كلما انتصف إبريل أجد أيامه القديمة وقد تزاحمت في ذاكرتي ؛حتى صار لكل يوم منهم باب ينفتح على ذكريات من شجن . وتنفتح أبواب الأيام القديمة لأجد نفسي أمام باب أبريلي عام 1955 والعمر خمسة عشر ونور واهن في غرفة بمستشفى الطلبة بشارع منشا السكندري حيث أرقد على سرير بعد إجراء جراحة الزائدة الدودية ، وعلى السرير المقابل هناك الحلوة إيمان جميلة جميلات مدرسة نبوية موسى ، لتقول لي « حمد الله على السلامة .. أنا عملت نفس العملية إمبارح « قلت بدهشة : إزاي سمحوا بوجود شاب وبنت في غرفة واحدة ؟ طيب إمتى حايدخل الشيطان علشان يكون ثالثنا ؟ «. ضحكت قائلة « حرام عليك .. شيطان عبيط يدخل مستشفى على إثنين عاملين زايدة دودية وكل واحد خايف يلمس بطنه من الوجع . ............................................................ قررت أن أقوم لأدخل الحمام ، فأسرعت وهي المجروحة مثلي لتسندني . فتحت باب الحمام فدخلت وأغلقته . بعد دقائق خرجت ، لتدخل هي قائلة « انتظرني . مفيش حد مننا حايقدر يرجع الاوضة لوحده . الألم شديد . نسند بعض لحد الأوضة « . وعلى باب دورة المياه المغلقة عليها كان يستعيد صورتها وهي تسير على الرصيف الموازي للرصيف الذي يسير عليه كل صباح، حيث كان كل منهما يتجه إلى مدرسته الواقعتين تقريبا في نفس الشارع . وكلما رآها تمنى أن يكلمها وأن تنشأ بينهما علاقة ما ، وكان يحاول إخفاء إستثارته ، لأنها من وجهة نظر تلك الأيام تفوق ممثلة الإغراء المكتوم آفا جاردنر بحيويتها وإنطلاقها . وكانت تنظر إليه مندهشة لأنه لم يحاول طوال عامين أن يلقي عليها كلمة غزل أو تحية صباح . فقط تلتقي العيون الأربع في لقاءات خاطفة ؛ يطل في كل منها سؤال عن المستقبل ، وكان أول إجابة من المستقبل هو وجودهما معا في غرفة مستشفى الطلبة . وكانت فرصة للعائلتين للتعارف ؛ فإيمان إبنة موطف بالمحافظة وأنا إبن رئيس سابق لمدير الصحة المدرسية ، وقد رحل إلى العالم الأخر؛ ومن محبة مدير المستشفى لرئيسه الذي رحل كان إهتمامه بي وقبوله لوجود شاب وفتاة في غرفة واحدة بعد أن اجرى كل من الشاب والفتاة عملية إستئصال الزائدة الدودية. وفوجئت العائلتان في وقت الزيارة بدخول شوقي عبد الناصر شقيق الزعيم جمال عبد الناصر غرفة المستشفى حاملا علبة شيكولاته من أجلي لأني واحد من أقرب تلاميذه لقلبه ، على الرغم من أني كنت أول من رفض الدخول إلى اول منظمة شباب تأسست في مصر وكان يقودها صاغ إسمه وحيد رمضان وضع لها شعارا « أعداء الثورة أربعة : إمعة .. أو صاحب منفعة .. أو موتور .. أو مأجور وكان رأيي الواضح أن أحدا لا يكره الثورة ولكن بعض إجراءات الثورة تكره نفسها وأول تلك الإجراءات الإحساس بالتمايز من أعضاء هيئة التحرير وأعضاء منظمة الشباب على غيرهم وعلى الوسط المحيط . والمطلوب من الثورة أن تقول لمؤيديها والمنتمين إليها أن الثورة عليها أن تترجم نفسها في مشاريع عمل يستفيد منها الناس ويقوم بها أعصاء هيئة الحرير أو منظمة الشباب ، خصوصا بعد توقيع إتفاقية جلاء الإنجليز عن مدن القناة . وكان دخول شوقي عبد لناصر لزيارتي سببا في زيادة الإهتمام بي فضلا عن تغير نظرة عائلة إيمان لي ، فبدلا من سؤالهم عن سرير في غرفة منفصلة لإبنتهم .بدلا من ذلك جرت محاولة بناء جسور تقارب بين العائلتين ، واتفقت الوالدتان على التزاور ، وكانت إيمان بصحبة والدتها عندما جاءت لزيارتنا ، ولم أكن بصحبة أمي عندما قامت بزيارتهم ، رغم سؤال الأب عني ، فقد كنت أمتطي صهوة حصان تمردي وتشغلني فريدة إبنة العائلة التي صودرت معظم ثروة والدها بحكم تاريخ قديم للعائلة التي سبق وقام مؤسسها بتسليم عبد الله النديم خطيب ثورة عرابي للإنجليز فمنحها المندوب السامي ملكية آلاف الأفدنة بالدقهلية ، وصارت الجميلات من بناتها معروضة في فاترينة التناسل بشرع السماء مع رجال الصفوة من أحزاب ما قبل ثورة يوليو 1952 ، فمنهن من تزوجت بقطب من حزب الوفد ومنهن من تزوجت من شماشرجي بالقصر الملكي ، ومنهن من خلبت وجدان أحد أمراء أسرة محمد علي ، ومنهن من ارتبطت بضابط من الصف الثانى من الضباط الأحرار بعد ثورة 1952 . وصار بيتها هو بوابة إعترفات كل محتاج لخدمة من رجال يوليو . وسرعان ما التفت جمال عبد الناصر إلى تغلغل أسماء من تلك العائلة في وظائف حساسة ، وما أن حاول احد أقطاب هذه العائلة أن يقوم بتزوير أوراق تتيح له إستعادة خمسمائة فدان من الأرض المصادرة حتى فرض عبد الناصر الحراسة والمصادرة على العائلة من جديد . ولأني كثير الثرثرة السياسية في بوفيه الكلية فقد جذبت إهتمام،فريدة ، فما من شاب يتحدث في السياسة بطريقتي التي أضع فيها جمال عبد الناصر ووزراءه كتلاميذ في خيالي وأبدأ بقوة الثامنة عشرة في رسم خريطة أحلامي التي يجب عليهم تنفيذها. وكنت ألحظ أن جراءتي تذوب عندما تدق خطوات فريدة أرض البوفيه ، فعيونها تخلخل قلبي . تدرس اللغة الإنجليزية وأدرس الفلسفة ؛ وقد إقتربت مني ذات صباح لتقول همسا «عيون رجال الأمن تترصدك « . ولم أكن أهتم فكلماتي خليط من إشتراكية تطالب بالعدل الفوري ؛ فضلا عن صراخ بضرورة الحرية . وكنت أعلم أن ثورة يوليو لا تحسب سوى حساب أي خمسة يجتمعون على مشروع تنظيم سياسي من أي لون أو طيف ؛ أما مراقبتهم لي أو لفريدة فذلك لأنها من عائلة تثير الريبة ، كان لها بريق فيما قبل الثورة وخفت قليلا ليعود إلي التواجد بعد ثورة يوليو ، ثم جاء خبر وضع الحراسة على عائلتها كنبأ كئيب على ملامحها . لكن سلوكها مع الجميع ظل على ما كان عليه ، إلى أن دعوتها للدخول إلى المكتبة وما أن إستقرت بجانبي على منضدة المكتبة حتى أخرجت مصحفا من جيبي وطلبت منها أن تقسم بأنها سوف تقرأ بهدوء ما سهرت طوال الليل أكتبه في عشر ورقات فلوسكاب . أقسمت وكأنها تعلم ماذا كتبت . كان على كل سطر توجد كلمة واحدة مكررة عشر مرات هي « أحبك « . قالت «سأقرأها كلها فور العودة إلى البيت ، ولكن هيا بنا إلى الكورنيش « . كنت فرحا لأنها هي صاحبة الدعوة ، وما أن عبرنا إلى شارع الكورنيش حتى بدت أمواج البحر تضرب أعمدة الخرسانة التي تحمل مبنى كازينو الشاطبي ؛ وكان الموج نصف عنيف فتتلقاه أعمدة الكازينو مترصدة إقتراب هدوء اللطمات أو فورانه المقترب من التوحش . ودلفنا إلى الكازينو الذي كان مأوى لعشاق يملكون قدرة على دفع خمسة وعشرين قرشا ثمنا لزجاجتي مياه غازية أو فنجان قهوة وفنجان شاي . وكان في جيبي قرابة الجنيهين . قالت بحسم «» أتعرفني جيدا؟ أنا إبنة عائلة مغضوب عليها من الثورة ، ونحن جميعا نعيش بمصروف من ثروتنا يتم صرفه شهريا . ونسكن في قصر صغير لا نستطيع أن نوظف خادما فيه وصرنا خمس شقيقات يقمن بأعمال لم يقم بها أحد من أسرتي قبل وضع الحراسة ، وصارت أمي تدخل المطبخ لتعد طعامنا، وصرنا نحيا كحياة الموطفين الذين كانوا يعملون لدينا . قلت : أتابعك وأحضر محاضرات لقسمك رغم أني لا أتقن الإنجليزية ، ولكن بغرض أن أكون في دائرة قريبة منك لا أكثر ولا أقل . ساد صمت تملؤه ثرثرة إنيساب مياه البحر بزرقة تترجرج كوسادة من حنان عميق. وكنت أركز عيوني في عيونها التي تزوغ من عيوني متأملة الأمواج من خلال فتحات شيش على شبابيك الكازينو . حكت لي عن ليلة دخول الشرطة السرية إلى قصر العائلة الصغير في بولكلي ، هذا القصر الواقع بجانب قصر شكري القوتلي الذي نال لقب» المواطن العربي الأول «» بعد أن ترك رئاسة الجمهورية السورية ، وتولاها جمال عبد الناصر بعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا. وكيف قام الحرس بجرد كل شيء بدءا من أثاث غرف النوم إلى عدد النجفات التي في الصالونات . ولم تسمح لهم والدتها بفتح دولابها الشخصي ، وكان قائد التفتيش مهذبا فلم يلح . في نفس الوقت الذي كانت تحكي فيه ؛دلف إلى الكازينو الكاتب الصحفي عبد الستار الطويلة الماركسي الذي بدا وكأنه يتعرض لمطاردة فالتاريخ هو نهاية عام 1958 وهناك خلاف جوهري بين ثوار يوليو وبين الماركسيين، وكانت بيني وبين عبد الستار في تلك الأيام معرفة سطحية بحكم أني أتدرب في روز اليوسف ، قال لي بصوت واضح أنه هارب من القاهرة ويتوقع القبض عليه بين لحظة وأخرى. ولم أنطق سوى بكلمة واحدة هي « ربنا معاك « . وتركنا خارجا . قالت « كان يخبرك بذلك لعلك تساعده على مكان يختبئ فيه « . قلت « لم أفهم ذلك كما أنه لم يطلب مني أي شىء . قالت : من يقع في أزمة يقوم بعرضها فقط وعلى من يسمع أن يفهم . وتغيرت رائحة الهواء في أنفي ، فمن أنا حتى أخفي مطلوبا من الشرطة ؟ طالب بسنة أولى بآداب الإسكندرية ، يحب فتاة من عائلة مغضوب عليها سياسيا . ويأكل ويشرب من ثمن بيع فدان وراء فدان من فدادين بسيطة موروثة يمكن أن تكفي لعدة سنوات . قلت « كل من أعرفهم من الحكومة أو الدولة هم إثنان من أشقاء جمال عبد الناصر ، واحد أحبه ويحبني هو مدرسي شوقي عبد لناصر ، أما شقيقه الأخر فاسمه الليثي ولم يكن بينه وبيننا نحن طلاب مدرسة محرم بك الخاصة وبين الليثي عبد الناصر أي علاقة . قالت: «لو جاءت الشرطة وفتشوا حجرتي هل أقول لهم أنك صاحب الرسالة الطويلة المكتوب فيها كلمة واحدة مكررة هي أحبك ؟ . قلت :إن أردت أن تحرري محضرا في قسم الشرطة بتلك الرسالة فأنا من سيعترف أمام الضابط بأنها رسالتي وأنها موجهة مني إليك . ضحكت قائلة : جراءتك تشبه جراءة عشيق ليدي تشاترلي ، لكنك تفرق عنه بأنك من مستوي أسري أرقى قليلا . أقول: ولكن العشيق إمتلك المحبوبة فور اللقاء ولم يحتج أي منهما إلى برهان أو إعتراف . قالت : لم تكن أنت من تتابعني فقط فقد كنت أتابع أراءك الجريئة التي تقولها علنا ودون خوف ، مع أن ذلك قد يضعك في دائرة الإشتباه . أقول : من قرر أن يكون كاتبا فعليه تحمل إرتداء معطف من أشواك هي عيون الأخرين لا أكثر ولا أقل وأن يجيد حسابه مع القارئ ومع الحكومة . ................................ في صباح اليوم التالي أوقفتني فريدة قائلة إن ضابط الحرس الجامعي ناداها وأخبرها أني مراقب وأن عليها أن تأخذ حذرها مني . وأضافت «قلت له « أخذ حذري منه لماذا وهو لا يتحدث معي في السياسة . قلت ضاحكا : ومن قال لك أن الحب ليس عملا سياسيا ؟ إنه العمل السياسي الوحيد الذي تقوم عليه حقائق الكون وجنون الأرض . ................................ وفجأة إختفت فريدة من الكلية ، قيل أن أسرتها هربت إلى ليبيا ومن ليبيا إلى باريس وهناك تعيش وتدرس وتعمل . ومضت ثلاث سنوات بعد تعييني كمحرر شاب في روز اليوسف وأسافر إلى باريس في رحلة جنون عارم رغبة في أن أذيب الكرة الأرضية وأشرب ما فيها دفعة واحدة . وفي مقهى بالحي اللاتيني رأيت فريدة تجلس على خزينة المقهى المقابل لبيت ماكسيم رودنسون الفيلسوف اليساري الذي كان يقيم باريس ويقعدها في ديسمبر 1963 لأنه إستقال من الحزب الشيوعي الفرنسي رافضا فكرة « واحد من قطيع عليه الطاعة « ، وكان موعده معي على المقهى . طبعا كانت عيون فريدة مبتهجة برؤيتي ، ورأيت قلبي بمشاعري وهو يرقص في أعماقي عازفا لموسيقى مشاعر خاصة بزمن قديم . قالت : أنا أعمل في هذا المقهى المملوك لأبي فقد إستطاع تهريب جزء لا بأس به من ثروتنا . وأمي تعطي دروسا في التريكو لسيدات يرغبن في ذلك ، أما بقية شقيقاتي فواحدة تزوجت بثري خليجي ، وأخرى برجل أعمال مغربي وثالثة تعيش معتمدة على ما تأخذه من أبي ولا تريد العمل وترفض فكرة الزواج . لاحظت فريدة أن أدقق النظر في أصابع يديها ، قالت: لا تخف لم أتزوج ، كما أني مازلت لا أصدق الأوراق الفلوسكاب التي كتبت على كل سطر فيها عشر مرات كلمة « أحبك « أقول: هذه هي صدقي الوحيد منذ أن خلقني الله على الأرض . ولكن عليك أن تعودي إلى القاهرة لنعيش مشوار العمر . قالت سنفكر سويا كلما حضرت إلى المقهى . جاء مكسيم رودنسون بشعره الأبيض الكثيف ، وراح يتحدث بعربية صحيحة ذكرت له أنها تتشابه مع العربية التي يتحدث بها جيرار مدير مكتب الجنرال ديجول الذي زرته بمكتبه في صحبة عمدة باريس عند الشباب المصري وهو علي السمان الذي جاء باريس يدرس الدكتوراه فأدمن الصحافة ، ومن العجيب أني وجدت على مكتب جيرار مجموعتين من الدوسيهات على مجموعة منها كلمة « ليبيا « ، والمجموعة الأخرى مكتوب عليها « العراق « ولم أفهم يومها سر إهتمام الجنرال بكل من ليبيا والعراق ، وأوضح لى علي السمان أن الجنرال ديجول مؤسس فرنسا الحديثة يدرس كل الموارد اٌلإقتصادية في الكرة الأرضية ليرسم مستقبل فرنسا على أساس من علم . قلت لماكسيم رودنسون : كيف ترى بلادنا العربية ؟. قال الرجل: إن ثورة يوليو لم تؤسس تغييرا في قاع المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج ، كما أنه ينقصكم تكوين منهج سياسي تتبعونه ، وإسرائيل تركب كل مراكب القوة سواء في أوروبا أو الولاياتالمتحدة ، وهناك تشابه شديد بين الولاياتالمتحدة وبين إسرائيل فكل منهما أرض ميعاد تم إخلاء سكانها الأصليين من أجل أن توجد مستعمرات تتحول إلى وطن. وتجربة الوحدة المصرية السورية المكسورة لا يجب أن تمنعكم من تكرارها ، فهزيمة تجربة في سلسلة أحلام شعوب ليست هزيمة كبيرة ، لكن جمال عبد الناصر صار متوجسا من حلمه وهي الوحدة العربية. جاءت فريدة لتقدم لنا كوب عصير قائلة: «أسمح لي أن أسمعكم فما تتحدثان فيه يهمني. رحبت بها . وقال لها مكسيم رودنسون : هل يجرؤ صديقك الصحفي الشاب أن يحذر عالمه العربي من إمبراطورية شر أسطورية تريد إدارة العالم بمفردها هي الإمبراطورية الأمريكية ،فهي لا تدخل منطقة إلا وتتركها خرابا ، دخلت أمريكا الشمالية فسرقتها من سكانها ، ودخلت اليابان فهدمته بالقنبلة الذرية ، وعن نفسي وعلى الرغم من أني لا أحب الجنرال ديجول إلا أنني سعدت بطرده لمقر حلف الأطلنطي من باريس إلى بروكسل ، وطبعا الولاياتالمتحدة تتقدم علميا وتكنولوجيا وسوف تهزم إمبراطورية السوفييت بالتفوق التكنولوجي . ويبقى السؤال « هل تنفجر من داخلها ؟ « سؤال لا أملك إجابة عليه ، ولكن الإجابة ستأتي من 'وول ستريت « شارع المال في نيويورك . ضحكت فريدة وقالت : كلام الفلاسفة ككلام الليل مدهون بزبدة ويأتي الصباح ليسيح ** قالت فريدة : ستكون ضيفي هذا النهار . ركبت معها سيارتها لتسير حيث مقهى المولان روج قالت : هنا يبكي العشاق الخائبون دموع فشلهم قالت ذلك وهي تضغط على يدي وكأن بشرتها توقظ الحلم الذي كتبته عشر مرات على كل سطر من عشر أوراق فلوسكاب . قلت : أنت تغلقين باب بكاء طويل قديم . وقالت سنرقص ، معا . ولم أعلم أن مجرد إحاطتها بذراعي سأجد نجوما تضيء سماوات الخيال ................................ فوجئت أمام مقهى المولان روج برؤية إيمان التي قاسمتني غرفة بمستشفى الطلبة . وتبادلت التحية معي ومع فريدة متسائلة « هي زوجتك ؟» أجابت فريدة : طبعا . أوضحت لي إيمان أنها صارت موطفة بوزارة التعليم ومنتدبة إلى مكتب اليونسكو بباريس لتعمل سكرتيرة لمندوب مصر . وبعد أن تركتنا إيمان قلت لفريدة « على حسب الفقية إبن حزم الأندلسي أنت أعلنت زواجك مني ؛ ويبقى أن نقوم بتنفيذ ما جاء في إعترافك . قالت :عندما تعيد لي ثروة عائلتي من أنياب ثورة يوليو التي تحبها ، سأعطيك عشرة أبناء أقول : ولكن ماذا نفعل للفلاحين الذين سرق الحاكم الإنجليزي أراضيهم ليمنحها لجدك مقابل تسليمه لعبد الله النديم كي تتم محاكمته ؟. قالت: مسلسل البحث عن متهم اساسي هو الذي يعيق إرتباطنا . قلت : الوقت إبريل وهو الوقت الذي تسلمت أنت فيه بإعترافاتي العاطفية . قالت :أصدقها كثيرا وأكذبها دائما ولا مفر من الحياة بعشق شفاف يملأ الخيال بأسئلة عطشى إلى إرتواء لا يأتي .