابية السابقة‏5002‏ 0102,‏ ثم ارتأي المشرع الدستوري في تعديلاته الأخيرة في مارس‏2007‏ أن يفتح الباب أمام السلطة التشريعية لتسن ما تراه من تشريعات تمكن للمرأة سياسيا‏,‏ وتلبية لهذه الغاية الدستورية أجرت السلطة التشريعية تعديلا علي قانون مجلس الشعب يجعل للمرأة كوتة خاصة بها تمثلها في المجلس‏,‏ دون أن تؤثر علي عدد المقاعد ال‏454‏ المعمول بها‏,‏ وذلك بإضافة فقرة ثانية الي المادة الثالثة منه تنص علي كما تقسم الي دوائر أخري لانتخاب أربعة وستين عضوا‏,‏ يقتصر الترشيح فيها علي المرأة‏,‏ ويكون ذلك لفصلين تشريعيين‏,‏ وأتي تعديل قانون الدوائر الانتخابية تطبيقا لهذا التوجه‏,‏ فقسم جمهورية مصر العربية الي‏32‏ دائرة انتخابية خاصة بمقاعد المرأة بواقع مقعدين لكل دائرة‏,‏ ومن ثم يصبح عدد أعضاء الهيئة النيابية الجديدة‏5102‏ 0102‏ لمجلس الشعب‏518‏ عضوا‏,‏ وقد أسهمت كل هذه الهيئات النيابية في تشكيل تاريخ مصر وحاضرها ورسم معالم مستقبلها‏,‏ وإبراز وجهها الحضاري‏,‏ وبلورة رؤيتها الحديثة لمختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية‏.‏
والحياة النيابية في مصر زاخرة بالتطورات وثيقة الصلة بتاريخها السياسي‏,‏ فقد نشأ أول برلمان مصري عام‏1866,‏ قبل إنشاء مجلس النظارة الذي أصبح اسمه مجلس الوزراء باثني عشر عاما‏,‏ بقرار من الخديو اسماعيل باشا‏,‏ بصلاحيات استشارية‏,‏ وقيل في أسباب إنشائه أنه كان يهدف أولا وأخيرا الي منح مصر واجهة دستورية أمام أوروبا للانتفاع بذلك في جهود الخديو لتحقيق استقلاله بمصر عن السلطة العثمانية‏,‏ غير أن الوثائق إنما تشير بوضوح الي أن ذلك لم يكن الهدف الوحيد للخديو‏,‏ فقد كان يدرك أيضا أن البرلمان هو الوسيلة التي تسمح بوجود ما نسميه الآن المشاركة السياسية‏,‏ وأن هذه المشاركة مهمة لتحقيق التوسع في عمارية ومدنية الوطن علي حد قوله وإنعاش وتحسين حالة وتجارة مصر‏..‏ وأن الحكومة الحديثة تحتاج لتحقيق انضباطها الي نوع من رقابة المحكومين‏.‏
وإذا كان مجلس شوري النواب ظل أغلب عمره لا يتدخل في السياسات العامة‏,‏ فإنه قد قام وتشهد علي ذلك المضابط بالإعراب عن وجهة نظر الأهالي في شئون الري والضرائب والتجارة‏,‏ وبالتالي المشاركة في توجيه دفة أمور الشئون الداخلية وثيقة الصلة بالحياة اليومية‏,‏ وتقييد حرية الإدارة الحكومية لمواجهة تعسف موظفيها‏.‏
وما كاد يحل عام‏1876‏ حتي اتخذ البرلمان موقفا معارضا لضغوط الدائنين الأجانب لإلغاء قانون المقابلة الذي كان يتيح تخفيض الضرائب علي الأراضي الزراعية لمن يدفع ستة أمثال الضريبة‏,‏ حتي يتوافر للخزانة مورد كاف لسداد الديون الأجنبية‏,‏ ومن أجل ذلك سعي النواب وللمرة الأولي الي وزارة المالية للاطلاع علي الحسابات‏,‏ ومعرفة مقدار الديون والفوائد المترتبة عليها‏,‏ وأوضاع الموازنة العامة لينتهوا الي تقديم بديل متكامل لإقالة الميزانية من عثرتها علي نحو يحفظ حقوق ملاك الأرض من المصريين في مواجهة الأطماع الأجنبية‏,‏ وهو واقع لايجوز إهماله حتي مع ثبوت أن الخديو نفسه كان يؤيد النواب في جهودهم في سعيهم لمواجهة التدخل الأجنبي في شئون حكومته‏,‏ فالهدف الوطني‏,‏ والهدف الخاص للأعيان المصريين لم يكونا من الأمور قليلة الشأن في تقرير موقفهم الذي اتخذوه‏.‏
منذ ذلك الحين ارتبط تاريخ البرلمان المصري برابطة لاتنفصم عراها بتاريخ الحركة الوطنية المصرية ضد الاحتلال الإنجليزيه الذي جثم علي أنفاس البلاد اثنين وسبعين عاما‏.‏ فدائما ما شهدت مصر تكوين مجالس نيابية تتمتع بسلطة التشريع كذروة لنضال وطني‏,‏ سواء كان تشكيل مجلس النواب المصري عام‏1882‏ في ظل الثورة العرابية‏,‏ أو تشكيل مجلسي النواب والشيوخ في ظل دستور‏1923‏ تتويجا لثورة‏.1919‏ بل ويمكن القول إن مجمل النضال الديمقراطي لشعب مصر كان أحد جوانب النضال الوطني المصري‏,‏ فالهدف الوطني كان هو الأساس المكين الذي استقر عليه المطلب الديمقراطي‏,‏ بحسبان الانتخابات الحرة‏,‏ والبرلمان القوي هو الوسيلة الأساسية لتمكين الوفد من الاضطلاع بالسلطة التنفيذية لتحقيق الاستقلال‏.‏
وإذا انتقلنا الي المشهد المعاصر نجد أن مصر في الفترة الراهنة تشهد نموا مستمرا علي طريق الممارسة الديمقراطية‏,‏ وفي اتجاه كفالة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية للمواطن المصري‏,‏ وأن الحصاد المباشر لذلك هو تعاظم دور البرلمان‏,‏ وزيادة فعالية أدائه في ميادين التنمية‏,‏ والتقدم‏,‏ وحقوق الإنسان التي تخوضها مصر بصبر وإصرار في ظل قيادة الرئيس مبارك‏,‏ نحو تطوير الدولة المصرية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا‏.‏
ولأن البرلمان يعبر عن سلطة الشعب في نظام أي دولة‏,‏ وهو مستودع الفكر والخبرة بها‏,‏ فإن العلاقة الأكيدة بين الديمقراطية والممارسة البرلمانية تنعكس بصورة جلية في ممارسة عضو البرلمان دوره في التعبير عن إرادة الأمة‏,‏ والدفاع عن حقوق وحريات الأفراد في إطار توافر الضمانات الدستورية واللائحية‏,‏ وهو ماتحرص الغالبية العظمي من الدساتير علي النص عليه كشرط أساسي لقيام البرلمان بأداء دوره في التعبير عن إرادة الشعب وكحارس للحقوق والحريات‏.‏
كما أن نجاح البرلمان في أداء دوره التشريعي والرقابي كسلطة من سلطات الدولة الثلاث يتطلب أن يكون مستقلا بوضع لائحته الداخلية‏,‏ والمحافظة علي نظامه الداخلي‏,‏ وكذلك اختصاصه بالفصل في صحة عضوية أعضائه ومايقدم فيهم من طعون‏,‏ كما يتطلب من جانب آخر عدم جواز الجمع بين عضوية البرلمان والوظائف والأعمال الأخري‏,‏ حتي يتفرغ عضو البرلمان لعمله النيابي‏.‏
ولا مراء في أن الضمانة الكبري لتأكيد العلاقة الوثقي بين الديمقراطية والبرلمان تتمثل في قوة الرأي العام الذي يكفل حسن تطبيق القواعد التي تتضمنها نصوص الدستور والقانون‏,‏ وهو ما يحفز البرلمان أثناء ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية علي أن يتوخي دائما تحقيق الصالح العام‏.‏
ولاغرو أن نشيد بهذا التطور الملحوظ للحياة النيابية في مصر في ظل الاستقرار السياسي والديمقراطية الراشدة التي يرعاها السيد الرئيس محمد حسني مبارك‏,‏ ويشهد علي ذلك إتمام مجلس الشعب لمدده الدستورية علي مدي الفصول التشريعية الأربعة الأخيرة‏0991‏ 0102,‏ ومواصلة مجلس الشوري لأدوار انعقاده منذ نشأته عام‏1980‏ حتي دور الانعقاد الثلاثين في‏2010,‏ وذلك بالإضافة الي حزمة الإصلاحات الدستورية التي شهد النظام السياسي المصري ذروتها خلال عامي‏2005‏ و‏2007‏ والتي كان أحد أهم محاورها تفعيل دور البرلمان في الحياة السياسية‏,‏ ودعم استقلاله في مواجهة السلطة التنفيذية‏.‏
والجدير بالذكر أن البرلمان المصري الذي يقف اليوم شامخا بتقاليده وتاريخه وانجازاته لمصالح الجماهير‏,‏ استطاع منذ نشأته وعلي اختلاف مراحل تطوره‏,‏ أن يشكل مركز جذب لجميع شعوب المنطقة المتطلعة الي إرساء مباديء الديمقراطية البرلمانية‏,‏ بحسبانه منارة الإشعاع الحضاري والفكري والديمقراطي‏,‏ والنموذج والمثل الذي يسعي الجميع للاستفادة من خبراته وتراثه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.