المدينة والمنطقة الساحرة ، هنا رفات إبنة النبلاء وسليلة الملوك قديسة الاسكندرية كاترينا ، وداخل الدير الخاص بها يتعانق المسجد مع الكنيسة فى أروع صور التسامح الدينى وتتجلى أروع الصور الإيمانية ، هنا كلم نبى الله موسى ربه ، وهنا غوى السامرى بنو إسرائيل أن يعبدو العجل،وهنا حكم الله على بنى إسرائيل بأن يتيهوا فى الأرض أربعين سنة، فى سانت كاترين يقف جبل الصفصافة شامخاً يحتضن مقام النبى هارون وفيها منطقة المقابر الشهيرة التى يحرص أبناء قبيلة الجبالية التى يبلغ تعداد سكانها عدة آلاف ويشكلون أكثر من 93% من سكان سانت كاترين والمنطقة كلها يحرصون منذ قديم الزمان على دفن موتاهم بتلك المقابر تيمناً بمقام النبى هارون سانت كاترين صيدلية الطبيعة وكنز المعارف التقليدية فى الطب الشعبى حيث توارث حكمائها مهنة التداوى كابر عن كابر فكما نرى فيها شيخ العشابين أحمد منصور نرى اليوم من جيل الشباب أحمد صالح إبن الإثنتين وأربعين عاماً وهو يصنع تاريخاً جديداً فى طب الأعشاب، وكل منهما داخل صيدليته المتكاملة كافة أعشاب سيناء أعشاب وأهمها البردقوش والزعتر والحبق والزيوت المختلفة خلطات ووصفات الفعالة لعلاج العديد من الأمراض ، ولا عجب إذا ما شاهدت عدد من الأجانب من جنسيات مختلفة خاصة من دول أوربا فى زيارة لتلك الصيدليات العشبية،ولكن هناك من السلبيات الكثيرة التى تعانى منها مملكة الأعشاب والعشابين فهل من حل لها ؟ كما أن سانت كاترين مملكة الفنى اليدوى وهنا يبرز دور السيدة البدوية حيث بلغت شهرتها الآفاق وتخطت حدود سيناء ومصر إلى العالم كله ، ومشغولات سيناء بصفة عامة لها تميزها عالمياً حيث تبرع الأنامل الذهبية الساحرة لسيداتها وبناتها فى إبداع أروع التصميمات والمشغولات اليدوية سواء من ملابس سيناء بأشكالها وألوانها الرائعة وتطريزاتها المبهرة وبدقة صنعتها ،أو الشنط والمشغولات اليدوية كالحلى من عقد وأسورة وحلق وغيرها من المشغولات السيناوية التى أبهرت فنانى العالم ، ورغم ضعف الإمكانيات والعراقيل والمعوقات إلا أن الصمود الذى استمدوه من ماضيهم النضالى المشرف هو السلاح الأول الذى تواجه به تلك العقبات ، ويبقى السؤال الأهم هل من أيادى تمتد لتذلل تلك العقبات ؟ صون تراث الحرف اليدوية هذان السؤالان طرحناهما على الدكتور خالد فهمى وزير البيئة فأجابنا بأنه وقبل أن يتولى وزارة البيئة وأثناء قيادته لأحد المشروعات التنموية تبنى قضية إعادة إحياء الحرف التقليدية المصرية فى جنوبالبحر الأحمر وأقام الخيام التراثية لتعليم تلك الحرف بواسطة أساتذة جامعيين متخصصين للمحافظة على هوية هذا التراث وكذلك الاستعانة بذوات الخبرات من الأجيال القديمة من سيدات مصر فى المناطق الصحراوية البدوية اللائى توارثن عن أسلافهن تلك الخبرات والحرف الجميلة وكن يحكن ثيابهن بل وثياب أزواجهن والأسرة وكل ماتحتاجه الأسرة من مشغولات يدوية بأيديهن والتى أصبحت الآن تراث من الضرورى المحافظة عليه وبعد أن توليت مسئولية وزارة البيئة حرصت على ذلك فى كل منطقة حفاظاً على تراثها من هذه الفنون الراقية ، بل قمت بتوجيه جميع المشروعات العاملة فى مناطق التجمعات البدوية المنتشرة فى جميع أرجاء محميات مصر بضرورة تنمية تلك الحرف والتوسع فيها والمحافظة على هويتها وتعليمها للأجيال الصغيرة ، وبالنسبة لسانت كاترين ولما لها من خصوصية فهى تحظى باهتمام خاص ووجود مشروع الاستدامة المالية للمحميات الطبيعية يجعل تلك الحرف والمعارف التقليدية المرتبطة بالأعشاب أيضا المشغولات اليدوية فى بؤرة إهتمامنا وبمجهودات مضاعفة مشروع الإستدامة والحرف اليدوية وعلى نفس المفهوم يؤكد محمود سرحان – مدير مشروع الاستدامة المالية للمحميات الطبيعية بوزارة البيئة الممول من برنامج الأممالمتحدة الإنمائى (UNDP) فيقول :- المشروع يعمل مع جمعية النباتات الطبية بسانت كاترين وهى جمعية أهلية كل أعضائها ومجلس إدارتها من المجتمع المحلى للمنطقة ،والدعم الذى نقدمه يستخدم لرفع قدراتهم على تطوير الحرف اليدوية المرتبطة بالبيئة والمجتمع المحلى والتراث البدوى من خلال توفير المواد الخام اللازمة للصناعات والمنتجات اليدوية البدوية ، وكذلك مراقبة الجودة للمنتجات ، كذلك إقامة ورش التدريب للسيدات للإرتقاء بمستوى مهاراتهم الفنية فى المنتج البدوى ، أيضاً التوجه للمنتجات التى تلبى احتياجات زائرى المنطقة من الجنسيات المختلفة، بالإضافة إلى ذلك فإن المشروع يساعد الجمعية على استخدام الوسائل الحديثة لتسويق منتجاتهم مثل وسائل التواصل الاجتماعى كالموقع الاليكترونى والإنترنت والفيسبوك، وهو مايتيح مهمة الوصول للأسواق بسهولة وبالتالى زيادة المبيعات وهذا يحقق استدامة الحرف التقليدية الهامة ويساهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأبناء المجتمع المحلى. وهناك ثلاث محاور أساسية نعمل عليها من خلال مشروع الاستدامة المالية للمحميات الطبيعية وهى المواد الخام والتدريب والتسويق ، فالمواد الخام نوفرها لهم من مصادرها بالإضافة إلى توفير بعض المعدات البسيطة مثل ماكينات الخياطة والخرز والخيط ، أما التدريب فيقوم المشروع باستقدام أساتذة كلية الفنون التطبيقية وبعض الخبيرات فى ذات المجال ، أما التسويق فنساعدهم فى المشاركة فى المعارض المختلفة فى سانت كاترين وخارجها بتسهيل عملية نقل تلك المنتجات للمعرض المقامة فى أى مكان على مستوى الجمهورية بل والبازارات فى المناطق السياحية الشهيرة ، والآن جارى مساعدتهم فى تسويق منتجاتهم إليكترونياً سليمة الرائدة لا تذكر فنون سانت كاترين اليدوية إلا وذكرت معها سليمة جبيلى – أشهر فنانات المشغولات اليدوية من سيدات سانت كاترين (حاصلة على الثانوية العامة وتجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة ) تقول :- هذا التراث البدوى من المشغولات وأعمال التطريز والفنون البدوية السيناوية الرائعة كاد أن يندثر وينقرض بوفاة كبار السن من سيدات سيناء الذين توارثوا تلك الفنون عن أمهاتهن وأجدادهن وبفضل مشروع النباتات الطبية الذى كانت تنفذه وزارة البيئة بدعم من برنامج الأممالمتحدة الإنمائى (UNDP) وكنت أعمل به مشرفة بدأنا البحث عن السيدات الماهرات فى تلك الفنون فى سانت كاترين ،وبالفعل كن رائدات فى تعليم الأجيال الجديدة وكانت خطوة رائدة فى إحياء تلك الفنون ، والآن أصبحت تلك الفنون من أهم مصادر دخل الأسرة فى المجتمع السيناوى ، فالسيدة تعمل مثلها مثل الرجل ، وتعمل معى فى أعمال الحياكة 20 سيدة وفتاة و450فى فنون التطريز بالخرز وأعمال الكليم خاصة فى وادى فيران ومن كل التجمعات البدوية فى سانت كاترين،فالسيدة البدوية لديها فن وصنعة وحفظ للتراث وهذا هدفنا تنمية مجتمعية وأسرية والمشروع الثانى لإحياء التراث البدوى من المشغولات اليدوية نفذته سلمى عمر وونادية موسى وتقولع عنه :- فكرة مشروع إحياء التراث السيناوى وهو إلى جانب أنه يصون تراثنا فهو مصدر دخل للأسرة السيناوية التى من بين سيداتها من يعمل فى المشروع ، وبدأته بتعلمى استخدام ماكينة الخياطة وإجادتها تماماً ، ثم تعلمت كل أعمال فنون الحياكة والتطريز والخرز وبإتقان ،وانتقلت لمرحلة تعليم الأخريات ثم تكوين فريق من سيدات منطقتى لنبدأ مرحلة جديدة من الإنتاج والبيع ،ومنتجاتنا تحمل لمسة فنية جمالية مميزة للتراث السيناوى وبالطبع صديقة للبيئة لأنها من القماش ونعمل على تطويرها يوماً بعد يوم ، والسائح يحرص على شراء منتجاتنا وينبهر بها ، وكلما عاد وجد تطويراً جديداً طرأ عليها .