مقيتٌ هو تسييس الدين، وليُّ أعناق النصوص لخدمة فكرة أو تأييد رأى أو دحض مُخالف ربما كان الحقُ معه، لكنه عجز عن إثباته ونُصرته لعدم امتلاك أدوات التصحيح والترجيح، وهو شأن كثيرٍ من العوام ممن جعلهم الجهل لقمة سائغة في أفواه شيوخ لبسوا ثوب الزهد ليأكلوا الدنيا بالدين. ولكي لا يُفهم كلامي خطأ فهي ليست حملةٌ على أهل الدين والالتزام، بل هي صيحةُ تحذير ضد (التابوهات) من البشر الذين عدهم الناس أصحاب رسالة، وأهل فضيلة فانبروا يُحلون في الدين ويحرمون بلا ضابط ولا رابط، كما لو كانوا يُلقون وحيا من لدن عليم خبير. إن إجلال الشيخ وتعظيمه من الدين، ولن ينال المرءُ علما إلا بصبر وجلد ومُزاحمة الشيوخ الحقيقيين بالرُكب والأخذ من علمهم وفضلهم، أما الالتفات حول دعاة مزيفين جعلوا رسالتهم الأساسية وشغلهم الشاغل هي الجرحُ والشتم، فلم يسلم من نقدهم عالم، ولم ينجُ من تجريحهم شيخ؛ رافعين شعار: أنا وإن كنت الأخير زمانه.. لآت بما تأت به الأوائل، فهذا هو الجهلُ بعينه، وتلك هي العصبية المقيتة للشيوخ؛ لأنه - كما قال مالكٌ - كلٌ يُؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر يعني المصطفى صلى الله عليه وسلم. والمعنى أن الحق المطلق لا يُمكن أن يكون لبشر مهما كان علمه وفضله؛ لأن النصوص حمالةُ أوجه، والأفهام متفاوتةٌ، فقد يهديك عقلُك إلى فهم مع أن الشرع يقصد شيئا آخر!. فصاحبْ عزيزى طالبَ العلم من الشيوخ من تجد فيه إخلاصا وحلما، وسقطات العلماء من أجل شهرة زائفة حصلها من مخالفة السواد الأعظم من أهل العلم والفهم، ممن سبقوه في هذا الطريق وقدموا للأمة عصارة فكرهم، وتعب أيام وليال بحثا ومطالعة، وإلى جانب ذلك لابد أن تكون ذا عقل راجح يُقارن بين الأقوال، ويميز بين الغث والسمين، فيرد الواهي والضعيف، ويعض على الصحيح بنواجزه؛ لأن في ذلك نجاتك وفوزك برضا ربك، وجنته التى عرضها كعرض السموات والأرض. أما أصحاب الآراء الشاذة ممن يُحرمون حلالا ويحلون حراما اعتمادا على أدلة واهية أحيانا ومغلوطة في أغلب الأحيان والذين ينتشرون على الفضائيات فهم الخطر بعينه والشر المستطير الذي يجب أن تتصدى له الدولة؛ حفاظا على الناشئة من تسميم أفكارهم، أو تضييع دينهم، والذي بانفراطه يصير المرء مسخا كريها، بلا نصوص شرع تحميه، ولا قواعد تُنير طريقه؛ ليتفادى فخاخ الشطط والضلال. إن الوسطية هي شعار الإسلام وتعنى أن يسير المرء حذرا خشية أن تنزلق رجله في تفريط يمينا أو إفراط يسارا، ومتى حرص على ذلك المنهج القويم، وجعله نصب عينه وصل بلا شلك إلى بر الأمان. إن الحلال واضح وكذلك الحرام، ولا يغيب على كل من منحه الله عقلا رشيدا، وقلبا ذاكرا أن يفرق بينهما، فقد أخبر النبى أن الحلال بين والحرام بين، ولكن لابد من العقل واليقظة!. ومتى توافر ذلك العقل نكون وقتها في منعة من شيوخ الضلال، الذين يلوون أعناق النصوص لخدمة أغراضهم. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى