1 - كل حديث عن نهوض التعليم للانتقال بالوطن من الدوائر الضيقة لتخريج الباحثين عن فرصة عمل إلى آفاق الحلم المنشود فى بناء قواعد حقيقية للبحث العلمى تضمن لمصر مكانا ومكانة وفق معايير التقدم والحداثة يظل حديثا خاليا من أى مضمون ما لم ترتفع رايات الدعوة لتنمية منهج التفكير لدى الأجيال الجديدة. أريد أن أقول بوضوح: إن نقطة البداية يجب أن تبدأ من مراحل التعليم الأولي، وأنه لا يكفى أن تعلن الدولة فى سياستها اهتمامها بتدريب التلاميذ على أساليب التفكير العلمى السليم، وإنما ينبغى أن تكون هناك خطط محددة وواضحة تؤدى لإزالة جميع العقبات التى تعترض تحقيق هذا الهدف! فما هى هذه العقبات؟ فى اعتقادى - وذلك مجرد اجتهاد شخصى - أن هذه العقبات متشابكة ومعقدة لدرجة كبيرة فمنها ما يتصل بنوعية المناهج التعليمية، ومنها ما يتعلق بأسلوب تعامل المدرس مع تلاميذه... ومنها أيضا ما يتعلق بنوعية الامتحانات التى على أساسها قياس التفوق والنبوغ أو ما يرتبط بالظروف الاجتماعية والنفسية للتلميذ. إن من الصعب أن نتحدث عن تنمية الخيال العلمى الذى هو المقدمة لبناء قاعدة للتفكير العلمى فى عقل التلميذ ما لم تكن المناهج الدراسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بمشكلات التلميذ ومجالات اهتمامه.. فالإنسان - بطبعه - لا يفكر بعمق إلا إذا واجهته مشكلة تثير اهتمامه وتدفعه لتنشيط عقله بحثا عن حل سريع وجذرى لها. والحقيقة إن محور الخيال العلمى الغائب عن مناهجنا التعليمية فى المدارس والجامعات كان عنوانا لكل المداولات والمناقشات التى دارت خلال اجتماع مجلس أمناء جامعة الأهرام الكندية قبل أيام رغم أنه لم يكن مدرجا بند بهذا المسمى على جدول الأعمال حيث أجمع المتحدثون وجميعهم من خيرة أساتذة الجامعات على ضرورة تطوير مناهج التعليم والاهتمام بالبحث والتفكير العلمى كطريق وحيد لركوب قطار النهضة التعليمية مع الدول المتقدمة. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الصدمات تنشأ من تعارض النتائج مع المقدمات! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله