"مصر القومي" يعقد اجتماعًا تنظيميًا للاستعداد للانتخابات البرلمانية    الشيوخ يناقش الأحد طلبًا حول التنمر والعنف في المدارس    تراجع طفيف في سعر الجنيه الذهب خلال تعاملات الجمعة 20 يونيو    كسر مفاجئ يقطع المياه عن معدية رشيد والجنايدة.. ومحافظ كفرالشيخ يوجّه بإصلاحه واستئناف الضخ التدريجي    شيخ الأزهر يغرد بالفارسية ويدين العدوان الإسرائيلي على إيران    عاجل| إسرائيل تكثّف ضرباتها داخل إيران وتستهدف مواقع مدنية وعسكرية... وخامنئي: "العدو يلقى جزاءه"    نتنياهو: إيران تمتلك 28 ألف صاروخ وتحاول تطوير قنابل نووية    تشكيل مباراة بنفيكا ضد أوكلاند في كأس العالم للاندية    الأهلي يعلن التعاقد مع سارة خالد لتدعيم فريق الكرة النسائية    انتشال 8 أشخاص أحياء من أسفل عقارات حدائق القبة المنهارة    مصرع شاب سقطت على رأسه ماسورة ري بالوادي الجديد    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين ويشيد بمكانته الروحية والتاريخية    تركي آل الشيخ ينشر صورًا من زيارة مروان حامد لاستديوهات "الحصن"    فوت ميركاتو: اتحاد جدة يبدي رغبته في التعاقد مع بوجبا    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    هند رشاد: تعديلات الإيجار القديم خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المالك والمستأجر    جارسيا بعد انضمامه إلى برشلونة: حققت حلمي أخيرا    مينا مسعود: اتربيت على الفن المصري وكان حلمي اعمل فيلم في مصر    هجوم صاروخى إيرانى واسع النطاق يستهدف العمق الإسرائيلى    ابتلعه منذ سنتين، استخراج هاتف محمول من معدة مريض بمستشفى الأزهر بأسيوط (صور)    مانشستر يونايتد يراقب نجم بايرن ميونيخ    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    إزالة مزارع سمكية مخالفة بجنوب بورسعيد على مساحة 141 فدانا    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    جولة تفقدية لإدارة الطب العلاجي بالمنوفية داخل مجمع مستشفيات أشمون    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    إصابة 18 شخصا إثر انقلاب سيارة ميكروباص على طريق ديروط الفرافرة بأسيوط    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    بالاسم ورقم الجلوس... موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بكفر الشيخ    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    أحدث ظهور ل مي عزالدين.. والجمهور يغازلها (صورة)    مصر تتدخل بتحرك عاجل لوقف الحرب بين إيران وإسرائيل    أفضل طرق الحفاظ على تكييف سيارتك في الصيف    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    حريق في سيارة نقل محملة بمواد كحولية بالشرقية    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    لطلاب الشهادة الإعدادية.. «القابضة للمياه» تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية في 7 محافظات    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    بدءا من أول يوليو| تعديل رسوم استخراج جواز السفر المصري "اعرف السعر الجديد"    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    البوري ب130 جنيه... أسعار الأسماك في أسواق كفر الشيخ    إسرائيل تتهم إيران باستخدام "ذخائر عنقودية" في هجماتها    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم المتميز ومنهج المشاركة
بقلم :د‏.‏ محمد أبوالخير
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 04 - 2010

التعليم الجيد والمتميز هو الذي يدفع بالدول من حالة الوهن الي حالة القوة‏,‏ ويخرجها من دائرة التنمية الي دائرة التقدم‏,‏ ويظل الاهتمام بالتعليم جوهرا أساسيا في تحريك المجتمع للأمام‏,‏ لأنه صانع رجال المستقبل‏,‏ ولأنه القادر علي تغيير نسيج المجتمع بأبعاد مختلفة وبرؤي متعددة نحو الازدهار والرقي بمنظومة الحياة‏,‏ لذلك سوف نلقي الضوء عن رؤية التعليم من خلال منهج المشاركة كأحد العناصر الأساسية في تطوير شخصية المتعلم في منظومة التعليم الحديثة‏.‏ إن التعليم من وجهة النظر التلقينية والتي تعتمد علي الحفظ والذاكرة في فهم ومعرفة المادة العلمية‏,‏ لم تعد وسيلة فعالة في تربية النشء‏,‏ وإنما هي وسيلة تقليدية‏,‏ لا تصلح لكي نربي عليها الأجيال القادمة‏,‏ لكي تكون مبدعة‏,‏ وإنما هناك أساليب تفاعلية قادرة علي بناء جيل مبدع ومبتكر وهذا ما نطمح له في ظل تحديات كبيرة في الألفية الثالثة‏.‏
إن هذه المقالة تتناول تجربة في إطار هذا المفهوم التفاعلي في مدرسة إبتدائية بمدينة ليدز‏,‏ بإنجلترا عام‏1994.‏
كان يدرس التلاميد في احدي المواد الدراسية موضوعا عن مصر الفرعونية‏,‏ والرؤية التقليدية لتدريس هذا الموضوع‏,‏ هو النقاش اللغوي حول تاريخ مصر‏,‏ ما هي أهم الآثار المصرية‏,‏ ما هي عادات وتقاليد الفراعنة‏,‏ وما أهم المعالم السياحية في مصر‏,‏ ما هي أهمية نهر النيل لمصر؟‏.‏ ثم علي كل طالب أن يكتب خلاصة هذا النقاش في موضوع إنشائي‏.‏
إن رعاية الطفل تربويا وثقافيا هي إحدي الركائز الأساسية لبرامج التنمية المستقبلية‏,‏ حيث يهدف التعليم الي‏:‏
‏1‏ تزويد المتعلم بالمعارف والمعلومات التي تتصل باحتياجاته العلمية والثقافية والتي تتفق مع الإمكانيات النفسية والجسمية في كل مرحلة من مراحل النمو‏.‏
‏2‏ إكساب المتعلم المهارات المختلفة لاكتشاف الموهوبين‏,‏ وأساليب رعايتهم‏,‏ وتنمية العقل المبدع والناقد المتعلم‏,‏ وكذلك بحث وتجريب بعض الأنشطة التعليمية والإذاعية في شكل عملي‏.‏
‏3‏ إثارة اهتمام ووعي المتعلم بتوظيف ما يعرفه‏,‏ وأيضا الاستفادة من الآخرين والوسائل التوضيحية‏,‏ لفهم المادة التعليمية بخبرة الممارسة‏.‏ وانطلاقا من هذه الأهداف‏,‏ تعتمد التجربة علي استخدام العديد من الأساليب لكي تحقق منهج المشاركة‏:‏
اعتمد المعلم في منهج العمل مع التلاميد علي فلسفة مجموعات النقاش‏,‏ سواء كان ذلك في اطار المجموعة الكبيرة أو المجموعات الصغيرة‏,‏ حيث إن هذه الفلسفة فعالة وجيدة في تبادل الآراء‏,‏ والتعرف علي وجهات النظر المغايرة‏,‏ مما يساعد ذلك علي خلق رؤي ابتكارية‏,‏ وأيضا تحث علي العمل التعاوني والجماعي‏,‏ مما تشيع معه روح الألفة في العمل‏.‏ وهذا يعين علي تفهم الموضوع المراد بحثه‏.‏ كما أنه من الضروري في طرح الموضوعات الأساسية أن تكون في اطار المجموعة الكبيرة‏,‏ لتوضيح الهدف العام أو المشكلة الأساسية‏,‏ ثم بعد ذلك للموضوعات الفرعية‏,‏ تكون في اطار المجموعات الصغيرة‏,‏ لمحاولة البحث بشكل أكثر دقة وعمقا‏,‏ ثم يحدث أن تتلاقي المجموعات مرة أخري وهكذا‏.‏
علي ضوء ما سبق‏,‏ تم اللقاء مع جميع التلاميذ في مجموعة كبيرة لتوضيح الهدف الذي يرمي إليه الدرس‏,‏ وهو التعرف علي مصر الفرعونية‏,‏ وكان نتيجة النقاش تساؤل مهم‏,‏ وهو كيف نصل الي معلومات عن مصر الفرعونية؟
قام مدرس الفصل بتقسيم المجموعة الكبيرة الي مجموعات عمل صغيرة‏,‏ لكي تبحث هذا الأمر؟‏.‏ وبالفعل تمت المناقشة بين المجموعات الصغيرة‏,‏ والمدرس يتنقل بين مجموعة وأخري‏,‏ يناقش ويساعد ويعلق ويوجه‏,‏ وكانت النتيجة كالتالي‏:‏ الذهاب الي المكتبة واستعارة الكتب الخاصة بمصر الفرعونية‏.‏ وإحضار شريط فيديو عن مصر الفرعونية‏.‏ وكذلك الذهاب الي متحف مدينة ليدز فهناك بعض الصور والتوابيت عن مصر الفرعونية‏.‏ وعمل الأطفال في اتجاهات مختلفة لجمع المعلومات‏,‏ وبأسلوب المشاركة زادت الناحية المعرفية لدي الأطفال‏,‏ حيث تعرفوا علي حقائق لم يدركوها من قبل مثل‏:‏ إن اللغة الهيروغليفية لغة يكتب عن طريق الصور‏.‏ وأن العالم الفرنسي شامبليون هو الذي عرف وفك رموز اللغة الهيروغليفية التي كانت موجودة علي حجر رشيد‏,‏ وكان ذلك فتحا في المعرفة‏.‏
بل والكثير من ذلك امتدت المشاركة الي إعجاب البعض بصورة توضح تتويج ملك في بهو قصر‏,‏ وهنا أخذ المدرس يطلب من الأطفال أشياء مختلفة‏:‏ أن يتأملوا الصورة ويحاولوا أن يعبروا عنها بالحركة‏,‏ وقام الأطفال برسم أهرامات‏,‏ توابيت ذات ألوان ذهبية‏,‏ الزراعة علي النيل‏..‏ ويكتبون جملا باللغة الهيروغليفية‏,‏ وكتب الأطفال لافتات كبيرة‏.‏ ويقومون بتنفيذ بعض الاكسسوارات الفرعونية بالورق والقماش‏,‏ وعمل الأطفال بعض التيجان‏,‏ وأحزمة‏,‏ وأقنعة‏.‏
بعد ذلك قام الأطفال مع المدرس بوضع كل هذه الأشياء في الفصل والذي تحول بدوره الي متحف فرعوني صغير‏,‏ فكر فيه الأطفال وناقشوه وجسدوه واقعا حيا‏,‏ تحولت الأفكار الي حقائق ملموسة ومشاهدة في جنبات الفصل‏,‏ إن ذلك يجعل المادة التعليمية متكاملة مع عناصر أخري مما يكسبها قوة ومعني لدي المشارك والمتلقي معا‏.‏
من خلال منهج المشاركة تعرف الأطفال علي الموضوع المراد دراسته عن قرب‏,‏ وأيضا لإيجاد أبعاد جديدة‏,‏ وطرق غير معروفة لمناقشتها‏,‏ وتحليلها حتي يمكن الوصول الي حل مشكلة أو وضع تصور‏,‏ إن هذه العلاقة الجدلية‏,‏ تولد الأفكار وتولد الابتكار‏.‏ ومن هنا فإن العملية التعليمية في اطار هذا المنظور‏,‏ تعمل علي اذكاء قدرات ومواهب الممارسين والمشاركين في الحدث بالمشاركة اللغوية والجسدية والتخيلية والعملية‏,‏ وهذا يحقق مبدأ مهما في التربية وهو التعليم عن طريق العمل‏.‏ وهذا عنصر ايجابي في تطوير المنهج التربوي للأطفال من الاتجاه التلقيني الي المفهوم الحديث للتربية‏.‏ حيث تساهم في بناء شخصية الطفل العقلية والوجدانية والصحية‏....‏ لكي تحقق له النماء الشامل‏,‏ والذي يجعله قادرا علي مواجهة المواقف الحياتية في بيئته المنزلية‏,‏ والمدرسية‏,‏ بأسلوب أخلاقي علمي سوي‏,‏ لأننا في حاجة الي تشكيل الإنسان الجديد الذي سنعهد له بدوره الفعال في مرحلة العبور المستقبلي‏.‏
ومن هنا فإن المشاركة والتفاعلية تحقق مفهوم الثقافة من خلال زاويتين مهمتين في بناء المتعلم‏.‏ الأولي‏,‏ التعريف الإدراكي وهو يتضمن الأفكار والمعتقدات وجميع أنواع المعرفة بصفة عامة عند شعب من الشعوب‏.‏ والثانية‏,‏ التعريف السلوكي وهو ينظر الي الثقافة باعتبارها مجموعة الأنماط السلوكي أو طريقة الحياة عند شعب من الشعوب أو جماعة من الجماعات‏.‏ لذلك فإن هناك علاقة وثيقة بين كل من الجانب المعرفي والجانب السلوكي في بلورة ثقافة الطفل المتعلم‏.‏ ان هذا التغيير التعليمي سوف يحدث تغييرا اجتماعيا في جوهر المجتمع‏,‏ ومن ثم فإن مفهوما جديدا سوف ينمو في عالم تربية الطفل‏,‏ ويحقق التطور والرقي لهذا الوطن العزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.