تبدو الصورة النمطية للمرأة السيناوية المترسخة فى الأذهان بأنها تشد البرقع البدوى على وجهها فى دلال وتختبئ خلف خيمة أو نخلة، رغم وجود أصل لها فى الواقع إلا أنها لا تختزله، فالواقع أشد جمالا لأن المرأة السيناوية تصنع ملحمة تراثية من خلال إحياء موروثها الثقافى والحضارى من أجل الحفاظ عليه وترفع شعار «تراثنا اقتصادنا» فى معرض من خلال ما تقوم بصناعته من المشغولات البدوية والسيناوية، يتضمن جميع المشغولات اليدوية مثل الجلباب النسائى والخرز الملون والستائر والكليم اليدوى والبرقع أى جميع المقتنيات التى تحمل الطابع البدوى على هامش المؤتمر الذى قام بتنظيمه المجلس القومى للمرأة بعنوان «آفاق جديدة لتنمية المرأة السيناوية». بداية قالت فاطمة طلعت مؤسس ورئيس جمعية أبناء سيناء أبورديس: تتم صناعة المشغولات البدوية أو الملابس السيناوية يدويا من خيوط الحرير وبرسومات وتصميمات جديدة تناسب المرأة العصرية ومن أكثر الملابس البدوية التى يفضل السياح شراءها الجلابية السيناوية المميزة و«الجذعة» وهى العباية التى لا ترتدى عادة إلا فى المناسبات البدوية والأفراح فهى أشبه ما تكون بفستان السهرة لدى سيدات القاهرة وهى أيضا من الملابس التى لاقت رواجا بين سيدات المجتمع فى المدن الكبرى، هذا بالإضافة إلى العبايات السيناوية والشال السيناوى المطرز والبرقع، وهناك أيضا زيت الزيتون السيناوى الشهير والمنتجات النباتية الطبية بل والقرب المائية المصنوعة من جلد الماعز. وعن تفاصيل الثوب السيناوى المميز قالت طلعت: الثوب السيناوى يدل على شخصية المرأة السيناوية ووضعها فالثوب المطرز باللون الأزرق يشير إلى المرأة كبيرة السن وكبيرة المقام، أما الزوجة الشابة فترتدى الثوب المطرز باللون الأحمر، وترتدى الفتاة المقبلة على الزواج أثوابا ذات ألوان مبهجة. وأضافت: من أشهر الصناعات البدوية فى سيناء الكليم وفنون المشغولات البدوية، كذلك العمل على الخرز والكوريشة، بل وتجفيف الثمار والنباتات السيناوية الشهيرة خصوصا المشمش السيناوى المميز الطعم، أما تجفيف التمور والنباتات العطرية وصناعة الزيوت فهى مكونات أصيلة لاقتصاد المرأة السيناوية، وتمنت أن تقوم الحكومة بدعمهم من خلال تنظيم معارض خارج سيناء لتسويق منتجاتهم. ومن جانبها قالت صابرين إبراهيم مديرة شركة التراث البدوى بسيناء إنها تعمل منذ أكثر من ثلاثين عاما فى الصناعات اليدوية السيناوية المختلفة، كونها صناعة تحمل تاريخ وثقافة بدو شبه جزيرة سيناء ومصدر رزق أساسى لآلاف السيدات البدويات حيث يقمن بصناعة الملابس البدوية التراثية المطرزة داخل منازلهن الصغيرة تحت إشراف جمعيات أهلية تعمل على زيادة دخل المرأة البدوية والحفاظ على التراث السيناوي. وأضافت: من أبرز هذه الموروثات صناعة الكليم السيناوى الذى يعد من تقاليد الشخصية السيناوية على مدار سنوات طويلة، وتعتبر قرية وادى الطور قرية الكليم الأولى فى جنوبسيناء حيث تحولت هذه القرية المهملة إلى قرية منتجة صناعتها قائمة على الكليم ومشتقاته، فتتم صناعته من النول اليدوى التقليدى الذى تطور وأصبح باستخدام النول الخشبى الأسهل والأسرع بما تتناسب مع حاجات العصر. وأوضحت إبراهيم أن ربط خيوط النول عملية شاقة وتستغرق وقتاً كبيراً، مشيرة إلى أن النول الواحد يبلغ تكلفته حوالى ألف وخمسمائة جنيه. أما عن المواد المستخدمة فقالت أستخدم أى بقايا أقمشة فى البيت وأعيد تصنيعها مع مراعاة تناسق الألوان فصناعة الكليم قائمة على إعادة التدوير للمحافظة على البيئة، كذلك من جلود الخراف والماعز، مشيرة إلى أن مبيعات السيناويات من الكليم انخفضت بعد الثورة لانخفاض معدل السياحة بسبب الأحداث التى شهدتها سيناء وكان السائح هو المشترى الأول للمنتجات خصوصا الكليم السيناوى. أما فى مجال الإكسسوارات فقالت ناعسة إبراهيم عضو مجلس إدارة بجمعية شباب المستقبل بطور سيناء ورئيس مجلس إدارة جمعية المرأة البدوية للحفاظ على التراث بعيون موسى: نقوم بتصميم الإكسسوارات من وحى الطبيعة السيناوية المميزة باستخدام الخرز ونأتى إلى القاهرة لشراء الخامات التى نحتاجها، مشيرة إلى أن صناعة العقد الواحد يستغرق من يومين إلى أكثر بحسب التصميم ودرجة تعقيده ونستخدم فيه عادة الخرز الملون المحبب للمرأة السيناوية. وأشارت إبراهيم إلى أن السائح الأوروبى يأتى خصيصا لشراء تلك المنتجات ولأن السائح قد يشعر بالملل فقد طورت من منتجاتى وأدخلت التطريز بالخرز على العديد من المنسوجات الأخرى كالشنط والأحزمة، لافته أن هناك تراجعًا كبيرًا فى المبيعات نتيجة تأثر السياحة فى جنوبسيناء ونظرا للظروف الأمنية يستصعب القيام بمعارض فى المحافظات الرئيسية لذلك نتمنى أن يكون هناك معرض دائم فى القاهرة لعرض المنتجات السيناوية للحفاظ على هذا التراث وكذلك نطالب المحافظ برفع الضرائب عن الصناعات اليدوية فى جنوبسيناء خاصة فى ظل حالة الركود الشديدة التى نعانى منها فى الفترة الأخيرة. وأخيرا قالت أميمة محمد مقررة فرع جنوبسيناء بالمجلس القومى للمرأة الهدف الأساسى من المعرض مساعدة المرأة السيناوية فى تحسين معيشتها من ناحية والحفاظ على التراث السيناوى التليد من ناحية أخرى من خلال تطويره والتوسع فى تصنيعه وتسويقه محليا وعالمياً، هذا بالإضافة إلى انه يتم عمل دورات تدريبية لأعداد كبيرة من السيدات السيناويات لتدريبهن على العمل فى مجال صناعة الكليم البدوى الأرضى باستخدام خامات من البيئة تتمثل فى قصاقيص القماش والملابس المعدمة فضلا عن تدريبهن على الإبداع والتميز فى الأشكال والرسومات الجمالية وتنوع خط خامات الصوف مع قصاقيص الجلد أو القماش بالشكل والطابع السياحى حتى يتم دمجهن فى سوق العمل بعد ذلك كمدربات.