من المؤكد أن الحضارة التي نعيشها والتقدم الذي طال كل مجالات الحياة لم يجيء بمحض الصدفة وإنما هو نتاج الاكتشافات البحثية والعلمية والتي ليست سوي قبس هني من نور التفكير الذي تجلي في عقول أفراد من بني الإنسان ممن امتازوا بالنظرة الثاقبة والعبقرية الفذة وسلامة التفكير. والحقيقة أن هؤلاء النوابغ والعلماء والمفكرين الذين قادوا سفينة البشرية وانتقلوا بها- عصرا بعد عصر- من ظلمات الجهل إلي أنوار التقدم هم الأبناء الحقيقيون لمجتمعات تؤمن بأهمية التفكير والتأمل كأحد ركائز المناهج التعليمية التي تؤهلهم لآفاق رحبة في مختلف مجالات البحث العلمي. وأي مجتمع تمر عليه سنوات طويلة دون أن يظهر به مكتشف فذ أو مخترع موهوب لا يعني أن الذكاء والنبوغ نضب من هذا المجتمع وإنما يرجع ذلك إلي أسباب عديدة أهمها غياب البوصلة الصحيحة لمسار التعليم والبحث العلمي. والحقيقة أن التفكير والتأمل بات في العصر الحديث فنا له أصوله وقواعده وله أيضا آليات في اجتذاب المهارات وكيفية العناية بها ورعايتها وحسن توجيهها منذ الصغر. أريد أن أقول بوضوح: إن ساحة الاكتشافات والاختراعات لم تعد- كما كان الحال في الماضي- مقصورة علي الأفذاذ والنوابغ فقط وإنما أصبح السبيل ميسورا أمام كل ذي تفكير سليم أن ينضم إلي قائمة المخترعين والمكتشفين.. فقط تحتاج أي أمة تسعي لوضع اسمها في قوائم الشرف إلي دعم حرية التفكير والتأمل والبحث وذلك لا يتأتي إلا من خلال نظم تعليمية لا مجال فيها لمناهج الحفظ والتلقين.. وأيضا من خلال إرادة سياسية تؤمن بالبحث العلمي باعتباره استثمارا مجزيا!.
خير الكلام: كثرة إضاعة الفرص نوع من الانتحار المتدرج!. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله