علينا أن نعترف بأن هناك فجوة بين أحلام الرئيس السيسى فى الطموح الهائل لبناء دولة قوية وبين قطاع عريض من الشعب يرى أن الأولوية ينبغى أن تعطى للمشاكل الاقتصادية والهموم الاجتماعية التى تسبب أوجاعا معيشية لا يمكن تجاهلها بل إن الرئيس السيسى أشاد بقوة التحمل التى أظهرها شعب مصر. يرى الرئيس السيسى وهذا اجتهاد من جانبى بأن البناء الحقيقى لمصر ليس فقط مجموعة مشروعات قومية عالية التكلفة يجرى بالفعل تنفيذها وإنما مصر تحتاج إلى ما هو أعمق وأشمل من التشييد والبناء من خلال خطوات وسياسات وتشريعات تؤدى إلى إحداث تغيير أساسى فى تكوين المجتمع. وفى اعتقادى أن السيسى أصم أذنيه عن مشورات كثيرة ممن حوله وكانوا يلحون عليه بأن يهديء من مسيرة قطار الإصلاح المالى والإدارى للدولة وأن يتجاوب مع الأصوات التى تفضل الاكتفاء بسياسات تحسين الأوضاع التى تجلب الرضا. كان السيسى ولايزال يرى أن مصر لم تعد تحتمل الوقوف عند محطة تحسين الأوضاع التى توقف عندها قطار الإصلاح الضرورى سنوات طويلة وأن الموقف الصعب الذى تعيشه مصر يقتضى شجاعة الذهاب إلى تحقيق ما يجب تحقيقه مهما تكن آلام الجراحات الضرورية الواجب إجراؤها لأن أسلوب تحسين الأوضاع ليس سوى حبوب مهدئة ومسكنات وقتية أشبه بمخدر يغيب معه الألم لفترة محدودة لكن الداء يكبر ويستشرى فى الجسد... وهذا هو جوهر ولب الأزمة التى تواجهها مصر فى عملية الإنقاذ الراهنة. فى اعتقاد السيسى أن مصر ينبغى أن تعيد بناء الدولة بمفهوم يتجاوز حدود البناء والتشييد ليصل إلى الحلم المنشود بإعادة بناء المجتمع من جديد وفق أسس وأطروحات جديدة تضمن لكل مواطن فرصة متكافئة مع غيره بحيث لا يتميز أحد إلا بالعلم والعمل والثقافة والموهبة. وليس هناك من سبيل لسد هذه الفجوة إلا بوعى مجتمعى يقوم عليه مثقفون مؤهلون لدور طليعى يشرح الحقائق ويفسر السياسات لشعب مازال يتطلع إلى أن يرى ثقب ضوء فى نهاية النفق. خير الكلام: الحكيم من يزن كلامه ويتروى فى سلوكه! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله