محافظة جنوبسيناء من أجمل وأغني المحافظات علي مستوي الجمهورية، فمن جمال رباني طبيعي يأسر النفس إلي مكونات اقتصاد واعد يمتلك كل شيء من مواد خام تعرف التنوع كالبترول والمعادن والرمال الذهبية وبها شواطئ عالمية تتفوق علي شواطئ الريفييرا الشهيرة ومنتجعات هاواي الجذابة، فلديها مدن سياحية عالمية واسطة عقدها "شرم الشيخ" الفاتنة فضلا عن الموقع العبقري الذي يجعلها قريبة من جهات العالم الأربع، إلا أن هذه المقومات التي يتمناها العديد من الدول مهدرة ولا يستغل منها إلا القليل. حول هذه المحافظة الاستثنائية في كل شيء كانت زيارة »آخر ساعة« للمحافظة تغوص فيها.. في مدنها ووديانها الواعدة بالإمكانيات الاقتصادية الخرافية تبشر إذا ما فٌعلت في إطار مشروع تنمية وتعمير سيناء بأن تتحول إلي قاطرة تجر الاقتصاد المصري كله. المرأة السيناوية... تصنع ملحمة تراثية تبدو صورة المرأة السيناوية تقليدية مترسخة في الأذهان، تشد البرقع البدوي علي وجهها في دلال، تختبئ خلف خيمة أو نخلة، وجودها أكيد لكن في المخيلة، هذه الصورة النمطية رغم وجود أصل لها في الواقع إلا انها لا تختزله، فالواقع أشد جمالا وبهاء فالمرأة السيناوية تكتب سطور قصتها بأنامل ذهبية تركت مكمنها في خلفية الصورة وتقدمت لتشارك الرجل في صناعة ملحمة سيناوية تليق بهما، المرأة السيناوية التي تمتلك جمال الصحراء تمتلك أيضا قوة الجبال وعناد البحر، خرجت إلي العمل تساعد في دفع متطلبات المعيشة من خلال الحفاظ علي تراثها البدوي الأصيل، أصبحت لسان سيناء وحالها، عرفت ما يجذب السياح فهداها تفكيرها إلي إحياء التراث الثقافي السيناوي لمواطني وسيدات المدينة من خلال تطوير الصناعات البدوية يدويا، تتمثل في الكليم وفنون المشغولات البدوية بما يضمن الحفاظ عليها من الاندثار، كذلك العمل علي الخرز والكوريشة، بل وتجفيف الثمار والنباتات السيناوية الشهيرة خصوصا المشمش السيناوي المميز الطعم، أما تجفيف التمور والنباتات العطرية وصناعة الزيوت فهي مكونات أصيلة لاقتصاد المرأة السيناوية. الحاجة صابرين تلخص الكثير من معالم الشخصية السيناوية في طيات حياتها، فهي نموذج للمرأة المكافحة علي مدار سنوات، تغيرت فيها أشياء كثيرة علي صفحات هذا الوطن إلا أنها لم تتغير رغم تغير الكثير ولم تبدل موقعها مع المتبدلين، رأت في الثورة انتصارا للسيناويين في المقام الأول فعلي حد تعبيرها "لم يكن لنا رأي قبل الثورة وكنا مكبوتين وكانت حقوقنا مهدرة، الآن طلباتنا تنفذ قبل أن نطلبها وهذا أفضل شيء قدمته لنا الثورة". تتخصص الحاجة صابرين من خلال شركة تمتلكها في الصناعات اليدوية السيناوية المختلفة وتقول عن تجربتها الممتدة علي مدار ثلاثين عاما ل.آخر ساعة دخلت مجال إنتاج مكونات سيناوية وبيعها للسياح خصوصا الجلابية السيناوية المميزة والجذعة وهي العباية التي لا ترتديها عادة إلا في المناسبات البدوية والأفراح فهي أشبه ما تكون بفستان السهرة لدي نساء القاهرة، وهي الملابس التي لاقت رواجا عند بيعها في القاهرة والإسكندرية، ومع ارتفاع وتيرة حركة السياحة بدأنا في التوسع وعرض منتجاتنا علي السياح الذين تهافتوا عليها وزادت أرباحنا، فقررت العمل في مجالات جديدة بالإضافة إلي العبايات السيناوية فقمنا بعرض الشال السيناوي المطرز والبرقع والأكسسوارات السيناوية المميزة، بالإضافة إلي تقديم زيت الزيتون السيناوي الشهير، والمنتجات النباتية الطبية، بل والقرب المائية المصنوعة من جلد الماعز، فهمنا الأول هو تقديم التراث السيناوي في مختلف أشكاله وأطيافه، ولم نكتف بتقديم التراث كما هو بل قمنا بتطويره وإدخال أشكال وخامات جديدة كنوع من التطوير، واستفدنا في ذلك من خبرة البدويات في مجال التطريز فالسيدات هنا يتقن التطريز بصورة مدهشة ولديهن قدرة كبيرة علي استيحاء الطبيعة السيناوية المميزة. وعن تفاصيل الثوب السيناوي المميز تقول صابرين: "الثوب السيناوي يدل علي شخصية المرأة السيناوية ووضعها فالثوب المطرز باللون الأزرق يدل علي المرأة كبيرة السن وكبيرة المقام، أما الزوجة الشابة فترتدي الثوب المطرز باللون الأحمر، وترتدي الفتاة المقبلة علي الزواج أثوابا ذات ألوان مبهجة. إلا أن صابرين اشتكت من "وقف الحال" نتيجة لانهيار السياحة في جنوبسيناء وصعوبة الخروج من المحافظة نظرا للظروف الأمنية للقيام بالمعارض في المحافظات الرئيسية، وطالبت للخروج من هذا المأزق بمعرض دائم في القاهرة لعرض المنتجات السيناوية وكذلك نطالب سيادة المحافظ برفع الضرائب عن الصناعات اليدوية في جنوبسيناء من أجل مساعدتنا في ظل حالة الركود الشديدة التي نعاني منها في الفترة الأخيرة. إذا كانت الحاجة صابرين تبدع في العباءات السيناوية فإن "أم أحمد" 50 عاما تبدع في مجال الإكسسوار السيناوي البديع باستخدام الخرز، وتقول أم أحمد دخلت هذا المجال لمواجهة ارتفاع مستوي المعيشة وارتفاع الأسعار فقررت الوقوف بجوار زوجي من خلال العمل في الشيء الذي أتقنه وهو صناعة الإكسسوارت من الخرز، وبالفعل نجحت في هذا المجال وأصبح السائح الأوروبي يأتي خصيصا لشراء تلك المنتجات، ولأن السائح قد يشعر بالملل فقد طورت من منتجاتي وأدخلت التطريز بالخرز علي العديد من المنسوجات الأخري كالشنط والأحزمة. وعن الوقت الذي يستغرقه عمل عقد أكسسوار تقول أم أحمد إن العقد الواحد يستغرق من يومين إلي أسبوع حسب التصميم ودرجة تعقيده، ونستخدم فيه عادة الخرز الملون المحبب للمرأة السيناوية علي مدار سنوات. وعن رأيها فيما يجري في مصر حاليا قالت"ربنا يهدي الجميع". نموذج آخر للمرأة السيناوية تقدمه الكاتبة "حسنية عمر عواد" التي نشأت في جبل سانت كاترين وكتبت كتابا عن حقوق المرأة السيناوية هي أكبر دليل علي تأثير التعليم والنهضة التعليمية هناك مقدمة نموذجا للسيناوية المتعلمة والمتفتحة علي العالم المهمومة بهموم مجتمعها. وفي كتابها "حقوق المرأة في سيناء" تربط عواد بين واقع المرأة في الإسلام وبين واقع المرأة السيناوية، فالإسلام رفع من شأن المرأة وساوي بينها وبين الرجل في جزاء الآخرة فلها حق التعبير وحق التعليم مثلها مثل الرجل أيضا وحق التملك والتصرف في ميراثها تبيع وتشتري بدون وصاية من الأخ أو الأب والكاتبة تؤكد علي نقطة هامة وهي أن العادات والتقاليد والقانون العرفي هو القانون السائد في حل النزاعات القائمة وحتي من يسيء للمرأة هناك يقام عليه حدود هذا القانون العرفي الشديد، فهناك احترام كامل للمرأة في التقاليد السيناوية. ترفع شعار تراثنا..اقتصادنا... قرية وادي الطور تتحول إلي قرية الكليم الأولي في سيناء تتمتع حياة البدو في سيناء بخصوصية تمتزج فيها حياة الترحال بالتراث البدوي التليد، ومن أبرز هذه الموروثات صناعة الكليم السيناوي الذي يعد من تقاليد الشخصية السيناوية علي مدار سنوات طويلة، وفي قرية وادي طور سيناء القريبة من مدينة الطور عاصمة محافظة جنوبسيناء تغزل ملحمة خاصة بهن علي انغام النول اليدوي الذي تطور ككل شيء في دنيانا هذه، تمر قرية وادي الطور الهادئة بتجربة هائلة في إطار التحول من قرية مهملة إلي قرية منتجة صناعتها قائمة علي الكليم ومشتقاته، في محاولة للحفاظ علي التراث الثقافي للبدو وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة من خلال تطويره والتوسع في تصنيعه وتسويقه محليا وعالميا. فصناعة المنسوجات البدوية مهنة تحمل تاريخ وثقافة بدو شبه جزيرة سيناء، وهي مصدر رزق أساسي لآلاف السيدات البدويات، حيث يقمن بصناعة الملابس البدوية التراثية المطرزة داخل منازله الصغيرة، وذلك تحت إشراف جمعيات أهلية بسيناء تعمل علي زيادة دخل المرأة البدوية والحفاظ علي التراث السيناوي، ويقبل السياح الأجانب علي شراء هذه المنسوجات التي يتم تصنيعها بشكل يدوي في معظم مراحل التصنيع. من هنا كان مشروع إحياء التراث السيناوي اليدوي من خلال تطوير صناعة الكليم التراثية بما يتناسب مع حاجات العصر، المشروع بدأ منذ عام بتطوير مهارات نساء وادي الطور وتعليمهن استخدام النول الخشبي الأسهل والأسرع من النول البدوي التقليدي، بمقر مركز التدريب الذي أقيم بجوار القرية تسهيلا علي السيناويات، المشروع لقي استجابة من نساء وادي الطور وتسابقن في الإجادة والابتكار والخروج بأشكال حديثة معاصرة للكليم، وقد حصل أربعة من أمهر نساء وادي الطور علي النول الخشبي في منازلهن، وجاري تسليم اربعة أنوال أخري لنساء بالقرية،، في خطة تهدف إلي توصيل النول الخشبي إلي جميع بيوت قرية وادي الطور، في حين تمارس بقية النساء الغزل علي الأنوال المتواجدة بمقر مشروع الكليم. تقول أميمة إبراهيم مدير عام مركز جنوبسيناء لدعم المرأة والمشرفة علي مشروع الكليم- إن المشروع يهدف إلي مساعدة المرأة السيناوية في المساهمة في تحسين معيشتها من ناحية والحفاظ علي التراث السيناوي التليد من ناحية أخري، لذلك قام المركز بعقد دورات تدريبية لأعداد كبيرة من السيدات قاطني قرية الوادي لتدريبهن علي العمل في مجال صناعة الكليم البدوي الأرضي باستخدام خامات من البيئة تتمثل في قصاقيص القماش والملابس المعدمة فضلا عن تدريبهن علي الإبداع والتميز في الأشكال والرسومات الجمالية وتنوع خط خامات الصوف مع قصاقيص الجلد أو القماش بالشكل والطابع السياحي حتي يتم دمجهن في سوق العمل بعد ذلك كمدربات بهدف تحويل قرية وادي طور سيناء إلي قرية منتجة ومتخصصة في مجال صناعة الكليم البدوي لتصبح بعد ذلك رائدة في هذا المجال ومزارا سياحيا لتسويق المنتجات السيناوية. أضافت أميمة إبراهيم مبيعات السيناويات من الكليم انخفضت بعد الثورة لانخفاض معدل السياحة بسبب الأحداث التي شهدتها سيناء خصوصا في الأجزاء القريبة من الحدود مع إسرائيل، وكان السائح هو المشتري الأول لمنتجات نساء الطور من الكليم السيناوي، حتي المعارض التي كنا نقيمها في عدد من المحافظات كالقاهرة والإسكندرية لم تعد متاحة لأن نساء الطور لديهن خوف من حالة عدم الانضباط الأمني ولم يعد أحد يملك القدرة علي المخاطرة بتعب أشهر والسفر في ظل هذه الظروف. ومع ذلك فهناك تجاوب كبير من قبل السيناويات علي تعلم الغزل علي النول الخشبي واحتراف صناعة الكليم، وقد انتهينا من تدريب 25 سيدة كدفعة أولي و25 كدفعة ثانية، وجاري تدريب الدفعة الثالثة، والتجهيز للدفعة الرابعة، وما يدفعنا للتمسك بهذا الرقم هو ضيق المكان علي الرغم من الإقبال الضخم من قبل سيدات وفتيات وادي الطور، واتفقنا مع المحافظ علي تسليم أوائل الدفعات وأكثرهن نشاطا نولا خشبيا وقد تم توزيع أربعة أنوال، وجاري تسليم أربعة أخري في الأيام القليلة القادمة، علي الرغم من أن النول الواحد يبلغ ثمن تكلفته ألف وخمسمائة جنيه، وهو ما يجعل مهمة توصيل النول إلي كل بيت في قرية وادي الطور صعبا ومكلفا لذلك فتحنا ابواب المركز أمام من تريد أن تغزل أن تستخدم أنوال المركز تشجيعا لها حتي يتم تسليم كل واحدة منهن نولها الخاص. وتروي أم خالد واحدة من مالكي النول الخشبي تجربتها ل. آخر ساعة قائلة كنت أحب الغزل منذ الصغر، وعندما بدأ المشروع قررت المشاركة فيه فورا والحمد لله أثبت كفاءتي في استخدام النوال ما أهلني لأمتلاك أحد الأنوال الخشبية من المحافظة، ولا تتصور مدي سعادة ابني وبنتي بالعمل علي النوال بل إن ابني خالد أحيانا عندما أكون مشغولة في أعمال البيت يقوم بالغزل بطريقة بديعة وأحيانا أتنافس أنا وهو في ابتكار أشكال جديدة من الكليم. أما عن المواد المستخدمة فقالت أم خالد أستخدم أي بقايا أقمشة في البيت وأعيد تصنيعها مع مراعاة تناسق الألوان فصناعة الكليم قائمة علي إعادة التدوير للمحافظة علي البيئة، كذلك نقوم بشراء احتياجاتنا من مصانع الأقمشة لدفع عجلة الإنتاج كما كان يحدث أيام رواج السياحة. أما أم عبدالله (45 سنة) فتقول لدي خمس بنات وولد واحد، وعندما بدأ المشروع لم أهتم به بل كانت بناتي هن من يذهبن إلي مقر المشروع للتدرب علي استخدام النوال وإتقان عمل الكليم، وفي إحدي المرات ذهبت معهن فأعجبت بالعمل وبدأت في العمل معهن من باب التجربة وشغل وقت الفراغ لكن مع الوقت اتقنت العمل بالنوال الخشبي الجديد وتفوقت علي بناتي في الغزل وقررت إدارة المشروع منحي نوالا خاصا في بيتي. وسألنا أم عبدالله عن موقف أبو عبدالله من عملها فقالت :"أبو عبدالله أيدني منذ البداية وهو من ساعدني في نصب النوال خلف المنزل، بل اقترح تطوير النوال بوضع موتور صغير من أجل اختصار الوقت والجهد في ربط خيوط النول وهي عملية شاقة تستغرق وقتاً كبيراً". وقالت أم عبدالله يستغرق العمل في الكليم الصغير الذي يعلق علي الحائط وقتا قصيراً يمكن إنتاج ثلاثة منه في الأسبوع الواحد، ونحن نقوم بصباغة الخيوط ونشتري الصبغة من الزقازيق لأنها أرخص من العريش وتؤكد أن بناتها يعاونها في إعداد الخيوط وصباغتها. محافظ جنوبسيناء: شرم الشيخ لن تسقط بعد رحيل مبارك وحسين سالم تمر مصر بظروف استثنائية أثرت ولا شك علي أحد أهم مواردها ألا وهي السياحة التي شهدت انخفاضا ملحوظا في نشاطها، وربما لم تتأثر محافظة بانخفاض السياحة قدر تأثر محافظة جنوبسيناء التي يعد النشاط السياحي العمود الفقري لاقتصادها، حول تأثير الأوضاع علي السياحة وخطط المحافظة لعبور هذه الكبوة كان لقاء "آخر ساعة" مع محافظ جنوبسيناء اللواء خالد فودة. ❊ كيف تقيم الوضع الأمني حاليا في جنوبسيناء؟ هناك أمر مختلط عند الجميع وهو أن ما يحدث في شمال سيناء يحدث بالضرورة في جنوبها، وهو أمر غير صحيح، فجنوبسيناء تشهد استقرارا تحسد عليه، وهناك تعاون كامل بين قوات الجيش والشرطة لتأمين المحافظة بالاشتراك مع الأهالي أصحاب المصلحة الأولي في استتباب الأمن لأنهم جميعا من العاملين في نشاط السياحة لذلك تجد منهم كل حرص علي تأمين المحافظة حفاظا علي مصدر رزقهم. ❊ لكن السائح الأجنبي سيربط بين أي حدث أمني في مصر وعدم زيارة مصر؟ هذا صحيح وهذه النقطة تحديدا هي سبب معاناة السياحة في جنوبسيناء، فالسائح الأجنبي لن يفرق بين حادثة وقعت في أسوان أو القاهرة وبين أن تقع في جنوبسيناء فكما تري الأمور مستقرة جدا في شرم الشيخ ودهب، ومع ذلك وضعنا خطة لمواجهة الصورة السلبية للسياحة، فاستضافت مدينة شرم الشيخ في شهر سبتمبر حدثين عالميين أولهما مهرجان أوسكار السياحة العالمية الذي حصلت شرم الشيخ علي جائزتين فيه الأولي كأفضل مقصد سياحي والثانية عن أفضل منطقة غوص في أفريقيا ودول المحيط الهندي. كما نظمت مدينة شرم الشيخ مهرجان السياحة العالمي في إطار الاحتفال بيوم السياحة العالمي. هذا، غير التنسيق مع شركات السياحة العالمية، وعندما توليت مهام عملي كمحافظ منذ شهرين وجدت أن هناك لمحة حزن تكسو المدن السياحية خصوصا شرم الشيخ لذلك قررت العمل مع رجال الأعمال والمستثمرين والأهالي لإزالة لمحة الحزن تلك واستعادت شرم الشيخ وجهها المشرق، لكن رغم كل ذلك جاء حادث ماسبيرو في توقيت صعب ليهدم الكثير من الخطط التي قمنا بها. ❊ وما هو تأثير حادث ماسبيرو علي جنوبسيناء؟ لأن حادثة ماسبيرو جاءت في وقت بداية الموسم السياحي لمحافظة جنوبسيناء فكما تعلم أن معظم مدن المحافظة السياحية تعتمد علي السياحة الشتوية وفي هذه الفترة تبدأ عادة عمليات التعاقد مع الشركات السياحية الأجنبية، وهو أمر قد يؤدي إما إلي عزوف السائح الأجنبي عن زيارة شرم الشيخ وطابا ودهب أو أن ترسل لنا شركات السياحة عروضا تتضمن أسعارا متدنية استغلالا للموقف، لذلك نعمل حاليا بمشاركة رجال الأعمال والمستثمرين علي مواجهة الموقف للخروج من هذا المأزق. فالخوف كل الخوف من الأفواج التي لم يتم الاتفاق عليها بعد والخاصة بشهر فبراير ويناير القادم وهو الموسم الذي يشهد ذروة السياحة في مدن جنوبسيناء. فالسياحة انخفضت 50٪ ليس بسبب الثورة ولكن بسبب الأحداث التي حدثت بعدها في القاهرة وشمال سيناء. ❊ علي ذكر رجال الأعمال، كيف تري مستقبل شرم الشيخ بعد رحيل أحد أكبر مستثمريها حسين سالم؟ شرم الشيخ لن تسقط سواء لرحيل مبارك أوحسين سالم ولا غيرهما، فما قدمه حسين سالم لشرم الشيخ كان في مقابل خدمات وامتيازات حصل عليها، وسنعمل مع رجال الأعمال الشرفاء الموجودين حاليا في شرم الشيخ وجنوبسيناء عموما من أجل عبور هذه المرحلة الحرجة. ❊ هل أصبحت شرم الشيخ مدينة للجميع بعد رحيل الرئيس السابق مبارك؟ شرم الشيخ طوال عمرها وهي مدينة لجميع المصريين بلا استثناء، ربما يكون الوضع الآن أكثر هدوءا لكنها لن تتأثر بعد رحيل الرئيس السابق عنها وستظل كما هي عروس السياحة في العالم. وأؤكد لك أن المدينة لا تغلق أبوابها الآن أمام أي مواطن مصري. ❊ بعيدا عن حديث السياحة، ماذا عن مشاريع التنمية بجنوبسيناء ؟ تمتلك جنوبسيناء إمكانات تنموية شاملة من أراض شاسعة صالحة للزراعة وجبال بها مناجم غنية بالمنجيز والحديد والجرانيت والحجر الجيري، وبها 30٪ من إنتاج البترول في مصر، بل وبها الرمل الزجاجي، الذي يبشر بإقامة صناعات تكنولوجية عليه، هذا غير 600 كيلومتر من السواحل التي يمكن استغلالها في زيادة حصة مصر من الإنتاج السمكي وبناء موانئ عالمية علي هذه السواحل، بالإضافة إلي 14 ألف كيلو متر مربع من المحميات الطبيعية، كما أن جنوبسيناء تمتلك 6 مطارات 5 منها تعمل بالفعل وواحد تحت الإنشاء. لذلك تقدمنا بملف كامل لرئاسة مجلس الوزراء من أجل دراسته ووضع الاعتمادات المالية اللازمة، وهناك مشروع مرسوم بقانون لتنمية وتطوير سيناء سيصدر قريبا، وقد يتضمن إنشاء محافظة جديدة خاصة ب"وسط سيناء" لتنمية هذه المنطقة علي حدة. ❊ كيف استعدت المحافظة لموسم الحج هذا العام؟ وضعت المحافظة خطة عمل محكمة لمواجهة أي مشكلة تواجه الحجاج أثناء مغادرتهم ميناء "نويبع"، وبفضل الله رغم معاناة المعتمرين في موسم العمرة في شهر رمضان المعظم، فإن ميناء نويبع لم يسجل أي مشكلة أثناء عبور المعتمرين من خلاله، وقد انتهت عمليات التطوير بميناء نويبع بالكامل وأصبح جاهزا لاستقبال زوار بيت الله الحرام وتقديم أفضل سبل الراحة لهم. ❊ هل للشباب ونحن في عصر ثورة الشباب من خطط التنمية في جنوبسيناء ؟ الشباب لهم الحظ الأوفر في خطط التنمية في المحافظة، وعموما الشباب يريد تحقيق مطلبين له هما توفير مسكن ووظيفة، بالنسبة للمطلب الأول سيتم طرح 6000 شقة للشباب بداية العام الجديد. أما فرص العمل فسيكون هناك عدد من فرص العمل أكبر من أن يتخيل عقل إذا تم إقرار مخطط تنمية المحافظة، مع ذلك تقوم المحافظة بالتعاون مع القوات المسلحة بإعادة تأهيل شباب سيناء بما يوافق احتياجات سوق العمل في المحافظة ويتم ذلك في مركز التدريب المهني المتواجد بالطور، حيث يتم تدريب الشباب علي المهن والحرف مقابل إعطائهم 10 جنيهات يوميا تشجيعا لهم، وبعد نهاية التدريب يعطي الشاب شهادة معتمدة داخل مصر وخارجها. ❊ لماذا تم إهمال الإنارة علي طرق سيناء، بالإضافة إلي أن الطرق بها تتسم بأنها اتجاه واحد وغير موسعة؟ بالفعل الطرق في سيناء ليس بها إنارة وهي مشكلة خطيرة سنعمل علي حلها في الفترة القادمة بطلب اعتمادات مالية من مجلس الوزراء من أجل إنارة الطرق في المحافظة، ومع ذلك يتم العمل علي حل هذه المشكلة من خلال منع أي سيارة من السير ليلا خصوصا سيارات النقل والمقطورات تحديدا في المناطق كثيرة المنحنيات. ❊ ماهي الخطط والسيناريوهات التي وضعتها المحافظة لمواجهة موسم السيول؟ تعرضت سيناء لدرس قاس في مطلع 2010 لذلك وضعت المحافظة سيناريوهات وخطط عمل لمواجهة موسم السيول المتوقع مطلع 2012م، للسيطرة علي أي مشكلة ووضع حلول لها من أجل تحويل السيول من نقمة إلي نعمة، فقد تم ترميم السدود الموجودة وجاري إنشاء سدود جديدة من أجل تعظيم الاستفادة من مياه الأمطار في استصلاح الأراضي الصحراوية، كذلك تم التشديد في منع أي محاولات للبناء في مجري السيول. ناشطون سياسيون: »المنحل« سيطر علي السياسة في الجنوب وأقصي الجميع احتكر الحزب الوطني المنحل إبان عصر سطوته وجبروته كل شيء في جنوبسيناء فالمحافظة عرفت بمحافظة الحزب الواحد، فلا مرشحين إلا للوطني ولا أعضاء في البرلمان إلا لرجاله، ولم لا وجنوبسيناء أوقعها حظها العاثر في قبضة مبارك الذي جعل من أشهر مدنها شرم الشيخ عاصمته السياسية ومقره المفضل في سنوات عمره الأخيرة، إلا أن إعصار ثورة 25 يناير كما أطاح بمبارك فقد أطاح بتركيبته السياسية في جنوبسيناء فلأول مرة ونحن علي أعتاب انتخابات برلمانية حاسمة يتذوق السيناويون الجنوبيون فيها حلاوة الاختيار بين أكثر من مرشح يمثلون أكثر من تيار سياسي وهي التجربة التي حرم منها السيناويون لعقود طويلة. فقد تقدم 52 مرشحا للانتخابات البرلمانية منهم 33 مرشحا للشعب و19 مرشحا للشوري. المرشحون علي كل لون سياسي فهناك المنتمون لحزب العدالة والحرية الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب الوفد والأصالة والعربي الناصري و"الأحرار الدستوريين" و"الإصلاح والعدالة". الجميل في الأمر أن شباب القبائل قاموا بتوزيع منشورات تتضمن أسماء رموز الحزب الوطني المنحل في إطار الحملة التي أطلقها بعض السياسيين تحت اسم "امسك فلول"، تضم القائمة 38 اسما لأعضاء ومرشحين للحزب الوطني علي مقاعد مجلسي الشعب والشوري، وطالب الشباب بضرورة التصدي لهذه الأسماء وعدم السماح لها بالمشاركة في الانتخابات القادمة جزاء لهم عن إهمال أهالي سيناء وتركيزهم علي إرضاء أسيادهم في الأمانة العامة للحزب ولو علي حساب أهالي سيناء أنفسهم. تأتي هذه الحملة في إطار حملة طمأئة يقوم بها محافظ جنوبسيناء اللواء خالد فودة بالتعاون مع القوات المسلحة للتأكيد علي التصدي لأي محاولات تخريب أو تزوير في الانتخابات القادمة، خاصة ظاهرة شراء الأصوات بدفع رشاو للناخبين وهي الظاهرة التي وعد المحافظ بالتصدي لها من خلال التعاون مع الأهالي الذين طالبهم بضرورة تقديم بلاغات عند رؤيتهم لأي محاولة شراء أصوات. كما أعلنت المحافظة وقوفها علي الحياد وعدم تقديم أي دعم لمرشح علي حساب بقية المرشحين واقتصار دور المحافظة علي تأمين اللجان الانتخابية بما يسمح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم في جو من النزاهة. يأتي هذا بعد إعلان اللواء صدقي صبحي قائد الجيش الثالث الميداني أن الجيش الثالث سيقوم بتأمين الانتخابات البرلمانية في محافظات السويسوجنوبسيناء والبحر الأحمر، وأعلن صدقي أن هذه رسالة لطمأنة الشعب المصري علي قدرة قواته في الحفاظ علي أراضيه. حالة من الفرح والسعادة هذا أقل ما يمكن وصف ما جري أمام محكمة الطور، عندما تقدم المرشحون للانتخابات بأوراقهم أمام لجنة تلقي طلبات الترشح. يقول المستشار حسين مسلم رئيس لجنة تلقي الترشيحات بجنوبسيناء الأمور سارت في شكلها الطبيعي هناك حرص من السيناويين علي المشاركة بكل أدب واحترام للمنافس الآخر ولم تقع أي مشاكل أثناء تقدمهم بأوراق الترشح باستثناء عدم استيفاء بعض المتقدمين لأوراقهم وهي أمور اعتيادية خصوصا لمن يترشح للمرة الأولي وهم كثر هنا. يقول حسني محمد حسن أحد مرشحي حزب العدالة والحرية علي مقاعد الشوري: الانتخابات القادمة ستكون مصيرية وستعبر عن ثورة 25 يناير التي جاءت ضد الظلم والطغيان. فالوضع تغير تماما وأصبح صوت السيناويين مسموعا فعندما رفضنا المحافظ السابق قمنا بمظاهرات وتم الاستجابة لها وأقيل المحافظ، وهو أمر لم يكن ممكنا في السابق، لذلك فالجميع يعرفون أن المشاركة بصوتهم لابد منها. وأكد الناشط السيناوي سعيد عتيق عضو ائتلاف شباب الثورة ل»آخر ساعة« أن السيناويين حريصون علي المشاركة السياسية في الانتخابات القادمة وتوعية وتثقيف أقرانهم من الشباب وذويهم الذين لم تتح لهم الفرصة التعرف علي كيفية الاقتراع خاصة في ظل القوائم النسبية والنظام الفردي. أضاف عتيق بضرورة تفعيل قانون الغدر ضد فلول الوطني ومحاسبتهم علي نهب ثروات جنوبسيناء، ويجب التوسع في إبعاد فلول الوطني عن الساحة السياسية لأنهم أضروا بالحياة السياسية والاقتصادية مطالبا بعزل كل من ترشح علي قوائم الحزب الوطني و من نجح منهم ومن لم ينجح سواء شعب أو مجالس شعبية محافظة أو مدينة لافتا إلي أنه يجب منعهم من خوض انتخابات النقابات والأنشطة الاجتماعية كمراكز الشباب والنوادي. من جانبه أكد الدكتور سيد أبو ضيف رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن البرلمان القادم قد يكون الأقوي في تاريخ مصر السياسي إذ سيتم انتخاب جميع الأعضاء من خلال الإرادة الشعبية بعيدا عن التزوير المفضوح الذي مارسه النظام السابق من خلال الحزب الوطني المنحل، فالآن لايوجد حزب واحد يسيطر علي المشهد السياسي، أما الوضع في سيناء فمختلف فقد شهدت المحافظتان سيطرة كاملة للحزب الوطني الآن تبدو الفرصة سانحة أمام السيناويين لاختيار من يمثلهم ويعبر عنهم بصورة حقيقية. السياحة في جنوبسيناء دخلت غرفة الإنعاش شرم الشيخ تعد المدينة الأولي جذبا للسياح في مصر بنسبة تصل إلي 30٪ فقد حققت العام الماضي حوالي 4.5 مليار دولار من 14.7 مليار دولار هو دخل السياحة في العام المنصرم ونسبة الإشغال في الفنادق والقري السياحية كانت تصل الي 75 و80٪ في المتوسط وأسعار الليالي تختلف طبقا لعدد نجوم الفندق بالإضافة إلي الخدمات المقدمة فمثلا فندق 4 نجوم تصل الليلة فيه إلي 130 دولارا شاملة وجبتي الإفطار والعشاء فقط وتزداد التكلفة بزيادة الخدمات المطلوبة من النزيل ولكن الضربات المستمرة التي تتعرض لها السياحة بشكل عام ألقت بظلالها علي شرم الشيخ وأبرزها ثورة 25 يناير و سفر الرئيس السابق إلي هناك بعد تنحيه عن الحكم كل هذا جعلها تتعرض إلي ضربات موجعة ربما لو كانت مدينة أخري لفقدت كل زوارها فانخفض الإشغال في الفنادق إلي 25٪ ثم دخلت السياحة في شرم النفق المظلم حتي رحيل مبارك من مستشفي شرم الشيخ وصل أول فوج إلي شرم الشيخ بعد الثورة وكان روسيا ويضم 189 سائحا استقر منهم 50 سائحا في شرم والباقي توجه إلي الغردقة . جولة داخل شرم الشيخ قام فريق »آخر ساعة« بعمل جولة سياحية داخل مدينة شرم الشيخ وتنقل بين معالمها وتحاور مع السياح والعاملين ورصدنا الوضع داخل المدينة ورأينا روعة تلك المدينة الساحرة وأرجع الكثير من الناس والعاملين بها اهتمام الحكومة السابقة بشرم الشيخ إلي الرئيس السابق وعقد أغلب المؤتمرات هناك واستقباله الضيوف وسفره إليها للاستجمام وأغلب الشوارع ضيقة ولكنها غير مزدحمة، درجة الحرارة لم تنخفض عن 38 درجة مئوية خلال زيارتنا وهناك برامج معتادة كانت في شرم الشيخ قمنا بها جميعا لنري الأوضاع هناك والإقبال والأسعار مثل الشواطئ وأعداد السياح داخل فنادق خليج نعمة بالإضافة إلي رصدنا لحالة رياضة الغوص بشرم الشيخ والتي تعد قبلة السياح من جميع أنحاء العالم للغوص بها والسوق التجاري القديم والخيمة البدوية وألف ليلة وليلة نهاية إلي السفاري البدوية . في البداية كان علينا رصد نوعية السياح الذين يقبلون علي السياحة في شرم الشيخ الآن وداخل خليج نعمة فتوجهنا صباحا إلي الشواطئ والتقينا وبالنظرة العامة للأمور نجد أن الشواطئ تكاد تكون شبه مزدحمة وفي المقابل لم يقم أحد من السياح باستخدام أي ألعاب مائية وعن ذلك يقول أحمد متولي المسئول عن مراكز الألعاب المائية بشواطئ خليج نعمة إن السياح الذين يأتون إلي شرم الشيخ لا يرغبون سوي في الجلوس أمام الشاطئ بعد أخذ الغطس في البحر ثم يقوم السائح بعمل حمام شمس له بل إنه يرفض حتي شراء الصحف اليومية وأرجع أحمد ذلك إلي أن نوعية السائح المتواجد في شرم الآن روسي ويعلم جيدا أن مصر تمر بظروف مضطربة داخليا لهذا يستغل كل هذه الظروف لكي يحصل علي متعته بأقل التكلفة ومن المعروف عن السياح الروس " البخل " . ويلتقط سعيد فتحي أحد العاملين بشواطئ فنادق خليج نعمة الحديث قائلا إن السياح الروس هم المتواجدون في شرم الآن ويجب أن يعلم الجميع أنه ليس العبرة بزيادة عدد السياح ولكن العبرة بنوعية السائح فإذا كان السائح فقيرا أو يتمتع " بالبخل " فكثرة العدد لن تعود بالنفع علي السياحة والعاملين بها داخل شرم و لكن الجميع مضطر للتعامل مع هذه الظروف حتي تمر البلاد من هذه الأزمة التي قضت علي السياحه داخل شرم . بينما يري حسن علي المشرف علي الألعاب المائية بشواطئ خليج نعمة أن السياحة بشرم الشيخ كانت تقوم علي السائح الإيطالي والألماني، والروسي كان يتذيل نهاية القائمة ولكنة أصبح يتصدرها الآن ولايستطيع أحد الاعتراض بل يتم التنافس فيما بين شركات السياحة في العروض التي تقدم لهم والتخفيضات حتي لايجلس العاملون عاطلين وهو ما يعود بالخسائر الفادحة علي السياحة بشرم الشيخ بالإضافة إلي أن جميع السياح يرفضون استخدام أي ألعاب مائية فمن الممكن أن يجلس خلال فترة الرحلة دون أن يستخدم لعبة واحدة بل إنه عندما يرغب في التحرك خارج الفندق دون وسائل النقل التي توفرها له شركات السياحة يتنقل باستخدام أتوبيسات جمعيات النقل ولا يفكر حتي في الانتقال عن طريق الميكروباص . ويوافقة في الرأي عماد فرجلة القائم علي أعمال شاطئ الجهاز بشرم الشيخ التابع إلي المحافظة ويقول بالفعل السياح المتواجدون بشرم الآن فقراء وهو ما يعطي إحساسا بخيبة الأمل والخسارة الفادحة التي أصابت الفنادق وشركات السياحة لاحصر لها فعلي سبيل المثال هذا الشاطئ قبل أحداث 25 يناير كان لايدخلة سوي رحلات اليوم الواحد من أهالي مدينة شرم الشيخ وهو بسعر زهيد نظرا لإمكانياته وخدماته ولأنه يتبع المحافظة ولا يأتي المصريون فيه الآن سوي في الإجازات الدراسية أو الأعياد والمواسم فقط وهم أفضل بالنسبة لنا من السائح الفقير المتواجد بشرم الآن ولكن هذا الشاطئ أصبح قبلة للسياح الروس الذين لايرغبون سوي في " الغطس بالبحر وأخذ حمام الشمس وتناول المشروب والوجبات علي حساب الفندق ولا يفعل أي شيء آخر سوي ذلك حتي مجرد شراء الإكسسوارات أو الصحف اليومية لايرغب فيها " وعن رياضة الغوص بشرم الشيخ والمعروفة عنها عالميا أنها قبلة الغوص للسياح فقد شهدت ركودا غير عادي ويعلق علي ذلك عبد الغفور محرز مدير بمركز الغوص بشرم الشيخ " شرم تحولت من قبلة الغاطسين في العالم إلي رحلات مراجيح مولد النبي ورحلات السنوركي التي يتراوح سعرها بين 80 و001جنيه " وحتي رحلات المراجيح تعاني قلة الإقبال! ويري وحيد عزب أحد مدربي الغطس بالمركز إن الانفلات الأمني هو العامل الرئيسي المتسبب في ركود السياحة بشرم الشيخ فمن الممكن أن أجلس شهرا كاملا ولم أقم سوي برحلتي غطس فقط مع العلم بأن الغطس داخل شرم الآن آمن جدا وممتع وجميع السياح يعلمون أن شرم الشيخ قبلة الغطاسين وأفضل مكان في العالم للغطس حتي بعد أحداث أسماك القرش استطاع الغطس في شرم أن يعود إلي رونقه مرة أخري ولكن بعد أحداث 25 يناير " ماتت السياحة في شرم " فالسائح يعرض عليه الحشيش علي الشواطئ وبشوارع خليج نعمة . وعندما تجولنا بشوارع خليج نعمة وجدنا المقاهي شبه خاوية علي جانب الطريق أعداد بسيطة جدا علي كل مقهي وتستطيع أن تخفض من أسعار المشروبات قبل أن تدخل مع الشخص الذي يعرض عليك دخول المقهي وكلما زاد العدد انخفض السعر أكثر لقلة أعداد السياح أغلب المقاهي عبارة عن قعدات عربي وتشاهد رقصا شرقيا وتنورة وفقرات سحر وتتناول مشروبا ويدفع الفرد مقابل كل هذا من 5 الي 15 جنيها وعلي الجانب الآخر محلات الهدايا والإكسسوارت وهي أيضا الإقبال عليها ضعيف وطوال الطريق تجد من يعرض عليك رحلات سفاري بأسعار مخفضة تصل إلي 50 جنيها للفرد مع وعد بالتخفيض في حالة الأعداد الكبيرة أو الأفواج. أما السوق التجاري القديم فهو عبارة عن مجموعة من المحلات بالإضافة إلي جبل تتجلي فيه عظمة الخالق" سبحانه وتعالي "وبه الشلالات والكهوف ويوجد عرض يبدأ في الساعة التاسعة يوميا علي هذا الجبل وسط الشلالات في منظر رائع ويمكنك مشاهدة العرض واقفا أو الجلوس علي أحد المقاهي التي تطل علي الجبل والمشروبات مقابل من 15 إلي 25 جنيها. يستمتع جميع السياح بأوقاتهم في شرم الشيخ وغير مهتمين بالأحداث فتقول مارية روسية الجنسية لاداعي لوجود الخوف فالوكالة هي المسئولة عن تأمين حياتنا وطالما سمحت لنا بالسفر فمن المؤكد أن الوكالة تشعر بالأمان لوجودنا هنا . ويضيف الريس هندي أنه لا يشعر بالخوف ويطلب من الجميع زيارة شرم الشيخ للاستمتاع وأنه جاء هو وزوجته وأولاده وأخواته ويقضون أوقاتا سعيدة في شرم الشيخ ويؤكد فرانسيس أنه بالفعل هناك خوف كبير لدي العديد في أوروبا وأمريكا من القدوم إلي مصر ولكني أود أن أقول وسأنقل لهم هذا حينما أعود إلي بلدي إن الوضع هنا مطمئن للغاية. وعندما نتحدث عن رحلات السفاري فلابد أن نذكر الخيمة البدوية والجو البدوي العربي كاملاً بداية من العشاء ومشروبات ساخنة والباردة إلي الرقص المتنوع بين البدوي والشرقي والتنورة وفقرات أخري مقابل 120 في الحالة العادية وتستطيع أن تخفض السعر إلي 80 جنيها وفي الأفواج يصل إلي 65 جنيها شاملاً العشاء و55 بدون عشاء. وحتي نتعرف علي الجو البدوي والسفاري كان من الطبيعي مشاركة أحد الأفواج السياحية رحلة من رحلات السفاري وتم تنظيم الرحلة بالاتفاق المسبق مع مكتب السفاري بشرم الشيخ وعندما ذهبنا التقينا مع محمد محمود نائب رئيس مكتب السفاري بشرم الشيخ، وقال إن هناك 4 شركات مسئولة عن السفاري بشرم الشيخ ولكن رحلات السفاري الآن انخفضت أعدادها بسبب انخفاض الأفواج السياحية القادمة لشرم وذلك بعد أحداث ثورة 25 يناير ، ويقول في تعجب لكم أن تتخيلوا أنه من الممكن أن ننتظر أسبوعا كاملا لكي نستطيع القيام برحلة سفاري في الجبال ويكون عددها غير كاف أيضا فتتراوح بين 140 وأقل من ذلك مع العلم أن الفوج الواحد في السابق كان يصل إلي 500 سائح وهو ما يعود بالخسائر الفادحة علي العاملين بالسياحة والبدو الذين يعتبرون السياحة هي الدخل الوحيد لهم لكي يستطيعوا العيش لذلك يقوم البدو وغيرهم من العاملين علي تأمين السياح من العمل علي راحتهم حتي يكون عندهم الرغبة في تكرار الرحلات مرة أخري . والتقط منه طرف الحديث الشيخ حميد سلامة من قبيلة المترنية ويقيم بالرويسات ويقول إن العمل برحلات السفاري بعد الثورة ودخول الرئيس السابق مستشفي شرم الشيخ كان مستحيلا فكانت السياحة في شرم الشيخ تحتضر وبعد أن رحل أصبح الأمر وكأن شرم تدخل غرفة الإنعاش حتي تستعيد نشاطها علي الرغم من أن عدد الأفواج منخفض جدا إلا أن هذا لن يجعلنا نفقد الأمل فنحن نحاول تأمين السياح والقيام علي راحتهم وعن أجواء الرحلة قام الشيخ حميد باصطحابنا مع الفوج السفاري بجبل الخروم للتعرف علي الجو البدوي وكان الفوج مكونا من 140 سائحا جميعهم من الروس وتم تكميم الجميع حتي لاتصطدم الرمال بوجههم وكانوا في قمة السعادة وبمجرد وصولنا إلي الجبل ورأينا الأنوار تسطع من جميع زوايا الجبل وبمجرد دخولنا إليه قام السياح بالاستراحة بالخيم البدوية المغطاة بالكليم المنقوش بالرسومات البدوية وقام الخادم بتوزيع أكواب الشاي البدوي علي السياح واشتعلت الأضواء وسط الخيم وارتفعت أصوات مكبرات الصوت والأغاني ودقائق وقام البدو بإحضار الفراشيح وهو بديل الخبز في المناطق الصحراوية النائية وهو الطعام المحبب لدي السياح في رحلات السفاري وأقبل عليه جميع الحضور ويعد هدية البدو للسائحين في رحلات السفاري . ويعلق الشيخ حميد قائلا إن الفراشيح طعام كامل القيمة الغذائية لاحتوائه علي سعرات حرارية عالية ويتكون من دقيق ومياه وملح وقليل من الزيت ويمكن إضافة بعض الأعشاب إليه ثم يخلط في إناء ويوضع علي راكية من النار ولا يستغرق إعداده سوي دقائق قليلة ويتم تقديمه في جميع المناسبات . ويقول الشيخ حميد إن أبرز مشاكل البدو جاءت من السياسة التي اتبعتها مصر أثناء فترة تولي الرئيس السابق البلاد فالجميع تعامل مع البدو وكأنهم ليسوا مصريين وتم تخوينهم وعممت هذه السمات علي جميع البدو مع العلم بأن البدو هم من يقومون علي حماية محافظة سيناء ، وليس للبدو نصيب من العمل في السياحة حيث إن كرامة البدو تمنعهم من العمل بالخدمات وتقديم الأطعمة ولكنهم يحترفون أعمالا أخري تخدم السياحة مثل السفاري وغيرها من الأعمال كما تم تهميش البدو في كثير من المجالات بمصر ومنعهم من دخول كليات الشرطة والكليات الحربية لأن النظام البائد السابق جعل الجميع ينظرون إلي البدو نظرة الخائن مع العلم بأنه هو الذي يقوم علي حماية مصر من أخطر عدو لها إسرائيل سواء كان ذلك في الشمال أو الجنوب . سيناء...جارة القمر سيناء أرض القمر بحر الفيروز جبل الطور حدائق التين والزيتون، صور متتابعة متلاحقة تأخذ بعقل المرء عندما يمر بالخاطر ذكر سيناء تلك الجزيرة الساحرة تلقي بنفسها في حضن البحر فيحتويها تأخذ من الصحراء دفأها وغموضها معا فتزداد سحرا وجمالا، معجونة رمالها برمال الرجال الذين ضحوا بأغلي ما يملكون من أجل الأرض والعرض، يسكنها نور الله وبهاء الأنبياء، شمسها ذهب وقمرها ماسة بيضاء تتلألأ وسط ظلمة السماء، الألوان هي سر أسرار سيناء فكل لون هناك تبدعه الطبيعة هنا وهناك في تناغم بين زرقة البحر المحيط وصفرة الرمل والجبال بألوانها في الخلفية. عندما قررت "آخر ساعة" أن ترسل بعض محرريها إلي جنوبسيناء تنقل لقرائها أوضاع تلك المحافظة البعيدة، سعدت لأن قرار السفر كان بالسيارة وليس بالطائرة... الطائرة مريحة نصف ساعة تكون هناك، لكن الرحلة بالسيارة علي الرغم من مشاقها إلا أنها ممتعة، الطائرة تختصر الزمان والمكان وتنقلك إلي هناك بلا استعداد وتهيؤ نفسي، أما الرحلة بالسيارة فالساعات التي تقضيها أثناء الرحلة تجعلك تتهيأ وتنتقل ببطء تنتظر وتتشوق، الانتقال بين المكان يحتاج إلي استعداد نفسي خاص ليجعلك أقدر علي رؤية اللوامع وتلقي أسرار المكان، السفر في السيارة يؤهلك للانتقال من حال إلي حال، عندما اقتربنا من نفق الشهيد أحمد حمدي كنت كمن يدخل باب مغارة علي بابا، أو اعتقدت أنها بوابة العبور إلي عالم آخر، بعد الخروج من ظلمة النفق إلي نور الشمس تبهرك حقائق الواقع بقايا خط بارليف الحصين جبل من رمل كيف فعلها الرجال وأسقطوا الذي "لايهزم" في ساعات، عبقرية مصرية ولاشك ولكن تفاصيلها ليس هنا محل الإطناب فيها. في الرحلة التي استغرقت ساعات – ما وفر لي وقتا كافيا للملاحظة- اندهشت بمقدرة عم عبد الحميد علي التركيز وعدم الالتفاف لرؤية كل هذا الجمال. مع المنحنيات الخطرة أدركت سر صمته وتركيزه كانت لديه مهمة مقدسة يدرك خطورتها، أن نصل إلي الطور سالمين، أما المصور خالد عيد فقد حسدته علي عدسته التي تنتقل هنا وهناك تسجل الصور بدقة وحرفة، نظرت إلي كاميراتي محدودة الإمكانيات في غضب، لا تستطيع مجاراة كاميرا خالد المحترفة ولا أنا بالمصور البارع القادر علي التقاط الصور، رغم الظروف صورت بعض الصور في الطريق كانت مشوهة باهتة وضعت الكاميرا بجواري في حنق. في الطريق وسط الجبال السيناوية فهمت أكثر آيات التجلي التي رددتها ومازلت، هناك عكست مجري الزمن تخيلت كليم الله وهو يسعي وسط الجبال لمناجاة الرحمن، صعود الجبال صعب والحمل ثقيل فكان لجبال سيناء شرف تلقي التجلي الأعظم والنور الأبهي فاندك الجبل وخر موسي صعقا، وانقطع الكلام وانكشفت الأسرار. صعود الجبل رمز عن التخلي عن شهوات الجسد ومطامع الدنيا الفانية كلما علوت ارتقيت، ففي سانت كاترين الصعود علي الجبل يجعلك تتخلي في كل خطوة عن ذنوبك تصعد في بطء ولكن في صبر حتي تصل إلي الدير هناك تري المسجد في مدخل الدير حاميا والدير يحيط به ويحتضنه في الخلفية يظهر جبل الطور بتجلياته الروحانية مكان يلخص أشياء وأحداثا وتاريخا عريقا. فالتاريخ هنا ضاغط علي الواقع، التيه وسط سيناء بما يمثله من تاريخ عميق وجبل الطور بروحانياته وسانت كاترين في حضنه ترابط يشيع في النفس السلام. في الطريق إلي الطور رأيت شجرة وحيدة تقف في شموخ وسط الصحراء لا أعرف لماذا تذكرت شجرة أخري في صحراء الحجاز أسلم لها الرسول الكريم –صلي الله عليه وسلم- ظهره وبايعه أصحابه بيعة الرضوان الكبري. "التين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين" ثلاثية تتناغم في سيناءالجنوبية، ربما يكون التفسير القرآني مختلفا عليه بين المفسرين، لكن الحقيقة أن سيناء فيها كل هذا فتينها عسل وزيتونها مبارك والطور وما أدراك ما الطور الجبل الذي نودي منه موسي عليه السلام "إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوي"، أما الأمن فيكفيك أن تعرف أن بعض أصحاب المحلات في شرم الشيخ يكتفون بإنزال ساتر قماشي علي مدخل محلاتهم عند إغلاقها فهناك الجميع معا في حماية الجميع. غريبة سيناء زارها إبراهيم الخليل وولداه ويعقوب وبنوه، وموسي الكليم وعيسي المسيح،بل يقال إن محمد الخاتم زار أطرافها في رحلته الشهيرة إلي بلاد الشام، فهل كانت جزءا من النبوة زيارة سيناء وتلقي من العلم اللدني ما يوحي؟! جائز فعلمنا هنا قليل والأسرار كلها لم تكشف ولن تكشف لأنها بين الرب وعباده الصالحين، لكن ما نعرفه أن لسيناء شأنا خطيرا في الأديان السماوية وليس قسم ربك بالطور بهين، وهو تشريف خطير وتصريح عظيم بمكانة تلك الصحراء التي تحتوي جبالها علي الأسرار ولم تبح بعد إلا بالقليل من الأخبار. تبدو سيناء حقيقة تتخطي الزمن فالاسم قديم قدم التاريخ ذاته، عرفها الفراعنة منذ نارمر موحد القطرين في فجر الأسرة الأولي فأطلقوا عليها اسم "توشريت" أي الأرض الجرداء وهي تسمية تتناسب مع قوم جاءوا من أرض الوادي فاكتشفوا أرضا لا نهر فيها، لكن عندما بدأت هجرات القبائل العربية إلي سيناء منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة دخلت معهم بعض الديانات البابلية القديمة فلما سكنوا تلك المنطقة سموها باسم معبودهم الإله "سين" إله القمر، الاسم مناسب وعبقري هناك القمر له ضياء خاص بهاؤه أخاذ وحضوره طاغ، كأنه حارس سيناء أو أبوها الذي يطل علي ابنته كل فترة للاطمئنان، فسيناء جارة القمر وظله علي الأرض حقيقة يدركها كل من رأي القمر هناك. في العصور التالية كانت طريقا للحج يخرج الأقباط من مصر من بابليون القديمة متوجهين صوب مدينة القلزم القديمة (بالقرب من السويس حاليا) يتزودون بالماء من عيون موسي في طريقهم لزيارة دير سانت كاترين في طريقهم للحج ببيت المقدس، وهو نفس الطريق الذي استخدمه الحجاج المسلمون فيما بعد انطلاقا من الفسطاط فالقاهرة بعد تجمعهم في بركة الحج شمال القاهرة ليسيروا في نفس المسار مرورا بعيون موسي فأيلة وصولا إلي الحجاز، وكثيرا ما خرج الحجاج المسلمون والمسيحيون معا من مصر في قافلة كبيرة سرعان ما تفترق في وسط سيناء فالمسلمون يتجهون إلي الحجاز والمسيحيون إلي بلاد الشام، وأحيانا كثيرة كان الحجاج المسلمون بعد انتهاء مناسك الحج يتجهون إلي المسجد الأقصي من أجل الزيارة ثم يعودون سويا من جديد مع الحجاج المسيحيين إلي مصر. الجبال في سيناء كالنساء لكل قمة جبل معالم مميزة وقوام مختلف عن غيره لكل جبل قصة ومعني الألوان تتغير حسب المادة المكونة له فهذا أحمر بجواره جبل أسود مكفهر وآخر أصفر وذاك أبيض مشرق، فتبارك الله أحسن الخالقين، الجبال تنتشر في سيناءالجنوبية في شكل سلاسل خصوصا الجرانيتية منها والجيرية. عشقت مدينة الطور أكثر من مدينة شرم الشيخ، الطور مدينة هادئة تلخص بهدوئها وانفتاحها علي البحر وانبساطها أمام جبال سيناء روحها الوثابة المكنونة داخل ملامح أهلها الهادئة، كل ذلك يجعلها مدينة استثنائية تلخص طبيعة سيناء كلها، أما شرم الشيخ فمبهرة جميلة وأشهد أنها من أجمل المدن التي رأتها عيناي، لكنها وقحة مدينة سياحية بها كل شيء لكنها بلا روح، رائحة المدينة ليست فيها، منتجع هي لمن يريد السياحة ولا شك لكنها ليست مدينة تجد فيها شوارع متسخة ولا أحياء مكتظة، فأنا من عشاق القاهرة القديمة بحواريها وأزقتها، بترابها وزحمتها، أعشق في المدينة روحها ورائحتها ولا روح بدون ناس يسكنون المدينة ينتجون ويستهلكون يعطونها الحياة، هذا لم أجده في شرم، هناك وجدت أشياء أخري، كامرأة لعوب شرم الشيخ تصادقها تخرج معها لكنك بالتأكيد لن تتزوجها. مستشفي شرم الشيخ ممنوع التصوير رغم رحيل مبارك في بقعة من أجمل بقاع الدنيا بالتحديد منتجع شرم الشيخ الساحر وفوق هضبة مرتفعة تطل علي شواطئ البحر الأحمر يقع مستشفي شرم الشيخ الدولي عند الاقتراب منه قد تخطئ عيناك وتعتقد أن هذا المبني الضخم الفخم فندق كبير أو متحف عالمي، إلا أنك تعلم الحقيقة عندما تقع عيناك علي اللافتة الكبيرة التي تؤكد لك أن هذا الصرح مستشفي دولي، جمال البنيان لا ينسينا حقائق الواقع، وأن هذا المستشفي شهد الأيام الأخيرة للمخلوع مبارك قبل ترحيله إلي القاهرة لمحاكمته علي ما اقترفت يداه، كما شهد أيام عز مبارك وسطوته فهو من افتتح هذا المبني الفخم وهو من اعتاد إجراء بعض الفحوصات الطبية منذ أن قرر أن يتخذ من شرم الشيخ مقرا للحكم بعيدا عن نبض الشعب ومشاكله التي استعصت عليه، لذلك قررت "آخر ساعة" دخول تلك المستشفي لتري كيف قضي مبارك هذه أيام وكيف كان تجهيز الجناح الذي قضي فيه مبارك هذه الأيام. عندما اقتربنا من مستشفي شرم الشيخ أصابتنا الدهشة فلم نجد رجل أمن واحداً أمام المستشفي، وهو الذي شهد وجودا أمنيا مكثفا أيام استضافته لمبارك، فقد كان الاقتراب ممنوعاً والتصوير مرفوضا، ظننا وبعض الظن إثم، إن هذا مؤشر جيد علي ان طريقنا مفتوح وأننا سنصل إلي مبتغانا، إلا أننا كنا واهمين، فما كدنا نحاول دخول المستشفي إلا أوقفنا موظف الاستعلامات وبعد فحص هويتنا والقيام بعمل اتصالات عديدة رفض دخولنا إلي المستشفي بحجة أنه لا يوجد أحد بالمستشفي من الإداريين والأطباء حتي موظف الاستقبال العادي اختفي، ظللنا نراوح أماكننا حتي الثانية والنصف حيث أخبرنا الموظف سابق الذكر بأن الجميع انصرف طبقا لمواعيد العمل. من جانبنا قررنا إجراء محاولة أخيرة بالاتصال مباشرة بمدير المستشفي الدكتور محمد فتح الله الذي رفض في اتصال هاتفي السماح لنا بالدخول إلي المستشفي متحججا بأن دخول المستشفي والتصوير ليس من سلطته وان هذا الأمر يتم الرجوع فيه إلي وزير الصحة عمرو حلمي، لتصطدم محاولة دخول مستشفي شرم الشيخ بالبيروقراطية التليدة في مصر ويتحول المستشفي حتي في ظل غياب مبارك الذي يرقد الآن في المركز الطبي العالمي إلي قدس أقداس. فعندما توجهنا إلي الخارج انتحي بنا جانبا أحد رجال الاستعلامات بالمستشفي وقال لنا وهو في عجلة من أمره خوفا من أن يراه أحد وهو يحدثنا، أن مستشفي شرم الشيخ لم يتغير بعد رحيل حسني مبارك، البعض يظن انه عائد ولم يصدق أن عصره انتهي، والذي تغير فقط هو اختفاء رجال الأمن المركزي من حول المستشفي، كما أن الرئيس السابق لم يكن مريضا عندما أتي إلي المستشفي بل إنه كان يسير علي قدميه وحوله رجال الأمن لحراسته بالإضافة إلي أنه كان يريد أن تتم محاكمته بالمجمع القضائي بشرم الشيخ. أثار كلام الرجل اهتمامنا فقررنا الذهاب إلي المجمع الذي كان مقررا أن يشهد محاكمة مبارك لولا أن تدخل الثوار بالضغط علي المجلس العسكري فاستجاب لهم. يقع المجمع خلف المستشفي وعلي الرغم من أن عمليات التشطيب قد انتهت أثناء تواجد الرئيس السابق بالمستشفي، إلا أننا وجدناه مغلقا رغم ضياع الملايين علي تجهيزه، فمن يتحمل ضياع تلك الملايين؟ فالمجمع أغلق بعد ترحيل مبارك إلي القاهرة فلا تمت محاكمته فيه ولا تم استخدامه بما يعود بالنفع علي المصريين من عائد استخدامه. ليظل المجمع رمزا علي محاولة يائسة من أن يبقي مبارك مميزا حتي بعد الإطاحة به إلا أن رغبة الشعوب تظل هي الأقوي دائما. جدير بالذكر ان "مبارك" دخل مستشفي شرم الشيخ الدولي في الخامسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 12 أبريل 2011 والذي عرف بالثلاثاء الأسود لآل مبارك ولم يكن بصحبته سوي فريق الأطباء الخاص به وذلك بعد يومين من قرار النائب العام عبد المجيد محمود باستدعائه في اتهامات تتعلق بصلته بإطلاق النار علي المتظاهرين أثناء "ثورة 25 يناير" مما أدي إلي مقتل قرابة 800 شخص وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين دخل الرئيس السابق مستشفي شرم الشيخ الدولي للعلاج بعد رفض المجلس العسكري سفره للعلاج للخارج. ومنذ أن وطئت قدم "مبارك" مستشفي شرم الشيخ الدولي كان واضحاً أنه مازال يحتفظ بكثير من سلطته وسطوته وسلطانه، بدليل أن إدارة المستشفي فرضت حالة من حظر التجول بالمستشفي فور وصول "مبارك" وأمرت مرضي المستشفي والممرضين والأطباء بعدم التجول في المستشفي وأصر مبارك علي أن يتلقي علاجه بالكامل علي يد الفريق الذي يصاحبه مستبعداً كل أطباء المستشفي ولم تمر سوي دقائق قليلة حتي فرضت قوات الشرطة كردوناً أمنياً حول المستشفي يضم مئات الجنود والضباط الذين كان بعضهم يحمل بنادق آلية. علا العيسوي مروة آنور