يحكي كتاب إيزابيل الزاهدة عن الفرنسية إيزابيل إيبرهارد عاشقة الصحراء العربية ذات العشرين ربيعا التي اعتنقت الإسلام وخلفت وراءها أوروبا في أزهي صورها المدنية الحديثة, لتستقر في قلب رمال الصحراء العربية بحثا عن مشاعر الحرية و المساواة والإخاء التي لم تجدها في وطنها. وتكشف د. حنان منيب في كتابها عن حياة هذه الكاتبة الفرنسية التي احتفل العالم بها عام2004 من خلال مظاهرة أوروبية عربية ثقافية تم من خلالها عرض كافة أعمالها الأدبية في صورة مسرحيات وأفلام ومؤتمرات كمحاولة دؤوبة لتكريم نموذج نادر لامرأة تحمل في طياتها الأديبة الموهوبة و الزوجة الوفية والابنة البارة. ويتناول الكتاب في بداية البحث تعريفا بشخصية ومكانة هذه الكاتبة الفرنسية التي لم ينتبه إليها عالمنا العربي. فبالرغم من غزارة انتاجها الأدبي, إلا أنه لم يحدث حتي كتابة هذه السطور أن تعرضت لها دراسة أكاديمية أو جامعية مما أثار دهشة المؤلفة حنان منيب, و شد من عزيمتها لتضع هذا النموذج من الأدب النسائي علي ساحتنا العربية من أجل إتاحة الفرصة للمثقفين العرب للإطلاع علي الكيفية التي مزجت بها إيبرهارد بين الشرق والغرب. وقد ركزت الكاتبة في بداية البحث علي نشأة إيبرهارد وتشكيلها اللغوي والأدبي والثقافي والاجتماعي أيضا, بدءا من مرحلة الطفولة ومرورا بفترة الصبا والشباب, ثم النضوج الثقافي حتي وفاتها تحت الأنقاض في رمال الصحراء الغربية. وسرعان ما قادها هذا المدخل إلي أعمال إيبرهارد الأدبية التي بلورت تلك النشأة ذات الطابع المتميز والإنتاج المتنوع. ويتطرق البحث إلي دور الإسلام والتصوف والحب والطبيعة في حياة إيزابيل الزاهدة, وكان هذا بمثابة ترجمة لمشاعر مرهفة وضعت فوق صفحات خالدة. ثم ينتقل البحث إلي تلك الزاهدة المتأملة في روحانيات الشرق والتي أطلق عليها العرب ملكة الصحاري العربية, خاصة وأنك تراها تعرف جيدا كيف تضع لمساتها الأدبية, فتمر بعصاها السحرية لتلبس الصحراء أزهي أثوابها الخضراء والوردية التي تلمع فوق حبات الرمال الذهبية. و قد أفردت المؤلفة فصلا كاملا للحديث عن الأشجار والنخيل والجمال والجياد والحدائق الغناء في قلب الصحراء, وهي العناصر التي مثلت الحب الأبدي الذي أفنت فيه إيبرهارد سنوات عمرها خلال رحلتها القصيرة. ولم يفت التحليل البحثي أن يتناول الطابع اللغوي الذي اتسمت به هذه الصورالطبيعية الخلابة التي رسمت أجمل اللوحات بدءا من شروق الشمس وحتي رحيلها الحزين عن الوديان والبساتين. كما أفردت أيضا عدة صفحات لقاموس تناول المفردات العربية التي تم إدخالها في معاجم اللغة الفرنسية ليتم تناولها حتي يومنا هذا في كافة الأوساط الأدبية والثقافية الفرنسية بفضل إيزابيل إيبرهارد, تلك المرأة التي تعرف ب' تاج الصحراء الغربية. الكتاب صادر عن دار نشر ألفابار الفرنسية.