لابد أن نشير بوضوح إلي أنه عندما بدأت أوروبا تدخل عصر الصناعة لم تكن الصورة واضحة تماما وجري التوسع في إنشاء المصانع باعتبار أنها تمثل مدخلا سريعا للربح يفوق عائد الإنتاج الزراعي ونتيجة لهذه التخمة الإنشائية في المصانع ظهرت علي السطح مشكلة عدم توافر خامات التشغيل التي تكفي لتدوير عجلة الإنتاج.. واتجهت الأبصار إلي خارج الحدود نحو دول الجنوب ذات الموارد الهائلة من المواد الخام التي لا تتوافر في دولها وسائل حديثة للاستثمار والتنمية ولم يكن هناك من سبيل لنهب هذه الثروات سوي عن طريق غزوات استعمارية توزعت فيها المناطق حسب قوة وإمكانية كل دولة أوروبية ومدي قدرتها العسكرية والاقتصادية. وفي ظل هذه الهجمة الاستعمارية الأوروبية طفت علي السطح فئة جديدة من التجار والمرابين الأوروبيين الذين نقلوا جانبا كبيرا من أعمالهم واستثماراتهم في الدول المستعمرة وأصبح يشار إليهم كفئة أكثر ثراء وأكثر نفوذا في المجتمعات الأوروبية حيث لم يعد يصلح أن يطلق عليهم فقط لقب تجار كبار أو مستوردين ومن ثم تفتق ذهن بعضهم عن طرح مسمي مميز لهم هو مصطلح رجال الأعمال. ونفس الشيء مع اختلاف الظروف والمعطيات حدث في مصر مع إطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادي بعد نصر أكتوبر عام1973 بعدة سنوات حيث تدفق علي مصر بعض رجال المال الشرفاء لضخ استثمارات جديدة في عروق الاقتصاد المصري وتدفق معهم- للأسف الشديد- عدد كبير من المغامرين والسماسرة الذين ارتدوا القناع المزيف لمسمي رجال الأعمال حيث انجرفوا بأطماعهم بعيدا عن الأهداف السامية لتحرير الاقتصاد المصري. ورغم أية ملاحظات أو تحفظات حالية أو سابقة بشأن بعض الممارسات فإنني أعتقد أنه ليس من مصلحة مصر في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل الرغبة في إعادة انتعاش مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن تتواصل حملات التشويه- بشكل تعميمي- ضد رجال الأعمال وإنكار دورهم في منظومة البناء والإنتاج. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: من قلب صخور المصاعب تتفجر ينابيع المعجزات! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله