«هو فيه دين جديد».. تعليق مفاجئ من عمرو أديب على جدل الاحتفال بمولد السيد البدوي    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    الوطنية للانتخابات: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة الكثافات الانتخابية    صوتك مسموع |متابعة شاملة لضبط تعريفة الركوب الجديدة    سعر الريال السعودي في ختام التعاملات اليوم 18 أكتوبر 2025    مكتب نتنياهو: معبر رفح سيظل مغلقًا حتى إشعار آخر    قوات الاحتلال الإسرائيلى تحاصر مصلين بمسجد شمال الضفة المحتلة    طريق السلام «ليس مستحيلاً»    48 ساعة راحة للاعبي الزمالك بعد الفوز على ديكيداها    آرسنال يعود للصدارة بفوز صعبة على فولهام    «كاستيلو»: أثق في قدرة الأهلي على حصد لقب بطولة إفريقيا    الحبس 5 سنوات لصاحب حساب «ياسمين تخلي الحجر يلين»    آيس وهيروين| سقوط تجار السموم في قبضة مباحث بنها    التموين: ننسق مع المالية لوضع آلية لتعويض المخابز    نجوم الفن يخطفون الأنظار رفقة كيت بلانشيت في عرض «Father Mother Sister Brother»    الفنون الشعبية تتألق فى افتتاح مهرجان أسوان    منة شلبي ضيفة لميس الحديدي في برنامج «الصورة».. الليلة    أستاذ علاقات دولية: إصرار مصر على إدخال المساعدات أفشل مخطط إسرائيل    هل الاحتفال بموالد الأولياء الصالحين جائز شرعًا ؟ أمين الفتوى يوضح    هل يجوز للزوجة أن تمنع نفسها عن زوجها لأنه لا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    كم يتبقى على شهر رمضان 2026؟.. التفاصيل الكاملة    وكيل صحة المنوفية يوجه بتحقيق عاجل في مخالفات مستشفى منوف العام    حلوى ملونة بدون ضرر.. طريقة عمل كاندي صحي ولذيذ للأطفال في المنزل    وزارة المالية: بدء صرف مرتبات أكتوبر 2025 في هذا الموعد    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب مقاطعة سوريجاو دل سور الفلبينية    هل نستقبل شتاءً باردًا لم نشهده منذ 20 عامًا؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    3 وزراء ومحافظ القاهرة يشاركون في حفل الاتحاد المصري للغرف السياحية لتكريم الدكتور خالد العناني    عمر محمد رياض يفجر مفاجأة بشأن مسلسل لن أعيش في جلباب أبي    إصابة أسرة كاملة في حادث تصادم بطريق الزقازيق الزراعي في الإسماعيلية    الرماية المصرية تتألق فى أثينا.. أحمد توحيد وماجي عشماوي رابع العالم    البنك الأهلى يتقدم على الجونة بهدف فى الشوط الأول    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    قرار بالسماح ل 42 بالتجنس بالجنسية الأجنبية مع احتفاظهم بالجنسية المصرية    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    غادة عادل عن ماجد الكدواني: فنان حقيقي وعميق وحساس وبيحب شغله جدًا    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    رامي ربيعة يقود العين ضد بني ياس في الدوري الإماراتي    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    ضبط لحوم غير صالحة وتحرير 300 محضر تمويني خلال حملات مكثفة بأسيوط    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    محافظ القاهرة يفتتح المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة    جامعة أسوان تناقش خطة الأنشطة الطلابية للعام الجامعي الجديد    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف    اكتشف أجمل الأفلام الكرتونية مع تردد قناة 5 Kids الجديد لعام 2025 على النايل سات والعرب سات    منافس بيراميدز المحتمل.. المشي حافيا وهواية الدراجات ترسم ملامح شخصية لويس إنريكي    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القابلية للإيحاء!
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 04 - 2019

يحلو لأهل الفن التعبير عن نجاح الأعمال الإبداعية بأنها استطاعت خلق «حالة»، وهذه الكلمة متشعبة الدلالات، وترصد تجاوب الناس مع العمل الفنى وخضوعهم لتأثيراته الجمالية والنفسية والعاطفية، لتصل أخيرا للحالة العقلية، فالفن يخاطب العواطف مباشرة، بما لها من تأثير على عقل الإنسان واتجاهاته.
يحدث ذلك لأن فى عملية التواصل الإنسانى تسبق العاطفة الغريزية المعرفة العقلانية، فكلاهما يعتمد على أجهزة نفسية وبيولوجية منفصلة، وقد فسرها د. (جوزيف لودو) عالم الأعصاب بجامعة نيويورك وصاحب كتاب (المخ الانفعالي) بأن الاستجابة العاطفية لأى موقف تسبق الاستجابة المعرفية، كأن يرى أحدهم عصا فيعتقد أنها ثعبان، فينتفض جريا، ثم يستجيب معرفيا بعد ذلك ليهدئ من روعه، بعد التقييم العقلى بأنها مجرد عصا، لأن الوصلات العصبية المتجهة من الأجهزة الانفعالية بالمخ، أقوى من المعرفية، فافترض أن هناك استجابة سريعة تمر بجوار قشرة الدماغ، تسمح بالرد الغريزى السريع، لأى تهديد خارجي، وهناك دائرة استجابة بطيئة التأثير بالدماغ، تقوم بعملية التقييم عن المعنى العاطفى الأولي، وتسمح للإنسان باتخاذ الموقف المعقول بناء على معرفة صحيحة، لذلك يكون العمل الفنى ناجحا لأنه يتوجه إلى العواطف، بكل أحماله الثقيلة، من المثيرات العاطفية من الأدوات الفنية المتشابكة، من أداء وموسيقى ورسم وحركة وجماليات مركبة، لتوصيل فكرة معينة، فتخلق «حالة» من الانقياد النفسى المباشر، قد يتبعه اقتناع عقلى فى عملية التقييم العقلاني، التى تتطلب تدريبا وتحكما ووعيا مكتسبا، لا يتوافر عند كل الناس بنفس الدرجة، لذلك فالفن أجمل وأوسع وسيلة للتأثير فى الناس، بإثارة العواطف تلقائيا، فقد أثبت العلم الحديث أنها قبل العقل والمعرفة الواعية لأنها أولية وجدانية، تسبق عملية التفكير، وتعتمد على المخزون النفسى والغريزى فى العقل الباطن أو اللاشعور.
وقد بلغ من قوة العقل الباطن أن هناك مدارس علاجية، اعتمدت عليه للشفاء من الأمراض المستعصية، بقوة الإيحاء النفسى للعقل الباطن الذى له سيطرة قوية على العواطف والمشاعر الناتجة عنها، وعلى الجسم البيولوجى أيضا، وتصل قوة الإيحاء إلى التنويم المغناطيسي، حيث يتعرض الشخص الخاضع لعملية التنويم، إلى قوة إيحاء عالية من شخص آخر، فيمكنه إيهام المنوم مغناطيسيا، ببعض المعلومات عن نفسه، ويخضعه لها، كإيهامه بالشلل، فلا يستطيع التحرك! واستغل العلماء هذه المساحة وتطويعها للعلاج، بإقناع المريض بقدرته على الشفاء، والثقة فى اجتيازه المحنة، فتتولد لديه الرغبة والإرادة، وتستجيب وظائف الجسم، والجهاز المناعي، لتحقيق الغرض الذى سبق الإيمان بحدوثه!، وهذا عن تجربة شخصية فى تربية الأطفال واجتياز المواقف الصعبة!
يختلف الناس فى قدراتهم، فهناك من لديهم القدرة على الإيحاء،وهناك من لديهم القابلية للإيحاء،فقد ضربت بنات الأزهر بأسيوط مثلا صارخا للقابلية للإيحاء، فقد سمعن صوت استغاثة، وهو المثير، المؤثر عاطفيا، خلق روايات عديدة عن هذا الصوت، وإنه لحالة خطف، ثم حالة اغتصاب، ثم قتل، ولعبت بهن العواطف والخيالات، يغذين بها بعضهن البعض، ولم تفلح معهن كل الأدلة الواعية، أن القصة مختلفة ولا أساس لها من الصحة، ولم يبلغ أحد عن أى حادث اختفاء لأى من الطالبات، وتم كشف الحقائق بشفافية لدحض الأكاذيب، إلا أن مظاهر الاضطراب استمرت لتكشف مستوى التردى فى التعليم والتربية، التى تطلق للعواطف العنان، ولا يكبحها التقييم العقلاني، لصنع التوازن ما بين العقل والعاطفة!
يعتمد الإعلام المعادى للدول العربية المتمركز فى قطر وتركيا على هذه القابلية للإيحاء، بتكثيف المثيرات العاطفية من الإيحاءات الكثيرة من أكاذيب فى صورة روايات مصنوعة، وأفلام محبوكة، وخطاب متشنج، ولغة صارخة وصلت لبذاءات صادمة، بهدف الوصول إلى عواطف الناس، وخلق حالة من عدم الاطمئنان والرفض والاضطراب وانعدام الثقة والرضا، ولكنهم لا يدركون أن هذه التوليفة من أدوات النصب الدعائي، قد استنفذت مصداقيتها علميا، فصحيح أن العالم البرتغالى (روبرت دما سيو) أستاذ الأعصاب والأمراض السلوكية بكاليفورنيا، ومؤلف كتاب «الشعور بما يحدث»، يؤكد أن الإنسان يستجيب للمثيرات المؤثرة عاطفيا تلقائيا، للحفاظ على حياته ويمتد ذلك للحفاظ على حياة المجتمع الذى يعيش فيه، إلا أن ذلك يعقبه انفعال المخ بهذا المثير، ليدرك أهميته الضارة أو النافعة، فيتولد لديه شعور وأحاسيس قوية يختزنها العقل الباطن، وقد مر العالم العربى بهذه الحالة، واستجاب لنداءات الإثارة والفوضى المرتبة مخابراتيا، إلا أن الخبرة الواعية التى تركتها هذه الاستجابة العاطفية وما نتج عنها من دمار إنسانى رهيب، لم تترك لعمى البصيرة والقابلية للإيحاء حيزا لتتلاعب به ونظرا لدقة الموضوع وحساسيته نكمله فى حديث آخر.
لمزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.