قد لايعلم الكثيرون ان محافظة جنوبسيناء من أغني محافظات مصر إن لم تكن اغناها علي الاطلاق, فالثروات الطبيعية التي تحويها لامثيل لها في مختلف انحاء الجمهورية. حيث يوجد بها الوادى المقدس الذى كلم الله فيه نبيه موسى تكليما ودير القديسة كاترين, وقبر النبي هارون, ويوجد بها ثروات معدنية نادرة, ومحميات طبيعية في البر والبحر, وعيون لشفاء المرضي تتدفق من باطن الأرض, وشواطئ ساحلية ومناخ متميز يجذب السائحين من شتي دول العالم طوال العام, ونباتات طبية نادرة لا تنمو إلا في سانت كاترين. كل ذلك التميز جعل ثلث السياحة في مصر يتجه إلي جنوبسيناء, علاوة علي الأرض الصالحة للزراعة والغنية بالمياه الجوفية, لكن للأسف كل هذا الغني مكبل بغلالة من الروتين وتنازع السلطات, مما يجعل المحافظة تبدو منهكة في كثير من المناطق, وان كانت بالتأكيد تبدو زاهية لامعة كأنما هي من ارقي مدن العالم في مناطق أخري, وفي حوار الأهرام مع اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ جنوبسيناء حاولنا ان نصل معه إلي روشتة علاج للجزء المنهك في هذه المحافظة العفية كي تنطلق إلي آفاق رحبة يمكن من خلالها استيعاب كثير من مشاكلنا كالبطالة وسوء توزيع البشر الذين يتكدسون في واد ضيق بينما تستطيع جنوبسيناء ان تنزعنا من هذا الضيق إلي رحابتها. * تمتلئ محافظة جنوبسيناء بالعديد من الثروات الطبيعية كيف يمكن تحقيق اقصي استفادة من هذه الثروات؟ ** أرض سيناء بها تنوع طبيعي نادر, فهي جبلية, صحراوية, ساحلية, وهذا التنوع نادرا مايحدث في منطقة واحدة, أو مكان واحد, كما ان بداخل كل نوع تنوعا آخر, فالطبيعة الجبلية تحوي تكوينات جيولوجية ومعدنية عديدة داخلها. أضف إلي ذلك ثروات أخري طبيعية أيضا مثل المناخ, والسواحل, والثروات التاريخية, والدينية, والعلاجية, والسياحية, والبيئية إلي غير ذلك, وبالرغم من هذا التنوع النادر فهناك من يعتبرون هذا التنوع ليس في مصلحة محافظة جنوبسيناء, وهذه رؤية ظاهرية قصيرة النظر. * لماذا؟ ** لأنك إذا نظرت إلي مساحة جنوبسيناء تجدها31 ألف كيلومتر مربع, منها14 ألف كم محميات طبيعية, ممنوع الاقتراب منها, بما يعني ان نصف مساحة جنوبسيناء غير مستغلة, وهذا تفكير سطحي, صحيح لدينا خمس محميات طبيعية تستحوذ علي نصف مساحة المحافظة, لكن في الوقت نفسه نحن نعتبر احد الأماكن الرئيسية في مصر التي تطبق ماينادي به العالم الآن من الحفاظ علي المحميات الطبيعية, كما انه لايخفي علي احد ان هذه ثروات لاتقدر بثمن, يأتي إليها الناس من كل مكان في العالم. * كيف يمكن المحافظة علي هذه الثروات وتحقيق اقصي استفادة لمواطني جنوبسيناء؟ ** العالم ينادي اليوم بضرورة المحافظة علي التنوع البيولوجي, ونحن بهذه المحميات نحافظ علي التنوع البيولوجي سواء في النباتات أو الحيوانات البرية منها والبحرية أو الطيور, وكلما زادت المحميات الطبيعية زادت النسبة الجمالية للمكان, ونحن نريد ان نحافظ علي هذه الهبة الربانية كما هي, وهذا مانركز عليه ونهتم به, ولاشك ان هذا التنوع في الطبيعة أوجد انواعا مختلفة من الخامات التعدينية النادرة التي تصل إلي أكثر من18 نوعا من الخامات التعدينية ذات الجدوي الاقتصادية, فهناك الرخام مثلا منه أنواع كثيرة ملونة, بينما نحن نحتسبه شيئا واحدا او نوعا واحدا, كما توجد خامات الجرانيت والكوارتز والكولين والمسكوفيت( الجبس) والحديد والمنجنيز والحجر الجيري والرمل الأبيض وكلها معادن ثمينة ذات جدوي اقتصادية هائلة, لانها ليست عينات صغيرة, وإنما توجد بكميات كبيرة, ولدينا الرمال الزجاجية فائقة الجودة بكميات هائلة, وهذا يعني انك لو اردت عمل مشروع صناعي علي خامة معدنية فان احتياطي وجود الخام يكفيك مائة سنة مقبلة. * لماذا لم تقم صناعات واستثمارات علي هذه الخامات النادرة؟ ** أهم شيء في تحفيز هذا الموضوع هو نقطة البداية, ونقطة البداية اننا نعظم الاستفادة من هذه الخامات. * كيف؟ ** أولا: الخامة عندما تخرج من الأرض وتصدر خارج المحافظة كما هي خام, فإنني بذلك لا ارفع قيمة هذا الخام, ربما ترتفع قيمته في اماكن أخري, فالواجب علينا اولا ان نرفع من قيمته قبل التصدير وبمعني ان اقوم بتجهيزه وتسويقه لرفع عائده المادي وبذلك سوف أحقق اهدافا عديدة, أولا: تشغيل ايد عاملة, ثم انه سيعود بالدخل الكبير علي المحافظة إلي جانب رفع قيمة الخامة, فمثلا, بدلا من تصدير الرخام بلك, سوف اقوم بتقطيعه ألواحا, وهذا يرفع سعره كثيرا وهي عملية بسيطة للأسف معظم الخامات المعدنية تصدر للصين, وتقوم الصين بعمل تجهيزات صناعية لها ثم تعود إلينا مرة أخري بأضعاف ثمنها, كذلك هناك الرمال الزجاجية( الرمال البيضاء) يتم تصديرها إلي تركيا بثمن زهيد جدا ثم تعود إلينا بعد المعالجة بأضعاف ثمنها, وغير ذلك في العديد من الخامات المعدنية الموجودة في جنوبسيناء. * هل تعدد الجهات الحكومية في إدارة الثروة المعدنية وراء المشاكل التي تحول دون استثمار هذه الثروات بشكل أفضل؟ ** لاشك ان تعدد الجهات الحكومية في إدارة الثروة المعدنية يعتبر أحد عناصر الاعاقة في رفع القدرة والقيمة التعدينية, لان كل جهة تحاول اثبات مدي سيطرتها وتنظيمها لإدارة الثروة, وبالتالي فهي تحاول التشدد في إجراءاتها لاثبات ان لها المرجعية الرئيسية في إدارة الثروة, وان علي الجميع الرجوع اليها في كل كبيرة وصغيرة وهذا خطأ كبير, يعوق التنمية بالتأكيد. * ماهو الحل لهذه المشكلة؟ ** نحن ليس لدينا مانع من التعاون مع كل الجهات, برغم ان الوضع الطبيعي ان كل محافظة جنوبسيناء هي صاحب الاولوية الرئيسية علي الأرض وعلي كل ثرواتها. * وماذا عن دور الجهات الأخري؟ ** جهات فنية يمكن ان تقدم المشورة والرأي الفني والعلمي, أي تقدم أفضل الطرق لكيفية التعامل مع الخام, مثلا, كيف نتعرف علي الخام ونصل إليه وكيف نقلل نسبة الإهدار وكيف نستخرج الخام بطريقة جيدة, وتقدم لنا طرق واساليب جديدة لقطع البلوكات الرخامية بطريقة علمية صحيحة دون اهدار, بحيث نضمن افضل استخدام لثرواتنا التعدينية حتي نشجع قيام صناعة تعدينية في جنوبسيناء, بذلك تأخذ هيئة التنمية الصناعية دورها في إنشاء منطقة صناعية في منطقة جنوبسيناء, واصدار قرار جمهوري بها, كما تقوم هيئة التنمية الصناعية بعمل تجهيزات لهذه المنطقة من مرافق وغير ذلك, للأسف برغم توافر هذه الأنواع النادرة من الثروات المعدنية في جنوبسيناء فإنه لاتوجد بها منطقة صناعية حتي الآن, قد توجد مناطق حرفية هنا وهناك لكن للأسف لاتوجد منطقة صناعية حتي الآن. * كيف نشجع المستثمرين علي الاستثمار في جنوبسيناء؟ ** لابد ان تتدخل الدولة بحوافز استثمارية, لانه لايصح ان يأتي مستثمر يعمل مشروعا في جنوبسيناء وهو يمكن ان يقيمه في مدينة6 أكتوبر مثلا أو العاشر من رمضان أو وسط القاهرة, ماهو الدافع ليأتي إلي جنوبسيناء, أضف إلي ذلك ان المناطق حول القاهرة بها مرافق جاهزة, لكن هنا لاتوجد أي مرافق اساسية, ولذلك لابد ان تتدخل الدولة وتعطي حوافز استثمارية للمستثمرين لتشجيعهم. * ماذا عن التنمية السياحية؟ ** دعنا نتفق ان التنمية السياحية في جنوبسيناء تسير بمعدلات ممتازة ودعنا نعترف ان ثلث السياحة في مصر تتركز هنا, كان عدد السائحين في جنوبسيناء العام الماضي3.7 مليون سائح وهذا العام بلغ4.2 مليون سائح, وهذا يمثل ثلث السياحة في مصر. والسياسة الرئيسية لتشجيع السياحة في جنوبسيناء تتحرك في3 أهداف أولا: زيادة الانفاق السياحي, ثم زيادة مدة وجود السائح في المنطقة وكذلك العمل علي عودة السائحين الينا مرة ثانية, لدينا نسبة20% من السائحين يعاودون الرجوع إلينا مرات متعددة, ونريد ان نصل بهذه النسبة إلي50%, فلدينا سباقات دولية في الشراع والغطس كل عام, ونحاول إنشاء المزيد. كل هدف في هذه الأهداف له آليات, مثلا زيادة الانفاق يتوجب عمل مشروعات خدمية ومشروعات ترفيهية تجعل السائح يعود مرة أخري. بالإضافة لإيجاد مقاصد سياحية جديدة لجعل السائح يبقي فترة زمنية اطول, كما نحاول جعل السائح يرتبط بالمكان ويتعلق به ويعود إلينا مرة أخري, وهذا يحتاج لمعاملة جيدة وتوفير وسائل الراحة إلي غير ذلك. * هل تشديد الرقابة الأمنية من العوامل التي تعوق الاستثمار في جنوبسيناء؟ ** الأمن في جنوبسيناء يتركز في الدائرة الخارجية, فهو يكون غالبا خارج المحافظة عند ابواب الدخول والخروج, ونحاول توسيع دائرة التأمين بحيث لايشعر بها المواطن( الأمن من علي بعد). كما اننا نعطي مرتبات لأهالي البدو لتأمين مناطقهم لان البدوي ادري من أي شخص علي تأمين مكانه, ونحاول ان نجعل كل قبيلة مسئولة عن منطقة قريبة منها لتأمينها لضمان ولائهم, وضمان عدم حدوث شيء مفاجئ لان العرف يحتم علي أي شخص الاستئذان قبل دخول منطقة غير منطقته الخاصة انا ادفع مليون جنيه أو أكثر لأهالي البدو لأن هؤلاء مكملين لعمل الشرطة. وهؤلاء البدو انخرطوا في منظومة السياحة لانها تقدم لهم عائدا كبيرا وهم يحافظون علي حماية اماكنهم أكثر من فرد الشرطة. * ماذا عن النباتات الطبية النادرة التي تنمو في جنوبسيناء؟ ** لدينا مايقرب من700 نوع من النباتات التي تنمو في منطقة سانت كاترين وغير موجودة في أي مكان في مصر, منها مايقرب من300 نوع من نباتات طبية وهذا يشكل ثروة هائلة إلي جانب الوادي المقدس والدير, وهناك جمعيات تقوم بتصدير هذه النباتات إلي الخارج للاستفادة منها, ولاتستطيع ان تقوم بزراعة هذه النباتات في مناطق أخري بسيناء, وذلك لان المناخ في سانت كاترين مناخ خاص جدا, حيث تنخفض درجة الحرارة لتصل في بعض الاوقات إلي5 درجات تحت الصفر, ثم ترتفع لتبلغ45 درجة في الظل. * كيف يتم استغلال المساحة الهائلة من الأراضي الصالحة للزراعة؟ ** للأسف لاتوجد ثقافة زراعية لدي سكان جنوبسيناء, صحيح لدينا مناطق كبيرة صالحة للزراعة لكن مطلوب ثقافة زراعية لدي المواطنين ربما توجد هذه الثقافة لدي مواطن شمال سيناء, والوجه البحري, وحوض النيل, ولاشك ان مجال الزراعة سوف يحدث استقرارا وتنمية في المنطقة, نحن دولة زراعية, والزراعة هي الاساس في مصر, انظر إلي الدلتا وحوض النيل, هناك استقرار منذ آلاف السنين, لدينا منطقة سهل القاع250 ألف فدان, توجد بها مياه جوفية بوفرة, لكن ثقافة الزراعة غير موجودة عند الناس, ولذلك نحن بصدد تقسيم هذه المساحات وتوزيعها علي الشباب لجذب هؤلاء الشباب, وسوف نساعدهم في حفر الآبار حتي نقوم بعمل طفرة زراعية في جنوبسيناء, وسوف نقوم قريبا بتوزيع100 ألف فدان علي الشباب بواقع5 أفدنة لكل شاب, وهذه الأرض بها آثار جوفية جاهزة. ** هناك دول تقوم السياحة بها علي الشق العلاجي ولدينا منابع كبريتية ورمال ممعدنة تصلح للعلاج, كيف نستفيد من هذه الثروة الطبيعية؟ هناك مستثمرون جاءوا إلينا لعمل مشروعات وقري علي العيون العلاجية, والآن يتم مساعدتهم لتكون مناطق تميز سياحي وهناك مشروع يقام حاليا في منطقة رأس سدر لعمل مصحة علاجية, ولدينا مطار جاهز للتشغيل في منطقة الطور.