صناعة الملابس البدوية مهنة تحمل تاريخاً وثقافة بدو شبه جزيرة سيناء، وهى مصدر رزق أساسى لآلاف السيدات البدويات، حيث يقمن بصناعة الملابس البدوية التراثية المطرزة داخل منازلهن الصغيرة، وذلك تحت إشراف جمعيات أهلية بسيناء تعمل على زيادة دخل المرأة البدوية والحفاظ على التراث السيناوي. ويقبل السياح الأجانب على شراء هذه الأزياء التى يتم تصنيعها بشكل يدوى فى معظم مراحل التصنيع. كما تجتذب بطرزها البدوية البديعة أعدادا كبيرة من المشترين الأجانب يقبلون على شراء هذه الأزياء خاصة أنها أصبحت تصنع وفق موديلات وأذواق حديثة.
وفى كل صباح تأتى فتيات من سكان مدينة العريش إلى جمعية التدريب والإنتاج لزيادة دخل المرأة السيناوية حيث يحصلن على قطع القماش وتنطلق بعدها كل فتاة إلى عدد من السيدات البدويات داخل منزلهن وأعراشهن بمناطق الشيخ زويد ورفح وبئر العبد حيث يتم تسليمهن قطع القماش التى سيتم تطريزها والأشكال المطلوبة.
وتقول صباح سليم وهى تعمل مع الجمعية منذ نحو ثلاث سنوات بعد حصولها على دبلوم المدارس التجارية: هناك صعوبة فى وصول البدويات إلى مقر الجمعية للحصول على الأقمشة وتطريزها لذلك أقوم أنا وزميلاتى بزيارتهن فى منزلهن وتوزيع الأقمشة ثم أتابع أسبوعيا العمل الذى تم إنجازه، وتلفت صباح إلى عادات وتقاليد، ترى أنها ما زالت تسيطر على المجتمع البدوى خاصة فى المناطق الصحراوية تمنع المرأة من التحدث مع الرجال والتعامل معهم خاصة السيدات كبار السن لذلك نحن نقوم بهذا العمل.
الحاجة آمنة كانت تجلس وأمامها قطع كثيرة من القماش بعضها انتهت من تطريزها: كل سيدات البدو خاصة كبار السن منهن يعرفن التطريز وفنونه جيدا لان الفتاة البدوية تعمل منذ الصغر على تصنيع ثوب زفافها والأثواب الأخرى التى ترتديها والتى تميز سيدات كل قبيلة عن الأخرى.
صعوبة الثوب البدوى أنه يستغرق وقتا طويلا، فأحيانا الثوب الواحد يستغرق تطريزه ثلاثة أشهر، تكمل آمنة: إننى أعمل فى وقت الفراغ فقط وبعد الانتهاء من كل الأعمال المنزلية.. العمل يتم بشكل يدوى لذلك يستغرق وقتا طويلا.
وعن المردود المالى لهذا العمل شهريا قالت: أحصل شهريا على مبلغ يصل إلى نحو 90 جنيها على اعتبار أن حجم الإنتاج يكون ضعيفا لأننى اعمل عددا قليلا من الساعات وليس بشكل يومي.
تتقن المرأة البدوية فن تطريز الملابس بالفطرة ودون دراسة منذ الصغر حيث تبدأ فى تطريز فستان زفافها وملابس عرسها وهى فى سن التاسعة إضافة إلى اهتمامها الكبير بتطريز «القنعة»، وهو غطاء الرأس الذى ترتديه معظم البدويات ويدل عادة على القبيلة التى تنتمى إليها الفتاة حيث أن لكل قبيلة وحدات زخارفية خاصة بها تميز فتياتها عن فتيات القبائل الأخرى.
وتحرص سيدات البدو على أن تدل الألوان المستخدمة فى تطريز وصناعة الثوب على الحالة الاجتماعية للمرأة. فالثوب المطرز باللون الأزرق ترتديه السيدة الكبيرة فى السن والسيدة الثيب، أما السيدة المتزوجة فترتدى الثوب المطرز باللون الأحمر، فيما ترتدى الفتاة الصغيرة الأثواب المطرزة بألوان فاتحة.
ويقول كمال الحلو رئيس جمعية الحفاظ على التراث رئيس مجلس إدارة جمعية التدريب والإنتاج لزيادة دخل المرأة السيناوية والتى تعمل فى مجال الملابس البدوية المطرزة : الجمعية لديها نحو 700 سيدة بدوية تعيش فى تسع قرى بشمال سيناء يعملن فى مجال تطريز الملابس وذلك داخل منزلهن فى أوقات الفراغ.
يصل سعر الثوب البدوى إلى نحو 300 جنيه مصرى على الأقل، وأحيانا يزيد السعر داخل المجال بسبب طبيعة الثوب والوقت الذى يستغرقه، لأن العمل يتم فى معظم مراحله بشكل يدوي، وهو ما يضفى عليه قيمة الأصالة.
من أبرز ما يعكسه الزى السيناوى أنه يعد بطاقة تعريف مهمة بالشخص الذى يرتديه، كما يشير إلى تراثه القبلي، فبعض الأثواب المطرزة تدل على المنطقة التى تعيش فيها المرأة والقبيلة التى تنتمى إليها فهناك ثوب يسمى «الخويلدي» وهو خاص بنساء قبيلة السواركة التى تعد من اكبر قبائل شبه جزيرة سيناء.
ونظرا لأهمية الثوب المطرز فى التراث البدوى تمت إقامة قسم خاص له بمتحف العريش الأثري، يعبر عن تطور هذا الثوب عبر عشرات السنين ويضم عددا من الإشكال المختلفة للأثواب البدوية وأغطية الرأس.
الزينة مع الياشمك
الفتاة السيناوية تهتم منذ الصغر بزينتها رغم اختباء معظم وجهها خلف الياشمك السيناوى المزين بالموتيفات البدوية بألوانه التى يتصدرها اللون الأحمر، والعملات الذهبية الصغيرة الذى تتبارى السيدات فى تزيينه، فالفتاة تهتم بكحل العين الأسود السميك الذى يحيط بكامل عينيها، تأكيدا على نظرتها القوية، وهو كحل مصنوع من الخامات الطبيعية، كما تصنع الفتاة السيناوية لنفسها حليات خاصة لزينتها ومنها الملبة وهى حلية تلبس فوق صدر الفستان تكون بمثابة سفرة من الخرز أو شميلة وهى أسورة من الخرز أو عقود من الخرز بالإضافة إلى الحلى المعدنية وتستخدم الحناء ليديها وشعرها وتزين ضفائر شعرها بالشرائط الملونة وترتدى الزى التقليدى الذى يعكس القيم السائدة فى المجتمع وهى الاحتشام.