تتنوع الأزياء الشعبية فى ربوع مصر إذ أن لكل بيئة طابعاً خاصاً وزياً مختلفاً، وتتنافس السيدات فى كل منطقة على الابتكار والتحديث للملابس الشعبية لكى تتواكب مع العصر. فى النوبة ترتدى المرأة ملابس مطرزة بالخرز، بينما يلبس الرجال دائماً «الطاقية»، وفى الشرقية ترتدى المرأة عباية أو جلباباً مشغولاً من الديل والأكمام وتسمى «بروان»، وتشتهر سيدات الوجه البحرى عموماً بارتداء العبايات الواسعة ويطلق عليها «الملس». وفى الغالب يتم ارتداؤه فوق اللبس العادى، بالإضافة إلى ارتداء الطرحة على الرأس.أما فى واحة سيوة فيلبس الرجال جلباباً قصيراً وتحته سروال وعليه «صدرية» وطاقية على الرأس، بينما تختلف ملابس المرأة المتزوجة عن الفتاة العذراء، فالأخيرة تلبس الجلباب وعليه حزام مزخرف وهى تشغله بيدها وبداخل الحزام «جراب» به كل أدوات زينتها وأهمها «المكحلة» ولابد أن يكون الحزام فاتح اللون،بينما ترتدى المرأة المتزوجة حزامًا غامقاً وليس به زخرفة. كما تشتهر سيدة سيوة بملبس «الشرانح» وهو عبارة عن جلباب بشكل أشعة الشمس مزخرف بالخيوط الملونة والخرز وهذه الانماط التقليدية يتوارثها جيل بعد جيل فى ربوع مصر وتعكس فى طياتها المعتقدات والمفاهيم الشعبية لطبيعة البيئة والتى يمكن من خلالها تقسيم مصر عدة مناطق تراثية وثقافية. تقول د. عائشة شكر مدير مركز الفنون الشعبية: بأن لدينا معرض للزى الشعبى وترأسه نادية أحمد وتعرض فيه الملابس الشعبية فى كل أنحاء الجمهورية. فالقاهرة هى المنطقة التراثية والثقافية الأولى فى مصر حيث تحوى العديد من الأزياء التى يغلب عليها الطابع الأوروبى لأنها تستوعب كل العناصر الوافدة من الخارج، وعلى مدار التاريخ توافد عليها العديد من الجنسيات أبرزها الفرنسية والإنجليزية والتركية. لذلك يقتصر وجود الأزياء التراثية على الأحياء الشعبية، وتختلف الملابس حسب المهن، فكل مهنة لها زى يميزها، فالحرفيون مثل النجارين والحدادين كانوا يرتدون سروالاً فضفاضاً من قماش «الدمور» أو «العبك» ويشد حول الوسط «بدكة» طويلة من القماش الصوف المبروم ومعه قميص بأكمام طويلة ثم جلباباً فضفاضاً بفتحة طويلة تنتهى أسفل الصدر، أما غطاء الرأس فعبارة عن طاقية قد تلف حولها عمامة. أما الزى النسائى فإن الملاية Milaiya اللف السوداء هى النمط الشائع والذى لايزال مستمراً لزى بنت البلد التقليدية. وكانت حبرة السيدات التى تلبس فوق الزى للمتزوجات سوداء اللون بخلاف حبرة الفتيات فقد كانت بيضاء اللون، وكانت المرأة تحجب وجهها فيما عدا العينين ببرقع أو خمار وقد كانت الحبرة تظهر المرأة ككتلة ضخمة وتدريجياً أدخلت بعض التعديلات على طريقة لبسها بما يتلاءم مع ذوق المرأة الشعبية وطبيعتها فأصبحت الملاية تلف بإحكام حول الجسم وتَّجمع تحت الذراعين، والبرقع الأبيض كان يتدلى حتى القدمين فى البداية واستبدل بآخر أقصر ليصل إلى مابعد الصدر فقط وهو أسود اللون من نفس قماش الملاءة أو من قماش خفيف أو شبكة تزينه «قصبة» على الأنف يطلق عليها لفظ «العروسة» وكانت فى بعض الأحيان من الذهب الخالص ولكن هذا النوع قلما نجده مستخدما الآن لكن نلاحظ أن بعض السيدات وخاصة المتقدمات فى السن يستخدمن بيشة «لتغطية» الوجه. منطقة الدلتا تطلق على المساحة التى يحدها فرع دمياط شرقاً وفرع رشيد غرباً «دلتا نهر النيل» وتشمل محافظات القليوبية والمنوفية والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة والشرقية. ويشير د. سميح شعلان عميد معهد الفنون الشعبية إلى أن ملابس الفلاح المصرى فى منطقة الدلتا تمتاز باتساعها من الديل حيث إنه كان فى زيارة لبلده وكان يرتدى جلبابا من صنع الصين وعندما أراد أن يعبر ممراً بسيطا يربط بين الترعة ومكان رى الزراعة كاد أن يسقط لأن الجلباب ضيق من الديل ولكن الفلاح المصرى يصنع كل ملابسه واسعة من الديل لمثل هذه المواقف. ويضيف د. شعلان: أن أزياء الرجال فى منطقة الدلتا تمتاز بالبساطة الشديدة فيرتدى الفلاح الجلباب الواسع وتحته سروالاً من القطن يصل طوله إلى ما بعد الركبتين وهو واسع بصورة ملحوظة بحيث يتيح له الحركة السهلة أثناء العمل ويشد حول وسطة «تكة» أو «دكة». أما فى غير أوقات العمل فيرتدى جلباباً آخر من الصوف لايختلف عن جلباب العمل فى التصميم ويضع على كتفه عباءة أو لاسة أو يلبس اللبدة والعمامة على الرأس. وترتدى المرأة الفلاحة فى الدلتا نوعين من الثياب أحدهما بسيط للمنزل والعمل فى الحقل والآخر للخروج فى المناسبات والأعياد، أما فى دارها فتلبس الفلاحة جلباباً من القطن المنقوش بألوان زاهية بأكمام طويلة وتميل ملابس الفلاحة إلى «التكسيمة» فى منطقة الصدر ثم ينزل باتساع دون تضييق الوسط وقد تعمل بعض الثنيات فى الثوب للزينة ولاتخلف الخطوط الرئيسية فى ثياب الخروج عن ثياب العمل أو المنزل إلا من حيث اللون الذى يكون غالباًً أسود ونوع الخامة التى يصنع منها الثوب. كما أن أغلب ملابس الفلاحات من النوعية اللامعة وتكون مطرزة بالخرز الملون والخيوط اللامعة وقد يستعان عن التطريز بشرائط من الحرير أو الستان اللامع. كما تستخدم القرويات منديل الرأس المثلث الشكل المعروف باسم «المنديل ابو أوية» وله عندهن عدة اسماء مثل الحردة والقمطة والمدورة. وترتدى السيدات على رءوسهن الطرح الحريرية والشيلان القطيفة الملونة أو الشيلان الحرير. الوجه القبلى تشمل المنطقة الثقافية الثالثة «الصعيد» محافظات بنى سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان باستثناء منطقة النوبة. ولاتختلف الملامح العامة التى تميز أزياء الفلاح فى صعيد مصر عن ملابس الفلاح فى الدلتا أو الوجه البحرى حيث تتكون ملابسه الداخلية من سروال واسع يشد حول وسطه «بتكة» وطول السروال يصل إلى القدمين أما بالدلتا فيصل إلى ماقبل الركبتين وله فتحة واسعة مستديرة حول العنق وهاتان القطعتان من قماش الدمور السكرى اللون أو من الدبلان الأبيض كما يرتدى صديرى وجلباباً على نمط الجلباب الذى يستخدم فى الدلتا، وفى غير اوقات العمل يرتدى فلاح الصعيد جلباباً بلدياً من الصوف وعليه عباءة كما يلف حول عنقه شالا من الصوف «ملفحة» أو الحرير «لاسه» ويضع على الرأس لبدة يلف فى معظم الاحيان بعمامة واللبدة هى عبارة عن طاقية. وتتصف ملابس المرأة فى الصعيد فى المنزل ب «التكسيم» فى منطقة الوسط وتتميز أكمامها بكشكشة عند الكتفين ثم تنحدر حتى الرسخين بعرض يقل تدريجيًا ويصل طول الثوب الى منتصف الساق تقريباً. أما الملابس التى ترتديها المرأة خارج المنزل فهى عبارة عن ثوب أسود ترتديه على ثوبها المنزلى وهو لايختلف عن التصميم فى الوجه القبلى بينما ترتدى نساء إسنا ثياباً تشبه الجلباب البلدى طويل إلى القدمين أسود اللون تسمى «القفطان» أما نساء الأقصر وما حولها فيرتدين نوعا مميزاً من الثياب أسود اللون مستطيل الشكل مفتوح طوليا من جانبه الأيسر بدون اكمام فتظهر اكمام الثوب الداخلى وله فتحه عنق مستديرة واسعة ومفتوحة من منتصفها حتى الصدر ويعرف هذا الثوب ب «الجبة». وفى بنى سويف والمنيا ترتدى النساء «الملس» إلى جانب رداء آخر يأخذ منتصف دائرة ويسمى «شقة» وتستخدم «البردة» فى أسيوط وهى تصنع يدويا من الصوف الأسود، وهناك أيضًا «الحبرة» من الحرير أو القطن. مناطق الصيادين وفى مناطق الصيد المطلة على البحر الأبيض المتوسط وبحيرات الدلتا يتشابه الزى الرجالى فى محافظات الإسكندرية ورشيد ومرسى مطروح والقرى المطلة على بحيرات المنزلة والبرلس ومريوط وأدكو. وتتكون أزياء الرجال من سروال من القطن أسود واسع به «سيالتان» قد يزين عند حافتها ببعض الوحدات الزخرفية تشد حول الوسط ب «تكه» ويضيق عند أسفل الساقين وينتهى بأسوار تقفل بأزرار ويرتدى الصيادون «فانلة» من القطن بأكمام طويلة ذات رقبة عالية غالباً واللون، إما أسود وإما أزرق وعليها صديرى فاتح ويستخدم الصيادون فى غير أوقات العمل «البرانيط» المصنوعة من القماش الأبيض كأغطية للرأس أو يستخدمون عمائم أو شيلان تلف حول الرأس، أما المرأة فهى ترتدى الملاية السوداء المضلعة على ثوب متوسط الطول بوسط ضيق وينزل باتساع أو كشكشة وبأكمام طويلة متوسطة الاتساع، وتسخدم النساء المسنات الألوان الداكنة، أما الشابات فيفضلن الألوان الزاهية وعلى الرأس المنديل المثلث الرأس «أبو اويه». ونستكمل العدد القادم تراثنا الشعبى فى العادات والتقاليد والأغانى الشعبية والأمثال والحكم.